زائر زائر
| موضوع: ثمنك إيمانك و خلقك السبت يونيو 22, 2013 11:11 am | |
|
ثمنك إيمانك و خلقك
مر هذا الرجل الفقير المعدم , وعليه أسمال بالية و ثياب رثة , جائع البطن , حافي القدم, مغمور النسب, لا جاه و لا مال و لا
عشيرة , ليس له بيت يأوي إليه, و لا أثاث و لا متاع , يشرب من الحياض العامة بكفيه مع الواردين , و ينام في المسجد ,
مخدته ذراعه , وفراشه البطحاء , لكنه صاحب ذكر لربه و تلاوة لكتاب مولاه , لا يغيب عن الصف الأول في الصلاة و القتال
, مرة ذات يوم برسول الله صلى الله عليه وسلم فنداه بإسمه و صاح به : * يا جليبيب ألا تتزوج؟*. قال : يا رسول الله , و من
يزوجني ؟ و لا مال و لا جاه , ثم مر به أخرى , فقال له مثل قوله الاول , و أجاب بنفس الجواب , و مر ثالثة , فأعاد عليه
السؤال و أعاد هو الجواب , فقال صلى الله عليه و سلم :* يا جليبيب , انطلق الى بيت فلان الأنصاري و قل له :رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقرئك السلام , و يطلب منك أن تزوجني بنتك*.
و هذا الانصاري من بيت شريف و أسرة موقرة , فانطلق جليبيب الى هذا الانصاري و طرق عليه الباب و أخبره بما أمره به
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال الانصاري : على رسول الله صلى الله عليه السلام , و كيف أزوجك بنتي يا جليبيب و لا
مال و لا جاه ؟ و تسمع زوجته الخبر فتعجب و تتسائل ّ: جليبيب , لا مال و لا جاه ؟ فتسمع البنت المؤمنة كلام جلبيبب و
رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم فتقول لأبيها : أتردون طلب رسول الله صلى الله عليه و سلم , لا و الذي نفسي بيده. وحصل الزواج المبارك و الذرية المباركة و البيت العامر , المؤسس على تقوى من الله و رضوان ,و نادى منادي الجهاد , و
حضر جليبيب المعركة , و قتل بيده سبعة من الكفار , ثم قتل في سبيل الله , و توسد الثرى راضيا عن ربه و عن رسوله صلى
الله عليه و سلم و عن مبدئه الذي مات من اجله , و يتفقد الرسول صلى الله عليه و سلم القتلى , فيخبره الناس بأسمائهم , و
ينسون جليبيبا في غمرة الحديث , لأنه ليس لا معا و لا مشهورا , لكن الرسول صلى الله عليه و سلم يذكر جليبيبا و لا ينساه ,
و يحفظ إسمه في الزحام و لا يغفله , و يقول : لكنني افقد جليبيبا*. و يجده و قد تدبر بالتراب , فينفض التراب عن وجهه و يقول له : قتلت سبعة ثم قتلت ؟ انت مني و انا منك , أنت مني و أنا
منك , أنت مني و أنا منك ,و يكفي هذا الوسام النبوي جليبيبا عطاءا و مكافاة و جائزة. إ ثمن جليبيب , إيمانه و حب رسول الله صلى الله عليه و سلم له , و رسالته التي مات من اجلها .
إن فقره و عدمه و ضالة اسرته لم تؤخره عن هذا الشرف العظيم و المكسب الضخم , لقد حاز الشهادة و الرضا و القبول و
السعادة في الدنيا و الاخرة :* فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم و لا هم يحزنون*.
إ ن قيمتك في معانيك الجليلة و صفاتك النبيلة.
إن الفقر و العوز و الخمول ما كان . يوما من الايام . عائقا في طريق التفوق و الوصول و الاستعلاء . هنيئا لمن عرف ثمنه
فعلا بنفسه , و هنيئا لمن أسعد نفسه بتوجيهه و جهاده و نبله , و هنيئا لمن أحسن مرتين , و سعد في الحايتين , و أفلح في
الكرتين , الدنيا و الاخرة.
|
|