بالصلاة والسلام على جد الحسنين وعلى اله وصحبه وسلم
اللهم صلي وزد وبارك عليه وعلى اله وصحبه والتابعين
نستهل هذه الاسطر المتواضعة والتي تحمل ان شاء الله تعالى رسالة عظيمة بعظم من سيذكر اسمائهم وما كان لهم في هذا الباب
بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر الوالديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
فجاء عن سيد الثقلين النبي صلى الله عليه وسلم لم يمضي له مع أمه كثيراً فقد ماتت امه وهو ابن ست سنين وفي عام الحديبية مر بالأبواء حيث دفنت أمه ومعه أصحابه فيذهب لزيارة قبرها فيبكي ويبكي من حوله فيقول: (استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي، وأستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة) رواه مسلم. وهاهو - عليه الصلاة والسلام - يوماً في الجعرانة يقسم الغنائم، وقد بسطت بين يديه كالجبال، والناس من حوله يوزع عليهم العطايا والمنح، وإذا به من بعيد يلمح أمه بالرضاعة، فإذا به يقوم، ويخلع رداءه، ويبسطه أرضاً، ثم يناديها، ويجلسها على ثوبه تعظيماً لها وتكريماً، ثم يقول للناس: إنها أمي التي أرضعتني. يعلمنا بذلك درساً عظيماً، كيف نعظِّم أمهاتنا، ولو كُنَّ أمهات الرضاعة، فما بالنا بأمهات النسب؟
وهذا يحيى عليه السلام يحوز ثناء الله تعالى ويمدحه بوصفه عظيم البر وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا.وقد ذكر الله سبحانه دعاء الأنبياء لوالديهم في غير ما آية من كتابه الكريم، ومن ذلك دعاء نوح (رب أغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا)، ومن دعاء إبراهيم( ربنا أغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب).
وقصص الصالحين ببرهم بأمهاتهم عجيبة فهذا ابن الحسن اراد قتل عقرب، فدخلت في جحر فأدخل
أصابعه خلفها، فلدغته فقيل له في ذلك؟ قال خفت أن تخرج فتجئ إلى أمي تلدغها.
وكان زين العابدين من أبر الناس بأمه وذلك لأنه لا يأكل معها في صحنه وعندما قيل له في ذلك قال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما تشتهيه فأكون قد عققتها.
وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير التابعين أويس القرني لو أقسم على الله لأبره وذلك لبره بأمه حتى ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أويس القرني ان يستغفر له
أسامه بن زيد قطع جمار نخلة واطعمه امه لانه اشتهته وقد كانت النخلة بالف دينار ، وأحدهم طلبت أمه ماء فذهب واحضر الماء ووجدها قد نامت فوقف بالماء على رأسها حتى الصباح
وكان ابن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع لها تضرعاً، أي: كأنه يتذلل لها. دخل عليه رجل يوماً وهو يكلم أمه، فقال: ما به؟ كأنه يشتكي شيئاً؟ فقالوا له: لا. ولكنه هكذا يكون إذا كان بين يدي أمه. لقد كان في حالة تذلل، ومن يراه في هذه الحالة، يظنّ به مرضاً. وهو في الحقيقة لا يشكو شيئاً، بل يتواضع بين يدي أمه عملاً بقوله تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ)
أخواني أخواتي اعلموا أن بر الوالدين يكون حتى بعد موتهما
ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه سأله سائل : (هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (الصلاة عليهما والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما), هذا كله من برهما بعد الموت ، والصلاة عليهما معناه الاستغفار والدعاء ، الصلاة عليهما ، يعني الدعاء لهما ، ومن ذلك صلاة الجنازة ، والاستغفار لهما ، طلب المغفرة ، يدعو لهم بالمغفرة ، وإنفاذ عهدهما ، يعني وصاياهما ، إذا أوصيا بشيء لا يخالف الشرع ، من برهما أن ينفذ الوصية الموافقة للشرع ، وإكرام صديقهما ، أصدقاء والديه، يكرمهما ويحسن إليهما ، ويراعي حقوق الصداقة بينهم وبين والديه ، كل هذا من بر والديه ، وإذا كان الصديق فقيراً واساه ، وإن كان غير فقير اتصل به للسلام عليه ، والسؤال عليه استصحاباً للصداقة التي بينهم وبين والديه ، إذا كان ذلك الصديق ليس ممن يستحق الهجر ، كذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، كالإحسان إلى أخواله وأعمامه وأقاربه من جهة الأب، ومن جهة الأم ، سوى الأعمام والأخوال ، كل هذا من بر والديه
وأخيراً عباد الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله »[متفق عليه] أرأيتم كيف قدم بر الوالدين على الجهاد؟
لنختم بقصة طيبة تحمل في طياتها الكثير من مفاتيح الخير والدروس
جاء في الأثر أنّ شابًا صالحًا قد خدم والديه لدرجة أنّه كان يعينهما على قضاء حاجتهما ويمسح عنهما الأذى بيديه، جاء مرّة إلى عمر رضي الله عنه فسأله: ''أتراني أديتُ حقهما عليّ؟!''. فأجابه عمر: ''كانا يفعلان ذلك معك وهما يتمنيان لك الحياة وطول العمر وأنتَ تفعله الآن وأنت تتمنّى دنوّ الأجل''.
