سيدي مولاي العربي الدرقاوي رضي الله عنه

هو الشيخ مشايخ الصوفية المتأخرين سيدي و مولاي العربي الدرقاوي عروس الاولياء و سلطانهم و مجدد الطريق و محييها, المربي


 الكبير و العارف الشهير حفيد العارف بالله سيدي محمد بن يوسف دفين تماسنة من قبيلة الشاوية المكني بأبي درقة لأنه كانت له درقة 


يتوقى  بها في الحروب  و من هنا اتت نسبة اولاده اليه فقيل فيهم الشرفاء  الدرقاويون ثم صارت النسبة علما على الطريقة فتحلى بها




 كل من انتمى الى الشيخ و نسب اليه طريقة و سلوكا يرتفع نسبه الشريف الى سيدنا ابي العباس سيدي احمد بن مولى ادريس الانور 




ابن مولانا ادريس الاكبر.


 
ولد قدس الله سره في العقد الاول من النصف الثاني من القرن الثاني عشر 1159 هجري بقرية ابن عبد الله قبيلة بني زروال الشهيرة 


برجالاتها و أبطالها الغنية بحقولها و ثمارها الواقعة الى الشمال من حاضرة فاس و بها نشأ قدس الله سره و تعلم القران و حفظ القران 


الكريم حتى اذا اتقن حفظه  بالروايات السبع تفرغ  لطلب العلم و شد الرحال الى مدينة فاس فأقام بها مدة قرأ خلالها على اكابر علماء 




وقته فأخذ عنهم ما قدر الله له من العلوم و المعارف.








كان خلال تلك الفترة يجمع بين طلب العلم و المثابرة على مجاهدة نفسه و حملها على العبادة من صيام و قيام و تلاوة  مع فطمها عن 




المخالفات ,و مما جاء عنه في ذلك أنه قد هم مرة  بمعصية فظهرت في جسده قروح كثيرة , , ففهم عن الله و توجه اليه بالاستغفار 


فذهب عنه ذلك في حينه فضلا  من الله عز وجل , و تلك عناية من الله عز و جل و تأييد منه سبحانه لا دخل للإنسان فيه و ذلك 




صنع الله بخواص عباده فالعصمة للأنبياء و الحفظ  للأولياء  و اشتهر خلال تلك المدة بكثرة زيارته لأضرحة الصالحين و تردده على




 مشاهدهم خاصة ضريح جده مولانا ادريس بفاس و مولانا عبد السلام بن مشيش رضوان الله عليهم أجمعين.




 


 
لما كانت همته قدس الله سره عالية فقد استمر خلال كل تلك الفترة يجد في طلب الشيخ المربي و يتوجه الى الله عز وجل بالدعاء 


ليجمعه به , و من مظاهر سعيه الحثيث و طلبه الجاد في تحصيل ذلك انه ختم عند ضريح مولانا ادريس  رضي الله عنه ستين ختمة 


للقران الكريم بقصد  تحصيل  مراده ذك , فلما اتم العدد سأل الله عز وجل في خشوع و تضرع و بكاء شديد فأسعفه الحق سبحانه  و 




هداه السبيل وجمعه بشيخه وولي نعمته سيدي علي الجمل قدس الله سره.
 


 
تعدد المشائخ في عصر مولانا الشيخ العربي الدرقاوي لكنه لم يسلم نفسه لأي منهم واقتصر على التماس البركة منهم فحسب و قد عد 




رضي الله عنه من جملنهم القطب مولاي الطيب الوزاني و العارف الربكة الشريف سيدي محمد بن علي بن ريسون العلمي الذي كان 


ينتقل لزيارته من فاس و من بني زروال و المجذوب الكبير سيدي العربي البقالى الى ان انتهى به المطاف الى لعارف الكبير سيدي


 علي الجمل العمراني الذي هو عمدته و عليه اجتمع به بمدينة فاس بزاويته بالرملية عام 1182 هجري و عمره انا ذاك اربع و 




عشرون سنة تقريبا , فلما علم منه شيخه الصدق و , تحقق من حسن ظنه و اخلاص نيته لقنه بداية الورد العام و هم  مائة * استغفر 


الله * و مائة مرة * اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي و على اله وصحبه و سلم تسليما* و الف مرة * لا اله إلا الله* و يختم ب *


 سيدنا محمد  رسول الله.




ثم قال له:هذا عندنا من طريق  أهل الظاهر السادة الناصرين .رضي الله عنهم ثم لقنه الاسم الاعظم مطلقا و قال له : هو عندنا من 




طريق  أهل الباطن السادات أولاد ابن عبد الله أهل النخفية بالمدينة الفاسية.




