لاتتوقف عن العمل الصالح بعد رمضان...

اللهم صلى وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

انتهى شهر رمضان، ربح فيه مَن ربح، وخسِر فيه مَن خسر، وقُبِل فيه من قُبِل، وطُرِد فيه مَن طُرد. فيا سعد مَن قُبِل منّا فنُهنِّئه، ومَن طُرِد منّا فنعزّيه؟! وابْكُوا على ما مضى في الشّهر الفضيل،
واغتنموا ما قد بقي من أعماركم في فعل الطاعات.
إنّ العمل الصّالح محبوب إلى الله، وأَحبُّ العمل إلى الله أدومُه وإنْ قلَّ. لذا، كان عمل سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، دائما، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا عمل عملاً أثبَتَه، وداوَمَ عليه. فالعمل وإن كان قليلاً دائماً، خيرٌ من الكثير المنقطع. فلنعمل الأعمال الصّالحة الّتي نرى أنّنا نستطيع أن نُداوِم عليها، من: صلاة، صيام، ذِكر، تعلّم، تعليم، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، وبذل الخير للنّاس... وغير ذلك ممّا يُحبُّه الله ويرضاه.
فالعبادة ليست مخصوصة بوقت دون آخر، وإن كان في بعض الأوقات يُستحب مضاعفة العمل، لشرف الزّمان أو المكان، لكن الأصل أنّ العمر كلّه وقت لعبادة الله عزّ وجلّ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} الحجر .99
فيا مَن صلّيتَ لله تعالى في رمضان وضيّعتَ الصّلاة في غير رمضان، إحذر واعلم يقيناً بأنّ هذه الصفة من علامات النِّفاق، أسأل اللهَ أن يملأ قلوبنا إيماناً. واعلَم أيضاً أنّ المداومة على العمل الصّالح شعار المؤمنين، بل ومِن أحبّ القُرُبات إلى الله ربّ العالمين، كما في الصحيحين عن عائشة، رضي الله عنها، أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''أحَبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإنْ قلَّ''. بل وفي صحيح مسلم من حديث عائشة، رضي الله عنها، كذلك قالت: ''كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا عمل عملاً أثبته''، أي: داوم وواظب عليه. فكان إذا فاته شيء من صلاة اللّيل لنوم أو مرض، صلاّه في النّهار، وإذا فاته شيء من عبادة اللّيل، قضاها في النّهار ما بين الفجر والظهر، فيُصلّي في النّهار مثلاً اثنتي عشرة ركعة.
وإليك بعض الوسائل للمداومة على العمل الصّالح بعد شهر رمضان المبارك:
- التوبة النّصوح، فإنّ الله يفرح بعبده إذا تاب أشدّ الفرح.
* طلب العون من الله عزّ وجلّ على الهداية والثبات، وقد أثنى الله على دعاء الرّاسخين في العلم فقال سبحانه وتعالى: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
- الإكثار من مُجالسة العلماء والصّالحين والحرص على مجالس الذِّكر (تلاوة القرآن أو حِلَقُ العِلم).
- التعرّف على سِيَر العلماء والصّالحين من خلال القراءة للكتب، خاصة الاهتمام بسير الصّحابة، فإنّها تبعث في النّفس الهِمَّة والعزيمة.
- الحرص على الفرائض، كالصّلوات الخمس وقضاء رمضان، فإنّ في الفرائض خير عظيم.
- الحِرص على النّوافل ولو القليل المُحبّب للنّفس، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله ''أدومه وإنْ قَلَّ''، كما قال صلّى الله عليه وسلّم.
- البدءُ بحفظ كتاب الله والمداومة على تلاوته، وأن تقرأ ما تحْفَظ في الصّلوات والنّوافل.
- الإكثار مِن ذِكْر الله تعالى والاستغفار له سبحانه، فإنّه عمل يسير ونفعه كبير، يزيد الإيمان ويُقوّي القلب، والبُعد كلّ البُعد عن مفسدات القلب.
* ولا تكن مِن أولئك القوم الّذين لا يعرفون الله إلاّ في رمضان، لقد قال فيهم السلف ''بِئْسَ القومُ لا يعرفون الله إلاّ في رمضان''.

لاتنسوني بصالح الدعاء