الملتقى الصوفى للنور المحمدى
عزيزى الزائر عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضومعنا
او التسجيل معنا ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

شكرا لك
ادارة المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى
عزيزى الزائر عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضومعنا
او التسجيل معنا ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

شكرا لك
ادارة المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الملتقى الصوفى للنور المحمدى

الملتقي الصوفي للنور المحمدي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أنوار نبوية سيرة وعبر...

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
الهدهد السليماني
الاداره
الاداره
الهدهد السليماني


عدد المساهمات : 1979
نقاط : 16629
التفاعل مع الاعضاء : 35
تاريخ التسجيل : 05/11/2010

أنوار نبوية سيرة وعبر... - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنوار نبوية سيرة وعبر...   أنوار نبوية سيرة وعبر... - صفحة 2 Emptyالأربعاء أبريل 04, 2012 11:42 am

تحطيم الأصنام

كان إبراهيم عليه السلام – وهو أبو الأنبياء بعد نوح – ممن حارب الوثنية في قومه، حتى حاول قومه إحراقه بالنار. كما يحكي القرآن الكريم، ولما جاء إلى مكة أودع ولده إسماعيل عليه السلام فيها مع أمه، فلما شب إسماعيل عليه السلام بنيا الكعبة معاً لتكون بيتاً يعبد الله عنده، ويحج الناس إليه، وتكاثر ولد إسماعيل – وهم العرب المستعربة، كما يسميهم المؤرخون – واستمروا لا يعرفون عبادة الأوثان والأصنام2، ثم كان من عبادتهم أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن، إلا احتمل معه حجراً من حجارة الحرم، تعظيماً للحرم، وصبابة بمكة، فحيثما حلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة، تيمناً منهم بها، وحباً منهم للحرم، وشوقاً إليه، واستمروا كذلك حتى أدخل فيهم عمرو ابن لحي عبادة الأوثان – وكان ذلك قبل البعثة النبوية بخمسمائة سنة على ما يقولون – فهو أول من غيّر دين إسماعيل عليه السلام، وكان من أمره أن تولى حجابة البيت بعد إجلاء جرهم عن مكة وما حولها، ثم مرض مرضاً شديداً، فقيل له: إن بالبلقاء من الشام حمة – وهي التي يقال لها الحَمة الآن – إن أتيتها برأت، فأتاها فاستحم بها فبرأ، ووجد أهلها يعبدون الأصنام فقال: ما هذه؟ فقالوا: نستسقي بها المطر، ونستنصر بها على العدو، فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا، فقدم بها مكة، ونصبها حول الكعبة3, وانتشرت بعد ذلك عبادة الأصنام في جزيرة العرب، حتى كان لأهل كل دار في مكة صنم يعبدونه في دارهم، فإذا أراد أحدهم السفر، كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به، وإذا قدم من سفره، كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضاً.

ثم أولعت العرب بعبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتاً، ومنهم من اتخذ صنماً، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت، نصب حجراً أمام الحرم، وأمام غيره مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت، وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلاًَ، أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فاتخذه رباً، وجعل ثلاث أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه، فإذا نزل منزلاً آخر فعل مثل ذلك4.

وكانت للعرب ثلاثة أصنام كبرى تعظمها، وتحج إليها، وتنحر لها الذبائح: أقدمها مناة وكان منصوباً على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، بين المدينة ومكة، وكانت العرب جميعاً تعظمه، وأشدهم إعظاماً له الأوس والخزرج، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، أرسل إليه عليَّاً رضي الله عنه، فهدمه، وأخذ ما كان له، وأقبل به الى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان فيما أخذ: سيفان، كان الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان أهداهما له، والحارث هذا هو الذي قتل شجاع بن وهب الأسدي رضي الله عنه حين سلمه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه للإسلام، ولم يقتل للنبي صلى الله عليه وسلم رسول غيره.

وثانيها اللات وكانت بالطائف، وهي صخرة مربعة، وكانت قريش وجميع العرب تعظمها، فلما جاء وفد ثقيف بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من فتح مكة إلى المدينة، طلب وفدها منه عليه الصلاة والسلام أن يدع لهم اللات ثلاث سنين لا يهدمها، فأبى ذلك عليهم، فما برحوا يسألونه سنة سنة وهو يأبى عليهم، حتى سألوا شهراً واحداً، فأبى عليهم.

