الملتقى الصوفى للنور المحمدى
عزيزى الزائر عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضومعنا
او التسجيل معنا ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

شكرا لك
ادارة المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى
عزيزى الزائر عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضومعنا
او التسجيل معنا ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

شكرا لك
ادارة المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الملتقى الصوفى للنور المحمدى

الملتقي الصوفي للنور المحمدي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التصـــــــــــــوف

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: التصـــــــــــــوف   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:29 am

تمهيد في التصوف

حقيقة علم التصوف وأقوال العلماء والعارفين فيه :

علم التصوف

للصوفية دور مشرف في التاريخ الإسلامي:

أصول علم التصوف ومسائله:

المراجع الأساسية في التصوف:

الخطاب الصوفي بين الجذور والإمدادات

الطرق الصوفية : فضلها وأهميتها وفوائدها

الطريقة والحياة :

التصوف والتقدم العلمي

مقابلة مع ابن تيمية نسأله فيها عن التصوف والصوفية




تمهيد في التصوف ‏

التصوف مرتبة عالية وهو إصلاح القلب بالوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا وباطنا، فهو ‏مبني على الكتاب والسنة وذلك باتباع شرع الله تعالى والإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ‏الأخلاق والأحوال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأفعال، وتسليم الأمور كلها ‏لله من غير إهمال في واجب ولا مقاربة محظور، وحاصله اتصاف بالمحامد وترك للأوصاف ‏الذميمة ‏‎ ‎
فهو مسلك قائم على العلم والعمل، أعلاه علم التوحيد وأداء الواجبات قبل النوافل ثم عمل ‏البر والخير و الزهد والتحلي بالأخلاق الحسنة ‏‎. ‎
قال الله تعالى :?تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ‏يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) ? ‏‏[سورة السجدة] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل (إياك و التنعم فإن عباد الله ‏ليسوا بالمتنعمين) رواه الطبراني‎ ‎
وقد اشتهر حديث عند الصوفية وهو حديث حارثة بن مالك أن الرسول عليه السلام لقيه ‏ذات يوم فقال له: [كيف أصبحت يا حارثة] قال أصبحت مؤمنا حقا. فقال له: [ انظر ما ‏تقول فإن لكل قول حقيقة ] قال عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري ‏فكأني بعرش ربي بارزا وكأني بأهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني بأهل النار يتعاوون فيها، ‏قال: [عرفتَ فالزمْ، عبدٌ نوَّر اللهُ الإيمانَ في قلبه]، أخرجه الطبراني‎. ‎
وهذا الحديث متداول بين الصوفية، وإن كان هذا الحديث ضعيفا ضعْفا خفيفا فقد ذُكر في ‏فضائل الأعمال، ويُعمل به كما ذكر السيوطي في تدريب الراوي وغيرُه‎. ‎
فهذا هو مشرب القوم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في حاله وخُلُقِهِ، وكان عليه الصلاة ‏والسلام خلقُه القرآن، وكان أكثر الناس تواضعا وزهدا، وكان أعفَّ الناس، مَنْ صحِـبه ‏أحبه لما يشاهده من محاسن أخلاقه ومزيد شفقته وتواضعه وباهر عُظم تألفه وأخذه بالقلوب‎. ‎
وكان صلى الله عليه وسلم يمشي مع المسكين والأرملة إذا أتياه في حاجة ما، يفعل ذلك من ‏غير أنفة. وكان يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه ولا يعيبه ذلك، ويكون ‏في مهنة أهله، وكان يردف خلفه عبده أو خادمه أو قريبه يفعل ذلك على دابته، وكان يجالس ‏الفقراء والمساكين والعبيد والإماءَ ويعُودهم ويزورهم، ويتفقد حالهم، ويشهد جنائزهم، وما ‏سُئل عليه الصلاة والسلام شيئا من متاع الدنيا يُباح إعطاؤه فقال لا، وكان يجلس في الأكل ‏مع الفقراء والمساكين، وكان لا يعيب طعاما قطُّ بل إن أحبَّه أكله وإن كرهَه تركَه، وكان ‏يلبس من الثياب ما وجده من إزار وقميص وجبة صوف، وربما يلبس الإزار وحده ليس عليه ‏غيره، وربما كان عليه مِرط [(1)] من صوف أو خز، ففي سنن أبي داود: [خرج علينا ‏رسول الله وعليه مِرط مرحل [(2)] من شعر أسود]. وربما صلى بثوب واحد ملتحفا به بغير ‏زائد عليه، وكان لا يسيل القميص ولا الإزار أي لا يرسلهما إلى الأرض بل يجعل الإزار ‏والقميص فوق كعبيه، بل ربما كان إزاره وقميصه لنصف الساق، يفعل ذلك تواضعا، وربما ‏نام على العباءة يثنيها ثنيتين، وربما نام على الحصير ويؤثـّر الحصير في جنبه الشريف، فقد ‏اخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ‏راقد على حصير من جريد وقد أثر في جنبه، فبكى عمر فقال له: [ما يبكيك؟] قال: ذكرتُ ‏كسرى وملكه، وهرمز وملكه، وصاحب الحبشة وملكه، وأنت رسول الله صلى الله عليك ‏وسلم على حصير من جريد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أما ترضى أن لهم ‏الدنيا ولنا الآخرة]. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، ‏والوارد عنه عليه الصلاة والسلام في ذلك كثير. وقد قال عليه الصلاة والسلام: [كن في الدنيا ‏كأنك غريب أو عابر سبيل]، وقال: [ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي، ما أنا إلا كراكب ‏استظل تحت ظل شجرة، ثم راح وتركها]. فعلى هذا كان سيدنا وقدوتنا رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم‎. ‎


ومثله ورد عن أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام. فقد ورد عن نبي الله عيسى عليه السلام فيما ‏رواه الحسن البصري قال: [كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ](3)[ ويأكل الشجر، ‏ويبيت حيث أمسى]. وكان سيدنا عيسى عليه السلام يبيت حيث أمسى في مسجد أو غير ‏مسجد، ما اتخذ بيتا، وكان يأكل ما يُتقوَّت به من بقول الأرض كالملوخية والهندباء والخبيزة ‏نيئة من غير طبيخ. هكذا أنبياء الله عليهم السلام زهَّاد عُبَّاد عارفون طالبون للآخرة، وكذلك ‏نبي الله سليمان عليه السلام معَ ما أعطاه الله من السلطان والجاه وخدمة الجن له كان يأكل ‏خبز الشعير‎. ‎
على هذا كان أنبياء الله عليهم السلام وعلى هذا كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ‏الذي أدَّب المتقين، وعلَّم الزاهدين، ووطّد الدين، ونُصر بالرعب مسيرة شهر، وضجت ‏الأكوان باسمه، ورجفت فرائص ملوك الأرض لذكره في كل زمان ومكان، وقد مات عليه ‏الصلاة والسلام ولم يشبع من خبز الشعير، مع أنه أعطى ما بين لابتيها [(4)] غنما، وملأ ‏رداء عمه العباس ذهبا، وأعطى عطاءَ من لا يخشى الفقر، فالله أكرم أنبياءه، واصطفاهم لمقام ‏النبوة، وخصهم بما لم يخص به أحدا من البشر، وأغناهم عن الناس، فسلموا لله تسليما كاملا، ‏واستغنوا بالله، وأيقنوا أنه المالك الكريم الرازق الخالق المدبر لمخلوقاته في كل حين، فأنفقوا ولم ‏يقتروا، وأيقنوا أن كُـلاّ ً من عنده، وبهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أَوَليس هو الذي قال ‏عليه الصلاة والسلام لبلال: [أنفق بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا] رواه الطبراني وأبو ‏نعيم. ‏‎ ‎ وتبع أبو بكر الصديق رضي الله عنه هذا المشرب، وردَّ أهل الردة على أعقابهم، ونام على ‏قطيفة لم يكن عنده في البيت سواها، ثم أمر بها فأعيدت إلى بيت المال. وكذلك الفاروق عمر ‏رضي الله عنه فتح الأقطار، ومصَّر الأمصار، وعزّ به الدين واستنار، وخطب عام وفاته وعليه ‏ثوب فيه أربعون رقعة‎. ‎


وهذا ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد رُوِيَ أنه رُؤي يقيل في المسجد وهو ‏يومئذ خليفة وأثر الحصى في جنبه، وكذلك أبو الحسنين علي الأكرم عليه السلام وهو الذي ‏رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما على التراب مرة فسماه أبا تراب، وكان كرم الله ‏وجهه يلبس إزارا مرفوعا ويقول: "يُخشّع القلب، ويقتدي به المؤمن". ‏ وتبعهم على ذلك أهل الولاية والإرشاد من التابعين الأمجاد، فكان لهم من نورهم قبس، ومن ‏حال نبيهم صلى الله عليه وسلم نفس، ودلوا المسلمين على المنهج القويم، والصراط المستقيم، ‏وعلى مشرب نبيهم وجليل حاله، وغيرهم كثير ولو أردنا ذكرهم لطال‎. ‎


وقد قال الحسن البصري: أدركت سبعين بدريا ما كان لباسهم إلا الصوف‎. ‎ وكلهم من رسول الله ملتمسُ ... غرفـًا من البحر أو رشفا من الديَمِ‎ ‎ يقول العارف بالله الزاهد العلامة الشيخ عبدالله الهرري ناصحا مريديه: "إياكم والغفلة بالتنعم ‏وتعلق الهمم بتكثير الأموال". والتنعم هو التوسع في الملذات من المطعومات والمشروبات ومن ‏الملبس الفاخر، وتركُ التنعم هو سنة الأنبياء‎. ‎
واعلم أن معنى التصوف الحقيقي كان في الصدر الأول من عصر الصحابة، فالخلفاء الأربعة ‏كانوا صوفيين معنى، واعلم أن صاحب كتاب حلية الأولياء الحافظ أبا نعيم أحد مشاهير ‏المحدثين بدأ كتابه الحلية بصوفية الصحابة، ثم أتبعهم بصوفية التابعين، وهكذا.








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة علم التصوف   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:30 am

حقيقة علم التصوف وأقوال العلماء والعارفين فيه :

إن حقيقة علم التصوف كما قال الإمام الشعراني رحمه الله تعالى في كتابه الأنوار القدسية : هو العمل بالعلم والشريعة الإسلامية على وجه الإخلاص والصدق , ولو رجعت إلى رجال التصوف الأوائل الذين أسسوه كانوا كلهم علماء عاملين دعاة إلى الله ساروا إلى الله بالكتاب والسنة المطهرة فلذلك ظهرت أنوارهم وبقيت آثارهم فالتصوف حقيقة أن تتعلم العلم الشريف الذي هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة ثم يعمل بهذا العلم الذي تعلمه ثم يسعى لاكتساب الصدق والإخلاص وذلك يكون بالاستعانة بالله تعالى والعكوف على الذكر والعبادة لتصفية الروح وتزكية النفس وشفاء القلب السقيم فلا تصوف بدون علم ولا ينفع العلم بلا عمل ومن قال بغير هذا فهو ليس من التصوف في شئ ولكي يتوضح معنى التصوف وحقيقته لابد من سرد أقوال بعض العلماء والصالحين التي تبين لنا حقيقة التصوف وإليك بعض الأقوال :

فهذا هو إمام أهل السنة الأمام احمد بن حنبل رضى الله عنه يقول : ( لولده عبد الله يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة ويقول عن الصوفية لا أعلم أقواماً أفضل منهم ) كتاب تنوير القلوب ص 405 وغذاء الألباب لشرح منظومة الآداب للسفاريني 1\120

وهذا هو حجة الإسلام الإمام الغزالي رضى الله عنه يقول : ( ولقد علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرهم أحسن السير وطريقتهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق ) . كتابه المنقذ من الضلال صفحة 49

وهذا هو سلطان العلماء العز بن عبد السلام رضى الله عنه يقول : ( قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تتهدم دنيا وأخرى وقعد غيرهم على الرسوم ) كتاب نور التحقيق للشيخ حامد صغر ص 96

ويقول الأمام مالك رضى الله عنه Smile من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق ) من حاشية العلامة على العدوي على شرح الأمام الزرقاني على متن العزبة في الفقه المالكي , وشرح عين العلم وزين الحلم للأمام ملا علي قاري .

ويقول الإمام الشافعي رضى الله عنه : ( حبب إلى من دنياكم ثلاث : ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والإقتداء بطريق أهل التصوف ) . من كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للأمام العجلوني

وهذا هو الأمام الحجة شيخ الشافعية النووي رحمه الله وهو ثقة بإجماع الأمة يقول : ( أصول طريق التصوف خمسة : تقوى الله في السر والعلانية , إتباع السنة في الأقوال والأفعال , الأعراض عن الخلق في الإقبال والأدبار , الرضا عن الله تعالى في القليل والكثير , الرجوع إلى الله في السراء والضراء ) كتاب مقاصد الإمام النووي والتوحيد والعبادات وأصول التصوف ص 20

قال العلامة الكبير والمفسر الشهير الإمام فخر الدين الرازي رضى الله عنه : الباب الثامن في أحوال الصوفية " : أعلم أن أكثر من حصر فرق الأمة لم يذكر الصوفية وذلك خطأ لأن حاصل قول الصوفية أن الطريق إلى معرفة الله تعالى هو التصفية والتجرد من العلائق البدنية , وهذا طريق حسن , وقال أيضاً : والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد النفس عن العلائق الجسمانية , ويجتهدون ألا يخلو سرهم وبالهم عن ذكر الله تعالى في سائر تصرفاتهم وأعمالهم , منطبعون على كمال الأدب مع الله عز وجل وهؤلاء هم خير فرق الآدميين . في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين

وتحدث الأمام أحمد ابن تيمية رضى الله عنه عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة فقال : ( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض , وإبراهيم بن أدهم , وأبي سليمان الدارني , ومعروف الكرخي , والسري السقطي , والجنيد بن محمد , وغيرهم من المتقدمين , مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني, والشيخ حماد , والشيخ أبي البيان , وغيرهم من المتأخرين فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين , بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إلى أن يموت . وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف , وهذا كثير من كلامهم ) . الجزء العاشر من مجموع فتاويه

وقال تاج الدين السبكي رضى الله عنه تحت عنوان الصوفية : حياهم الله وبياهم وجمعنا في الجنة نحن وإياهم وقد تشبعت الأقوال فيهم تشعباً ناشئاً عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المتلبسين بها , بحيث قال الشيخ أبو محمد الجويني : لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حد لهم . والصحيح صحته , وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة .... ثم تحدث عن تعاريف التصوف إلى أن قال : والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجي الرحمة بذكرهم ويستنزل الغيث بدعائهم , فرضي الله عنهم وعنا بهم . كتابه معيد النعيم ومبيد النقم

وهذا هو الإمام الشاطبي رضى الله عنه يقول : إن كثيراً من الجُهَّال يعتقدون في الصوفية أنهم متساهلون في الإتباع والتزام ما لم يأت في الشرع التزامه مما يقولون به ويعملون وحاشاهم ( الصوفية ) من ذلك أن يعتقدوه أو يقولوا به فأول شي بنوا عليه طريقهم إتباع السنة واجتناب ما خالفها , الاعتصام لشاطبي.