صحب سيدي مولاي العربي شيخه بقية عمره و قد فنى في محبته و سلم له الارادة فحكمه في نفسه و دأب على ذكر الاسم الاعظم 




حتى فنى فيه و تحقق و شاهد المصطفى صلى الله عليه و  اله و صحبه  و سلم يقظة في بداية أمره و فتح الله تعالى عليه الفتح 




الاعظم في فترة زمنية وجيزة , و نطق بالحكمة و فوجيء بالعلوم كموج البحر مدادا , كما نطق هو بذلك في رسائله حيث قال : اني 




تبحرت في العلم تبحرا عظيما حتى لو اني سئلت عن ألف مسألة لأجبت عنها جوابا بليغا اذ صرت كالمصباح فلو شعل مني كل 




المصابيح لم ينقص من ضوئي شيئ.




 
 
 لما انتقل شيخه الى الرفيق الاعلى تصدر رضي الله عنه للإرشاد و التربية و استقل بالمشيخة , و قام على ساق الجد فاحيا الله به 




الطريقة بعد دروسها , و تخرج على يده  الالاف من المشايخ الكمل و الرجال الفطاحل الذين كان لهم الاثر العظيم في نشر الطريق ,




فذلكم العلامة الصالح الشريف سيدي أحمد بن الخياط تغمده الله برحمته يحدث عن شيخه سيدي عمر بن سودة أنه قال : ما توفي الشيخ مولاي العربي  حتى خلف أربعين ألف تلميذ كلهم متأهلين للدلالة على الله تعالى غير أن الذين تفرعت عنهم طريقته و انتشرت في 




مشارق الارض و مغاربها هم السادة العارفون سيدي محمد  البوزيدي  المتوفي سنة 1229 هجري الذي وافته منيته في حياة شيخه 




بعد أن خلف تلميذه  العارف بالله الشيخ سيدي أحمد بن عجيبة ثم الشيخ سيدي أحمد بن  عبد المؤمن المتوفي بتكجان من القبيلة 




المنصورية الغمارية عام 1262 هجري و الشيخ سيدي أبي عزة المهاجي , و الشيخ سيدي الطيب الدرقاوي النجوطي , و عن هؤلاء




 تفرعت الطريقة الدرقاوية وعنهم انتشرت و اليهم ترجع فالشيخ سيدي مولاي العربي الدرقاوي هو المحور الذي تدور عليه الشاذلية اذ هو المجدد لها و المحيي لمعالمها.
 




و اما ما يتعلق بمنهجه و طريقته في التربية فقد كان رضي الله عنه يدعو أتباعه الى تعلم لوازم  الدين الضرورية بداية من غير تغلغل 




 فيها , و لا تعمق ثم القيام بالمفروض  مع التزام  الصمت و الاقلال من الكلام و المخالطة و ترك مالا يعني و الزهد في الدنيا و 




التجرد من العلائق و العوائق ظاهرا و باطنا مع المثابرة على ذكر الله عز وجل  حسب الاستطاعة و التعلق بالله تعالى مع القيام 




بشروط العبودية الخالصة من غير نظر الى الحظوظ و اللحوظ كما يأمر بإسقاط المنزلة و اذلال النفس و قتلها الى غير ذلك من 


الامور التي يمكن تلخيصها في كونه قدس الله سره كان يأمرهم بالتحلي بالفضائل و التخلي عن الرذائل , و ذلك شأنه قدس الله سره 




فقد كان في نفسه  على حالة من التجريد المطلق و ال :هد الكامل و الانقطاع التام الى الله عز وجل , و ما كان رضي الله عنه ليلزم 




أتباعه بغير ما التزم به  أو يحملهم على غير ما حمل عليه نفسه , فانه قد كان في ابتداء أمره متقشفا في مأكله و ملبسه يرتدي


  المرقعة و يضع على رأسه  شاشية و أحيانا يردف شواشي بعضها فوق بعض  على رأسه و يحمل  الجربات و قد  يكشف رأسه و 




يمشي حافيا و يتعرض للسؤال و ينام بالطريق و يسقي الناس من قربة يحملها على ظهره  الى غير ذلك من الامور التي تثقل على 




النفس و تسقط  ظاهرا منزلتها لذلك كان يأمر كل من يريد الوصول الى معرفة الحق سبحانه بذلك و يقول لا وصول الى الحق – اي




 الى العلم بالله- إلا عن طريق تهذيب النفس و تطهيرها من المعائب و الرعونات









.




أما رسائل سيدي مولاي العربي الدرقاوي قدس الله سره فهي من الاهمية  بمكان , تجمع فوائد جمة عزيز منالها تتعلق جل مواضيعها 




بالطريق و العبودية و المعاملة مع الله عز وجل وصفها ابن جعفر في السلوة فقال : و رسائله من أنفع الرسائل للمردين و أدلها على 




كيفية السلوك  و التجريد لا يستغني عن مطالعتها سالك و لا يجحد خيرها إلا هالك.