قال ابن هشام: وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يسلموا بتركها من سفهائهم، ونسائهم، وذراريهم، ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها، فلما أخذ المغيرة يضربها بالمعول، خرج نساء ثقيف حسرًا يبكين عليها ويقلن:

لتُبكينَّ دُفَّاع أسلمها الرُّضَّاع
لم يُحسنوا المِصَاع
يردن بذلك: واحسرتا على التي كانت تدافع عنا أعداءنا، وتدفع عنا البلاء، قد أسلمها اللئام للهدم، فلم يدافعوا عنها، ولم يجالدوا بالسيوف في سبيلها.

وثالثتها العزى كانت عن يمين المسافر من مكة إلى العراق، وكانت قريش تخصها بالإعظام، فلما نزل القرآن يندد بها وبغيرها من الأصنام، اشتد ذلك على قريش، ولما مرض أو أحيحة وهو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف مرضه الذي مات فيه، دخل عليه أبو لهب يعوده، فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا أحيحة؟ أمن الموت تبكي ولا بد منه؟ قال: لا، ولكني أخاف ألا تعبد العزى بعدي! قال أبو لهب: والله ما عبدت حياتك لأجلك، ولا تترك عبادتها بعدك لموتك، فقال أبو أحيحة: الآن علمت أن لي خليفة!.. وأعجبه شدة نصبه في عبادتها5.

فلما كان عام الفتح دعا النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد، وأمره أن ينطلق بهدمها، فلما جاءها خالد، قال سادنها ديبة بن حرمي الشيباني:

أعُزاء شدِّي شدة لا تكذبي على خالد أَلقي الخمار وشمري
فانك إلا تقتلي اليوم خالدا تبوئي بذلٍّ عاجل وتنصرَّ
ي
فقال خالد:

يا عُزَّ كفرانك لا غفرانك إني رأيت الله قد أهانك
وقد زعموا أنها كنت حبشية، نافشة شعرها، واضعة يدها على عاتقها في داخل شجرة كان قد قطعها خالد، فبرزت له بهذا الشكل، فضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة (أي كالفحم) فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء مهمته، قال عليه الصلاة والسلام: تلك العزى، ولا عزى بعدها للعرب، أما إنها لن تعبد بعد اليوم. تلك هي أشهر أصنام العرب في الجاهلية، وهي التي ذكرها القرآن الكريم بقوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19 – 20].

ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت الحرام يوم فتح مكة، رأى صور الملائكة وغيرهم، فرأى إبراهيم عليه السلام مصوراً في يده الأزلام يستقسم بها، فقال: قاتلهم الله جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام، ما شأن إبراهيم والأزلام؟! {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، [آل عمران: 68] ثم أمر بتلك الصور كلها، فطمست.

قال ابن عباس: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح على راحلته، فطاف عليها، وحول البيت أصنام مشدودة بالرصاص، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يشير بقضيب في يده إلى الأصنام ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء: 81] فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار إلى قفاه إلا وقع لوجهه، حتى ما بقي منها صنم إلا وقع.

ولم تمضِ على فتح مكة إلا شهور، حتى كانت أصنام جزيرة العرب كلها قد سقطت عن عروشها، وكفر بها عبَّادها، وأصبح من كان يعبدها بالأمس يخجل من تفاهة رأيه إذ كان يعبد حجراً لا يضر ولا ينفع ولا يغني عن حوادث الدهر شيئاً.

لقد قامت رسالة الإسلام أول ما قامت على التشهير بهذه الأصنام الآلهة، والتشنيع على عبادتها والدعوة إلى دين الفطرة: عبادة الله خالق الكون ورب العالمين، وقاومت جزيرة العرب وفي مقدمتها قريش هذه الدعوة، ورأت فيها عجباً عجاباً {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5].