وهذا هو الإمام السيوطي رضى الله عنه يقول : أن التصوف في نفسه علم شريف وأن مداره على أتباع السنة وترك البدع وعلمت أيضاً أنه قد كثر الدخيل فيه من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم فأدخلوا فيه ما ليس منه فأدى ذلك إلى إساءة الظن بالجميع , كتاب تأييد الحقيقة العلية للسيوطي ص57 .

وقال الإمام المحاسبي رضى الله عنه : ( فأصبحت راغباً في مذهبهم , مقتبساً من فوائدهم قابلا لآدابهم , محباً لطاعتهم , لا اعدل بهم شيئاً , ولا أوثر عليهم أحداً , ففتح الله لي علما اتضح لي برهانه , وأنار لي فضله , ورجوت النجاة لمن اقرَّ به أو انتحله , وأيقنت بالغوث لمن عمل به , ورأيت الاعوجاج فيمن خالفه , ورأيت الرَّيْن متراكماً على قلب من جهله وجحده ورأيت الحجة العظمى لمن فهمه , ورأيت انتحاله والعمل بحدوده واجباً علي فاعتقدته في سريرتي ,وانطويت علية بضميري , وجعلته أساس ديني وبنيت عليه أعمالي وتقلَّبْت فيه بأحوالي وسألت الله عز وجلَّ أن يوزِعَني شكر ما أنعم به علي وان يقويني علىَّ القيام بحدود ما عرَّفني به , مع معرفتي بتقصيري في ذلك , وأني لا أدرك شكره أبداً ) كتاب الوصايا ص 27 _32 للأمام أبي عبد الله الحارث المحاسبي المتوفى 243هـ وقال ابن خلدون رحمه الله تعالى في علم التصوف : ( هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة , وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريق الحق والهداية , وأصلها العكوفُ على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى , والإعراضُ عن زخرف الدنيا وزينتها , والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه , والانفرادُ عن الخلق في الخلوة للعبادة وكان ذلك عاماً في الصحابة والسلف , فلمَّا فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده , وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا , اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية ) مقدمة ابن خلدون ص 328 .

ويقول ابن عابدين رضى الله عنه : ( ولا كلام لنا مع الصُدَّق من ساداتنا الصوفية المبرئين عن كل خصلة رديَّة , فقد سئل إمام الطائفتين سيدنا الجنيد : إن أقواما يتواجدون ويتمايلون ؟ فقال دعوهم مع الله تعالى يفرحون , فإنهم قوم قطعت الطريق اكبادَهم , ومزَّق النصبُ فؤادهم , وضاقوا ذرعا فلا حرج عليهم إذا تنفسوا مداواة لحالهم ) . الرسالة السابعة , شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل ص 172_173 للفقيه الكبير ابن عابدين

وقال أبو الحسن الندوي رحمه الله في كتابه المسلمون في الهند : يقول أبو الحسن الندوي في كتابه المسلمون في الهند: " إن هؤلاء الصوفية كانوا يبايعون الناس على التوحيد والإخلاص واتباع السنة، والتوبة عن المعاصي وطاعة الله ورسوله، ويحذرون من الفحشاء والمنكر والأخلاق السيئه والظلم والقسوة ويرغبونهم في التحلي بالأخلاق الحسنه والتخلي عن الرذائل مثل الكبر والحسد والبغضاء والظلم وحب الجاه، وتزكية النفس وإصلاحها، ويعلمونهم ذكر الله والنصح لعباده والقناعه والإيثار، وعلاوة على هذه البيعه التى كانت رمز الصله العميقه الخاصه بين الشيخ ومريديه إنهم كانوا يعضون الناس دائما، ويحاولون أن يلهبوا فيهم عاطفة الحب لله سبحانه، والحنين إلى رضاه، ورغبة شديده لإصلاح النفس وتغيير الحال

اعتقد أن أقوال هؤلاء العلماء بينت وبشكل واضح حقيقة التصوف وبينت أن التصوف هو علم شريف ومستمد من الشرع وقائم على الشرع ولا يخرج عن الشرع فكيف يأتي سفيه ويقول أن التصوف علم مبتدع وليس له أصل في الشريعة وهو زندقة ورجاله زنادقة أعتقد أن هذا الكلام لا يخرج إلا من جاهل وحتى لا يأتي احد ويسرد لنا أقوال بعض المتصوفة التي تخلف الشرع ويحتج علينا بها فسنذكر أقوال رجال التصوف المعتمدين الكبار رحمهم الله تعالى لنبين حقيقة التصوف بشكل واضح وجلي فإليك أقوال العارفين أئمة التصوف بل ومؤسسي علم التصوف رحمهم الله تعالى :

فهذا هو سلطان الأولياء والعارفين سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني رضى الله عنه يقول :كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة هي زندقة , طر إلى الحق عزَّوجلَّ بجناحي الكتاب والسنة ادخل عليه ويدك في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك العبادات المفروضة زندقة وارتكاب المحظورات معصية . الفتح الرباني ص 179 . ويقول كل باطن خالف ظاهراً فهو باطل

وهذا الشيخ أبو القاسم إبراهيم بن محمد النصر باذي رحمه الله يقول: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة وترك الهواء والبدع , وتعظيم حرمات المشايخ ورؤية أعذار الخلق , وحسن صحبة الرفقاء , والقيام بخدمتهم , واستعمال الأخلاق الجميلة ,والمداومة على الأوراد , وترك ارتكاب الرخص والتأويلات , وما ضل احدٌ ف بهذا الطريق إلا بفساد الابتداء يؤثر في الانتهاء , طبقات الصوفية ص 488

وقال الشيخ أبو بكر الكتاني محمد بن علي رحمه الله : التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف , طبقات الصوفية ص 145

وقال سيد الطائفتين العارف بالله أبو القاسم الجنيد البغدادي رضى الله عنه : الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته ,فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه , طبقات الصوفة ص 159 .

ويقول : ( من لم يحفظ القران ولم يكتب الحديث لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة )

وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي عن الصوفي : إنَّ سالك سبيل الله قليل والمدعي فيه كثير ونحن نعرفك علامتين له , الأولى : أن تكون جميع أفعاله موزونة بميزان الشرع موقوفة على توفيقاته إيرادا وإصدارا وإقداما وإحجاما إذ لا يمكن سلوك هذا السيل إلا بعد التلبس بمكارم الشريعة كلها والثانية : لا يصل فيه إلا من واظب على جملة من النوافل فكيف يصل إلية من أهمل الفرائض .

وقد أثر عن السري السقطي رحمه الله تعالى أنه كان يقول: التصوف اسم لثلاثة معاني هو الذي لا يطفئ نور معرفته نور ورعة ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب والسنة ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله ويقول : المتصوف لا يتكلم بباطن علم ينقضه علية ظاهر الكتاب والسنَّة .

وورد عن العارف بالله الشيخ أبو يزيد البسطامي رضى الله عنه أنه يقول : لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة .

ويقول سيدى أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه : إذا تعارض كشفك مع الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف وقل لنفسك أنَّ الله تعالى ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها في جانب الكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة إلا بعد عرضها علي الكتاب والسنة إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة التي تبين إن الاستقامة على الشريعة المطهرة هي أفضل من أي كرامة .

وقال الشيخ محيي الدين بن عربي قدس سره : لا يرتجي الوصول من لم يتبَّع الرسول صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن عطاء الله السكندري رضى الله عنه : من ألزم نفسه آداب السنة نوَّر الله قلبه بنور المعرفة ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم في أوامره وأفعاله وأخلاقه .

وقال الإمام سهل بن عبد الله التستري رضى الله عنه : أصول طريقتنا ـ أي منهج الصوفية ـ سبعة : التمسك بالكتاب , والاقتداء بالسنة , وأكل الحلال , وكف الأذى , وتجنب المعاصي , لزوم التوبة , وأداء الحقوق .

وقال أبو حفص احد كبار الصوفية : من لم يزن أفعاله وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره فلا يعد في ديوان الرجال .

وورد عن العارف بالله الشيخ أبو القاسم القشيري رضى الله عنه أنه يقول : قد درج أشياخ الطريق كلهم على أن أحداً منهم لا يتصدر في الطريق إلا بعد تبحره في علوم الشريعة وقال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى في مقدمة رسالته المشهورة متحدثاً عن الصوفية : ( جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه , وفضَّلهم على الكافة من عباده بعد رسله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم وجعل قلوبهم معادن أسراره واختصَّهم من بين الأمة بطوالع أنواره , فهم الغياث للخلق , والدائرون في عموم أحوالهم مع الحق بالحق . صفَّاهم من كدورات البشرية , ورقَّاهم إلى محل المشاهدات بما تجلى لهم من حقائق الأحدية , ووفَّقهم للقيام بآداب العبودية , وأشهدهم مجاري أحكام الربوبية , فقاموا بأداء ما عليهم من واجبات التكليف وتحققوا بما مَنَّة سبحانه لهم من التقليب والتصريف , ثم رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى بصدق الافتقار ونعت الانكسار , ولم يتَّكِلوا على ما حصل منهم من الأعمال أو صفا لهم من الأحوال , علما منهم بأنه جلَّ وعلاَّ يفعل ما يريد ويختار من يشاء من العبيد , لا يحكم عليه خلق , ولا يتوجه عليه لمخلوق حق ثوابه ابتداء فضل , وعذابه حكم بعدل , وأمره قضاء فصل ) . الرسالة القشيرية للأمام أبي القاسم القشيري ص2.

هذا شي من أقوال أئمة التصوف وأعلام الصوفية ونجدها كلها تدور حول إتباع الكتاب والسنة والابتعاد عما يخالفهما وكلها تدعو إلى مكارم الأخلاق , وإلى الخوف من الله تعالى , وإلى تقواه وابتغاء رضاه , تدعو إلى السخاء والحاصل أنها تدعو إلى جماع الخير وتنهي عن جماع الشر وفي هذا تبين لنا حقيقة التصوف وهي أنه علم يقصد به صلاح المسلم والوصول إلى رضا الله والالتزام بالشريعة وترك ما خالفها بالكلية وهذه هي غاية خلق الإنسان على هذه الأرض وفي هذا بيان واضح لمن أراد أن يتعرف على حقيقة التصوف . فهل فيما ذكر شئ لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟! هل في هذا مالا يرضي العقل والدين ؟! اعتقد لا فهذا هو التصوف وهؤلاء هم الصوفية وما خالف هذا نضربه عرض الجدار بل ونضربه بنعالنا ونطئ علية تحت الثرى .







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: علم التصوف   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:31 am

علم التصوف

علم التصوف علم شريف، أخذ من المسلمين اهتماماً ملحوظاً وجهداً كبيراً، وهو عند أهله علمائهم وعامتهم والقائمين به من أرفع العلوم وأدقها، ومن أخص المعارف وأشرفها.

التصوف في القرون الأولى:

ولئن لم يكن معروفاً بين رجال الصدر الأول من السلف الصالح باسمه الدارج وهو (علم التصوف) فإنه كان معروفاً لهم كمجموعة من المعارف والتوجهات والقواعد والسلوكيات.

يقول الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله في رسالته الشهيرة المعروفة ( بالرسالة القشيرية) راداً على الذين أنكروا كون هذا العلم من الدين لعدم وجود اسمه فيه: اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم، سوى صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا أفضلية فوقها. فقيل لهم: الصحابة. ولما أدركهم أهل العصر الثاني سمي من صحب الصحابة بالتابعين .

ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين: الزهاد والعباد ، ثم ظهرت البدع، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهاداً، فانفرد خواص أهل السنة، المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، المحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة.

أوائل الصوفية:

وقد صدق القشيري في ذلك، فإن أول من سمي بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة 150هـ، ثم تتالت التسمية في كثير من العباد والزهاد وأهل الإقبال على الله بالتجرد، وعلى النفس بالإصلاح ، أمثال أبي حازم سلمةَ بن دينار المخزومي، والمعافى بن عمران، والفضيل بن عياض، ومعروف الكوفي، وبشربن الحارث الحافي، والحارث بن أسد المحاسبي، وأبي يزيد البسطامي، وأبي بكر الوراق، وسهيل بن عبد الله التستري، وأبي القاسم الجنيد بن محمد.

