وله .......احيا

موضوع: وله .......احيا الإثنين نوفمبر 05, 2012 10:53 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

“هات ما عندك يا عراقى”

أطرق الإمام الجنيد رحمه الله برأسه والتمع بريق الدمع فى عينيه حين طرقت مسامعه تلك العبارة التى وجهها إليه هذا الشيخ الكبير سائلا إياه عن وصف العبد المحب طالبا منه أن يذّكره وباقى الأشياخ الجالسين معهم بهذا المعنى الجليل ويدلى معهم بدلوه فى بحار لطائفه

عن العبودية والمحبة تسألونى ؟؟
عن التعلق بمولاى تسألونى ؟؟
و هل تكفى حروفى لبيان قطرة مما أحمله فى صدرى من فيوضات المشاعر والمعانى؟
و هل تسع الكلمات ما أجد من أحاسيس تملك على جنانى وتحمل قلبى إلى ربوع جنة الدنيا؟

لأملك إلا أن أقول أنه
” عبد ذاهب عن نفسه، متصل بذكر ربه، قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هيبته، وصفا شربه من كأس وده، فإن تكلم فبالله، وإن نطق فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكن فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله”

ساد الصمت لحظات لا يشوبه إلا بعض همهمات بكاء مكتوم بينما الأعين الدامعة تنظر إلى الشاب الذى فتحت عليه تلك المعانى الرائقة التى حركت قلوبهم وملكت عليهم أفئدتهم وأسالت أنهار الشوق من مآقيهم
ثم قطع الصمت قول قائلهم وغمغماتهم تصديقا لقوله
“ما على قول الجنيد مزيد”

نعم و الله ما على قوله هذا مزيد فى وصف حال العبد الربانى
العبد الذى يعيش لا هم له إلا إرضاء سيده
البعض ينظر إلى كلمات الجنيد هذه على أنها محض خيال لا يمكن تحقيقه ولا لزومه
معقول أن يوجد من يعيش لله وبالله ومع الله بهذا التجرد البديع وذلكم الإخلاص العجيب؟

الجواب:
نعم
معقول جدا
بل مطلوب أيضا
لو تأملنا خواتيم سورة الأنعام لوجدنا هذا المعنى ظاهرا جليا

معنى الحياة لله

معنى أن يعيش المرء وأن يموت لله رب العالمين وليس فقط يصلى وينحر له جل وعلا
تأمل فى قوله تعالى “قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”

إنها نقلة فكرية و روحية هائلة

لقد جرت العادة بين الخلائق قرونا قبل بعث النبى صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة الشاملة الكاملة أن يوجه الناس ما لقيصر لقيصر وما لله لله وأن ينعزل الدين عن الحياة ويظل حبيسا بين جدران دور العبادة لا يُذكر إلا حين الحاجة إليه
جرت العادة أن يُنظر دائما إلى الدين على أنه فقط شعائر تعبدية لا علاقة لها بمعايش الناس ولا بمعاملاتهم وأن تقتصر على صلاة وذكر ودعاء ونسك (أى ذبح) وما كان على ذلك النسق
أما أن يعبر الدين حدود الجدران والصدور وأن يتحول إلى حياة متكاملة الأركان فهذا ما لم يعرفه العرب قبل البعثة ولا عرفته كثير من الأمم شرقا وغربا

هذه الآية العظيمة تفاجىء أصحاب تلك الأفكار الإقصائية –للدين– بمعنى مباين تماما لما يظنوه بل ويريده كثير منهم
إنها تفاجئهم أن الدين حياة كاملة شاملة
تفاجئهم أن المعنى الذى قدمنا به و أشار إليه الجنيد رحمه الله عن العبد الذى يتكلم وينطق ويتحرك لله وبالله ليس دروشة ولا خيال إنما هو أصل شرعى
أن يكون المحيا لله والممات لله وليس فقط الصلاة والنسك هى ما له
و قد يفهم أن يكون الممات لله حين الجهاد والتضحية بالنفس فى سبيل الله وقد قيل أن هذا أهون على النفس البشرية من الحياة فى سبيل الله
فالموت لحظة إذا تجرأ الإنسان واتخذ فيها قرار الإقدام والبذل لله فإنه لا يجد من آلامها إلا كمس القرصة
لكن الحياة فى سبيل الله شأن آخر
أن يحاول المرء وأن يكون هدفه إرضاء ربه فى كل سكناته وحركاته ومعاملاته وصمته وكلماته فهذه هى الحياة لله
وهذا هو الفارق بين المخلِص (بكسر اللام) والمخلَص (بفتحها)
فالمخلِص بالكسر الذى يبتغى وجه الله فى أعماله وخص البعض تلك الأعمال بحين يعبد لا يريد إلا الله بعباداته
أما المخلَص بالفتح فهو أعلى درجة ومنزلة حيث أنه هو من استخلصه مولاه استخلاصا فصار فى حياته وسائر حاله مع الله وبالله ولله
وهذا هو من ينجو من إغواء الشيطان وكيده كما استثنى هو فقال “لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلَصين”
ولقد تحمل من يعيشون لله ما لا يتحمله غيرهم ممن لا يستقر فى قلوبهم هذا المعنى السامى

