1- قوله عز وجل أثناء حديثه عن النبي سليمان (ع) : (
قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي
بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ -
قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ
لَقَوِيٌّ أَمِينٌ - قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ
الإنصاف في مسائل الخلاف ج2 .................................................................. 587
|
مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ
يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ
مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي
لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ
رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ - قَالَ نَكِّرُوا لَهَا
عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنْ
الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ - فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ
أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ
وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا
مُسْلِمِينَ ) . (1)
ووجه الاستدلال بالآيات الكريمة أنّ من كان عنده علم
من الكتاب كان يستطيـع وبـإذن الله عـز وجـل أنْ يأتي
بعـريش بلقيس لنبي الله سليمـان (ع) قبل أنْ يرتد إليه
طرفه ، مع أنه بالاتفاق لم يكن من الأنبياء (ع) ، وهو
دليل على ثبوت ولاية تكوينية له من قبل الله تعالى ،
ومن بديهيات العقل أنّ الوقوع دليل الإمكان ، فكل
ممتنع لذاته لا يمكن أنْ يقع أصلاً بأي حال من الأحوال
، كما أنّ الآية الكريمة تثبت عدم امتناع ذلك على من
لم يكونوا من الأنبياء (ع) من أولياء الله الصالحين ،
والآيات الكريمة تدل على قدرة الذي عنده علم من الكتاب
بإذنْ الله عز وجل أنْ يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى
فلسطين في لحظة واحدة وقبل أنْ
<table style="border-collapse: collapse" id="table1389" width="100%" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td width="1%" align="right" bgcolor="#C0C0C0"> </td> <td width="98%" align="right" bgcolor="#C0C0C0"> (1) سورة النمل : 38 - إلى - 42 . </td> <td width="1%" align="right" bgcolor="#C0C0C0"> </td> </tr> </table> |
588 .................................................. معجزات أهل البيت عليهم السلام وكراماتهم
|
يرتد طرف سليمان (ع) إليه
، وهذا يعني أنه له ولاية تكوينية وإلا لم يمكنه ذلك .
والذي كان من الجن كان بإمكانه أنْ يأتي لسليمان (ع)
بعرش بلقيس قبل أنْ يقوم من مقامه ، غير أنّ الذي كان
لديه علم من الكتاب كان بإمكانه أنْ يأتي به بأسرع من
هذا ، فيمكنه أنْ يأتي به قبل أنْ يرتد طرفه وكل ذلك
لا يكون إلا بإذن الله عز وجل بالضرورة .
والشيعة الإمامية يعتقدون أنّ الذي عنده علم من الكتاب
مع أنه من أولياء الله الصالحين وعباده المقربين ، وهو
إنما كان يمكنه ذلك أنّ لديه علماً من الكتاب ، ولكونه
من أولياء الله الصالحين وعباده المقربين ، إلا أنّ
أهل بيت النبوة (ع) أعظم منه منزلة عند الله تعالى وأرفع
قدراً .
2- قوله تعالى : (
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ
إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا -
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا
إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا
سَوِيًّا - قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ
مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا - قَالَ إِنَّمَا أَنَا
رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا -
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ
يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيًّا - قَالَ
كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً
الإنصاف في مسائل الخلاف ج2 .................................................................. 589
|
لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا
وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا - فَحَمَلَتْهُ
فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا - فَأَجَاءَهَا
الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ
يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا
مَنْسِيًّا - فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ
تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا -
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ
عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا - فَكُلِي وَاشْرَبِي
وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيْنَّ مِنْ الْبَشَرِ
أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ
صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ) . (1)
وهذه الآية الكريمة تدل على أنّ السيدة الصديقة مريم
(ع)
كانت مخاطبة من قبل ملائكة الله (ع) ، وأنّ الله عز وجل
أعطاها من الكرامات والمعجزات أموراً منها أنّ الله عز
وجل جعل تلك النخلة اليابسة محملة رطباً جنياً ، إلى
غير ذلك من الكرامات والمعجزات التي تحدث بها القرآن
الكريم عن السيدة مريم (ع) ، وهي على مكانتها الرفيعة
ومقامها العظيم عند الله عز وجل لم تكن من الأنبياء
(ع)
، فنزول الملائكة (ع) عليها دليل على جواز أنْ تنزل
الملائكة (ع) على غير الأنبياء (ع) من أولياء الله
الصالحين وعباده المقربين .