الأحاديث الذي تكلمت عن بداية خلق الحبيب صلى الله عليه و سلم
. وجاء في المواهب اللدنية بعدما أورد حديث جابر: واختلف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي أم لا؟ فقال الحافظ أبو يعلى الهمداني: الأصح أن العرش قبل القلم، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة،وكان عرشه على الماء، فهذا صريح في أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم، فحديث عبادة بن الصامت مرفوعا (أول ما خلق الله القلم، فقال له أكتب، فقال: رب وما أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شئ) رواه أحمد الترمذي وصححه. وروى أحمد والترمذي وصححه أيضا من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعا: إن الماء خلق قبل العرش. وروى السدي بأسانيد متعددة إن الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء، فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا النور النبوي المحمدي والماء والعرش. وقيل الأولية في كل شئ بالإضافة إلى جنسه، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري وكذا باقيها، وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام.
2. كما ذكر سليمان بن سبع السَّبْتي في كتابه «شفاء الصدور» هذا الحديث ( حديث جابر) بدون إسناد بروايتين مختلفتين متقاربتين، هما من بين ما في المذاهب مع مخالفة في ترتيب المخلوقات وفي تعيينها.
3. الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن ميسرة الفجر قال: قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه كان نبيا أي كتب نبيا وآدم بين الروح الجسد.
4. ويدل على هذا القول أيضاً: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.
5. وقال صلى الله عليه وسلم: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته. أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه، كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله وشقي أو سعيد، إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه .
6. الحديث : كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث. قال في المقاصد: رواه أبو نعيم في الدلائل وابن أبي حاتم في تفسيره ومن طريقة الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا، وله شاهد من حديث ميسرة الفخر. أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه والبغوي، وابن السكن، وأبو نعيم في الحلية وصححه الحاكم بلفظ: كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد.
7. وفي الترمذي وغيره عن أبي هريرة، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: متى كنت أو كتبت نبيا؟ قال: كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد. وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه الحاكم أيضا. وفي لفظ وآدم منجدل في طينته. وفي صحيحي ابن حبان والحاكم عن العرباض بن سارية مرفوعا إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وكذا أخرجه أحمد الدارمي وأبو نعيم، ورواه الطبراني عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. وعن الشعبي، قال رجل: يا رسول الله متى استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق. وقال التقي السبكي: فإن قلت: النبوة وصف لا بد أن يكون الموصوف به موجودا، وإنما يكون بعد أربعين سنة، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله؟ قلت: جاء أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد. فقد تكون الإشارة بقوله: كنت نبيا، إلى روحه الشريفة أو حقيقته والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعرفها خالفها ومن أمده بنور إلهي، ونقل العلقمي عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، مرفوعا أنه قال: كنت نورا بين يدي ربي عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام.
على كل حال يبقى الموضوع غير قابل للحسم بين الفريقين من العلماء ولا ضير في أن يعتقد المرء أحد القولين والله أعلم.
أما المؤمنين بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والذين لهم اتصال روحى به ، فمتيقنون أن نور الحبيب المصطفى هو أول المخلوقات ، وكل المخلوقات فيه من نوره الشريف ، ولا يظن ظان أننا نعنى بذلك أن هذا النور مثل الأنوار المادية التى نراها بل مثلما نرى الماء أصل كل شىء ( وجعلنا من الماء كل شىء) ومثلما ينظر أستاذ الفيزياء الى الأشياء فيرى الالكترونات تجرى والنويات تتحرك ويرى مابداخل النواة يسرع ويدور ، فإذا ذكر هذه الحقائق لأمى أو جاهل أو قصير النظر كذبه وسخر منه ، وحين ينظر أستاذ الطب الى أى بشر فيرى المخ ومراكز السمع والبصر والحركة وكل شىء فإذاذكر حقيقة أن كل شىء فى المخ أمام جاهل أو قصير النظر ضحك منه وتعجب لأن اليد هى التى تتحرك والاذن هى التى تسمع ولا يرى غير ذلك .
فإن أهل الإيمان يرون أن نور الحبيب المصطفى يسرى فى الكون كسريان الماء فى بكل شىء .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين .
انتهى