تعريف علم التصوف:
وقبل أن نخوض في مبادئ هذا العلم وأركانه، ينبغي أن نقف على تعريفه وحدّه.

وقد كثرت تعاريفه المأثورة المنقولة عن فطاحل العلماء وكبراء الأمة.

فهذا السيوطي يعرفه بأنه تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه.

وهذا حاجي خليفة في (كشف الظنون) يعرفه بأنه: علم يعرف به كيفية ترقي أهل الكمال من النوع الإنساني في مدارج سعادتهم، والأمور العارضة لهم في درجاتهم بقدر الطاقة البشرية.

وقريب منها عرفه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري فقال: التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفس، وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن، لنيل السعادة الأبدية . وقال غيرهم غير ذلك.

وقد علق الشيخ زروق في كتابه (قواعد التصوف) على تعدد التعاريف فقال: وقد حٌدّ (أي عرف) التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ الألفين، مرجع كلها لصدق التوجه إلى الله. وإنما هي وجوه فيه.

كيف نشأ علم التصوف:
أما عن منشئه ومبدئه فلنقل ما قاله العلامة ابن خلدون في مقدمته:

(وهذا العلم ـ يعني علم التصوف ـ من العلوم الشرعية الحادثة في الملة.

وأصله: أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية ، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والاعراضُ عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهدُ في ما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفرادُ عن الخلق والخلوةُ للعبادة. وكان ذلك عامّاً في الصحابة والسلف فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم التصوف.

للصوفية دور مشرف في التاريخ الإسلامي:
وفي مجال الحديث عن دور الصوفية في توجيه مسار كثير من صفحات التاريخ الإسلامي، يقول الدكتور محمد الزحيلي في كتابه (تعريف عام بالعلوم الشرعية): وقد كان للصوفية والتصوف والمتصوفة، أو ما يعرف بالطريقة شأن في التاريخ الإسلامي. كما كان لها دور بارز في الدعوة الإسلامية وانتشار الإسلام في بعض القارات والبلاد ، كالطريقة السنوسية في أفريقيا، والطرق المختلفة في جنوب السودان وغرب أفريقيا، كما كان للتصوف ونظرياته ومبادئه اهتمام خاص لدى بعض المستشرقين وعلماء الغرب.

ويتابع الزحيلي قائلاً ولا يزال للتصوف أثر واضح في كثير من البلاد الإسلامية ، كما يعتبر صورة مشرقة في نظر بعض المسلمين لنشر الإسلام اليوم ودخول بعض الغربيين عن طريقه إلى الإسلام ، لأنه يغطي زوايا حساسة ومهمة في حياة الأفراد، ويلبي الخَوَاء الروحي والنفسي الذي يعيشه الغربي في حياة الفكرية وحضارته المادية.

أصول علم التصوف ومسائله:
هذا العلم الهام له أصول ومرتكزات، بينها كثير من العلماء في كتبهم التي تحدثت عن التصوف ومبادئه .

وقد أجمل أصوله الشيخ محمد أمين الكردي في مؤلفه القيم (تنوير القلوب) بقوله: وأصول التصوف خمسة:
1ـ تقوى الله في السر والعلانية، وتتحقق بالورع والاستقامة.

2ـ واتباع السنة في الأقوال والأفعال. ويتحقق بالحفظ وحسن الخلق.

3ـ والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، ويتحقق بالصبر والتوكل.

4ـ والرضا عن الله في القليل والكثير، ويتحقق بالقناعة والتفويض.

5ـ والرجوع إلى الله في السراء والضراء، ويتحقق بالشكر في السراء والالتجاء إليه في الضراء.

ومسائله: قضاياه والباحثة عن صفات القلوب .

ويتبع ذلك شرح الكلمات التي تتداول بين القوم، كالمقامات، والأحوال، والذكر، والمحبة، والفناء، والخوف، والورع، والتوكل، والتوبة، والرجاء، والكرامة، والتحلية، والتخلية ، وهي مصطلحات لها مدلولاتها في علم التصوف مستمدةُُ من آيات الكتاب العزيز، وكلام الرسول البشير صلى الله عليه وسلم، وما أثر عن خواص الأمة ورجالها من أقوال شارحة أو أحوال معبرة.

الانحراف الدخيل على التصوف:
ولكننا من باب الأمانة والاحتراز لا نجد بداً من التنويه إلى ما تسرب إلى علم التصوف خلال ما بعد القرن الرابع الهجري من أفكار دخيلة عليه وعلى الإسلام، يتبرأ منها كل مسلم، وينفيها عن التصوف الأصيل كل عالم متمكن، ويجهر بمحاربتها كل غيور، مع التذكير بأن قواعد هذا العلم الصافية لا تزال واضحة لكل ذي عينين، باحث عن الحقيقة، بعيد عن التشويش، مشمر عن ساعد الجد في الإقبال على الله.

إن تلك الشوائب الدخيلة لا تضر بأصله، ولا تغير بأهله، فما هي إلا كسحابة صيف أمام شمس ساطعة.

المراجع الأساسية في التصوف:
ولقد كتب علماء الإسلام كتباً كثيرة جداً في هذا العلم ، بل إن مبادئ التصوف وكتبه وأوائل ماسطر فيه يبدأ من منتصف القرن الهجري الثاني، من أمثال كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك، وكتاب الزهد لأحمد بن حنبل.

ولكن أشهر كتب التصوف الأصيلة هي على وجه الإجمال ما يلي:
1ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني المحدث العالم،وفي كتابه هذا جمع أبو نعيم ترجمة ثلة كبيرة من أعلام الإسلام وأقوالهم وحكاياتهم.
2ـ الرسالة القشيرية لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وهي رسالة لطيفة جامعة لمبادئ التصوف ومسائله ورجاله.
3ـ التعرف لمذهب أهل التصوف لتاج الإسلام أبي بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي الحنفي.
4ـ إحياء علوم الدين للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي الطوسي. وهو كتاب ضخم من أنفس كتب الإسلام وأغزرها معاني وتحليلات وفوائد وتوجيهات..وكذلك كتب الغزالي الأخرى كالمنقذ من الضلال، والأربعين في أصول الدين.
5ـ قوت القلوب في معاملة المحبوب، ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد لأبي طالب محمد بن علي المكي.
6ـ عوارف المعارف لعبد القادر بن عبد الله السهروردي
7ـ كتب الحكيم الترمذي أبي عبد الله محمد بن علي.
8ـ كتاب حقائق عن التصوف للشيخ عبد القادر عيسى الحلبي.
9ـ كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب للشيخ محمد أمين الكردي.
10ـ كتاب تربيتنا الروحية للشيخ سعيد حوى وكذلك كتبه الأخرى في هذا المجال.
11ـ الحِكَم لابن عطاء الله أحمد بن محمد بن عطاء الله السكندري المعروفة بالحكم العطائية.
12ـ مدارج السالكين شرح منازل السائرين لابن القيم.
13ـ معراج التشوف إلى التصوف لابن عجيبة.

نعم لقد كان التصوف هو العلم المتمم لعلم الفقهاء والمحدثين وأهل الفتيا. ولم يكن نقيضاً له ولا ضداً.
يقول ابن خلدون في مقدمته: صار علم الشريعة على صنفين:
صنف مخصوص بالفقهاء وأهل الفتيا، وهي الأحكام العامة في العبادات والعادات والمعاملات..
وصنف مخصوص بالقوم ـ أي الصوفية ـ في القيام بهذه المجاهدة ومحاسبة النفس عليها والكلام في الأذواق والمواجد العارضة في طريقها وكيفية الترقي فيها من ذوق إلى ذوق.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: الخطاب الصوفي بين الجذور والإمدادات   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:32 am

الخطاب الصوفي بين الجذور والإمدادات

الملاحظ أن الخطاب الصوفي له بعدان، الأول البعد العالمي سواء في ماضي هذه التجربة أم اتساعها في كل الديانات والثقافات، وهذا يؤكد أن الإنسان يمتلك حساً عميقاً يكاد يكون من صفاته القريبة هذا الحس الذي يتوحد فيه الخالق مع المخلوق سواء كان ذلك عبر ذوبان الذات في الخالق أم حلول مقدرة الخالق في المخلوق وهي حالات أبداً لا يمكن أن تؤخذ على حرفيتها بل إنها ذات بعد مجازي تخيلي يعبر بها المتصوف عن تجربة ذات أفق لامتناهٍ وغير القابل على أن يترجم إلا عبر اللغة وبالتالي فإن كل المحاولات تغدو في عقلنة هذه التجربة تمثل حالة تجن مارستها السلطة الفقهية فحملت الكلمات معاني حرفية فأسقطت اللا محدود في حدود المحدود وبالتالي أعطيت معنى حرفياً قضى على الاستعارات فاتهم المتصوفة بما لم يقولوه، ومارست الدراسات المعاصرة ذات أفق الابستمولوجي على التصوف فجعلت منه أفقاً ظلامياً مستقلاً وما نريد قوله إن الأفق العالمي التصوفي لا يعني زوال هويته الإسلامية أو التوحيدية بل يؤكد عمق التجربة وتجذرها في المخيلة الإنسانية، وعلى هذا يمكن أن تجد جذوراً للتصوف مصرية تركت تأثيراً فيما بعد على المسيحية المصرية وتجدها في الفكر اليوناني والإيراني القديم وهي كلها قد تتماثل في المنهج والرؤية وتتحد تلك التجربة أفقياً فتلاحظ تنوع التجربة الصوفية في الفكر الهندي والصيني البوذي وغيرها من الثقافات التي تنوعت منظوماتها الصوفية بتنوع استعاراتها الممتدة بلا ضفاف لكن الخطاب العرفاني يقع بين أصل يسعى لاستحضاره وكلام منطوق لا يستطيع التعبير به إنه اللامنطوق الذي يرمز به الجسد والإشارة التي تلمح ولا تصرح ولكنها تؤثر وتجرح.


ومن هذه العالمية للتصوف، إلى الخصوصية التي أنتجت تجربة صوفية إسلامية يمكن أن تكون متشابه في المنهج والرؤية مع التجربة العالمية إلا أنها تمتلك خصوصيتها الإسلامية عبر سيرها وفق الخط الشرعي متخذاً من الزهد تجذيرها داخل الفضاء الإسلامي لكن سرعان ما تحول هذا الزهد إلى تصوف وفي هذا يقول الغزالي (إن الزهد هو مقام من مقامات السالكين) .
وهذه الهوية التي كانت تحاول أن تجذر لنفسها في اسم يمنحها تحديداً، كان هذا محل المتصوفة المسلمين قبل غيرهم فهذا القشيري في كتابه (الرسالة القشيرية) يؤكد على خصوصية التصوف الإسلامي وكل الأصول ما هي سوى (مؤثرات شهدها التصوف الإسلامي في نشأتها إلا أن هناك أدلة تشير إلى أن التصوف في نشأته كان إسلامياً أو أنه نشأ على الأرض العربية حتى قبل ظهور الإسلام).
إن تحديد هوية للتصوف الإسلامي تحاول أن تتخذ لها أدلة من الأسماء التي اتخذها هذا التصوف طبعاً هذه الأدلة تجري في رهان يحاول أن يشكك في هذا المنتج الفكري عبر إرجاعه إلى ما هو خارج الذات الإسلامية لهذا يقدم أهله والمدافعون عن التصوف على تأصيل هذه الهوية.
فالصوفية اسم كان يطلق على ظاهرة الألبسة التي كان يرتديها الأنبياء والأولياء، ويقول أبو سفيان الثوري ، إن أول من لقب بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة الثامن الميلادي وهكذا يتداخل العام مع الخاص فكانت النتيجة، أن حدث تمازج بين الآراء والأفكار الإسلامية مع أصحاب تلك الديانات التي تداخلت، مفهوماتها مع مفهومات الإسلام وبخاصة بالتصوف وهكذا تترسخ تصورات الباحثين عن التصوف كونه إسلامياً فيرون أن التصوف بالدرجة الأولى سلوك يسير عليه المريد وهو مجموعة قواعد يتبعها السالك وهو في أساسه عمل لا علم، والتصوف نعمة يسبغها الله على من يشاء من عباده ولا يستطيع أحد مهما جهد أن يصل إلى تلك النعمة إذا كان الله لا يريد له ذلك ولعل كونه يمثل عملاً أكثر من كونه جهداً معرفياً يقوم على التحصيل يظهر في طبيعة المعرفة ولوازمها التي تجعلها ممكنة في كون هذه المعرفة تأتي بدون جهد ذاتي بل تأتي إلهاماً، فالهدف الأسمى من التصوف هو الحصول على معرفة عن طريق الإلهام ولكن ما أسمى منه هو الكشف أو المشاهدة وذلك بأن يكشف الله لعبده الذي اختاره عن خزائن علمه وعن حقيقة أسمائه بعد تنقله في المقامات ابتداء من مقام التوبة والورع والزهد والرضى والتوكل وبعدها يصبح السالك قادراً على تلقي المعارف من الله تعالى، وهذا التلقي يدعى حالاً والأحوال عند الصوفية عدة منها المحبة والخوف والرجاء والشوق والأنس، فالأحوال جو نفساني يحيط بها المتصوف في أثناء تقدمه في المقامات هي ضمن الرياضات والمجاهدات التي يمارسها السالك فبعد تخطيه هذه الرياضات يصبح قلبه مستعداً لقبول نور اليقين واصبح ينظر بنور الله وهنا يتدخل التصوف في الوجد وهو حال من الشعور الخفي، وهو بدء النشوة في النفس الصوفي بالاقتراب من الله تعالى، فتصرف حواسه كلها عما حوله إلى التأمل في الله الواحد ويبطل شعوره بكل ما حوله ويأتي بعد ذلك الفناء فلا يدرك خارج نفسه شيئاً حتى لو ضرب بسيف لا يكاد يشعر به وفي هذا يقول أبو حيان التوحيدي (التصوف اسم شيء من الإشارة وضروب من العبارات) فهو علم يدور بين إشارات إلهية وعبارة وهمية.


