من كلام الشيخ الدكتور على جمعة حفظه الله...لا تلتفت الا الى لله
فالإنسان يَجِبَ عليه أن يُحَرِّرَ مَسِيرَته إلى الله فلا يَلْتَفِتُ إلى سواه فَإِنَّ الْمُلْتَفِتَ لاَ يَصِلُ.
وفى الطريق شواغل ومشاغل .. لَوَافِتُ تريد أن تَلْفِتَك عن النَّظَر إلى الله، والله هو مقصودُ الكُلّ.
فى الطريقِ إلى الله بَهْرَجَة عن اليمين وعن اليسار؛ إذا وقفت عند كل ما يشغلك ويلفتك - ولو كان من ظُهُورِ الأنوار وانْكِشَاف الأسرار بَلْ وظهور الكرامات وخوارق العادات - فإنك لا تصلُ إلى الله.
والعابد يَعْبُد والذَّاكِرُ يَذْكُر فإن كثيراً من الشواغل والمشاغل واللوافت تُفْتَحُ عليه، بعضُها من قِبَل الشيطان، وبعضها من قبل الابتلاء والامتحان، فإذا خَلَّيْتَ نَفْسَكَ عنها ولم تلتفت إليها ولم تَرْغَب إلا فى الله، أنقذكَ اللهُ منها وَحَصَّنَكَ من الوقوع فى تلك اللوافت وسار بك إليه سبحانه وتعالى لا تَقْصُدُ إلا هُو.
اللهُ سبحانه وتعالى جَعَلَ لَنَا مَا يُسَمَّى بالمُلْكِ، وجَعَلَ لَنَا مَا يُسَمَّى بالمُلْكِوتِ:
فالمُلْك ما تراه أو تَقْدِرُ أَنْ تراه،
والملكوت ما لا تراه بِحَوَاسِّك وكلاهما فيه أنوار، وفيه أسرار، وكُلُّ ذلك لاَفِتٌ عَنِ الله سبحانه وتعالى.
أنوار المُلْك كَنُورِ الشمس والقمر والنجوم والكهرباء وغيرها مما يُنِيرُ لك فى بَصَرِكَ وَحِسِّكَ ما حَوْلَك.
وأنوار الملكوت تتعلق بالقلوب فَيَنْشَرِحُ القلب وينبسط ويُسَرّ، وقد يصل برؤيا البصيرة إلى أن يَرَى نُورًا فى خَلْوَتِه أو فى حُجْرَتِه أو نورا فى السماء، وكُلُّ ذلك من اللوافت.
بعض العابدين الجاهلين يغتر بذلك ويرى أنه قد وَصَلَ فإذا قد وصل بهذا فقد ضَلَّ الطريق، حتى قِيلَ: إن العابدين يَظْهَرُ لهم عَرْشٌ نُورانىّ فى السماء يقول له أنا رَبُّكَ فاسجد لى، فإن سَجَدَ كَفَر؛ لأنه {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، سبحانه وتعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، سبحانه وتعالى {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، لا يُرَى فى الدنيا.