المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 33698 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 74 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: الاسراء والمعراج الثلاثاء مايو 27, 2014 4:06 pm | |
| مع اقتراب مناسبة الإسراء والمعراج , جال بفكري عدد من الخواطر الشاملة تتناسب مع جلل هذا الحدث وإنفراده في تاريخ البشرية , فالمرحله التي قام بها صلي الله عليه وسلم في إسرائه إلي بيت المقدس ثم معراجه إلي ما فوق السموات السبع لينتهي به المطاف عند سدرة المنتهي في عده دقائق محدودة ليعود فيجد فراشه مازال دافئًا أمر لم يتكرر مرة أخري مع بشر , هذا إن دل علي شيء فيدل علي مدي تميز هذه الحادثة عن بقية التاريخ الإنساني جملة وتفصيلاً , وتتلخص هذه الخواطر فيما يلي :
1- الأمة الإنسانية أمة ...واحدة , ويتوج حدث الإسراء والمعراج هذا المعني , إذ التقي رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء , وصلوا صلاة واحدة يؤمهم فيها صلي الله عليه وسلم , إشاره إلي أن هذه الأمة تتبع جميع الأنبياء وتؤمن بهم , وذلك باتباعهم لنبيهم الخاتم . إن الله سبحانه وتعالي كما أرسل الرسل بالعهد القديم , والعهد الجديد , فقد ختمهم رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي انزل معه العهد الأخير , وجعل الله سبحانه وتعالي الأمة واحدة من لدن آدم إلي يومنا هذا : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81]. وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : « إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ » [صحيح البخاري] . 2- أنعم الله تعالي علي نبيه في هذه الرحلة بنعمة النظر إلي وجهه الكريم , وأجمع العلماء أن متعه النظر إلي الله سبحانه وتعالي هي أجل نعمة للإنسان , فلا مزيد عليها في التمتع الحسي والمعنوي , وهو ما يتمثل في قوله تعالي : {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26] قال العلماء : الزيادة هي النظر إلي وجهه الكريم . وفي حديث صهيب عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : « إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَادَى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ ، قَالُوا : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ وَتُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، قَالَ : فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ. قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ » [سنن الترمذى]. والنظر إلي الله لا يكون بالإبصار إنما يكون بشيء يخلقه الله سبحانه وتعالي يمكن من ذلك ; فقال عز وجل : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة: 22، 23], والناضرة من نضرة النعيم , وناظرة أي ان الوجوه تنظر , وليس العين لأنه سبحانه وتعالي لا يدركه البصر {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ } [الأنعام: 103]. إنما الذي يدركه شيء وراء ذلك يخلقه الله سبحانه وتعالي في العبد كما خلقه في سيد المرسلين صلي الله عليه وسلم في ليلة المعراج فرآه كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وكما ورد في سوره النجم في قوله تعالي : {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } [النجم: 11], علي إرجاع الضمير إلي الله سبحانه وتعالي كما ثبت في البخاري . 3- أخر الله سبحانه وتعالي النبي صلي الله عليه وسلم في الظهور الكوني فقدمه في الظهور المعنوي , فعلي الرغم من أنه صلي الله عليه وسلم أخر الأنبياء إلا أنه صلي بهم إمامًا في ليلة الإسراء والمعراج . ويجب علي المسلم أن يتدبر في هذا الأمر , فهو لا يعرف أين الخير ! قد يعطيه الله عز وجل في الدنيا ثم يمنعه بهذا العطاء في الأخرة ; فيفرح اليوم ولا يدري ماذا يخبئ الله له غدًا , وأحيانًا يمنعه في الدنيا فيتبرم ولا يدري إن هذا المنع عطاء . وقد لخص ابن عطاء الله السكندري في حكمه هذا الدرس بقوله رضي الله عنه : " رُبَّمَا أَعْطَاكَ فَمَنَعَكَ، وَرُبَّمَا مَنَعَكَ فَأَعْطَاكَ ", فلعله أخرك في الدنيا ليقدمك في الأخرة , أو أخرك في ترتيب الناس ليقدمك عنده سبحانه وتعالي . وفي المعاملة مع الله يجب علي المسلم أن يفهم عن الله , وهذا ما سيؤدي به إلي الرضا والتسليم , ومن دعاء الصالحين : اللهم يسر ولا تعسر .. خر لي واختر لي . 4- المؤمن يعظم الأحداث فتراه يحتفل بالمولد الشريف حيث شرف رسول الله صلي الله عليه وسلم الكون والكائنات .. ولد الهدي فالكائنات ضياء ** وفم الزمان تبسم وثناء والمسلم يحتفل بالإسراء والمعراج ويتدبر فيها معجزة تثبت حول الله وقوته وتثبت علو مقام نبينا الشريف عند ربه وإنفراده في ظاهرة لن تتكرر , وإثبات أن هذه الأكوان إنما تسير بأمر الله ولا تكون ولا تخرج عنه سبحانه وتعالي , فالمسلم يحترم الأشياء والأشخاص والأحداث ويقدس الزمان والمكان، قداسة هي عين التوحيد لأنها تطهير للأوقات والأماكن , وهي عين التبري من الحول والقوة لله رب العالمين , وهي تعظيم لحرمات الله كما أمر الله وتعظيم لشعائر الله كما أمر , وسعيًا إلي تقوي القلوب كما وصف , وسعيًا للخير عند الله مدخر عنده سبحانه . ....... | |
|