ف
روي أنه مما ورد في كتابات فريد الدين العطار الصوفي الفارسي.
أنه جمع إليه فراشات، ثم قال لهن: أيكن تعرف النار
فقلن: كلنا نعرفها
فقال: كذبتن، فلا يعرف الشيء إلا من يعاينه، ولا يدرك الحال إلا من يعايشه.
فنهضت فراشة فقالت: أنا آتيك بخبر النار، ثم طارت فدنت من النار
ثم عادت فقالت له: ضوء ودخان
فقال لها: لم تعرفيها
فقامت فراشة أخرى فقالت: أنا آتيك بخبر النار، ثم طارت فدنت من النار أكثر
ثم عادت فقالت له: ضوء ودخان وحر شديد
فقال لها: لم تعرفيها
فقامت فراشة ثالثة فقالت: أنا آتيك بخبر النار، ثم طارت فاقتحمت النار فاحترقت
فقال لهن: لقد عرفت أختكن
وروي أن سيدا سأل ثلاثة من أتباعه عن طعام بطبق
فنظر الأول إلى الطبق وقال: عسل يا سيدي
فنظر الثاني إلى الطبق وقال: عسل يا سيدي
فنظر الثالث إلى الطبق ثم مد إصبعه بالطبق فمس العسل ثم ذاقه وقال: عسل يا سيدي
فقال السيد: من ذاق عرف
وقال الشاعر:
لا يَعرِفُ الشَوقَ إِلّا مَن يُكابِدُه .... وَلا الـصَـبـابَــةَ إِلّا مَــــــن يُـعـانـيـهــا
وقال عارف:
علمنا لا يوصف، ووجدنا لا يعرف، فمن كان منا ضاقت عليه اللغة كلما اشتد حاله،
ولا سبيل لإطلاع غيرنا على شرابنا إلا أن يلقيه ربان سفينة من سفننا في بحرنا،
فيشرب شراب من يغرق حتى يقتله البحر فيستوحش البر، ويكون من أهل سفننا،
ومن ذائقي شرابنا، ومن لم يقتله بحرنا ويغرقه شرابنا فما ذاق ولا عرف
“سأل أحدهم مولانا جلال الدين الرومي يوما ما هو الحب؟
فجاء الرد: ستعرف عندما تضيع فيه..
وعندما يسكن الحب قلبك، كن واثقا أنه قد عشش في القلب الآخر ..
فالافلاك التي تدور في سماواتها
انما تحركها امواج الحب
ولولا الحب
لكانت كالجليد تتجمد..
ومن ذاق عرف..
يحكى مولانا فريد الدين فى كتابه (منطق الطير) حكاية تقول:
ما أن وقع أحد المعشوقين فى الماء قضاءا وقدرا..حتى أسرع عاشقه وألقى بنفسه فى الماء..
وعندما اقترب كل منهما من الآخر سأل المعشوق العاشق..قائلا:
أيها الجاهل أنا سقطت فى هذا الماء الجارى رغما عن أنفى..فلم ألقيت أنت بنفسك فيه؟
قال العاشق: لقد ألقيت بنفسى فى هذه اللجة لأنى لم أعرف نفسى من نفسك..
لقد مضى وقت حتى أصبحت انت أنا..وأنا أنت.
لقد أصبحنا واحدا..فلا أدرى هل أنت أنا..أم أنا أنت؟؟
واذا انمحت الثنائية فالتوحيد كله قد أدرك..
ويقول مولانا العطار فى هذا:
افن نفسك فى الله,,هذا هو التوحيد
وافن الفناء نفسه..فهذا هو التفريد..
و........من ذاق عرف
لا تنسونا فى دعائكم الطيب