ارواح الشهداء

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
الشهادة
عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي قال: "ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وإن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد.. فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة"(1).

ـ وعن أنس أيضاً قال: قال رسول الله : "يؤتى بالرجل من أهل الجنة يقول الله له: يا إبن آدم.. كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب خير منزل.. فيقول: سل وتمن.. فيقول: وما أسألك وأتمنى؟ أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات، لما يرى من فضل الشهادة"(2).

ـ وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال: "والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل.. ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل"(3).


ـ كما ورد في فضل
الشهداء

ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: لما قتل عبد الله بن عمرو ابن حرام يوم أحد قال رسول الله : "يا جابر.. ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟" قلت: بلى.. قال: "ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب.. وكلم أباك كفاحاً(4) فقال: يا عبد الله.. تمنى علّي فأعطك.. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية.. قال: "قد سبق مني أنهم لا يرجعون". قال: يا رب.. فأبلغ من ورائي.. فأنزل الله تعالى هذه الآية: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)(5).

ـ وعن جابر أيضاً قال: جيء بأبي إلى النبي وقد مثل به.. فوضع بين يديه.. فذهبت أكشف عن وجهه.. فنهاني قومي.. فسمع صوت صائحة فقيل: ابنة عمرو..، أو أخت عمرو.. فقال: "لِمَ تبكين؟ أو لا تبكي.. مازالت الملائكة تظله بأجنحتها"(6).

ـ وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته"(7).

ـ وعن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي قال: "إذا وقف العباد للحساب جاء قوم واضعو سيوفهم على رقابهم تقطّر دماً.. فازدحموا على باب الجنة.. فقيل.. من هؤلاء؟ قيل: الشهداء.. كانوا أحياء مرزوقين"(.

ـ وعن المقداد بن معديكرب رضي الله تعالى عنه عن النبي أنه قال: "للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار.. الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع له في سبعين من أقاربه"(9).

ـ وعن أبي هريرة أنه رضي الله تعالى عنه عن النبي أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه: (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله..)(10) من الذين لم يشأ الله يصعقهم؟ قال: "هم شهداء الله"(11).

ـ عن راشد بن سعد رضي الله تعالى عنه عن رجل من أصحاب النبي أن رجلاً قال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: " كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة "(12).

ـ وعن سمرة بن جندب ـ في حديث الرؤيا الطويل ـ قال: قال رسول الله : "رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل لم أر قط أحسن منها.. قالا لي: أما هذه فدار الشهداء" (13).


ـ فلا تنس كل هذا مع ملاحظة أن

(الشهداء هم)
كما ورد عن رسول الله في حديث رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يقول فيه: "ما تعدون الشهداء فيكم؟" قالوا: يا رسول الله .. من قتل في سبيل الله فهو شهيد.. قال: "إن شهداء أمتي إذن قليل" قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: "من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات من البطن فهو شهيد" (14) قال ابن مقسم: أشهد على أبيك ـ يعني أبا صالح ـ أنه قال: "والغريق شهيد".

ـ وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أيضاً عن النبي قال: "الشهداء خمسة المطعون(15)، والمبطون(16)، والغريق(17)، وصاحب الهدم(18)، والشهيد في سبيل الله"(19).

ـ وعن أبي مالك الأشجعي قال: قال رسول الله : "من فصل(20) في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد، أو وقصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامة على فراشه بأي حتف شاء الله، انه شهيد وإن له الجنــــة"(21).

ـ وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله.. أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي.. قال: "فلا تعطه مالك" قال: أرأيت إن قاتلني.. قال: "قاتله" قال: أرأيت إن قتلني.. قال: "فأنت شهيد" قال: أرأيت إن قتلته: "فهو في النار"(22(.

ـ وعن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد"(23(.

ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أيضاً أن النبي قال: "ما من مسلم يظلم مظلمة فيقاتل فيقتل إلا قتل شهيداً"(24(.

ـ وعن سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسو ل يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه(25) فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد"(26(.

ـ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله : "موت الغربة شهادة"(27).


ـ وحتى تعرف إلى أين تذهب:
أرواح الشهداء
إليك أيضاً هذه الأحاديث الشريفة:
ـ عن أنس رضي الله تعالى عنه أن أم ربيع بنت البراء رضي الله تعالى عنها.. وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي فقالت: يا رسول الله.. ألا تحدثني عن حارثة؟ ـ وكان قد قتل يوم بدر ـ فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه البكاء.. فقال: "يا أم حارثة.. إنه جنان في جنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى "(28).

ـ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله : "رأيت جعفر بن أبي طالب ملكاً يطير في الجنة ذا جناحين(29) يطير منها حيث شاء.. مضرجة قوادمه بالدماء"(30).

ـ وعن عبد الله بن مرة عن ابن مسعود: " أرواح الشهداء عند الله كطير خضر"(31).

ـ وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله قال: "أرواح الشهداء طير خضر تتعلق في شجرة الجنة"(32(.

والخلاصة: أن أرواح الشهداء ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها.. سواء كانت في حواصل طير خضر أم بيض.. أو كانت طيراً خضراً.. وسواء كانت في السماء أم في الأرض(33).. فهم كما قال الله تعالى في كتابه: (... أحياء عند ربهم يرزقون)(34).



الهوامش
1 ـ أخرجه البخاري ومسلم.

2 ـ رواه النسائي وصححه الحاكم على شرط مسلم.

3 ـ رواه البخاري ومسلم.

4 ـ أي مواجهة.

5 ـ رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، والآية في سورة العمران رقم 169.

6 ـ رواه البخاري ومسلم.

7 ـ رواه أبو داود في سننه، وصححه ابن حبان.

8 ـ رواه الطبراني بإسناد حسن.

9 ـ رواه الترمذي وابن ماجه.

10 ـ الزمر الآية 68.

11 ـ رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد.

12 ـ رواه النسائي، وإسناده جيد.

13 ـ رواه البخاري.

14 ـ رواه مسلم.

15 ـ أي من طعن بالرمح مثلاً، فمات من تلك الطعنة، والمطعون: الذي مات بوباء الطاعون ولعله المقصود هنا.

16 ـ المبطون: هو الذي يشتكي بطنه من إسهال أو نحو ذلك.

17 ـ الغريق: هو من سافر في البحر سفراً مباحاً أو سافر طاعةً ثم هاج البحر فغرق، أما إذا كان قاصدا سرقة، أو قتلاً ، أو غير ذلك من المعاصي فغرق فإنه لا يكون شهيداً، وقس على ذلك ما شابهه في جميع الحوادث التي تعرض لها الإنسان في دنياه.

18 ـ صاحب الهدم: هو الذي وقع عليه البيت أو نحوه فمات تحت الهدم.

19 ـ رواه مالك والبخاري

20 ـ فصل: أي خرج وفي ذلك يقول تعالى:{ولما فصلت العير} أي خرجت من مصر.

21 ـ رواه الآجرى.

22 ـ رواه مسلم.

23 ـ رواه البخاري.

24 ـ رواه أحمد في المسند وإسناده حسن.

25 ـ يعني في غير الجهاد في ميدان القتال.

26 ـ رواه الأربعة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

27 ـ رواه ابن ماجه.

28 ـ رواه البخاري.

29 ـ لأن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قطعت يداه في سبيل الله يوم مؤته، فأبدله الله بها جناحين، وجاء في صحيح البخاري أنهم عندما التمسوا القتلى وجدوا بما أقبل من جسده بضعاً وتسعين بين ضربة ورمية وطعنة.

30 ـ رواه الطبراني بإسناد حسن.

31 ـ في رواية الأعمش.

32 ـ رواه ابن شهاب.

33 ـ فقد ورد كل هذا، وغير هذا، والله أعلم.

34 ـ آل عمران الآية:

>>>>>>>>