وهل كان نوح ليطيق سخرية واستضعافا ويصبر على لأواء الدعوة وتكاليفها ألف سنة إلا خمسين عاما لولا أنه عاش هذه الأعوام الألف مع الله وبالله ولله؟
وهل كان يوسف ليصبر على السجن بل ويصرح أنه أحب إليه من عيش فيه عصيان لمولاه لولا أنه رجل يحيا بالله ولله ومع الله؟
وهل كان إبراهيم ليواجه قومه ويصبر على أذاهم وبطشهم لولا ذلك؟
وهل كان أيوب ليتحمل أعواما من الضر والمرض والآلام لولا أنه عاشها فى أنس مع مولاه؟
وغيرهم وغيرهم ممن أدركوا أنه كما أن الأمر كله لله والفضل كله بيده فإنما تكون الحياة كلها له ومعه وبه
ومن ثم يسهل على أمثال هؤلاء ممن عاشوا لله أن يكون موتهم فى سبيله ولأجله ودون أدنى تردد

ويختم المعنى بقوله
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
ففارق كبير من من تمزقت حياته بين شركاء متشاكسين من درهم ودينار وشهوة وشبهة
وبين من وجد وجهته وعرف طريقه ثم سارع إليه ولم يكتف بمجرد المعرفة والمسارعة إنما آثر السبق واختار أن يكون مع الأولين
ولكل عائق وعقبة وطريق جديد أولون يكونون فى طليعة من اقتحمه وهؤلاء لهم مقام خاص ولطالما خصهم الشرع بالثناء فما بين أول من أسلم من الرجل ومن النساء والصبية وما لهم من مقام رفيع إلى أول من استشهد وأول من جهر وأول من نصر وأول من غزا وأول من كان فى الصف نجد الفضائل والقدر عند الله
وفيه توجيه للحرص على السبق ولا يزال قوم يؤخرون حتى يؤخرهم الله وحتى يؤخرون فى الجنة وإن دخلوها
ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستفتح صلاتنا بإعلان هذه الوجهة الواحدة كما فعل إبراهيم عليه السلام فى نفس السورة فقال ” إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين ” ثم بإقرار المحيا والممات والصلاة والنسك من قبلها لله تعالى وحده بلا شريك
واستفتاح الصلاة بالذات بهذا الإعلان التوحيدى الخالص له مدلول مهم
فها هنا مقام عبادة ورغم ذلك لا ينسى العابد أن توحيد وجهته ليس قاصرا على العبادة وحسب وإنما يمتد ليشمل جميع نواحى الحياة وحتى الممات
ألا فليري أولئك الذين يميتون علينا ديننا من الغلاة المتنطعين ومن المميعين المفرطين على سواء فما هو بدين كهنوت ولا انعزال أو هروب وما هو بدين يقبل أو يسعه أن تقصوه وتحصره فى المساجد أو الصدور
إنما هو حياة كاملة متكاملة ما فرط خالقها فى كتابها من شىء
فليدرك كل منا نفسه وليقومها على ذلك
على أن تحيا لله
لعلها ترزق بذلك موتا فى سبيله والجزاء من جنس العمل

” عبد ذاهب عن نفسه، متصل بذكر ربه، قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هيبته، وصفا شربه من كأس وده، فإن تكلم فبالله، وإن نطق فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكن فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله”
“قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”

اختي رابعة ما على قول الله تعالى وشرح سيدي الجنيدي مزيد
فقط اسال الله عزوجل ان تكون من الذين يحبوهم الله ويحبونه
بارك الله فيك

الله الله الله
“ما على قول الجنيد مزيد”

ولا على كلامك سيدتى تزييد
اللهم انفعنا بهذه الكلمات الرقيقه الكامله المتكامله
اللهم امين
تقبلى مرورى سيدتى

اختي الجميلة الطيبة نوران

وسيدي ابو حامد

جعلنا الله جميعا من اهل الحب ونداء الحب ونظرة الحب يااااااااااااااااااااااااااااااااااااارب

شكرا لمروركم الذي يبهج قلبي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]