أي أننا هنا أمام استعارات لغوية تحاول أن تقدم توصيفاً لتجربة فردية، أي أننا أمام مخيال صوفي يحاول التعبير عن معانٍ رمزية وهذا ما ظهر في المنتج الصوفي سواء أكان شعراً أم نثراً والرمزية تأتي هنا بالدلالات الآتية :
1- الإشارة بالشفتين أو العينين أو اليد أو الفم أو اللسان.
2- وقصر بعضهم الرمز على الشفتين خاصة.
3- ويرى بعضهم أن أصل الرمز هو الصوت الخفي الذي لا يكاد يفهم.
4- أو قيل انه الكلام الخفي الذي لا يكاد يفهم، ثم استعمل حتى صار الإشارة.
وفي العلاقة بين التجربة الصوفية واللغة يقول أبو سعيد الخراز :
وبعد كل ما ذكرته لك غير ما أردته ولا أعرفه، ولا أدري ما أريد، ولا ما أقول، ولا أدري من أنا، ولا من أين آتي فهل تعرف أيها المستمع ما أقول لك؟ وهو عبد قد ضاع اسمه فلا اسم له، وجهل فلا علم له، وعلم فلا جهل له ثم قال واشوقاه! إلى من يعرف ما أقول ويدخل معي فيما أقول.
وفي كل هذا فهو يشير إلى جهل أهل الرسول لما في نية الصوفي الذي يحمل الكلمات والاستعارة دلالات غير مألوفة عبر الإزاحة عن الحقل التداولي، أي بين عبارة العوام وأشارة الخواص والطاف الأولياء وحقائق الأنبياء، تتبعثر اللغة وتتشظى.
والعلاقة بين اللغة والتصوف الأولى بين التجربة الصوفية / واللغة في التعبير عن هذه التجربة والثانية العلاقة بين التجربة الصوفية / والمؤسسة بوصفها شؤون المجتمع. أي أننا هنا نتحدث داخل الجماعة الصوفية بوصفها مؤسسة (طريقة) تبحث عن تعبير عن عالمها عبر اللغة، وهي بهذا تحاول بناء خطابها الخاص الذي يحاول أن يراعي الخطاب الأكبر الإسلامي المعبر عنه بالفقه والسياسة (أي الدولة) أي هناك ضوابط خارجية وهناك ضوابط داخلية.
وقد صاغت خطابها الرمزي والدلالي والميتافيزيقيا إلى (العبارة) وهو ما تصطلح عليه بالاسم الثلاثي : التعبير والتفكير والتدبير واللغة / الفكر / الواقع، فالتفكير الصوفي (الإطار الأدبي والفلسفي والمحتوى الرمزي).
والتدبير (المحتوى الأخلاقي والقيمي والعلاقة الأفقية بين الأفراد، والعمودية بين الفرد ومعبوده) يجدان محتوياتهما ومضامينهما النظرية والعلمية في التعبير.















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: الطرق الصوفية : فضلها وأهميتها وفوائدها   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:33 am

الطرق الصوفية : فضلها وأهميتها وفوائدها

تأليف : محمد حبيب الفندي
دار الرضوان حلب سوريا
مقدمة ومدخل:


التصوف هو منهج التربية الروحي والسلوكي الذي يرقى به المسلم الى مرتبة الإحسان التي عرفها النبي صلى الله عليه وسلم : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
فالتصوف هو البرنامج التربوي الذي يهتم بتطهير النفس من كل أمراضها التي تحجب الإنسان عن الله عز وجل ..وتقويم انحرافاته النفسية والسلوكية فيما يتعلق بعلاقة الإنسان مع الله ومع الآخر ومع الذات .
والنفس البشرية تحمل جملة من الصفات التي تحتاج إلى تهذيب وتشذيب وتقليم كي تتمزق حجبها الظلمانية ..كما أن جسم الإنسان دائما يحتاج إلى تهذيب وترتيب ليبدو جماله وألقه ..فالجسم البشري لابد له من قص شعره مثل شعر الإبط والعانه والرأس وتهذيب شعر الوجه للرجل ..وتقليم أظفاره ..وتنظيف الأسنان ووو…الخ ..

كذلك النفس البشرية لو تركت وشانها لتحول الإنسان إلى طبيعة متوحشة فلابد لنفسه من تهذيب وتزكية .
فالطريقة الصوفية هي المدرسة التي تقوم بعملية التطهير والتربية والتزكية ..وكما أن المريض يحتاج إلى طبيب لمعالجة ما مرض من أعضائه الجسمانية كذلك من يحتاج إلى معالجة نفسه من أمراضها إلى طبيب حاذق عارف مدرك يشرف على التربية والتزكية .
فالنفس فيها مجموعه من الجراثيم والعاهات التي تقبع داخل النفس مثل الكبر والعجب والغرور والأنانية والبخل والغضب والرياء والرغبة في المعصية والخطيئة والرغبة في التشفي والانتقام والكره والحقد والخداع والطمع والجشع وووو…… أمراض كثيرة …فهذه
الدوافع الخبيثة موجودة في كل نفس بشرية وتحتاج إلى تهذيب وتنظيم وتوجيه وتزكية …لأن هذه الشهوات البهيمية تشكل مثل الحجب السوداء على جوهر الروح المنور فتمنع عنها رؤية الحق والحقيقة ..وتفسد عليها تذوق طعم الحق والخير ..وإذا تركت هذه الأوصاف السيئة وشانها تنمو وتنمو في نفس الإنسان كما تنمو الأعشاب الضارة حول أجمل الزهور والأشجار فإنها تجعل من صفات الخير أكثر ضعفا وتحول الإنسان إلى وحش بشري همه إشباع شهواته وغرائزه فقط .


من هنا كانت أهمية الطريقة السلوكية والصوفية في تزكية هذه النفس ..بتنقيتها من الرذائل وتحليتها بالفضائل ..وذلك بزرع صفات الخير في النفس مثل التواضع والإيثار والكرم والحب والتعاون وحب الله والصالحين والعمل على مساعدة البشرية بل كل ما في الكون ..والحياء وخشية الله وحب طاعته والتلذذ بها الخ .
فكان لابد من أخذ الطريقة من يد شيخ مأذون ..لأن هذه الطريقة مستنبطه من الشريعة المطهرة لا تحيد عنها قيد أنملة ..لأنها في الحقيقة تكوين النفس الإنسانية وفق الهيئة التي كان عليها السلف الصالح من هذه الأمة ..ذلك أن الشيخ المسلك للطريقة لا يجوز أن يكون مسلكا إلا إذا كان مأذوناً من شيخ مسلك مأذون كذلك وهكذا دواليك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي إذاً أسلوب تربوي نبوي مأخوذ من جماعه عن جماعه عن جماعه وهكذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..فالمسلم عندما يضع يده بيد شيخ يبايعه على الالتزام بالطريقة كأنما يضع يده بيد رسول الله لأنه يعاهد شيخه على الالتزام بالشريعة المطهرة .

أهمية الطريقة:
ولعل قائلا يقول : ألا يستطيع الواحد منا أن يلتزم بالطريقة دون الانخراط في أي طريقة صوفية ..بمعنى آخر : ألا يكفي أن يلتزم المرء بالكتاب والسنة فيكون عندها قد أخذ بالطريقة التي يريدها الله ورسوله ….؟؟؟
نقول :
أولا: إن الالتزام بالطريقة الصوفية لا يخرجك من التمسك بالكتاب والسنة إذ أن الطريقة الصوفية هي منهج الكتاب والسنة وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو ليس من الطريقة بل إن الطريقة ترفضه وتنهى عنه .
ثانيا : الطريقة ليست تعاليم منفصلة عن تعاليم الكتاب والسنة بل هو روحها ولحمتها .
ثالثا : إن من يقول هذا القول لو قلنا له إن كلفناك أن تتعلم سنن الصلاة وآدابها وشروطها وأركانها من الكتاب والسنة هل تستطيع ..؟؟
سيقول : لا أستطيع إلا إذا رجعت إلى كتب الفقه وأقوال الفقهاء المختصين الذين استخرجوا الأحكام من نصوص الكتاب والسنة وذلك لأنهم بلغوا رتبة الاجتهاد وهذا أمر أنا غير قادر على فعله ..بل إن الأمة الإسلامية منذ تاريخها البعيد لم تجمع إلا على فقهاء معدودين استطاعوا أن يقدموا فقها مستنبطا من الكتاب والسنة مثل أبي حنيفة ومالك و الشافعي وابن حنبل وسفيان والأوزاعي وغيرهم …
فهل هذا الفقه التي تتعلمه منفصل عن الكتاب والسنة أم أنه منبثق ومستخلص ومستقى منهما …؟؟
فنقول: كما أن للفقه والتفسير والتأريخ والحديث علماء اختصوا به فقدموا لنا فقها ومصطلحات خاصة به فعلمنا الواجب من السنة من المندوب من الشرط من الركن ….الخ كذلك باقي العلوم كالعقيد ة وغيرها .
وهناك علوما لا تؤخذ إلا بالمشافهة من المختصين بها مثل علم التجويد في قراءة القرآن ..وقد نبغ فيه علماء بينوا أحكام النون الساكنة والتنوين من إظهار وإدغام وإخفاء …وأحكام المدود إلى ما هنالك من الأحكام ..فلو أراد أحد أن يقرأ القرآن بالشكل الصحيح للزمه أن يتتلمذ على يد شيخ مختص يراقب قراءته ويكون له قدوة في لفظ الحروف وقراءتها .
كذلك علماء السلوك قدموا لنا فقها في السلوك له مصطلحاته وأصوله ….كما أستنبط الفقهاء الأحكام من الكتاب والسنة في الصلاة من حيث شروطها وأركانها ومفسداتها وووو ….وكذلك علماء التصوف استنبطوا أحكام التزكية ووسائل معالجة النفس من الكتاب والسنة .
ولذلك من الجهالة بمكان أن نرى أحداً يتساءل مستغربا أو مستنكرا مصطلحات الصوفية ذلك أن كل علم له مصطلحاته الخاصة به التي تمثل مفهوما معينا لهذا العلم ولذلك لو كلفت نفسك أن تبحث عن مرجعية وأصل المصطلحات الفقهية من الكتاب والسنة قد لا تجدها بحرفيتها ولكن تجد معناها موجود ..وكذلك مصطلحات العقيدة ومصطلحات علم الحديث والنحو وووو….الخ
ولكن عندما يأتي الأمر عند التصوف نجد من يستنكر هذا الأمر ….!!
و كما للفقه علماء والعقيدة وغيرها منهم برز علماء اختصوا بذاك العلم كذلك في علم السلوك والتصوف برز علماء كثر و أجمعت الأمة عليهم مثل الإمام الجنيد والإمام القشيري وحجة الإسلام الغزالي والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي والشيخ أحمد البدوي والشيخ إبراهيم الدسوقي وآخرين قدس سرهم العزيز ونفعنا الله ببركاتهم .
فهؤلاء العلماء الإجلاء الذين شهدت الأمة بصلاحهم ومعرفتهم بايعوا الناس وأرشدوهم وسلكوهم في طريق الإحسان
رابعاً: كما أن الحديث لا يقبل ما لم يكن موثقا بسند إلى رسول الله ليكون مقبولا وملزما ..كذلك الطريقة الصوفية هي موثقة بسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مأخوذة مشافهة جيلا من بعد جيل إلى رسول الله ..فلكي تكون مرتبطا بهذه السلسلة كان لابد من أخذ الطريقة من شخص مجاز بها .
ومعلوم لدى صاحب كل معرفة وذوق ما لهذا الالتزام من بركة ونور على قلب السالك وحياته وعبادته ..إذ أن هذه الطريقة الصوفية منقولة بالتواتر من يد شيخ الى يد شيخ حتى وصلت إليك وكل أصحاب هذه الطرق كانوا أولياء عارفين أعلام .
خامسا : بما أن هذا العلم ليس علم أقوال وأحكام ظاهرة إنما يرتبط بالقلب والباطن والنفس فهو لا يتحصل بالقراءة والكتابة لا بد له من صحبة ورفقة شيخ يدل المرء بأحواله وأقواله وملاحظته ونظره وسلوكه .
أما لو أننا رأينا إنسانا مستقيما على الشريعة المطهرة محب للصالحين ومحب لفعل الخيرات تارك للمعاصي والمنكرات ..نقول أن هذا الإنسان يسير في درب السلامة والخير وليس وبينه وبين الجنة حجاب وهو على خير ة على هدى .
لكن يخشى على هذا الإنسان من مداخل النفس ومداخل الشيطان من أن ينحرف …لذلك نحن ندعو مثل هذا الأخ أن يلتزم بالطريقة ليحصن نفسه ويحمي قلبه من وسوسات النفس والشياطين .


وإن مثل هذا الشخص الطيب المستقيم ولكنه لم يلتزم بطريقة وبين من مثله ولكنه ملتزم بطريقة مثل شخصين قررا الذهاب الى مكة ..أما الأول فاستقل سيارة لوحده وسار معتمدا على على معرفته بالطريق وبأخطار السفر .
اما الآخر فإنه ذهب ومعه رفقة ودليل عارف بمخطط الطريق الموصل الى مكة .
أما الأول فإنه يخشى عليه من قطاع الطريق …ويخشى عليه من الضياع قبل الوصول ..ويخشى عليه أن ينشغل بما يرى حوله في الطريق من أشياء جميلة ومراتع خصبة ربما تود نفسه المكوث فيلتفت عن مقصوده وهدفه ويتعوق عن مراده ..
أما الثاني فإنه برفقة دليل خبير بالطريق فيصل بأسهل الطرق وأسرعها ..وبحكم وجوده ضمن رفقة فإن قطاع الطريق يهابون الوصول إليه ..وباعتباره مع دليل ورفقة فإنه إن دعته نفسه للكسل والتعاون فإن همة الذين معه ترفع من همته ويظل مستأنفا للسير حتى يصل الى بغيته ومقصوده
من هذا المثل تستطيع أن تميز بين من ياخذ الطريقة وبين من لا يأخذها .