وماجت جزيرة العرب واضطربت لهذا الدين الجديد، وحاولت وأْده والقضاء على رسوله بكل وسيلة، ولكن النصر كان أخيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نضال استمر إحدى وعشرين سنة، فافتتح عاصمة الوثنية، وحطم آلهتها، وهزم جيوشها، وتغلب على مؤامرات زعمائها، هل يصدق العقل آن ذلك كله قد تم خلال هذه الفترة القصيرة، ولم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ابتدأ هذه الدعوة إنسان لولا أن يكون الله من ورائها، يهيئ كتائبها، ويوجه معاركها؟ {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17].

لقد أنهى محمد بن عبد الله مأساة العرب الفكرية التي استمرت زهاء خمسمائة عام أو تزيد، وحرر العقل العربي من أغلال الوثنية وخرافاتها، وأنقذ الكرامة العربية من مهانة الوثنية وحقارتها، وفتح أبواب الخلود للعرب يدخلون منه ثم لا يخرجون، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: لا عزى بعدها للعرب، إما إنها لن تعبد بعد اليوم فقد ودعت جزيرة العرب حياة الوثنية إلى الأبد، وبلغ العقل العربي سن الرشد، فلم يعد يرضى بعودته إلى طفولته: طفولة الوثنية التي تحمل صاحبها على أن يضع جبهته عند أقدام حجارة صماء بكماء، ولقد قامت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حروب وفتن، وادعى النبوة من ادعاها، وعارض القرآن من عارضه، ولكنا لم نسمع أن عربياً واحداً فكر في العودة إلى الوثنية وآلهتها، ذلك أن الراشد لن يعود طفلاً، وكل ذلك إنما تم بفضل محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، فله على كل عربي إلى انتهاء الدنيا فضل الإنقاذ والتحرير، ثم فضل زيادة الهدى لشعوب الأرض من اتبع الهدى ومن أعرض عنه، وجل الله حين يقول: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].


غزوة تبوك وأهم ما في هذه الغزوة من عبر ودروس هو ما نوجز الكلام عنه:

أولاً: كان سبب هذه الغزوة أن الروم قد جمعت جموعاً كثيرة بالشام، وأن هرقل قد رزق أصحابه سنة، وانضمت اليه من القبائل العربية، لخم، وجذام، وغسان، وعاملة، ثم قدموا طلائعهم إلى البلقاء – كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ندب الناس للخروج إلى تبوك، ودعاهم إلى التأهب والاستعداد، ودعا الأغنياء إلى البذل والإنفاق.

وهذا يفسر لنا طبيعة الحرب في الإسلام، فهي ليست عدوانية، ولا استفزازية، ولكنها للدفاع عن الدين والبلاد، وردع المعتدين، ومنعهم عن الأذى والفساد، وهذا ما صرحت به آيات كثيرة من القرآن الكريم، وقد تكلمنا عن أسباب مشروعية الحرب في الإسلام، وأهدافه، وطرائقه، في مذكرات السنة الأولى. وفي خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بعد تأهب الروم وجمعهم للجموع تأييد لما قلناه هناك.

وفي انضمام بعض القبائل العربية إلى الروم ضد المسلمين، دليل على أنهم كانوا بعيدين عن فهم الإسلام ورسالته التحريرية للناس عامة وللعرب خاصة، ولو كانوا يعلمون ذلك لأبوا أن يكونوا أعواناً للروم على أبناء قومهم من العرب المسلمين.

ثانياً: لقد كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للتأهب في وقت عسر وحر وموسم لجني الثمار، فأما المؤمنون الصادقون، فقد سارعوا إلى تلبيتهم للرسول غير عابئين بمشقة ولا حرمان، وأما المنافقون، فقد تخلفوا، وأخذوا يعتذرون بشتى الأعذار، وهكذا يتبين المخلصون من المنافقين في أيام الشدائد، وينكشف أمر الأدعياء في أيام المحن، وقد قال الله تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1-3].

وإنما تقوم الدعوات، وتنهض الأمم بتطهير صفوفها من المنافقين والمخادعين، ولا يثبت للشدة إلا كل صادق العزيمة، مخلص النية، ثابت المبدأ، وكثيراً ما عوق الضعاف والمخادعون سير دعوات الإصلاح في الأمة، وحالوا بينها وبين النصر، أو أخروها ولو إلى حين، ولقد تخلص جيش العسرة في غزوة تبوك من أمثال هؤلاء بفضل افتضاح أمرهم، وانكشاف ضعف إيمانهم، وخور عزائمهم، وإن جيشاً متراص الصف، متحد الكلمة، قوي الإيمان، صادق العهد، أجدى للأمة – ولو كان قليل العدد – وأدعى لاكتساب النصر من جيش كثير العدد، متفاوت الفكرة والقوة والثبات {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249].

ثالثاً: إن في مسارعة الموسرين من الصحابة إلى البذل والإنفاق، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وغيرهم، دليلاً على ما يفعله الإيمان في نفوس المؤمنين من مسارعة إلى فعل الخير ومقاومة لأهواء النفس وغرائزها، مما تحتاج إليه كل أمة، وكل دعوة، لضمان النصر على أعدائها، وتأمين الموارد اللازمة لها، وهذا ما نجد أمتنا اليوم أشد الحاجة إليه، فالأعداء كثر، والأعباء ثقيلة، والمعركة رهيبة، والعدو قوي ماكر، فلا نستطيع التغلب عليه إلا بمزيد من التضحيات في الأموال والأنفس والأهواء والشهوات، ولا يحقق ذلك إلا الدين الصحيح المفهوم على حقيقته الذي يربي النفوس على احتساب الإنفاق والتعب في سبيل الأمة جهاداً يثيب الله عليه كما يثيب المجاهدين في ميادين النضال.

وخير ما يفعله المصلحون وزعماء النهضات، هو غرس الدين في نفوس الناس غرساً كريماً، وكل مقاومة للدين، أو دعوة إلى التحرر منه، أو تظاهر بالاستخفاف من شأنه، جريمة وطنية تؤدي إلى أسوأ النتائج، وأخطر الآثار، كذلك علمنا الله، وكذلك أثبت لنا التاريخ في الماضي، وأثبتت التجربة في الحاضر، وكل إنكار لهذه الحقيقة مغالطة لا يلجأ إليها إلا الذين لم تخلص للحق نفوسهم، ولم تتفتح للخير أفئدتهم، ولم تتحل بالسمو والنبل طباعهم.

رابعاً: وفي قصة الذين جاؤوا الى رسول الله يطلبون أن يأخذهم معه إلى الجهاد، فردهم لأنه لم يجد ما يحملهم عليه. فولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً على حرمانهم من شرف الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. في هذه القصة التي حكاها الله في كتابه أروع الأمثلة على صنع الإيمان للمعجزات، فطبيعة الإنسان أن يفرح لنجاته من الأخطار، وابتعاده عن الحروب، ولكن هؤلاء المؤمنين الصادقين بكوا من أجل ذلك، إذ اعتبروا أنفسهم قد فاتهم حظ كبير من ثواب الله والتعرض للشهادة في سبيله، فأي مبدأ يعمل في النفوس كما فعل الإيمان في نفوس هؤلاء؟ وأي خسارة تلحق بالأمة حين تخلو من أمثال هؤلاء؟!

خامساً: وفي قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد إيثاراً للراحة على التعب، والظل على الحر، والإقامة على السفر، مع أنهم مؤمنون صادقون، درس اجتماعي من أعظم الدروس، فقد استيقظ الإيمان في نفوسهم بعد قليل، فعلموا أنهم ارتكبوا بتخلفهم عن رسول الله والمؤمنون إثماً كبيراً، ومع هذا فلم يعفهم ذلك من العقوبة، وكانت عقوبتهم قاسية رادعة، فقد عزلوا عن المجتمع عزلاً تاماً، ونهي الناس – حتى زوجاتهم – عن كلامهم والتحدث إليهم، ولما علم الله منهم صدق التوبة، وبلغ منهم الندم والألم والحسرة مداه، تاب الله عليهم، فلما بشروا بذلك كانت فرحتهم لا تقدر، حتى انسلخ بعضهم عن ماله وثيابه شكراً لله على نعمة الرضى والغفران.

إن مثل هذه الدروس تمنع المؤمن الصادق في إيمانه عن أن يتخلف عن عمل يقتضيه الواجب أو يرضى لنفسه بالراحة والناس يتعبون، والنعيم والناس يبتئسون، وتلك هي طبيعة الإيمان: أن تشعر دائماً وأبداً أنك فرد من جماعة، وجزء من كل، وأن ما يصيب الجماعة يصيبك، وما يفيدها يفيدك، وأن النعيم لا معنى له مع شقاء الأمة وبؤسها، والراحة لا لذة لها مع تعب الناس وعنائهم، وأن التخلف عن الواجب نقص في الإيمان، وخلل في الدين، وإثم لا بد فيه من التوبة والإنابة.

كما تعطينا القصة درساً بأن العقيدة فوق القرابة، وأن تنفيذ النظام المشروع مقدم على طاعة الهوى والعاطفة، وأن القرابة لا تغني شيئاً إزاء غضب الله ومقته {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].


حجّة الوداع:

كانت حجة الوداع هي الحجة الوحيدة التي أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، ولما تسامع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيحج في تلك السنة، توافدوا إلى الحج من مختلف أنحاء الجزيرة العربية حتى بلغوا – كما قال بعض المؤرخين – مائة وأربعة عشر ألفاً، ونحسب أن هذا العدد تقديري، وإلا فكيف أمكن إحصاؤهم وتحديد عددهم بهذا القدر؟

وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبته الشهيرة التي يجب أن يحفظها كل طالب علم، لما تضمنته من إعلان المبادئ العامة للاسلام، وهي آخر خطبه صلى الله عليه وسلم، وقد جاء فيها:

"أيها الناس، اسمعوا قولي، لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً" – وهذا من معجزات رسوله صلى الله عليه وسلم – أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، قضى الله أنه لا ربا، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب – وكان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل – فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.

أما بعد أيها الناس، فان الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبداً، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروا على دينكم.

أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً، ويحرمونه عاماً، ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله، ويحرموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيأته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاثة متوالية، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.

أما بعد أيها الناس فان لكم على نسائكم حقاً، ولهن عليكم حقاً، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة، فان فعلن فان الله قد أذن لكم أن تهجروهنَّ في المضاجع وتضربوهنَّ ضرباً غير مبرح، فان انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان، لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمات الله.

فاعقلوا أيها الناس قولي، فإني قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به، فلن تضلوا أبداً، أمراً بيناً، كتاب الله وسنة نبيه، أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم، اللهم هل بلغت؟".

إن أول ما يلفت النظر في حجة الوداع هذا الجمهور الضخم الذين حضروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم من مختلف أنحاء الجزيرة العربية، مؤمنين به، مصدقين برسالته، مطيعين لأمره، وقد كانوا جميعاً قبل ثلاثة وعشرين سنة فحسب على الوثنية والشرك، ينكرون مبادئ رسالته، ويعجبون من دعوته إلى التوحيد، وينفرون من تنديده بآبائهم الوثنيين، وتسفيهه لأحلامهم، بل كان كثير منهم قد ناصبوه العداء، وتربصوا به الشر، وبيتوا على قتله، وألبّوا عليه الجموع، وجالدوه بالسيوف والرماح، فكيف تم هذا الانقلاب العجيب في مثل هذه المدة القصيرة، وكيف استطاع صلى الله عليه وسلم أن يحول هذه الجموع من وثنيتها وجاهليتها وترديها وتفرقها إلى توحيد الله وعلم ذاته وصفاته، واجتماع الكلمة، ووحدة الهدف والغاية؟ وكيف كسب حب هذه القلوب بعد عداوتها، وهي المعروفة بشدة الشكيمة وعنف الخصام؟ ألا إن إنساناً مهما بلغت عبقريته، ودهاؤه، وقوة شخصيته ليستحيل أن يصل إلى هذا في مئات السنين، وما سمعنا بهذا في الأولين والآخرين، إن هو إلا صدق الرسالة، وتأييد السماء، ونصرة الله، ومعجزة الدين الشامل الكامل الذي أتم الله به نعمته على عباده، وختم به رسالاته للناس، وأراد أن ينهي به شقاء أمة كانت تائهة في دروب الحياة، مستذلة للأهواء العصبيات، وأن يدلها على طريق الهداية، ويفتح أعينها لأشعة الشمس، ويقلدها قيادة الأمم، ويحوُّل بها مجرى التاريخ، ويمحو بها مهانة الإنسان، ويورثها الحكمة والكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب.

مائة وأربعة عشر ألفاً كانوا له مكذبين، فأصبحوا له مصدقين، وكانوا له محاربين، فأصبحوا له مذعنين، وكانوا له مبغضين، فأصبحوا له محبين، وكانوا عليه متمردين، فأصبحوا له طائعين، كل ذلك في ثلاث وعشرين من السنين.. ذلك هو صنع الله الحق المبين، فتعالى الله عما يشركون، وتنزهت ذات رسوله عما يقول الملحدون، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وثاني ما يلفت النظر في حجة الوداع هذا الخطاب القوي الحكيم الذي خاطب به رسول الله الناس أجمعين، وتلك المبادئ التي أعلنها بعد إتمام رسالته ونجاح قيادته، مؤكدة للمبادئ التي أعلنها في أول دعوته، يوم كان وحيداً مضطهداً، ويوم كان قليلاً مستضعفاً، مبادئ ثابتة لم تتغير في القلة والكثرة، والحرب والسلم، والهزيمة والنصر، وإعراض الدنيا وإقبالها، وقوة الأعداء وضعفهم، بينما عرفنا في زعماء الدنيا تقلباً في العقيدة والمبدأ، وتبايناً في الضعف والقوة، وتغيراً في الوسائل والأهداف، يظهرون خلاف ما يبطنون، وينادون بغير ما يعتقدون، ويلبسون في الضعف لبوس الرهبان، وفي القوة جلود الذئاب، وما ذلك إلا لأن هؤلاء رسل المصلحة، وأولئك رسل الله وشتان بين من يحوم فوق الجيف، وبين من يسبح في بحار النور، شتان بين الذين يعملون لأنفسهم، وبين الذين يعملون لإنسانيتهم، شتان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].



بعث أسامة:

إن آخر ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لنشر الدعوة وحمايتها، ورد غارة المعتدين على الدولة الجديدة والمتربصين بها أن جهز جيشاً إلى الشام تحت قيادة أسامة بن زيد وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، وقد كان في هذا الجيش جميع المهاجرين والأنصار، ومن كان حول المدينة من المسلمين، لم يتخلف منهم أحد، ولما كان الجيش في ظاهر المدينة يتأهب للمسير ابتدأ مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، فتوقف الجيش عن السير انتظاراً لشفاء الرسول، ورغبة في تلقي تعاليمه وهديه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي بعد أيام، واختاره الله إلى جواره بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة، وهيأ جزيرة العرب كلها لحمل لواء الإسلام، ونشر حضارته وتعاليمه في أنحاء الأرض، وبعد أن تكون الجيش الذي يقوم بحمل أعباء هذه الأمانة العظيمة الأثر في التاريخ، بعد أن تهيأ جنوده الصالحون لخوض معاركها، والقادة الأكفاء لقيادة حروبها، والرجال العظماء الصالحون لإدارة دولتها، فصلى الله وسلم على رسوله، وجزاه الله عنا وعن الإنسانية خير الجزاء، فلولاه ولولا جنوده الأوفياء الذين أدّوا الأمانة من بعده لكنا الآن في ضلال مبين.

لقد أكرم الله رسوله بما لم يكرم نبياً من قبله، إذ طالت حياته حتى رأى ثمرة دعوته وكفاحه تلف الجزيرة كلها، فتطهرها من الأوثان تطهيراً أبدياً، وتجعل الذين حطموا هذه الأصنام بأيديهم فرحين بنعمة الله في إنقاذهم من الضلال، هم الذين عبدوها من قبل، وعفّروا لها وجوههم بالسجود لها، وطلب الزلفى عندها، ثم تجعل هؤلاء مستعدين تمام الاستعداد للانسياح في الأرض، يحملون إلى الناس نور الهداية التي أنعم الله عليهم بها، إنه جيل واحد هو الذي كان يعبد الأصنام ويؤلِّهها، ويعيش في جاهليته هملاً مبعثراً الكفاءات والمواهب، ثم هو الذي حطم الأوثان، وأقام الدولة العربية الأولى في تاريخ العرب كله، التي تحمل رسالة وتحدد هدفاً، وتقف من أقوى أمم الأرض حولها موقف المعلم المنقذ، والرائد المعتز بما يحمل من هدى ونور وخير المشفق على ما كانت تتردى فيه الأمم من جهالة وظلام وانحلال، بينما كان العرب ينظرون إليها قبل الإسلام نظر الإكبار والإعظام، ويقفون منها موقف التبعية السياسية والفكرية والاجتماعية، إنه حدث فريد في التاريخ قديمه وحديثه، وليس بعث أسامة إلا عنوان هذا الحدث ونتائج هذه الرسالة الميمونة المباركة.

ثم يتجلى من جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش لأسامة بن زيد وهو شاب في سن العشرين وتحت لوائه شيوخ المهاجرين والأنصار، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهم من هم في سبقهم إلى الإسلام، وحسن بلائهم فيه، وتقدمهم في السن والمكانة على أسامة، إن في هذا سنة حميدة من سنن الإسلام في إلغاء الفوارق بين الناس من جاه وسنٍّ وفضل، وتقديم الكفء الصالح لها مهما يكن سنِّه ومكانته، ثم في رضى هؤلاء العظماء الذين أثبت التاريخ من بعد أن التاريخ لم ينجب مثلهم في عظمتهم وكفاءاتهم، على أن يكونوا تحت إمرة أسامة الشاب، ما يدل على مدى التهذيب النفسي والخلقي الذين وصلوا إليه بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدايته وتربيته وإرشاده.

إن في تأمير أسامة على مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، سابقة عظيمة لم تعهدها أمة من الأمم، تدل على وجوب فسح المجال لكفاءات الشباب وعبقرياتهم، وتمكينهم من قيادة الأمور حين يكونون صالحين لذلك، وهذا درس عظيم لو بقي المسلمون يذكرونه من بعد لاختفت من تاريخ الإسلام محن وكوارث، ومن تاريخ دولته عواصف وفتن زعزعت أركانها وأضعفت من قوتها، فنعم ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بوحي السماء، الموهوب من الحكمة والسداد، وبعد النظر، وعظيم السياسة، ما لم يوهب نبي قبله، ولم يعرف عن عظيم في التاريخ من قبله ومن بعده، ورضي الله عن أسامة الشاب، وهنيئاً له ثقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفاءة قيادته وصدق عزيمته، وحسن إسلامه، رضي الله عنه وجعله قدوة لشبابنا المؤمنين العاملين.


وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كان قد علم من طريق الوحي بقرب أجله، فودع الناس في حجة الوداع، وكانت قلوب الصحابة واجفة هلعة خشية أن يكون أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اقترب، ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، فلما أشيع عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اضطرب الصحابة جميعاً لهول الكارثة، وزلزلت المدينة زلزالها، وطاشت عقول كثير من كبار الصحابة والسابقين إلى الإسلام، فمنهم من عقل لسانه، ومنهم من أقعد عن الحركة، ومنهم وهو عمر من شهر سيفه ينهى الناس أن يقولوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات، ويزعم أنه غاب، وسيرجع إليهم، ولكن أبا بكر وحده هو الذي كان ثابت الجأش، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى على فراشه، فقبله وقال له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما أطيبك حياً وميتاً! أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً، يا رسول الله اذكرنا عند ربك.

ثم خرج أبو بكر إلى الناس، فخطب فيهم وقال: أيها الناس! من كان يعبد محمداً، فان محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله، فان الله حيٌّ لا يموت، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]. فلما تلاها أبو بكر أفاقوا من هول الصدمة، وكأنهم لم يسمعوها من قبل، قال أبو هريرة: قال عمر: فوالله ما هو إلا أن سمعت أن أبا بكر تلاها فعقرت – أي دهشت وتحيرت – حتى وقعت إلى الأرض وما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.

وهنا درسان بالغان:

أولهما: أن الصحابة دهشوا لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لكأن الموت لا يمكن أن يأتيه، مع أن الموت نهاية كل حي، وما ذلك إلا لحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حباً امتزج بدمائهم وأعصابهم، والصدمة بفقد الأحباب تكون على قدر الحب، ونحن نرى من يفقد ولداً أو أباً كيف يظل أياماً لا يصدق أنه فقده، وأي حب في الدنيا يبلغ حب هؤلاء الصحابة الأبرار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد هداهم الله به، وأنقذهم من الظلمات إلى النور، وغير حياتهم، وفتح عقولهم وأبصارهم، وسما بهم إلى مراتب القادة العظماء، ثم هو في حياته مربيهم وقاضيهم ومرشدهم يلجؤون إليه في النكبات، ويسترشدونه في الحوادث، ويأخذون منه خطاب الله لهم وحديثه إليهم وتعليمه لهم، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم انقطع ذلك كله، فأي صدمة أبلغ من هذه الصدمة وأشدها أثراً.

ثانيهما: أن موقف أبي بكر رضي الله عنه دل على أنه يتمتع برباطة جأش وقوة أعصاب عند النكبات لا يتمتع بها صحابي آخر. وهذا ما جعله أولى الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثبت ذلك في حركة الردة في جزيرة العرب.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المحبة للمصطفى
المدير العام
المدير العام
المحبة للمصطفى


عدد المساهمات : 5852
نقاط : 33690
التفاعل مع الاعضاء : 15
تاريخ التسجيل : 18/09/2010
العمر : 74
الموقع : النور المحمدى

أنوار نبوية سيرة وعبر... - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنوار نبوية سيرة وعبر...   أنوار نبوية سيرة وعبر... - صفحة 2 Emptyالخميس أبريل 05, 2012 5:36 am



الله الله الله الله الله الله

اللم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله
صلاة تعجل لنا بالفريجه بحرمة النبي والسيده خديجه
في كل لحظة ابدا عدد خلقك وزنة عرشك ومداد كلماتك
صلوات الله وسلامه على من قال واشوقاه لأحبابي قد ضاقت حيلتي أدركني يارسول الله
اللهم يا الله بجاه فاطمه وأبيها وبعلها وبنيها والسر الذي أودعتها فيها أن تنصر أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم 0 وتذل الأمريكان وأعوانهم من الخونة والعملاء.
اللهم صلَّ على سيدنا محمد صلاة تشفيني بها من كل علة وبأس ..وتغنيني بها عن جميع الجِنة والناس ..
اللهم أشغلني بذكرك عن ذكرهم وأغنني بخيرك عن خيرهم وتولني بالخصوصية من بينهم ونجني بقدرتك من شرهم
إِنك على كل شي قدير وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك..

ما اعظم السيرة الشريفة

وما اكرمك سيدى الهدهد بارك الله فيك وجزاك عنا خير

سلمت يدك


اللهم صل وسلم على سيدنا محمد حبيب قلبي ونور عيني واجمعني عليه ياجامع
اللهم صلى وسلم على بهجة الكمال،وتاج الجلال،وبهاء الجمال،وشمس الوصال، وعبق الوجود، وحياة كل موجود، عز جلال سلطنتك، وجلال عز مملكتك ،ومليك صنع قدرتك ،وطراز صفوة الصفوة من أهل صفوتك، وخلاصة الخاصة من أهل قربك ،سر الله الأعظم، وحبيب الله الأكرم ،وخليل الله المكرم، سيدنا ومولانا محمد صلي الله عليه وسلم

تقبل مرورى سيدى الهدهد وتقديرى لشخصكم الجليل

خادمتكم

المحبة للمصطفى
..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رابعه المصرية
مشرف عام
مشرف عام
رابعه المصرية


عدد المساهمات : 2051
نقاط : 18552
التفاعل مع الاعضاء : 45
تاريخ التسجيل : 06/11/2010

أنوار نبوية سيرة وعبر... - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنوار نبوية سيرة وعبر...   أنوار نبوية سيرة وعبر... - صفحة 2 Emptyالجمعة يناير 18, 2013 12:16 pm

كفيت ووفيت سيدي الهدهد

وكل عام وحضرتك بألف خير وسعادة يارب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أنوار نبوية سيرة وعبر...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى :: ๑۩۩۩۩ ملتقى رسول الله صل الله عليه وسلم ۩۩۩۩๑ :: ๑۩ بركات انوار الميلاد الشريف صلى الله عليه وسلم وآله ۩๑-
انتقل الى: