البسملة : الجزء الثالث

البسملة : الجزء الثالث : البسملة فى أوائل سور القرآن
.................................................................
تصويب وملاحظة : قلتُ فى الجزء الثانى من الموضوع أن الإمام أبو حنيفة من بين القائلين بأن البسملة ليست آية من الفاتحة ... وهذا للأمانة غير دقيق فالصواب أنه سكت عنها ولكنه أفتى بعدم الجهر بها فى الصلوات الجهرية فعددته – أنا – من القائلين ب ( لا ) .... كما أننى قلت أن البسملة هى من أكثر ما اختلف عليه أهل العلم وكنت أعنى بذلك فى القرآن فقط وليس فى أبواب الفقه بوجه عام ........................ أما الملاحظة فهى أن هذا الموضوع ثقافى للإلمام ببعض تفاصيل أمور ديننا الحنيف وليس – معاذ الله – للتشريع أو الفتوى

.................................................................................................................................

هل البسملة آية فى أوائل سور القرآن أم لا؟
انقسم أهل العلم إلى فريقين – كما أسلفنا القول على فاتحة الكتاب – بين قائل ب(نعم ) لجميع السور عدا سورة التوبة ( سورة براءة كما كان يسميها الصحابة ) وعلى رأس هؤلاء يأتى عبد الله بن المبارك والشافعى فى قوله الثانى وهو الأرجح ( إذْ يُنسَب إليه رأى ٌ سابق قبل أن يستقر بمصر وهو أن البسملة أية من فاتحة الكتاب فقط دون بقية سور القرآن) ومعهما كذلك فى الرأى ذاته الإمام الغزالى والفخر الرازى وآخرون

أما القائلون ب ( لا ) فيأتى على رأسهم الأئمة مالك وأبو حنيفة والأوزاعى وكثير من فقهاء المدينة والشام والبصرة ... وقد كره أبوحنيفة قراءتها فى أول السورة التى تُقرأُ بعد الفاتحة فى الصلاة !!
............................................................................................................................

إلى ماذا استند القائلون ب ( نعم ) فى جميع سور القرآن عدا (براءة) ؟
احتجوا بكتابتها فى المصاحف الأولى خصوصاً المصحف الإمام ( مصحف عثمان رضى الله عنه ) وبذات لون الحبر المستخدم فى كتابة السور ذاتها !! وأيضا لإجماع المسلمين على أن ما بين الدفتين هو جميعه كلام الله – كما أسلفنا القول على الفاتحة – وبأن الصحابة كانوا أحرص الناس أن لا يُدخلوا فى القرآن ما ليس منه ... كما احتجوا بما رواه أنس بن مالك حيث قال : (( بَيْنا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – بين أَظْهُرِنا ذاتَ يومٍ إذْ أغْفى إغفاءةً ثم رفع رأسَه متبسماً ، فقلنا : ما أضحككَ يا رسولَ الله ؟ قال : أُنْزِلَتْ علىً سورةٌ آنفاً .......... فقرأَ : بسم الله الرحمن الرحيم إنًا أَعْطَيْناكَ الكوثر )) السورة ... أىْ أثْبت البسملة فى أول السورة

................................................................................................................................

وإلى ماذا استند القائلون ب ( لا ) فى جميع السور ( بعضهم استثنى الفاتحة والبعض لم يستثن شيئا ) ؟
قالوا بوجوب تأويل رواية الصحابى أنس المذكورة آنفا – إن صحت هذه الرواية – لوجود رواية لحديث آخر لذات الصحابى الجليل يجزم فيها بأنه لم يسمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بَسْمَلَ فى الصلاة أبداً !! ... كما احتجوا بما رواه أبو داود فى سُننه والترمذى وصححه عن ابن عباس أنه قال لعثمان بن عفان – رضى الله عنهم أجمعين – قال له : (( ما حَمَلَكم أنْ عَمَدتُم إلى براءة وهى من المئين وإلى الأنفال وهى من المثانى فَجَعَلتُموهما فى السًبْع الطٍوال ولم تكتبوا بينهما سطْرَ بسم الله الرحمن الرحيم ؟ ، قال عثمان : كان النبىٌ – صلى الله عليه وسلم – لمًا تنزلُ عليه الآياتُ فيدعو بعضَ مَنْ كان يَكتُبُ له ويقول له ضَعْ هذه الآيةَ بالسورة التى يُذْكَرُ فيها كذا وكذا) ، أو تنزل عليه الآيةُ والآيتان فيقول مثلَ ذلك ، وكانت الأنفالُ من أول ما أُنزِلَ عليه بالمدينة ، وكانت براءةُ من آخِرِ ما أُنزِلَ من القرآن ، وكانت قِصًتُها شَبيهةً بقصًتِها ، فقُبِضَ رسولُ الله ولم يبيٍن لنا أنها منها ، فظننتُ أنها منها ، فمن هناك وضعتُها فى السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطْرَ بسم الله الرحمن الرحيم ))
ووجه احتجاج القائلين ب( لا ) بهذه الرواية أن البسملة إنما كُتبت كفواصل بين السور فى مصحف عثمان ولم تكن مكتوبة فى الصحف التى جمعها زيد بن ثابت فى زمن خلافة أبى بكر ( رضى الله عنهم أجمعين )
......................................................................................................................

مُوُجَز لقضية الخلاف حول الوضع القرآنى للبسملة

أولا : يتفق جميع أهل العلم – بلا خلاف – فى أن البسملة جزء من الآية 30 فى سورة النمل (( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ))

ثانياً : فريق من أهل العلم يرَوْن أن البسملة هى الآية الأولى من فاتحة الكتاب ومن جميع سور القرآن عدا سورة براءة وهى سورة التوبة

ثالثا : فريق من أهل العلم يَرَوْن أن البسملة هى الآية الأولى من فاتحة الكتاب فقط دون بقية سور القرآن

رابعاً : فريق من أهل العلم يروْن أن البسملة ليست بآية فى جميع سور القرآن دون استثناء !!

............................................................................................................................

عملاً بقاعدة : (( أُخْرُجْ من الخِلاف ما استَطَعْتَ )) !!
ليس من الأدب فى شىء أن أتكلم بحضرة هؤلاء العِلْيَة الأكابر الأئمة الأعلام ................. ولكنْ عملاً بقاعدة (( اُخرجْ من الخلاف ما استطعتَ )) أقول : رغم أن حجج وأسانيد القائلين ب ( لا ) هى أوضح وأظهر وأقوى إلاً أننى أميل إلى اتباع رأْى القائلين ب ( نعم ) لسبب بسيط وهو : أن القائلين بأن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا من أى سورة من سور القرآن ، لم يقلْ أحدُ منهم بحُرمة قراءتها !! فمن الأحْوَط أن نقرأها ولن نزداد إلاً بركةً بقراءتها ..... وعندى سبب آخر يخصنى وهو أنى أحبٌ الإمام الشافعى وأُجٍلُ سيدى عبد الله بن المبارك ........ فلا سبيل عندى إلى مخالفتهما !! وللقلوب أحكام خاصة

» البسملة -الجزء الأول
» البسملة : الجزء الثانى
» الخليفة الأول سيدنا أبوبكرالصديق رضي الله عنه ونُصرته للاسلام
» كتاب: معجزة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).. القسم الثالث
» حديث الولاية والأولياء ( الجزء الثانى)