قبيل وصول السالك الى سدة الأرشاد *** يطلعه الله على حقيقة حاله بين العباد
فقياس الحقيقة يراها واضحة معبرة *** كما يرى نفسه بمرآة غير مغتبرة
والأمداد تهبط على قلبه من السماء *** وتصبح زاده كالطعام والشراب والماء
وبوارق الانوار تنكشف له وتصوفوا *** والمعارف تهبط وتزداد وتحلو
لا يستطيع مفارقة الأذكار والخلوات *** حيث لطائفة مشغولة بكسب التجليات
من رآه يصعق ويكبر بدهشة *** ومن جالسه ينال الجذبات كالرجفة
مافيه من حال يعكس على القلب *** وهذا للسالك عز الطلب
ترى فيه المشارب والمسالك النبوية *** وأنوارا بالوجه ظاهرة وأسرارا خفية
وعيونا براقة ونظرات خارقة وحارقة *** فاذا نظر للقلب يفتح فيه طاقة
هاذة أحوال السادة الرجال *** هم مدارس نبوية لمراتب الكمال
فيهم الذوق والأحساس والشرف *** والأدب والصدق والوفا. من ذاق عرف
تظهر عليهم الكرمات من سائر الأنواع *** فليحضر من أصابته كرامة من الأتباع
مساكنهم قدر قبورهم وبعضها أضيق *** اذا خرجوا منها تظن النور أشرق
يتقلبون على جمر الصبر والأنتظار *** ويقطعون مشاهدات مملوءة بمقامات وأخطار
انتظار المقام يقطع لهم الأوتارهم *** لا يعلم الا الله فتوحهم وأسرار أخبارهم
يتلقفون الحال والمقام بالخفاء *** يقذف فى قلوبهم وهم فى حال صفاء
ينال الواصل اجازة وترخيصا *** يسلك الطالبين الان فيه سرا نفيسا
بالجتماع خفى عن الناس *** يحضره الكمل بيقظة خالية من النعاس
فيظهر فى الديوان سيد الكونين *** ويقدم كتابا فيه أسرار المرشدين
فيطبع على القلب بحروف خفية *** وتقرأه الأفكار بسطوره الواضحة الخفية
ويمشى على ذلك الدستور بأمر الحبيب *** فيصبح مرشدا ومسلكا طبيب
فتشهد له بذلك السادة العلماء *** وتأتيه الاشارات من جهة السماء
ويطبع على جبينه رموز خفية *** من كاشفه يعلم من هى القضية
فهذه اشارته وبالله وحده يأنس *** والهوى والنفس والشيطان منه يخنس
يلازمه الحزن ويمر عليه العذاب *** ويتمنى لسائر الخلق الهداية فى هذا الباب
تمتلئ لطائفه بالذكر والطاعات *** وتهجره الغفلة والدنيا ولاتفته الصناعات
فعند انتهائه من مشقة السلوك *** تأوى اليه العلماء والفقراء والملوك
والى الخلق يلهمه الله اليهم الرجوع *** بعدما استوحش منهم بذا الموضوع
فيعود اليهم للخدمة والنصائح والأرشاد *** ومعالجة القلوب ولطائف العباد
ولا يبقة بقلبه حسد أو أحقاد *** ولاضغائن ولاحب للحرام والفساد
صبور على البلاء غيور على دينه *** بكل نازلة ان شاء الله ربنا يعينه
متواضع النفس ذليل لله قنوع *** مطيع يسبح بالتجلى والخشوع
يسمع له بصدره خرير وأصوات *** وفى سائر جسده ضربات ودقات
تلك هى اللطائف متزكية الصفات *** فهى لعلاج الغفلات وازالة الأفات
قد مر بأعظم حوادث فى سلوكه الماضى *** وعرفه الله كيفية علاج القلب الصادى
فرؤية الحبيب هى له اشارة مروره *** وتجلى الأله هو رمز عبوره
يربى على يده الأولياء والمجاذيب *** والعارفين والأبدال ومن له نصيب
ولا يأخذ حاله بمال أو وراثة *** ذلك فضل الله وليس شهادة لبحاثة
فان جالسته يتغير نظرك الى المسافات *** وتكاشف من الارض الى السماوات
وتذوق بصحبته احوالا ومعارفة براقة *** وتستشعر بحرارة أنواره وفيوضات حارقة
فهذا هو المرشد المطلوب اللبيب *** المربى تحت أنظار السيد الحبيب