ولأن رعايتهما في هذه المرحلة فيها من المشقة والحرج ما نعرفه، فقد جعل الله تعالى جزاء ذلك في أمرين الأول أنّ البِرَّ دَيْن، وكما تدين تدان وفي الآخرة جنّة ورضوان. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: مَن أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثمّ لَم يدخل الجنّة''.
فإذا لم يجد المسنون الرعاية اللازمة من الأبناء لعقوقهم أو لفقرهم أو لانعدامهم، كان لزامًا على الدولة التي تحترم نفسها أن ترعى حقوقهم المادية والمعنوية حتى يشعر المسنّ بكرامته وإنسانية من حوله. قال صلّى الله عليه وسلّم: ''كلُّكُم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته''، وهو ما جاءت به الشّريعة الإسلامية ضمن مجموعة قواعد وأوامر ملزمة وزاجرة لكلّ مَن يتخلَّى عن رعاية وكفالة المسن في حق الدولة والأسرة، فقد كان لهم في دولة الإسلام نصيب من بيت مال المسلمين (خزينة الدولة) يُعينهم على نوائب الحياة ولم يكن هذا خاصا بالمسلمين بل هو حق لكلّ مواطن بغض النّظر عن جنسه ودينه.
فقد جاء في وثيقة الصلح بين خالد بن الوليد ونصارى العراق ما نصه: ''وجعلتُ لهم أيّما شيخ ضعيف أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيًا فافتقر.. طرحتُ جِزْيَته وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الإسلام''.
وفي عهد عمر رضي الله عنه رأى شيخًا يهوديًا يسأل النّاس فأنكر ذلك عمر بعد أن عرف حاجته وقال: ''ما أنصفناك إذا أخذنا مِنك الجزية شابًا وأهملناك شيخًا ثمّ أمَرَ له بعطاء من بيت مال المسلمين''، هذا وليكتب التاريخ هذه القيم الإسلامية الإنسانية الّتي جعلت النّاس سواء بخلاف ما تعيشه اليوم الدول الغربية التي تدعي حقوق الإنسان من عنصرية مقيتة.
ولعلّ تخصيص مراكز تأوي هؤلاء العجزة الذين لا مأوى لهم ولا كفيل كما هو الحاصل عندنا، أسلَم لهؤلاء من التشرد والضياع.
وهنا أتوجه إلى القائمين على هذه المراكز من وزارة وإدارات وأطباء وعمال وجمعيات خيرية أن الله قد أكرمكم حيث استعملكم فأقامكم خُدامًا لعياله فخصّكُم برعاية الضعفاء والمحتاجين وهُم مَحَل نظر الله ورحمته، فقد جاء في الحديث القدسي الجليل: ''الخلق كلُّهُم عيالي فأحبّكُم إليّ أنفعكم لعيالي''.
وفي الحديث: ''إنّ مِن إجلال الله تعالى إكرامَ ذي الشّيبة المسلم''، هي فرصتكم إذا لنيل مرضاة الله ومزرعتكم لحصاد يوم القيامة ولكم منّا ألف تحيّة وتقدير على ما تقومون به.
نسأل الله لنا ولكـــــــــــم الهدايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة وحســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن الخواتيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
وصلى الله على سيدنا محمد النبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي الامي وعلـــــــــــــــــــــــــــــــــى الـــــــــــــــــــــــــــه وصحبه وسلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم