اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما أمطرت السماء منذ بنيتها وصل على محمد عدد ما أنبتت الأرض منذ دحوتها وصل على محمد عدد النجوم فى السماء فإنك أحصيتها وصل على محمد عدد ما تنفست الأرواح منذ خلقتها وصل على محمد عدد ما خلقت وما تخلق وما أحاط به علمك و أضعاف ذلك
فقد كان من هدي النبي صلـى الله عليه وسلم الصيام في شهر شعبان :
لأن هذا الشهر يغفل الناس عن صيامه؛ لأنه يأتي بين شهر الله الحرام رجب وشهر رمضان.. فعن أسامة بن زيد -ما- قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان. فقال: "ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم"[1].
وعن عائشة -رضـي الله عنها- قالت: "كان رسول الله صلـى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان"[2]. وفي رواية لمسلم: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً". وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلـى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد له ما في صحيح مسلم عن عائشة -ا- قالت: "ما علمته -تعني النبي صلـى الله عليه وسلم- صام شهرًا كله إلا رمضان". وفي رواية له أيضًا عنها قالت: "ما رأيته صام شهرًا كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان".
حسن الاستعداد لشهر رمضان:
إن شهر رمضان شهر الخير والإقبال على الله سبحانه، فكان إذا دخل رجب دعا الله أن يبلغه شهر رمضان فيقول صلـى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبَلِّغنا رمضان"[3]. والحديث قد يكون ضعيفًا، لكن الدعاء مشهور دعا به السلف الصالح، اللهم بلغنا رمضان.
فشهر رمضان يزهو بفضائله على سائر الشهور، فهو شهر القرآن والتوبة والمغفرة والصبر والمجاهدة والجهاد، أبواب الرحمة فيه مفتوحة، والشياطين ومردة الجن مصفدة مغلولة، فيه ليلة خير من ألف شهر، والسعيد من صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا، فلا بد من حسن استقباله.
ومن فوائد الصوم في شعبان أنه كالتمرين والتعويد على صيام رمضان؛ لئلا يصعب عليه صوم رمضان ويشعر بالمشقة والتعب، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، فيدخل رمضان بقوة ونشاط.
وكذلك ينبغي التهيؤ بالإكثار من العمل الصالح في شعبان: من القيام، وقراءة القرآن، والصدقة.. وفي هذا تدريب للمسلم على المنافسة في الأعمال الصالحة، وتعويد لنفسه وتهيئة لها؛ لكي تزداد عملاً واجتهادًا في رمضان.
الصيام في آخر شعبان:
ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين ، أن النبي صلـى الله عليه وسلم قال لرجل: "هل صمت من سَرَر هذا الشهر شيئًا؟ قال: لا. قال: فإذا أفطرت فصم يومين". وفي رواية البخاري: أظنه يعني رمضان. وفي رواية لمسلم: "هل صمت من سَرَر شعبان شيئًا؟". ومعنى السَّرار: أي آخر الشهر. فإن قال قائل: قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضـي الله عنه، عن النبي صلـى الله عليه وسلم قال: "لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان يصوم صومًا فليصمه"[4]. فكيف نجمع بين حديث عمران وفيه الحثُّ على الصوم وبين حديث المنع؟
فالجواب: قال كثير من العلماء: إن هذا الرجل الذي سأله النبي كان يعلم أن له عادة بصيامه، أو كان قد نذره، فلذلك أمره بقضائه. وقيل في المسألة أقوال أخرى، وخلاصة القول: إن حديث أبي هريرة -السالف الذكر- هو المعمول به عند كثير من العلماء، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلاً بآخره.
فإن قال قائل: لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة (لغير من له عادة سابقة بالصيام)؟ فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها:
أحدها: لئلاّ يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، كما نهى عن صيام يوم العيد لهذا المعنى؛ حذرًا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم. ولهذا نهى عن صيام يوم الشك، قال عمار: من صامه فقد عصى أبا القاسم . ويوم الشك: هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يُقبل قوله. وأما يوم الغيم: فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه.
المعنى الثاني: الفصل بين صيام الفرض والنفل، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع؛ ولهذا حرم صيام يوم العيد.
وأما حديث: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" فضعيف، والله أعلم. نسأل الله تعالى ان يتقبل منا الصيام والقيام وصالح الاعمال والاستعداد للكريم رمضان
وكل عام وانتم وأهليكم بالصحة والعافية والهناء