تواضع الكبار فعلا لا قولا

التواضع ثمرة من ثمار المعرفة..
معرفة الله بعظمته وقدرته وجبروته، ومعرفة النفس بنقصها وعجزها. قال إمامنا عبد الله بن المبارك: إذا عرف الرجل قدر نفسه يصير عند نفسه أذل من الكلب.
كلما زادت المعرفة زاد صاحبها تواضعًا و "من تواضع لله رفعه". فلا يتواضع إلا الكبار، وما تكبر المتكبرون إلا لصغار فى نفوسهم؛ من منا إذا ذُكر سعيد بن المسيب لا يعرف قدره، إمام التابعين وقدوة الزاهدين العارفين. يصفه المناوى فى طبقاته بقوله: وكانت نفسه أهون عليه فى ذات الله تعالى من الذباب.
انظر إلى هذه القصة التى أوردها الإمام القشيرى فى رسالته حيث قال:
"حُكى أن أبا عثمان الحيرى دعاه إنسان إلى ضيافة، فلما وافى باب داره قال: ياأستاذ، ليس الآن وقت دخولك فانصرف. فرجع أبو عثمان (وهو من هو، من قيل فى شأنه إن الدنيا بها ثلاثة لا رابع لهم: أبو عثمان والجنيد وابن الجلاء). فلما وافى منزله عاد إليه الرجل، وقال: ياأستاذ، ندمت! وأخذ يعتذر إليه وقال: احضر الساعة. فقام أبو عثمان ومضى، فلما وافى باب داره قال مثل ما قال فى الأولى، ثم كذلك فعل فى الثالثة والرابعة، وأبو عثمان ينصرف ويحضر، فلما كان بعد مرات قال: ياأستاذ، أردت اختبارك. وأخذ يعتذر ويمدحه، فقال أبو عثمان: لاتمدحنى على خلق تجد مثله فى الكلاب: الكلب إذا دُعى حضر، وإذا زُجر انزجر.
* * *
لى صديق – لولا أنى لا أحب مساءته لذكرت اسمه – يخجلنى تواضعه وأدبه، بل يشعرانى بمدى ضآلتى وخسرانى. مِن هوانه فى نفسه يستهين به من لا يعرفه مع أنه جمع مع العلم العمل وحسن الخلق. إذا قابلنى يريد أن يقبل يدى، يفعل ذلك مع كل من يحسن به الظن، وما أكثر من يحسن بهم ظنا، ويقول لى: إنى لا أطمح فى أن تذكرنى فى دعائك، ولكنى أتمنى أن أمر بخاطرك فقط. يقول هذا وهو والله خير منى ومن ألف مثلى.
فرق كبير جدا بين من يلبلب بالكلام ومن طوى قلبه على صفات أهل الله.
فرق جد كبير بين من يتكلم عن التواضع ومن كان خلقه التواضع.
اللهم أصلح أحوالنا يا من تقول للشىء كن فيكون.
(سلطان القلوب الشيخ عبد الرحيم البرعى ص76)

فالتواضع شيمة الاخلاق فهو مسار سيدنا رمحمد صلى الله عليه و سلم و الصحابة

الكرام و مشايخنا رضوان الله عليهم.

فلا بد الاقتداء بهم ,فهم قدوتنا , فبالتواضع وصلوا الى مافيه اليوم من خير , فازوا في

الدنيا و الاخرة .

اللهم نسالك التواضع و حب الخير لكل متقي.

لك كل التقدير اخي المريد الراضي و الله يرضى عليك.