قال العزّ بن عبد السلام رحمه الله
وأيّ فرحٍ أشرف من الفرح بسيّد الخلق، صلى الله عليه وسلم، لذا كان هذا الفرح قُربة من القربات. يُثاب عليها المؤمن المحب أجزل الثواب. ويُرفَع بفضلها إلى أعلى الدرجات؛ وكيف لا وقد خُفِّف العذاب عن كافر بسبب فرحه بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فما بالك بالموحِّد المحب. فقد رُوي أنّ العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه رأى أبا لهب في المنام بعد مماته. فسأله عن حاله، فقال له:لم ألق خيرا بَعدكم. غير أنّي سُقِيت في هذه وأشار بنقرة بين الإبهام والسبابة. بعتاقتي لجاريتي ثويبة الأسلمية، وإنّه لَيُخفَّف عنّي في كل ليلة اثنين، ذلك أنّها بشَّرته بولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم. فإذا كان هذا حال الكافر. الذي لا تنفعه طاعة أو خير مع كُفره. حيث يُخفَّف عنه إكراما له صلى الله عليه وسلم لفرحه بولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بال المسلم المؤمن الموحِّد المحب لجناب خير خلق الله صلى الله عليه وسلم. وإلى هذا المعنى اللطيف والنفيس أشار الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين المشقي رحمه الله في هذه الأبيات البديعة لما قال:
إذا كان هذا كـافرا جاء ذمُّـه بتبّت يداه في الجحيم مخلَّدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائمـا يُخفَّف عنه للسرور بأحمَـدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا وبات مُوَحِّدا