 
و ان من جملة فوائده في رسائله تلك ما ذكره قدس الله سره في الصفحة 29 حيث قال لمن سأله عمن يأخذ الطريق  : فالرجل الذي 




ذكرت لنا انه تحير  في من يأخذ بيده من أهل الوقت رضي الله عنهم و لم يدر ما يفعل , قل له : * يعكف بمسجد  خال أو بضريح 




ولي  كبير أسبوعا أو أسبوعين أو ثلاثة و ليكن طاهر البدن و الثوب  و اللسان من الكذب و البطن من الحرام و ليكن أيضا في المدة 




المذكورة اما مصليا او تاليا أو مصليا على رسول الله صلى الله عليه و سلم او ما شاء الله من تلاوة أو ما شاء الله من الصلاة على 




سيدنا رسول الله صلى  الله عليه و سلم , و هكذا من غير تكلفة و لا تعب , فان الله تعالى يحق له الحق و يبطل له الباطل , و الله على 




نقول وكيل * و منها أيضا انه رضي الله عنه قال لم يكن أستاذنا يعتبر في الفقراء المقال , و انما كان يعتبر فيهم الحال و من ذلك 




قوله أصبعان من العمل خير من مائة ذراع من العلم ثم  يعلق على ذلك بقوله ,و الامر كما قال لأنا نرى الالسن كثيرة غاية الكثرة و 




القلوب كادت لا توجد , و البركة لا تنقطع ان شاء الله تعالى و كان العارف بالله شيخ شيوخنا ولي الله أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد 




الله الفاسي رضي الله عنه يوصى كثيرا بتصفية اللقمة و ترك الخلطة و اجتناب مفقرة الوقت لغلبة الهوى عليهم وقلة وجود الصادقين 




فيهم و كثيرا ما يقتصر على ذالك في و صيته لمن قصد زيارته و استنصحه و كل رسائله قدس الله سره  تنحو هذا المنحي و تركز 




على جواهر النصائح لكل فقير و مريد و تؤكد على الطهارة الظاهرة التي هي شرط أساس في الطهارة الباطنة.




 




 
ان من شاء سادتنا الاولياء أهل الصدق و الاخلاص أن يمدهم الله عز وجل بطرف من الخوارق و يكرمهم بها و لشيخنا مولاي العربي الدرقاوي قدس الله سره الحض الاوفر من ذلك , و الى القارئ بعضا من ذلك مما ذكره في رسائله فمن ذلك قوله و قد اكرمني ربي 




سبحانه في  ابتداء  امري في حال شبابي و نحن اذ ذاك بفاس عام 1182 اذ كنت لا نرى في نفسي و لا في كل شيئ إلا الله تعالى 




لكن بنفس ما نرى الله تعالى نرى النبي صلى الله عليه  و سلم و بنفس ما نراه الله تعالى ثم ذكر  ذلك بعبارة  اخرى فقال اني  كنت و 




الكون قد فقدته و لم نجده قط و الله  على نقول وكيل.
 
 و من كراماته رضي الله عنه قوله كنت أدرس الصبيان ( يحفضهم القران) و انا اتلو القران العظيم و الصبيان يقرأون ألواحهم أمامي 




اذ وجدت نفسي بسفينة بالبحر بمدينة تونس حرسها الله و أنا اتلو القران كما كنت اتلوه بالمكتب و أما الصبيان و من كان بالسفينة كل 




منهم كان يتحلى بتلاوتي فإذا  بسفن عديدة للنصارى قد بادرت الينا لتأخذنا فتعلق الي حينئذ كل من كان معي في السفينة اذ كنت 




عندهم من اولياء الله نعالى حقا فغطى الله وصفي بوصفه و نعتي بنعته فدفعت السفينة اذ ذاك الى السفن و احطت بها بسطوتي و




 عنايتي فبعضها غرقت و بعضها كسرت و بعضها أسرت و الله غالب على امره ثم بعد ذالك وجدت نفسي بمكتبي و حالي كحال




 المريض و عظمي  و كأنه دق بالمرازب  فأخبرت الشيخ بما   و قع لي فجعل يده على فيه ثم تبسم و قال ايه  ما عرف احد القطبانية أين هي هل في الجبال ترعي المعز أم في المكاتب تعلم الصبيان ثم جاء في الخبر بما وقع لي في الحين و لعنة الله على الكاذبين.




 
انتقل شيخنا سيدي و مولاي العربي الدرقاوي الى جوار  ربه عام 1239 عن عمر ينهار 80 سنة و تم نقله قدس الله سره الى زوايته 




القديمة ببوبريح و دفن بها رضي الله عنه و جزاه عن الاسلام خيرا ونفع ببركته الامة.

رضي الله عنه وقدس سره واعاد علينا من نفحاته وبركاته وانوراه 

بارك الله فيك على ما حملته لنا من انوار وبركات نلتمسها مع احبابنا في هذا المنتدي 

مشكورة أختى الفقيرة