ان كشف الضوء على الاحداث التاريخية المعاصرة , نرى تطور المذهل في العلوم و
التكنولوجيا استأثر بهما من دوننا اعداء الاسلام ,نرى الاتفاق بين شطري الجاهلية على التصدي العدواني لنهضة الاسلام , نرى فرقة المسلمين و
تمزقهم ,نرى هيمنة المادية الجاهلية و ثقافتها في العالم , نرى احتلال العدو للأرض المسلمين و اقتصادهم و عقلهم , نرى الانظمة الحاكمة في بلاد
المسلمين المجزأة أقطار و دويلات تمثل الحكم الجبري الذي يتحدث عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح الذي يبشرنا بإشراق شمس الخلافة بعد ظلام العض و الجبر .
روى الامام احمد بإسناد صحيح عن حذيفة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :* تكون النبوة فيكم ما شاء الله ان تكون , ثم يرفعها الله اذا شاء
ان يرفعها .ثم تكون ملكا عاضا , فيكون ما شاء الله ان تكون , ثم يرفعها الله اذا شاء ان يرفعها. ثم تكون ملكا جبريا , فتكون ما شاء الله ان تكون , ثم
يرفعها اذا شاء أن يرفعها . ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة . ثم سكت.*
اننا اذ ننظر الى الاحداث المائجة في عصرنا و نعيش مع الأمة أملها في أن يظهر الله دينه على الدين كله كما وعد و وعده الحق لن نعدو محطات الآمال
المجنحة الخائبة , تجنيحها و تحليقها فوق الواقع ,تحليقا يعطى النشوة المخدرة لكنه لا يعطي التبصر , ان لم نتخذ هذا الحديث الجليل و امثاله دليلا
لمعرفة الانحراف التاريخي الذي حول مجرى حياتنا ففقدنا بالتدريج مقوماتنا.
ذهبت الشورى مع ذهاب الخلافة الراشدة , ذهب العدل , ذهب الاحسان , جاء الاستبداد مع بني أمية , و مع القرون استفحل , واحتل الارض و
واحتل العقول , واعتاد الناس أن يسمعوا عن الخلافة الاموية و العباسية.
وعاشوا على سراب الأسماء دون فحص ناقد للمسميات .سماها رسول اله صلى الله عليه و سلم ملكا غاضا و ملكا جبريا و سماها *المؤرخون *
الرسميون خلافة , فانطلقت الكذبة على الاجيال , و تسلينا و لا نزال بأمجاد هذه *الخلافة* . و قد كانت بالفعل شوكة الاسلام و حامية من العدوان
الخارجي . لكن في ظلها زحف العدوان الداخلي لما أسكتت الاصوات الناهية عن المنكر , واغتيل الرأي الحر , و سد باب الاجتهاد .في ظلها و في
خفاء الصراعات تكونت المذاهب الدساسة ,و تمزقت الامة سنة و شيعة , و تشتت العلم مزعا متخصصة عاجز فيها أصحاب التخصص عن النضرة
الشاملة .
لا يجسر أحد على بسط منهاج السنة و القران مخافة السلطان.
كان القتال في ظلها قد انتهى الى تركين القران و أهله في زوايا الاهمال أو الفتك بهم في *مقاومات* مثل قومة الحسين بن علي رضي الله عنهما
الدموية. و في ظلها تسلط السيف تسلطا عاتيا. و تقدم أصحاب العصبيات العرقية , فحكم بنو بوية و السلاجفة , و العبيديون , و هلم جرا .حكم كل
أولئك تحت ظلها , يفتي تحت ظلها المفتون بشرعية حكم المستولي بالسيف . وسلام على الشورى و على العدل و الاحسان.