أوصاف المرشد (الشيخ) الذي تأخذ منه الطريقة الصوفية وضرورته:
قال بعض العلماء للشيخ المرشد شروطا لابد أن تتوفر ليكون أهلا لتسليك الناس وتربيتهم في طريق التصوف ..وأهمها :
أن يكون عالما بالفرائض العينية كالصلاة والصوم وووو…..إلخ
أن يكون عارفا بالله متحققا بعقيدة أهل السنة والجماعة
أن يكون عالما بأساليب وطرق تربية النفس وتزكيتها وعارفا بأمراض النفس ومداخل الشيطان على الإنسان
أن يكون مأذونا بإعطاء الطريقة ولإرشاد من شيخه .
قال ابن سيرين : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .

فعلى المسلم الصادق أن يتوجه الى الله بالدعاء بصدق وإلحاح أن يجمعه مع شيخ يتربى على يديه وان يبحث في البلد الذي يسكن فيه فإن وجد شيخا فالأولى أن يأخذ الطريق من الشيخ الذي في بلده فإن لم يجد في بلده شيخا فليبحث في مكان آخر ولو كان خارج بلده ألا ترى المريض إذا مرض يذهب إلى أقرب طبيب منه ليعالج مرض جسده ..فإن لم يجد في بلده قطع آلاف الأميال بحثا عن طبيب يخلصه من مرضه ..فكيف بمرض يوصل الإنسان إلى جهنم الآخرة وجهنم الدنيا ..؟!
ألا يستحق أن تبذل لأجل إيجاده الغالي والنفيس .؟؟!
وهذا لا يستلزم أن يكون بالضرورة شيخا يحمل زيا معينا أو شهادة معينة ..فهذا علم قلوب وتربية وسلوك لا يعترف بالمظاهر والأشكال ..لكن المهم أن يكون متصفا بالأوصاف التي ذكرنا وبعدها لايهم أن يكون أكاديميا أم غير ذلك ..
وليس مهما أن يكون مريدوه كثر أم قله ..فهذا أيضا ليس معيارا لأهليته في الطريقة والتربية .
بل المهم هو الاستقامة والصلاح ومعرفة أصول التربية والسلوك .

يقسو القلب ، و يتشتت الفكر ، وتضعف العزيمة ، وتثقل العبادة لكن بنظرة واحدة ، أو بحديث لحظة يتبدل الحال فيخشع القلب ، و يجتمع الفكر ، وتنشط العزيمة ، و تخف العبادة . قال الجنيد رحمه الله : ( صفة الصفوة 2/236) : كان لي شيوخ ، كانت رؤيتهم لي قوة من الأسبوع إلى الأسبوع وإن أبا بكر بن مسلم منهم .
فلذا حرص أهل العلم من السلف الأول إلى قصد لقاء الأولياء والعارفين وجالوا لهذا البلاد لما فيه استصلاح الأحوال فيحصل لهم بسبب التلاقي والتزاور مزيدٌ عظيم يجدون أثره في بواطنهم وظواهرهم فأهل الولاية والصلاح يمتد تأثيرهم الى من حولهم بالتحدث إليهم أو برؤيتهم.
جاء في كتاب : الصوفيــة والتصــوف في ضوء الكتاب والسنـة تأليف الشيخ السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي وقد نقل فيه مايلي من الأقوال

وقال الإمام السيد أحمد الرفاعي في ( البرهان المؤيد ) صـ43،4:
( عليكم بنا : صحبتنا ترياق مجرب البعد عنا سم قاتل . أي محبوبي: تزعم أنك أكتفيت عنا بعلمك . ما الفائدة من علم بلا عمل . ما الفائدة من عمل بلا إخلاص . الإخلاص على حافة طريق الخطر . من ينهض بك إلى العمل ، من يداويك من سم الرياء ، من يدلك على الطريق القويم ، بعد الإخلاص ) فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( هكذا أنبأنا العليم الخبير، وقال أيضاً : ( لازم أبوابنا أيها المحبوب فإن كل درجة وآونة تمضي لك في أبوابنا درجة وإنابة إلى الله تعالى ، فقد صحت إنابتنا إلى الله .

قال تعالى : “ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ “ سورة لقمان /15 انتهى
ثم إن كلا من الصاحب والمصحوب . إما أن يكون شيخاً وإما أن يكون أخاً ، وإما أن يكون مريداً . فإن كان شيخاً فينبغي أن يكون مرشداً كاملاً متشرعاً متديناً عارفاً في أصول الطريقة وأركانها وآدابها وخلواتها وجلواتها وأذكارها وأسرارها وسلوكها مطابقاً للشرع الشريف في أقواله وأفعاله وأحواله . عارياً من الكبر ، والعجب ، والحقد والحسد لمشايخ القوم . والكذب . خالياً من دسائس النفس متواضعاً ذا حرمة للفقراء . والمشايخ والغرباء ، طلق اللسان في تعريف السلوك ، يراعي المسائل في الجواب ، مهذب الأخلاق ، صاحب قلب ولسان ثابت قدم ، متسللاً بإجازة مربوطة واصلة إلى رسول الله r وآله .
وقال سيدي السيد أحمد عز الدين الصياد الرفاعي :
(( اعلم من تصدر للمشيخة في هذه الطريقة العلية الرفاعية فقد جلس على بساط النيابة عن شيخ الأمة سيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه . فيجب عليه أن يكون عالماً بما أمره الله ونهاه عنه ، فقيهاً في الأمور التعبدية ، حسن الأخلاق طاهر العقيدة ، عارفاً بأحكام الطريقة سالكاً مسلكاً كاملاً شيخاً زاهداً متواضعاً حمولاً للأثقال ، صاحب وجد وحال وصدق مقال ، ذا فراسة وطلاقة لسان في تعريف أحكام الطريقة ، متبرئاً من عوائق الشطح ، طارحاً ربقة الدعوى والعلو ، محباً لشيخه حافظاً شأن حرمته في حياته وبعد وفاته يدور مع الحق أين دار ، منصفاً في أقواله وأفعاله ، متكلاً على الله في جميع أحواله .
وذكر السيد محمد أبو الهدى الصيادي الرفاعي في كتابه ( العقد النضيد : في آداب الشيخ والمريد ) ، فقال : وينبغي أن يتصف الشيخ المسلك باثنتي عشرة صفة : صفتان من حضرة الله نعالى وهما الحلم والستر . وصفتان من حضرة النبي r وآله وهما الرأفة والرحمة ، وصفتان من حضرة الصديق الأكبر رضي الله تعالى عنه وهما الصدق والتصديق وصفتان من حضرة الفاروق الأعظم رضي الله تعالى عنه وهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصفتان من حضرة عثمان ذي النورين رضي الله تعالى عنه ، وهما الحياء والتسليم . وصفتان من حضرة الكرار رضي الله تعالى عنه وهما الزهد الأتم والشجاعة ومتى أتصف الشيخ بهذه الأوصاف وتمكن قدمه ، وزكت شيمه ، صلح أن يكون قدوة في الطريق أ . هـ
وقد نقل نحو ذلك أيضاً عن حضرة السيد الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره ومن كلامه رضي الله عنه في وصف الشيخ المرشد . هذه الأبيات الشريفات :

إذا لم يكن للشيخ خمس فوائد .0.وإلا فدجـال يقـود إلـى الجهـل
عليم بأحكام الشريعة ظاهراً .0. ويبحث عن علم الحقيقة عن أصل
ويظهر للوراد بالبشر والقرى .0. ويخضع للمسكين بالقول والفعـل
فهذا هو الشيخ المعظم قدره .0. عليم بأحكام الحـرام من الحـل
يهذب طلاب الطريقة ونفسه .0. مهـذبة من قبـل ذو كـرم كلي

وإن كان الصاحب أو المصحوب أخاً فينبغي أن يكون خادماً لإخوانه . واقفاً على رؤسهم بإنشراح صدر بفرح وسرور متلذذاً بخدمتهم . باذلاً جهده في رضاهم . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخادم في أمان الله مادام في خدمة أخيه المؤمن ) وقال : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) وقال رسول الله
وآله " خادم القوم أعظمهم أجراً " رواه الديلمي .

قال الأستاذ مصطفى صادق الرافعي:
والبلد الذي ليس فيه شيخ من أهل الدين الصحيح والنفس الكاملة والأخلاق الإلهية هو في الجهل كالبلد الذي ليس فيه كتاب من الكتب ألبته وإن كان كل أهله علماء , وإن كان في كل محلة منه مدرسة وفي كل دار من دوره خزانة كتب ,فلا تغني هذه الكتب عن الرجال , فإنما هي صواب أو خطأ ينتهي إلى العقل , ولكن الرجل الكامل صواب ينتهي إلى الروح , وهو في تأثيره على الناس أقوى من العلم , إذ هو تفسير الحقائق في العمل الواقع وحياتها عاملة مرئية داعية إلى نفسها , ولو أقام الناس عشر سنين يتناظرون في معاني الفضائل ووسائلها , ووضعوا في ذلك مائة كتاب , ثم رأوا رجلاً فاضلاً بأصدق معاني الفضيلة وخالطوه وصحبوه لكان الرجل وحده أكبر فائدةً من تلك المناظرة وأجدى على الناس منها وأدل على الفضيلة من مائة كتاب, ومن ألف كتاب , ولهذا يرسل الله النبي مع كل كتاب منزل ليعطي الكلمة قوة وجودها , ويخرج الحالة النفسية من المعنى المعقول , وينشئ الفضائل الإنسانية على طريقة النسل من إنسانها الكبير .

قال أبو علي : وقدمت إلى مصر لأرى أبا الحسن وآخذ عنه وأحقق ما سمعت من خبره مع ابن طولون , فلما لقيته لقيت رجلاً من تلاميذ شيخنا الجنيد يتلألأ فيه نوره ويعمل فيه سره , وهما كالشمعة والشمعة في الضوء وإن صغرت واحدة وإن كبرت واحدة, وعلامة الرجل من هؤلاء أن يعمل وجوده فيمن حوله أكثر مما يعمل هو بنفسه , كأن بين الأرواح وبينه نسباً شابكاً , فله معنى أبوة الأب في أبنائه : لا يراه من يراه منهم إلا أحس أنه شخصه الأكبر , فهذا هو الذي تكون فيه التكملة الإنسانية في أبنائه , وكأنه مخلوق خاصة لإثبات أن غير المستطاع مستطاع .

وإليك أمثلة تدل على ما نحن بصدده :

جاء في ترجمة الإمام مالك بن أنس عالم المدينة وإمام المذهب المالكي , المتوفى سنة 159رحمه الله تعالى : قال مصعب بن عبد الله :كان مالك إذا كر النبي صلى الله عليه وسلم عنده تغير لونه وانحنى , حتى يصعب ذلك على جلسائه , فقيل له يوماً في ذلك؟؟ , فقال : لو رأيتم لما أنكرتم علي ما ترون , كنت آتي محمد بن المنكد ر وكان سيد القراء _أي سيد العلماء _ , لا نكاد نسأله عن حديثٍ إلا بكى حتى نرحمه . ولقد كنت آتي جعفر بن محمد وكان كثير المزاح و التبسم ، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اخضرَّ و اصفرَّ ، وكنت كلما أجد في قلبي قسوة آتي محمد بن المنكدر فأنظر إليه نظرة ، فأتعظ بنفسي أياماً .

قال أشعث بن عبد الله أحد أصحاب الحسن البصري : كنا إذا دخلنا على الحسن ، خرجنا و لا نعد الدنيا شيئاً . وقال يونس بن عُبيد : كان الرجل إذا نظر إلى الحسن انتفع به وإن لم ير عمله ولم يسمع كلامه . وقال في وصفه : كان إذا أقبل فكأنه أقبل من دفن حميمه ، و إذا جلس فكأنه أمر بضرب عنقه ، وإذا ذكرت النار فكأنها لم تخلق إلا له .

قال وكيع بن الجراح : النظر إلى وجه عبد الله بن داود عبادة .

و قال الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لمجلسُ كنت أُجالسه عبد الله بن مسعود _رضي الله عنه _أوثق من في نفسي من عمل سنه

قال عمر بن عبد العزيز : لأن يكون لي مجلس ُ من عبيد الله – عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة - أحب إلي من الدنيا وما فيها . وقال أيضاً : والله إني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال , فقالوا: يا أمير المؤمنين , تقول هذا مع تحريك وشدة تحفظك ؟ فقال:أين يُذهب بكم؟والله إني لأعود برأيه وبنصيحته وبهدايته على بيت مال المسلمين بألوفٍ وألوف ,إن في المحادثة تلقيحاً للعقل , وترويحا ًللقلب , وتسريحاً للهم وتنقيحاً للأدب .

دليل أخذ العهد (الطريقة )شرعا :
عندما يريد أن يلتزم شخص بالطريقة الصوفية فعليه أن يجلس أمام شيخه ويبايعه على التوبة من الذنوب والالتزام بطاعة الله عز وجل وأن يكون سيره على مذهب شيخ من شيوخ الإرشاد كالشيخ عبد القادر الجيلاني أو الشيخ أحمد الرفاعي أو غيرهم من السادة الأكابر المربين …وإنما مثل هذا مثل من يلتزم بتطبيق الفقه على مذهب الإمام أحمد أو الشافعي أو المالكي …وهكذا . ونوضح ذلك فى كتاب قانون الحامدية الشاذلية ،،،

ولعل قائلا يقول هل من دليل شرعي نستند إليه في مشروعية البيعة أو العهد أو التلقين الذي يأخذه المريد من الشيخ …؟
نقول :
إن هذا معروف بالتواتر ومنقول إلينا جيلا بعد جيل بشكل عملي معمول به ..وإن هذا مذكور في الكتاب والسنة وقد أجمع عليه أهل التربية والسلوك

القرآن :
قال تعالى إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيماً) الفتح آية 10
(وأوفوا بعد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم وكيلا )سورة النحل آية 91
(وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا )سورة الإسراء آية 34

السنة :
اخرج البخاري في صحيحيه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ،ولا تقتلوا أولادكم ، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ،ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه ).

عن يعلى بن شداد رضي الله عنه قال: حدثني اوس رضي الله عنه ؛وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :هل فيكم غريب؟-يعني من أهل الكتاب –فقلنا : لا يا رسول الله ،فأمر بغلق الباب فقال : ارفعوا أيديكم وقولوا : لا إله إلا الله ،فرفعنا أيدينا وقلنا : لا إله إلا الله ،ثم قال صلى الله عليه وسلم :الحمد لله ؛اللهم إنك بعتنني بهذه الكلمة وأمرتني بها ،ووعدتني عليها الجنة ، وإنك لا تخلف الميعاد ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ألا ابشروا فان الله قد غفر لكم )

روى الطبراني والبراز بإسناد حسن :أن عليا كرم الله وجهه سأل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : يا رسول الله دلني على أقرب الطرق إلى الله ، وأسهلها عبادة ، وأفضلها عنده تعالى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليك بمداومة ذكر الله سراً وجهراً ، فقال علي : كل الناس ذاكرون فخصني بشيء ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل ما قلته أنا و النبييون من قبلي : لا إله إلا الله ولو أن السموات والأرضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهم ، ولا تقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول: لا إله إلا الله ، ثم قال علي : فكيف أذكر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : غمض عينيك واسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات ، ثم قالها ثلاثا وأنا أسمع ، ثم فعل ذلك برفع الصوت ).

والأحاديث الواردة اكثر من أن تحصى ولكن اخترت منها ما ذكرنا للدلالة على مشروعية أخذ البيعة والعهد على طاعة الله كما يفعل شيوخ الطريقة الصوفية من مبايعة المريد على طاعة الله والتوبة والإنابة إليه …وهكذا ظل علماء التصوف من بعد ذلك يأخذون البيعة على مريديهم إلى يومنا هذا والى أن تقوم الساعة ..وكم دخلت دول في الإسلام من خلال أرباب الطرق الصوفية من غير حروب أو قتال إنما من خلال مشاهدة الناس لأخلاق الصوفي وصدقه وإخلاصه وأدبه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: الطريقة والحياة   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:33 am

الطريقة والحياة :
ولعل قائلا يقول : لو افترضنا أن كل الناس أخذوا طريقة صوفية ..ألا يؤدي هذا إلى تعطل الحياة بكل مرافقها ..وذلك لأن الناس ستنشغل بالأوراد والأذكار والانقطاع عن الناس والعمل والزوجات والأولاد ..فيشكل ذلك انتحاراً جماعيا للحياة ..؟؟!

نقول :
كما يقال: الحكم على الشيء فرع عن تصوره …فعندما تصورت أن الطريقة هي عزلة وانقطاع عن الحياة أصدرت هذا الحكم ..وحكمك صحيح فيما لو كان الأمر كما ذكرت ..
في حين أن الطريقة والالتزام بها لا يعني ذلك أبداً .
فالطريقة هي بناء الجهاز الروحي لدى الإنسان ليكون سليما وهذا يتم بوسائل كثيرة لا تمنع الإنسان عن عمله وحياته ..وأهم عناصر البناء الروحي ووسائل تطهير النفس من أدرانها هي :

المحبة ..الذكر …مخالفة النفس ومجاهدتها بالطاعة ..وبالعلم الذي تأخذه من الشيخ في الأوقات التي تكون خارج مواعيد عملك وخصوصياتك المنزلية والحياتية ..
فهل محبتك لله ولرسوله والصالحين ولشيخك تؤخرك عن أي التزام حياتي ودنيوي ….؟؟
هل إذا دعتك نفسك للسرقة أو الظلم أو الأذى أو المعصية وخالفتها يؤخرك عن شيء في حياتك .؟
هل إذا جلست ولو ساعة من الأربع والعشرين ساعة لتذكر الله أو تقرأ القرآن تؤخرك عن شيء من حياتك ….؟؟
هل إذا اغتنمت ساعة من يومك أو خلال الأسبوع وجالست شيخك وسألته أو استمعت إلى إرشاده تعطل حياتك ومشاغلك …؟؟
ثم ألا يمكنك أن تذكر الله وأنت جالس في عملك أيا كان نوع عملك وتنشغل بذكر الله تعالى …؟

أعرف أناسا يعملون بشتى ميادين منهم الطبيب ومنهم المهندس ومنهم المحامي ومنهم النجار والحداد والمعلم ووووو….. وكل منهم ملتزم بطريقة صوفية ومع ذلك هم يقومون بعملهم على أكمل وجه دون أن تؤثر الطريقة عليهم بأي أثر سلبي مطلقا …بل إن الطريقة الصوفية جعلتهم أكثر اتقانا وبرا ورحمة وصدقا في عملهم ولو أني أجريت استقصاء وبحثا ميدانيا في هذا الموضوع لاستخلصنا نتائج تجعلنا نقول أننا إذا أردنا لمجتمعاتنا أن تتمسك بالحب والرحمة فما علينا إلا أن ندعوهم للتمسك بمنهج التصوف …وإذا أردنا لأوطاننا أن تنمو وتعمر فما علينا إلا أن نوجه أبناءنا للتصوف .
ثم إن الطريقة الصوفية ليست أكاديمية علمية أو جامعه توجب على منتسبيها الدوام والتفقد وو……
لكنها عيادة روحية تتطبب الأنفس وتزكيها ..
فالعامل يظل عاملا بعمله والفلاح والحداد والجزار وكل المهن ..
إذ أننا لو أردنا من الجميع أن يتحولوا إلى طلاب شريعة ليس لهم عمل إلا العلم وطلبه والانقطاع له لتعطلت الحياة ولكن الأمر ليس كذلك فالصحابة كان منهم العالم والتاجر والجزار والحداد ووووو….ومع ذلك لم ينقطعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلموا وتزكت نفوسهم وتهذبت طباعهم واستقام حالهم وسلوكهم …

فدراسة العلم وطلبه والتفرغ له شيء ..وأخذ الطريقة والالتزام بطريق التصوف شيء آخر.

فالتصوف يدعو المسلم الصوفي أن يكون منعزلاً عن الشرور والمعاصي ..وأن يهجر السوء وأهله وأن يهجر السلوك السيئ والخلق السيئ وان يكون منفتحا ومشاركا في كل ما فيه مصلحة مجتمعه وبلده والناس أجمعين ..

ولو قرأت سلوكيات الصالحين لوجدت أحوالا نادرة كم يتعطش العالم والبشرية لها ..من الحب والتفاني والكرم ..بحيث ترى أمامك شخصا يحب العالم كله بل يحب الكون كله ويعطف عليه يحب الشجر والبشر والحيوان وكل ما في الكون وهذه نظرة المسلم الحق للحياة ولكن ميزة الصوفي أنه يستشعرها ويتذوقها وغيره يعرفها معرفة عقلية .

أهمية الشيخ في حياتك
ولعل قائلا يقول : إني لم أجد شيخا مناسبا كي آخذ منه الطريقة وأتربى و أزكى نفسي على يديه ….أو أن نرى عالما من علماء المسلمين وطلاب العلم يرى أنه لا حاجة له بأخذ الطريقة فهو يعرف الحلال والحرام ويعرف ما يغضب الله وما يرضيه فما حاجته لأخذ الطريقة من شيخ ..؟؟!!

نقول :
لعل بعض الناس يريد أن يرى الشيخ أمامه كما يرى أي سلعة يعثر عليها في السوق ..فعدم معرفتك بالشيخ لا يعني عدم وجوده وإن الأمة الإسلامية على مر تاريخها لا تخلو من أولياء صالحين عارفين إلى أن تقوم الساعة ..فعدم وجدانك لهم لعله من ذنب وقعت فيه من حيث لا تشعر إما لكبر أو عجب دفين في نفسك فما استطعت أن تجتمع مع صفوة خلقه وأحبائه ..
فهلا كسرت قلبك بينك وبين ربك وبكيت و بكيت على نفسك مستغفرا طالباً ملحا بالدعاء لله أن يجمعك بمن يبصرك بعيوب نفسك ويرشدك إلى أحوالك ..؟!

ألم ترى أن الله عز و جل أوكل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهمة تزكية نفوس الصحابة مع عظم معرفتهم بأنفسهم وكمال معرفتهم بما يرضي الله ورسوله وبالحلال والحرام فقال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة …).
فالكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة ولكن التزكية لم يقل يعلمهم أو يتلو عليهم التزكية بل قال : ويزكيهم ….لأن التزكية تكون بالمصاحبة والملاحظة
وان التابعين تربوا على أيدي الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ..والتابعون قد ربوا من بعدهم

وهكذا ….؟؟
أما من يرى في نفسه الكفاية من العلم فهو بغير حاجة الى من يرشده في هذا العلم فنقول له : إن هذا العلم موقوف تعلمه والانتفاع به غلا على من يأخذ الطريقة ..وهذا ماقاله كبار العلماء أمثال الشعراني ولذلك نراه قدس سره في كتابه العهود المحمدية لا يكاد يخلو خلق من الأخلاق المحمدية إلا ويشير فيه إلى أن هذا الخلاق لا لا يحصل عليه الإنسان إلا بواسطة شيخ ومرب يسلك المريد على يديه ليتخلق به .

وإن هذا الأخ العالم لو تفرس في قصة سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام والخضر عليه السلام لوجد في ذلك الكفاية …عندما قال سيدنا موسى عليه السلام للخضر هل أتبعك على أنت علمني مما علمت رشداً …قال : إنك لن تستطيع معي صبرا )

ثم إن العالم نتيجة إقبال الناس عليه وانشغاله بتعليمه لهم وتبجيلهم له و التفاتهم نحوه فهو أكثر عرضة للوقوع في أمراض النفس ورعونتها ..وكم تخفى على العالم مثل هذه المداخل لأن النفس والشيطان يزينانها له بمظهر الدين … فكم أغوى الشيطان من العلماء فأصبحوا مثل الإناء الذي ينفع غيره وهو محروم من الانتفاع دون أن يعلم .
وكم زينت النفس لهم أمراً ظنوه من الشرع ولكنه مبطن برياء أو عجب أو هوى …؟؟!

ثم عن هذا العالم أو طالب العلم عندما يأخذ الطريقة على يد شيخ مرب فإن نفسه تستكين وتبتعد عن العجب والكبر ويتعلم التواضع لشيخه ..وهذه سيرة علماء الأمة في تواضعهم لشيوخهم ومربيهم
وكما قلنا سابقا أن العلوم الشرعية قد يستطيع الإنسان أن يأخذها من الكتب والسطور لكن الأخلاق لا بد لها من مرشد ومرب لأنها تؤخذ بالمجالسة والمحبة لشخص الشيخ ..وهي من باب الصحبة التي أمرنا الله عز وجل بتطبيقها والرسول صلى الله عليه وسلم ..

ألم يقل ربنا سبحانه( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )
ألم يقل ربنا سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
ألم يقل ربنا سبحانه ( واتبع سبيل من أناب إلي )
وقال صلى الله عليه وسلم (المؤمن مرآة المؤمن ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ).
وكما قيل: لولا المربي ما عرفت ربي .















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: تصور خاطئ عن الطريقة   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:34 am

تصور خاطئ عن الطريقة

ولعل قائلا يقول : أنا لا أريد أخذ الطريقة الصوفية خشية أن أتدروش أو أن أصير مجذوبا و ثيابي ممزقة أو اغفل عن عملي وبيتي ..

نقول :
إن هذا التصور خاطئ للأسباب التالية :
أولاً: إن الطريقة الصوفية لا تقتضي أن يكون الإنسان رث الثياب والهيئة ..ولكنها لا تحتقر الفقراء والبسطاء الذين لا يجدون ما يلبسونه من الثياب الفاخرة ..ولذلك ظن من يرى أمثال هؤلاء من الفقراء أن الطريقة الصوفية تلزمه بذلك وهذا ظن خاطئ .

لأن الطريقة يدخلها الفقراء والأغنياء والعالم والأمي والتاجر والأستاذ ….فصاحب الطريقة أو شيخ الطريقة لا يفرق بين الناس من حيث وضعهم المادي فالكل في نظره أبناؤه وإخوانه .
ولكن باعتبار أن بعض الأغنياء يأنفون من مجالسة الفقراء ولا يحبون مجالسة العامة من البسطاء لذلك نفوسهم تصور لهم الأمر بهذا الشكل ..وهذه ليست دعوى جديدة بل إن كبراء قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم نحن لا نقبل أن نجالس الفقراء والبسطاء فإذا طردت هؤلاء من مجلسك جلسنا معك ..!!
فأنزل الله عز وجل قوله تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم…..).
وقوله تعالى: ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ……) .

فظن من لا يعرف.. أنه إن هو أخذ الطريقة سيؤول حاله الى هذا الحال..!! ونسي أن الطريقة لا تعنى بالمظاهر والأشكال أصلا ..فالغاية أن لا تتكبر على خلق الله بثيابك أو تتفاخر عليهم ..فربما لبس إنسان ما ثيابا ثمينة متكبرا على العباد فهو مؤاخذ من الله …..ومنهم من لا يتكبر بثيابه الثمينة أو الأنيقة فلا بأس عليه ..وكذلك هناك من الناس من يرتدي ثيابا بسيطة بقصد إشعار الناس أنه متواضع وأنه خير منهم فهذا مثله كمثل الذي تكبر على الناس بثيابه الثمينة والمميزة .

