سيد الطائفة:
الإمام الجنيد بن مُحَمَّدِ بْنِ الجنيد أَبُو الْقَاسِمِ الخزاز البغدادي رضي الله عنه من كبار أهل الله، هو سيد الطائفة ومقدم القوم، أصله من نهاوند إلا أن مولده ومنشأه ببغداد، وقد كان على حال من العبادة والزهد عظيمين مستقيما على طريقة السلف رضوان الله عليهم، يعظم كتاب الله عز وجل وسنة مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وينهى عن البدعة والإحداث في الدين ما ليس منه.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: سمع الحديث ولقي العلماء ودرس الفقه عَلَى أَبِي ثور، وصحب جماعة من الصا...لحين ومنهم الحارث المحاسبي والسري السقطي، ثم اشتغل بالعبادة ولازمها حتى علا شأنه وصار شيخ وقته وفريد عصره فِي علم الأحوال والكلام عَلَى لسان الصوفية.
وله أخبار مشهورة، وأسند الحديث عَنِ الْحَسَن بن عرفة، وقد أثنى عليه وعلى سيرته أهل العلم، ننقل طرفا من أقوالهم:
قال الحافظ أبو نعيم الأصفهاني رحمه الله: "كَانَ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّنْ أَحْكَمَ عِلْمَ الشَّرِيعَةِ" وقال أيضا: "كَانَ الْجُنَيْد رحمه الله سَيِّدُ الطَّائِفَةِ، إمَامَ هُدًى".
وقال الحافظ الشمس الذهبي رحمه الله: "كان شيخ العارفين وقُدْوة السّائرين وعَلَم الأولياء في زمانه، رحمة الله عليه".
وقال أحمد بن جعفر في تاريخه: "سمع الكثير، وشاهد الصالحين وأهلَ المعرفة، ورزق من الذكاء وصواب الإجابات في فنون العلم ما لم ير في زمانه مثله عند أحد من أقرانه ولا ممن أرفع سنى منه، وكان في عفاف وعزوف عن الدّنيا وأبنائها، لقد قيل لي إنّه قال ذات يوم: كنت أُفتي في حلقة أبي ثَوْر الكلبيّ ولي عشرون سنة ".
وقال عليّ بن هارون ومحمد بن أحمد بن يعقوب: سمعنا الْجُنَيْد غير مرة يقول: "علمنا مضبوطٌ بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ولم يتفقّه لا يُقْتَدى به".
وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَتْلُو الْقُرْآنَ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ رَفَقْتَ بِنَفْسِكَ، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ إِلَى ذَلِكَ مِنِّي الْآنَ، وَهَذَا أَوَانُ طَيِّ صَحِيفَتِي".
فرضي الله عنه وأرضاه وجازاه عن الإسلام والمسلمين وأهل الطريق خير الجزاء.
.............