إن تعاليم الصوفية نور ينبعث من مشكاة النبوة، وينتقل بطريق الوراثة الروحية بين أبدال الرسل من قلب إلى قلب فيملأ الأرض نورا وهدى، ويرشد الخلق إلى طريق الحق، ويربي النفوس على تقديس الله تعالى ومراقبته والتفاني في مرضاته، فالصوفية: هم الأقلون عددا الأكثرون مددا، وهم المقبلون بكليتهم على الحق الملتفتون عن جانب الغرور والفناء إلى اليقين الحق والبقاء، وهم الرجال الذين عرفوا قدر الدنيا والآخرة وفروا إلى الله مع الوقوف عند الأسباب مرتبطة بعضها ببعض قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نِعْمَتِ ٱلدُّنْيَا مَطِيَّةُ ٱلْمُؤْمِنِ" وفيها ينال الإنسان أرقى مراتب السعادة في الآخرة، وهي مهبط وحي الله، ودار رسل الله، ومحل العمل لله والمسارعة في محابه ومراضيه سبحانه قال تعالى: "ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا" الإسراء: ٧٢.
إن رسالة التصوف تستهدف القلب والروح والوجدان، والسلوك الإنساني في طريقه إلى الله وفي طريقه إلى الحياة. فكما اجتهد الفقهاء في الفروع. وكما ابتدع رجال الحديث القواعد للرواة والسند، وكما تحدث علماء التفسير عن مناهجهم في أسباب النزول والرواية. وكما سن علماء الكلام مبادءهم في البحث عن الذات والصفات والأسباب والمسببات والقضاء والقدر، اجتهد علماء التصوف وأقاموا معارفهم وعلوهم في العبادات.. والأخلاق ومناهجهم في السلوك وأمراض القلوب وعلل النفوس ونوازع الخير والشر وأنوار الذكر والطاعة ومقومات الشخصية الإسلامية، وكما حفظ علماء الظاهر حدود الشريعة كذلك يحفظ علماء التصوف آدابها وروحها، وكما أبيح لعلماء الظاهر الاجتهاد في استنباط الأدلة واستخراج الحدود والفروع والحكم بالتحليل والتحريم على مالم يرد فيه نص وترك أمره للاجتهاد والاستنباط فكذلك للصوفية أن يستنبطوا آدابا وأذواقا ومنهاجا للمريدين والعابدين في السلوك والمعرفة والأخلاق والآداب والأذكار والأوراد والفتح وكشف أسرار النفس والجهاد الصوفي في سبيل الكمال جهاد ضد النفس والهوى والجشع والطمع والحقد والحسد كما هو جهاد ضد الطغيان والجبروت والبطش.
إن التصوف يرشدك إلى الصراط المستقيم الذي يتعين على شبابنا المسلم أن يسلكه ولا يتبع السبل التي تبعد شبابنا عن الصراط المستقيم.
بقلم : سماحة الإمام السيد عز الدين ماضى أبو العزائم رضى الله عنه
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ورسولك النبى الأمى وعلى اله وصحبه وسلم تسليما
الثلاثاء مايو 15, 2012 8:01 am
