من طهر الله لم يلحق به دنسٌ

بسم الله الرحمن الرحيم
قال رضي الله تعالي عنه بكره الجمعة في المدرسة ثامن عشر شعبان سنة خمس وأربعين وخمسمائة من كلامه.
اشتغل بإصلاحك وصلاحك، ودع عنك هوس الدنيا، تفرغ من همومها ما استطعت، كان النبي صلي الله تعالي عليه وسلم يقول: " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم ".
هذه الدنيا ؟! اطلب الخلاص منها، اخلع لباسها واهرب منها، اخلع لباس النفس وسر إلي باب الحق عز وجل، وإذا انخلعت مما سوي الله عز وجل، وإن كان ما سواه تابعا للنفس وقد رأيت ربك عز وجل، سلم إليه وقد سلمت جاهد فيه وقد اهتديت، واشكره وقد زادك، سلم إياك والخلق إليه، لا تعترض عليه فيك ولا في غيرك، القوم لا يريدون مع الله عز وجل إرادة ولا يختارون معه اختيارا، لا يحرصون علي طلب أقسامهم، ولا ينظرون إلي أقسام غيرهم، إن أردت صحبة القوم دنيا وآخرة فوافقه في أقوله وأفعاله وإرادته.
إن أردت الفلاح فعليك بالسكون بين يديه، سكون الظاهر والباطن، أد الأمر وانته عن النهي ووافق القدر وسكن ظاهرك وباطنك عن الكلام بين يديه وقد رأيت الخير دنيا وآخرة. لا تسأل الخلق شيئا، فانهم عجزة فقراء لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرا ولا نفعا. اصبر مع الله عز وجل ولا تستعجله ولا تستبخله ولا تتهمه عليها، هو أشفق عليكم منكم، منك عليك، عليكم بالموافقة له عز وجل فهو أعلم منكم بكم، ليس كل ما فيه مصلحة لكم يطلعكم عليه.
ومن أراد سلوك طريق الحق عز وجل فليهذب نفسه قبل سلوكه، جاهدها حتي تطمئن، فإذا اطمأنت استصحبها معك إلي بابه، لا توافقها إلا بعد الرياضة بعد التعليم وحسن الأدب والطمأنينة إلي وعد الله عز وجل ووعيده، فبدوام المجاهدات تنفتح عيناها وينطبق لسانها وتسمع أذنها ويزول خبلها وجهلها وعداوتها لربها عز وجل، وهذا يحتاج إلى حبال ورجال، ودوام ساعة بعد ساعة، ويوم بعد يوم، وسنة بعد سنة.
المصدر : الفتح الرباني والفيض الرحماني.