ثانيا : إن الواقع العملي للملتزمين بالطريقة يدحض هذا التصور الخاطئ ..إذ أننا نرى من يدخل في الطريقة من أصناف المجتمع ومن شرائحه المختلفة ولكن أحدا منه م لم ينجذب أو يتدروش –بالمفهوم الذي يتصوره صاحبنا - إنما كل واحد منهم يمارس عمله على أكمل وجه .

فالحداد في ورشته والنجار في محله والطبيب في عيادته والمحامي في محكمته والمعلم في مدرسته ….فكل هؤلاء أحدهم لم ينشغل عن أموره أو عن بيته وأولاده وزوجه.
ثالثا : إن الطريقة الصوفية تقول لك طهر نفسك ونور قلبك ولكنها لا تقول لك : اهمل ثيابك ولا تنظفها أولا تعتني بها ..إنما تقول لك: لا تجعل قلبك مشغولاً بمظهرك على حساب قلبك ..فمادام قلبك ليس مشغولا بمظهرك على حساب قلبك فلك أن تلبس أفخر الثياب وأجودها وهذا كله مأخوذ من الهدي النبوي والشريعة المطهرة .

ومعروف سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني كان يلبس أفخر الثياب ويركب أفخم الدواب ويجالس الملوك والأمراء يعظهم ويذكرهم ويحضر مجلسه آلاف المستمعين وهو شمس المعرفة وأستاذ التصوف قدس سره العزيز .

رابعاً: ولا بد أن ننوه أن هناك بعض الناس لهم أحوال خاصة فنراهم بثياب رثة وقد يكونون من الصالحين فنحن مأمورون أن نحترمهم ولا نعترض عليهم فهؤلاء لهم حالهم الخاص مع الله ولكن لسنا ملزمين بتقليدهم ..وهذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رب أشعث أغبر ذي طمرين مردود في الأبواب لو أقسم على الله لأبره ).

ثم يا أخي المسكين والساذج الحقيقي من يرى أمامه نبع الحياة الحقيقي ثم لا يغترف منه ..المسكين من يعصي الله ..المسكين من يضيع الدين خوفا من كلام الناس وانتقاداتهم ..الغافل من انشغل بتزيين ظاهره ونسي باطنه ..

ما بال دينك ترضى أن تدنسه …وثوبك الدهر مغسول من الدنس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها …إن السفينة لاتجري على اليبس .

المقصود من الطريقة :
ولعل قائلا يقول : أنا جالست الصوفية أو ربما قال أخذت الطريقة ثم تركتها لأنني كنت أظن أنني ساكون مثل الصالحين الذين يطيرون في الهواء أو يمشون على الماء أو لو أني رفعت يدي الى السماء وطلبت مالا لرزقني الله أو دعوت على من ظلمني لأهلكه الله ..لكن كل ذلك لم يحدث لي فتركت الطريقة .

نقول :
نعم إنك لو بقيت في الطريقة سنين وسنين وهذه نيتك وهدفك من الطريقة فستظل تراوح مكانك فمن هاجر لله ولرسوله فهجرته لله ورسوله ومن هاجر لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه…فالطريقة ليس المقصود منها أن تكون صاحب كرامات وخوارق عادات …فمن كان هدفه الكرامات ..فهو في الكرى مات ..

لكن ينبغي أن يكون مقصودك هو العمل لنيل مرضاة الله عز وجل .

وهذا هدف كل مؤمن أما من يريد أن يجعل من الدين مطية لتحقيق شهوات نفسانية وأهواء نفسية فقد ضل الطريق وتاه عن المقصود ..لأن الذي يحجب الإنسان عن الوصول إلى الحق جل جلاله هو حجب النفس الأمارة المتمثلة بأمراضها القاطعة عن الله ..لعمري كيف يمكن أن يصل إلى الله من كان بعمله مرائياً ….أم كيف يصل إلى الله من كان يملأ قلبه الكبر والعجب ..أو كيف يتذوق حلاوة الإيمان من كانت نفسه تواقة للمعاصي والذنوب وهو مرتكب للمخالفات والعيوب …؟!

ولو درى هذا المسكين ما أضاع بعدم معرفته وجهله لبكى على نفسه ولحثا التراب على رأسه ..إذ أنه أضاع الكنز المطلسم والكرامة العظمى والغنى الأتم والثراء الحقيقي ..أما علم أن إصلاح نفسه وتزكيتها هو الكسب الحقيقي .أما علم أن تطهير النفس من أدرانها ليكون المرء أهلا لمجالسة الحق هو الكنز الحقيقي ….أما علم أن الاستقامة على الشريعة المطهرة هو عين الكرامة وأفضلها ..فأي كرامة تعدل أن يخلّص الإنسان نفسه من الكبر والرياء والعجب ووووو … ويحليها بالفضائل من الحب والإخلاص والصدق والتوبة والإنابة والخشية والقناعة والرضى والصبر والشكر والمراقبة ….؟؟!!

لو نظر هذا المسكين بعين الحقيقة لعلم أن أعظم الكرامات أن يجعلك الله جليسه ومذكوره وحبيبه ..فتأنس به وتلذ بمناجاته وتراقبه في كل أحوالك وحركاتك فيغنيك ويعزك ويكون لك سندا ومعينا في كل حياتك …

الطريقة الصوفية هي الوسيلة التي تجعلك مهيأً لدخول حضرة الحق وأنت نظيف النفس طاهرا ..هي التي تبصرك بعيوبك وأسباب انقطاعك عن الله …هي التي تغرس في نفسك حب الله ورسوله والصالحين ..هي التي تجعلك شاكرا ذكرا متفكرا مراقبا تائبا منيبا ..هي التي تنقلك من الغفلة الى الذكر ومن الظلمة إلى النور ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاء الى السعادة ومن المعصية الى الطاعة ومن رفقة الدنيا الى رفقة الآخرة ومن الانشغال بالنعمة إلى الانشغال بالمنعم ومن الفوضى الى النظام ومن الجهل إلى المعرفة والعلم ومن الشر إلى الخير .

إنما مثلك في دخولك للطريقة كمريض موجوع ذهب الى الطبيب فرأى حال الطبيب من الصحة والعافية والغنى فقرر أن يتردد عليه ناوياً أن يسرق شهادته المعلقة على الجدار ظانا أنه بسرقتها سيؤول حاله إلى مثل حال الطبيب من الغنى والعافية ضاربا بإرشاداته عرض الحائط غير مطبق لتعليمه ولم يتناول علاجه الموصوف لأمراضه وأوجاعه …..!!

فإنه سيخرج من عيادة الطبيب بأمراضه التي دخل بها دون شفاء ..ولن يتمكن أن ينال ما ناله الطبيب …وهذا مثل من قال عنهم ربنا : (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ..؟؟ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) .
فإذا رزق الله العبد الاستقامة وكان من أهل محبته ووداده ومجالسته فإنه يسخر له كل ما في الكون ألم يقل ربنا في الحديث القدسي الجليل مازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولئن سألني لأعطينه ….)

ليس كل من ادعى التصوف صوفي

لعل قائلاً يقول : لكني أرى أن كل أهل التصوف والذين يلتزمون الطريقة فقراء والبعض منهم غشاشون وكذابون ودجالون ..فهم يتسترون بالدين لنيل مطامع دنيوية …!

نقول :
بالأصل كان طريق التصوف لا يسلكه إلا كمل الناس وعارفيهم ..وكان الناس يجلون أتهل التصوف ويعطونهم قدرهم الذي يليق بهم ..وكان شيوخ الطريقة لا يعطون الطريقة إلا لمن كان أهلا لها ممن جاءهم قاصدا وملحا وراغبا فيتفرسون فيه الصلاح فيمنحونه هذا الشرف ويعطونه هذه الكرامة ..ولكن مع تقدم السنين وتغير الأحوال والأزمان أخذ يتشبه بأهل التصوف من ليس منهم من أهل الطمع الدنيوي الذين يريدون أن يسخروا الدين لمآربهم النفسية وشهواتهم الدنيه ولذلك اختلط على بعض الناس من هو صوفي ممن هو متشبه ظاهرا بهم .

اما موضوع الفقر والغنى فهو غير مرتبط مطلقا بالتصوف أو غيره .فلو كان معيار الحق هو الغنى والفقر لكان اليهود والكفار من أغنى أغنياء العالم فهذا لا يدل على أنهم على حق ..
وإذا جئنا الى المسلمين كذلك نجد أكثر أغنياء العالم من المسلمين منهم الفاسق والفاجر ومن يقضي أيامه بالخمور والفواحش .فهل يعني أنه على حق ..؟؟!

وبالمقابل نجد من اهل التصوف من هو الغني الذي يملك الكثير من مئات الملايين ومنهم الفقير ..ومنجد من غير المتصوفة كذلك الفقير المدقع .

فالفقر والغنى ليس سببه أنك صوفي أو أنك لست صوفي .
الفقر والغنى هو قسمة من الله مرتبطة بجملة من الأسباب التي ترتبط بأسباب الكسب والعمل .

لأن التصوف لا يدعو إلى الفقر ..ولا يدعو إلى ترك الدنيا كما يظن البعض ..إنما التصوف يدعو المسلم أن لا تكون الدنيا في قلبك .إنما أن تكون في جيبك ويدك .ولذلك يقول سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : أخرج الدنيا من قلبك واجعلها في يدك لا تضرك .

وهذا التصور مغلوط ذكره الله في القرآن بقوله تعالى( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكره ونعمه فيقول ربي أكرمن ..وأما إذا ما بتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ..كلا ..بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما …)

إذاً يوجد بين المتصوفة الغني والفقير والمتعلم والأمي والعلم والمتعلم والتاجر والعامل مثلهم مثل أي شريحة في الحياة ..ولكن الصوفي عندما يكون غنيا فهو شاكر لربه مخرجا زكاة ماله كريم ومنفق ومتصدق على المحتاجين ..متواضع لا يتكبر على بعاد الله بماله ولا يرى في نفسه ميزة على غيره لأنه غني وغيره فقير …وماله لا يشغله عن عبادته المفروضة ..وإذا زاد ماله لا يفرح فرحا يجعله يبطر ويتكبر ..وإذا نقص ماله لا ينكسر قلبه ويملؤه الحزن والأم على ما ضاع أو خسر من مال .بل هو راض مطمئن رابط الجأش مستسلم لقضاء الله وقدره ..
أما القول أن الصوفية غشاشون فهذا الحكم رجما بالغيب ..إذ ان القائل لا يعرف كل الصوفية حتى يحكم عليهم .وإن عرف شخصا في الأوصاف المذكورة فقد يكون ممن تشبه بهم ..أو أنه لم يتهذب طبعه ونفسه بعد .

ونقول لهذا الأخ : لو أننا رأينا طبيبا جعل من مهنة الطب وسيلة لابتزاز الناس المحتاجين وسلب أموالهم هل نقول كل الأطباء على هذه الشاكله …?؟!

إذا عرفنا موظفاً مرتشياً هل نحكم على جميع الموظفين بأنهم مرتشين ..؟؟!
إذا رأينا جنديا يخون وطنه وشعبه ودينه …هل نقول كل الجنود خائنون ….؟؟!

إذا رأينا عالما منافقا هل نقول كل العلماء منافقين ..؟؟!
إذا رأينا صوفيا يرتكب أخطاء معينة هل نقول كل الصوفية غشاشين أو ما شابه .؟؟!
طبعا العاقل لا يقر بمثل هذا الحكم .

ثم إن حال المؤمن المفروض ان يحمل حال الناس على أحسن الأحوال .فيحسن الظن بالناس ويعذرهم فربما رأيت من إنسانا سلوكا تنكره لأول وهلة ولكن لو بحثت وتعمقت في في بحثك في سبب فعله لعذرته ..أو ربما كان لحمكة أن تجهلها ..وإن كان المفروض على المسلم أن يحسن الظن بالناس دون بحث وتجسس لأن ذلك أسلم لدينه ..

كما قال أحدهم رأيت مسلما في يوم رمضان وهو مفطر فسببته وأزعجته ولكن بعد ذلك تبين لي أنه مريض ومعذور .

و قال آخر :رأيت رجلا يمشي مع امرأة لوحدهما فشككت في أمرهما .وتبعتهما وسالت فتبين لي أنها زوجته .

وقال ثالث : رأيت شيخا يجلس مع امرأة سافرة فأنكرت عليه .وعندما تبينت بعد فترة الأمر وجدت أنها امرأة غير مسلمة كانت تسأله عن الإسلام تريد أن تسلم.

قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: التصوف والتقدم العلمي   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:34 am

التصوف والتقدم العلمي

من الأفكار الشائعة والخاطئة بين العوام أن التصوف ذو منهج رجوعي مهمل للعلم والتحضير وهذا من الأقوال الخاطئة لاسيما في وقت تأخر العالم الإسلامي وتقدم العالم الغربي نحن لا يضيرنا كمجتمع مسلم أن نجلس في موقف المتعلم من الغرب ماداموا قد تفوقوا علينا في حضارتهم العلمية والتكنولوجية
لكن لابد أن هناك فرقا بين تقدمنا ونحن متصلون بالغرب وتقدمنا ونحن على صلة بالله سبحانه وتعالى .. وهنا لابد أن نرتقي بفهمنا لطبيعة وأدوات التقدم العلمي والتكنولوجي من نطاقه الضيق على مستوى المجتمع إلى نطاق أوسع وأشملوأعظم وهوالتعامل من الله عز وجل مصداقا لحديثه القدسي السابق ذكره .
المسلمون في القرون الوسطى كانوا يقودون العالم ويضيئون الدنيا نوراً وعلماً وذلك في الوقت الذي كانت أوروبا فيه تضج في الظلمات والجهل والتاريخ يروي واقعة تاريخية شهيرة بين هارون الرشيد الخليفة المسلم وبين شارلمان أحد حكام أوروباحينما أهدى له ساعة فبهره ما رأى وطلب خاصة دولته وأعيانهم ومستشاريه وعقدوا اجتماعات لمدة ثلاثة أيام خرجوا بنتيجة مفادها أن الساعة يحركها شيطان يسكنها !! في القرون الوسطى كنا نفقه كيفية تلقي خطاب الله على الوجه الأمثل فتقدمنا ..
وعلى العكس سارت الأمور مع مرور الأيام حتى عجزنا عن ملاحقة ركب التقدم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل العامري
عضو ذهبى
عضو ذهبى
عادل العامري


عدد المساهمات : 287
نقاط : 10258
التفاعل مع الاعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 06/11/2011
العمر : 36

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: مقابلة مع ابن تيمية نسأله فيها عن التصوف والصوفية   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 6:35 am

مقابلة مع ابن تيمية نسأله فيها عن التصوف والصوفية



مقابلة مع شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه نسأله فيها عن التصوف والصوفية , يحظرها تلميذه شمس الدين ابن قيم الجوزية شاركنا ببعض آراءه .
- نبدأ اللقاء طالبين من شيخ الإسلام التكرم بتعريفنا ببداية أمر التصوف مشكورا ؟
- الحمد للّه‏.‏أما لفظ ‏(‏الصوفية‏)‏‏:‏ فإنه لم يكن مشهورًا في القرون الثلاثة،وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك، وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ؛ كالإمام أحمد ابن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما‏.‏ وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي، (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- هل يمكننا أن نعتبرهم أفضل من الأنبياء, أو صحابة رسول الله أو العكس هل يمكن أن نعتبر الصوفية فرقة ضالة ؟
- من جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء، أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة فهو مخطئ، ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا، فهو مخطئ ضال مبتدع‏.‏ (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- لكن هناك قوم يسيرون بالصوفي إلى معنى الصديق ولهذا ليس عندهم بعد الأنبياء أفضل من الصوفي ؟!
- ( أجاب منكرا هذا الغلو وواضعا النقاط على الحروف ) هو في الحقيقة نوع من الصديقين، فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه، فكان الصديق من أهل هذه الطريق، كما يقال‏:‏ صديقوا العلماء، وصديقوا الأمراء، فهو أخص من الصديق المطلق، ودون الصديق الكامل الصديقية من الصحابة والتابعين وتابعيهم‏.‏ فإذا قيل عن أولئك الزهاد والعباد من البصريين‏:‏ إنهم صديقون فهو كما يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة أنهم صديقون أيضًا، كل بحسب الطريق الذي سلكه من طاعة اللّه ورسوله بحسب اجتهاده (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- ما رأي فضيلتكم بالمتصوفة ؟ وهل يصح وصفهم بالصديقية ؟
- وقد يكونون من أجلِّ الصديقين بحسب زمانهم، فهم من أكمل صديقي زمانهم، والصديق في العصر الأول أكمل منهم، والصديقون درجات وأنواع؛ ولهذا يوجد لك منهم صنف من الأحوال والعبادات، حققه وأحكمه وغلب عليه، وإن كان غيره في غير ذلك الصنف أكمل منه وأفضل منه‏.‏ (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- لكن تنازع الناس في طريقهم؛ فطائفة ذمت ‏(‏الصوفية والتصوف‏)‏‏.‏ وقالوا‏:‏ إنهم مبتدعون، خارجون عن السنة وطائفة غلت فيهم، وادعوا أنهم أفضل الخلق، وأكملهم بعد الأنبياء كما أسلفنا لكن نريد منك مزيد من التوضيح لأهمية هذه النقطة لو تكرمت .
- كلا طرفي هذه الأمور ذميم‏.‏
و‏(‏الصواب‏)‏ أنهم مجتهدون في طاعة اللّه، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة اللّه، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب‏.‏
ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه‏.‏ (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- لكن نرى أنه قد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ؟
- ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم‏:‏ كالحلاج مثلا؛ فإن أكثر مشائخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق‏.‏ مثل‏:‏ الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره‏.‏ كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي؛ في ‏(‏طبقات الصوفية‏)‏ وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد‏.‏
فهذا أصل التصوف‏.‏ ثم أنه بعد ذلك تشعب وتنوع، (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- لو أوضحت لنا ما تعني بالتشعب والتنوع ؟
- صارت الصوفية ‏(‏ثلاثة أصناف‏)‏‏:‏ صوفية الحقائق وصوفية الأرزاق وصوفية الرسم‏.‏
فأما ‏(‏صوفية الحقائق‏)‏‏:‏ فهم الذين وصفناهم‏.‏
وأما ‏(‏صوفية الأرزاق‏)‏ فهم الذين وقفت عليهم الوقوف‏.‏ كالخوانك فلا يشترط في هؤلاء أن يكونوا من أهل الحقائق‏ , وأما ( صوفية الرسم )‏:‏ فهم المقتصرون على النسبة،فهمهم في اللباس والآداب الوضعية، ونحو ذلك فهؤلاء في الصوفية بمنزلة الذي يقتصر على زي أهل العلم وأهل الجهاد ونوع مَّا من أقوالهم وأعمالهم بحيث يظن الجاهل حقيقة أمره أنه منهم وليس منهم‏.‏ (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- ما رأي فضيلتكم بأقوال بعض الصوفية كقولهم ما في الجبة إلا الله أو سبحاني سبحاني ؟
- ( وهنا أسهب شيخ الإسلام لأهمية الموضوع ثم أحالنا لمزيد من الإستفاضة في هذا الموضوع لمجموع فتاواه بعد أن قال Smile قد يقع بعض من غلب عليه الحال في نوع من الحلول أو الاتحاد ؛ فإن الاتحاد فيه حق وباطل لكن لما ورد عليه ما غيب عقله أو أفناه عما سوى محبوبه ولم يكن ذلك بذنب منه : كان معذورا غير معاقب عليه ما دام غير عاقل فإن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق ؛ وإن كان مخطئا في ذلك كان داخلا في قوله : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وقال : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } . وهذا كما يحكى أن رجلين كان أحدهما يحب الآخر فوقع المحبوب في اليم فألقى الآخر نفسه خلفه . فقال : أنا وقعت فما الذي أوقعك ؟ فقال : غبت بك عني فظننت أنك أني . فهذه الحال تعتري كثيرا من أهل المحبة والإرادة في جانب الحق وفي غير جانبه وإن كان فيها نقص وخطأ فإنه يغيب بمحبوبه عن حبه وعن نفسه وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن عرفانه وبمشهوده عن شهوده وبموجوده عن وجوده فلا يشعر حينئذ بالتمييز ولا بوجوده ؛ فقد يقول في هذه الحال : أنا الحق أو سبحاني أو ما في الجبة إلا الله ونحو ذلك وهو سكران بوجد المحبة الذي هو لذة وسرور بلا تمييز . وذلك السكران : يطوى ولا يروى إذا لم يكن سكره بسبب محظور . (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- نعم كشطحات بعض المشايخ .... ( وهنا قاطعني مستأنفا )
- شطحات بعض المشايخ : كقول بعضهم : أنصب خيمتي على جهنم ونحو ذلك من الأقوال والأعمال المخالفة للشرع ؛ وقد يكون صاحبها غير مأثوم وإن لم يكن فيشبه هذا الباب أمر خفراء العدو ومن يعين كافرا أو ظالما بحال ويزعم أنه مغلوب عليه . ويحكم على هؤلاء أن أحدهم إذا زال عقله بسبب غير محرم فلا جناح عليهم فيما يصدر عنهم من الأقوال والأفعال المحرمة بخلاف ما إذا كان سبب زوال العقل والغلبة أمرا محرما . (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- ماذا يعني فضيلتكم بالأفعال المحرمة ..؟
- بشرب الخمر ونحو ذلك من الأحوال (مجموع فتاوى ابن تيمية )
- ( ويتدخل ابن القيم ليضيف ) في حال السكر والمحو والإصطلام والفناء: قد يغيب عن هذا التمييز وفي هذه الحال قد يقول صاحبها ما يحكى عن أبي يزيد أنه قال: "سبحاني" أو "ما في الجبة إلا الله" ونحو ذلك من الكلمات التي لو صدرت عن قائلها وعقله معه لكان كافرا ولكن مع سقوط التمييز والشعور قد يرتفع عنه قلم المؤاخذة. (مدارج السالكين )
- الآن ننتقل لبحث مهم وهو كرامات الأولياء , حتى أن البعض يدعي أنه يرى مافي اللوح المحفوظ ؟
هنا قاطعنا تلميذ شيخ الإسلام ابن القيم موضحا هذه النقطة ومسميا الكرامة بالفراسة وطبعا لا شك أن النظر في اللوح المحفوظ ليس من الفراسة بل هو شيء آخر قال رحمه الله مقاطعا :
- لقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أمورا عجيبة وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم ووقائع فراسته تستدعي سفرا ضخما .... أخبر أصحابه بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة وأن جيوش المسلمين تكسر وأن دمشق لا يكون بها قتل عام ولا سبي عام وأن كلب الجيش وحدته في الأموال: وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة ثم أخبر الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لما تحرك التتار وقصدوا الشام: أن الدائرة والهزيمة عليهم وأن الظفر والنصر للمسلمين وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا فيقال له: قل إن شاء الله فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا وسمعته يقول ذلك قال: فلما أكثروا علي قلت: لا تكثروا كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ: أنهم مهزومون في هذه الكرة وأن النصر لجيوش الإسلام قال: وأطعمت بعض الأمراء والعسكر حلاوة النصر قبل خروجهم إلى لقاء العدو وكانت فراسته الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر . (مدارج السالكين)

- الله أكبر ... سبحان الله ... هل يتفضل فضيلتكم بذكر أخرى لشيخكم الجليل ؟
- لما طلب إلى الديار المصرية وأريد قتله بعد ما أنضجت له القدور وقلبت له الأمور: اجتمع أصحابه لوداعه وقالوا: قد تواترت الكتب بأن القوم عاملون على قتلك فقال: والله لا يصلون إلى ذلك أبدا قالوا: أفتحبس قال: نعم ويطول حبسي ثم أخرج وأتكلم بالسنة على رؤوس الناس سمعته يقول ذلك ولما تولى عدوه الملقب بالجاشنكير الملك أخبروه بذلك وقالوا: الآن بلغ مراده منك فسجد لله شكرا وأطال فقيل له: ما سبب هذه السجدة فقال: هذا بداية ذله ومفارقة عزه من الآن وقرب زوال أمره فقيل له: متى هذا فقال: لا تربط خيول الجند على القرط حتى تغلب دولته فوقع الأمر مثل ما أخبر به سمعت ذلك منه (مدارج السالكين )
- سبحان الله
- وقال مرة ( أي شيخ الإسلام ) : يدخل علي أصحابي وغيرهم فأرى في وجوههم وأعينهم أمورا لا أذكرها لهم فقلت له أو غيري لو أخبرتهم فقال: أتريدون أن أكون معرفا كمعرف الولاة وقلت له يوما: لو عاملتنا بذلك لكان أدعى إلى الاستقامة والصلاح فقال: لا تصبرون معي على ذلك جمعة أو قال: شهرا وأخبرني غير مرة بأمور باطنة تختص بي مما عزمت عليه ولم ينطق به لساني وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل ولم يعين أوقاتها وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته . (مدارج السالكين )
- (و توجهت لشيخ الإسلام سائلا) : لقد علق فضيلتكم على بعض كلمات الشيخ عبد القادر الجيلاني بفتوح الغيب بأنه كلام شريف يحتاج إليه كل أحد ونود أن نسألك استئناسا عن بعض عبارات الصوفية مثل .....
- ( لكنه قاطعني بأن الموضوع طويل وقد شرح الكثير من عباراتهم في مجموع فتاواه وأجاد الشرح وخاصة بما يتعلق بالشيخ عبد القادر الجيلاني , وقد اطلعت على الشرح وكأنه قدس الله روحه صوفي عريق في شروحاته )
- لم يبق في آخر اللقاء إلا أن أشكر الشيخين الجليلين , و لا أنسى لفضيلة الشيخ ابن القيم كتابه (( مدارج السالكين في منازل السائرين )) الذي كأنه عصارة تجارب المتصوفة وروح طريقهم
ـ وقد تبينا في اللقاء إحترام الشيخين الجليلين للصوفية إحتراما بالغا
ـ وأن في التصوف المحسن والمسيء كما في الفقه محسن ومسيء وكما في علوم العقيدة أو الحديث وغيرها من علوم الشرع الشريف كذلك
ـ ورأينا كيف اعتذرا لمن تنسب إليهم أقوال كـ أنا الحق أو سبحاني أو ما في الجبة إلا الله
ـ كما أتحفنا الشيخ ابن القيم ببعض كرامات شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهدهد السليماني
الاداره
الاداره
الهدهد السليماني


عدد المساهمات : 1979
نقاط : 16559
التفاعل مع الاعضاء : 35
تاريخ التسجيل : 05/11/2010

التصـــــــــــــوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: التصـــــــــــــوف   التصـــــــــــــوف Emptyالجمعة يناير 13, 2012 12:42 pm

ماشاء الله تبارك الله

جزاك الله كل خير على هذا المجهود والعمل الطيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التصـــــــــــــوف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى :: ๑۩۩۩۩ ملتقى العرفان الصافى المصفى ۩۩۩۩๑ :: ๑۩ الصوفية رحلة وجد وشوق ۩๑-
انتقل الى: