l l قيمة الوقت والاستافدة منه l l

قيمة الوقت
الحمد لله فاطر الأرض والسماوات، وخالق المخلوقات، ومقدر الأوقات واللحظات، نحمده سبحانه وتعالى ونشكره على ما أنعم به علينا من المنح والهبات، وعلى ما تفضل به علينا من الكرم والعطيات، حمدا وشكرا يليقان بجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد ما فات وما هو آت، ونستغفره عز وجل ونتوب إليه من جميع الذنوب والخطيئات، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن الزيغ والزلات، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي بنعمته تتم الصالحات، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أرسله ربه داعيا إلى الهدى وماحيا للضلالات ، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد سيد الكائنات الذي جاءنا بالآيات البينات والبراهين الساطعات، وعلى أهل بيته الطيبين المطهرين في محكم الآيات، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين والمؤمنات، وعلى أصحابه الكرام الذين جاهدوا معه بأموالهم وأرواحهم فنالوا بذلك أعلى الدرجات، وعلى التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومٍ تُبْعث فيه الأموات، أما بعد:
أيها الإخوة الأحباب، أوصيكم وإياي بتقوى الله والتزود منها ليوم الحساب، كما قال تعالى في نص الكتاب:
(وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) (البقرة : 197 ) وكما أمرنا سيدنا ونبينا محمد جد الحسين والحسن، بتقوى الله في السر والعلن، حيث قال : ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) .
ومن منطلق هذا الحديث النبوي الشريف أقدم هذه النصيحة لنفسي وأحبابي في الله قائلا: يجب علينا المحافظة على عنصر الوقت والاستفادة منه في ما يرضي الله عز وجل ويقربنا إليه وينفعنا في ديننا ودنيانا، ولا نضيع وقتنا سدى وعبثا بدون فائدة؛ لأن الوقت هو عمرنا وهو حياتنا فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا للعبث فقد قال : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون). إذاً من هذه الآية نفهم أننا خلقنا في هذه الدنيا لأداء مهمة عظيمة حمّلنا الله إياها ووجب علينا أداؤها والقيام بها خير قيام. فما هي يا تُرى؟ فلنستمع لقول الله تعالى حيث يقول: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). والعبادة ليست مقصورة في الصلاة والزكاة والصوم والحج وحسْب، بل هي أعم وأشمل. فالعبد المؤمن في بيعه وشراءه وفي كل معاملاته هو في عبادة. والعبد المؤمن في أكله وشربه ولبسه ونومه وتمتعه مع أهله هو في عبادة. والعبد المؤمن في تنزهه البريء إذا كان مستمتعا بكل ما يحيط به ويشاهده من هذا الكون البديع متأملا في صنع صانعه المبدع الحكيم وعظمة قوته وقدرته وبالغ حكمته جل جلاله هو في عبادة. وهكذا العبد المؤمن في كل أحواله وفي كل أحيانه سواء قبل الإجازة أو في الإجازة وفي كل حركاته وسكناته فهو في عبادات متنوعة يرتع في رياضها حتى يستقر به المطاف في روضات الجنان في دار كرامة الرحمن.
وما أشد جهالة وضلالة من يردد كالببغاء قائلا: تعال وهيا بنا نضيع الوقت. فيا ليت شعري لو يعلم هذا المسكين أنه يضيع عمره سدى. وقد قال تعالى قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ,وقال تعالى ( الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ) وما أقبح من يقول تعال نقتل الوقت، وما يدري هذا التعيس أنه جنى على نفسه بنفسه بقتل وقته والله يقول ولا تقتلوا أنفسكم). ويقصدون بقولهم إضاعة الوقت وقتله بفعل المنكرات وارتكاب المهلكات والله سبحانه تعالى يقول: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). ويا ليتهم استفادوا من أوقات فراغهم ومناسبات إجازاتهم من التشكيل في العبادات التي تقربهم إلى ربهم كدراسة العلوم الشرعية كحفظهم لكتاب الله وتعلمهم التفسير والحديث والفقه وعلوم اللغة العربية أو أي علم نافع من العلوم الدنيوية وكاالنزه الترفيهية والتأملية في آن واحد.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)
وقال عليه الصلاة والسلام لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به). وقال عليه الصلاة والسلاماغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك)
وقد قيل: ومن تفته ساعة في عمره تكن عليه حسرة في قبره
وقيل: ومن يبع عاجلا منه بآجله يبن له الغبن في بيع وفي سلم
وقيل: من المقت إضاعة الوقت.
وقيل: يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك.
ومن لم يستفد من وقته بما يقربه من ربه فقد عقّ وقته وظلم نفسه. قال تعالى ( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
وما علم هؤلاء القائلون هيا بنا نقتل الوقت أن الوقت هو الذي قد قتلهم بضرب أعناقهم بسيفه.
وقيل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.فكم للوقت من ضحايا في أهل عصرنا وهم السبب في ذلك.وما أجدر بالمؤمن العاقل أن يحافظ على وقته فهو أنفس شيء وأثمن شيء وأغلى شيء لأنه حياته ومن المعلوم شرعا أنه تجب المحافظة على الضروريات الخمس: النفس والعقل والمال والدين والعرض.
ولله در القائل: والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب وأسال الله تعالى لي ولكم وللمسلمين التوفيق لما يحبه ويرضاه والثبات عليه والإخلاص فيه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مع تحيات ودعوات وتمنيات
الراجي عفو ربه الحي الباقي
أبو محمد السيد موسى عرب الإسحاقي