المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 33680 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 74 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: الحكم العطائية ( 20 ) الجمعة يونيو 27, 2014 5:29 pm | |
| السالك أثناء سيره فى طريق الله أحياناً يصل إلى مرحلة تحدثه نفسه فيها أنه قد وصل إلى شئ ما ومرتبة مع الله تدعوه إلى الراحة وعندما تحدثه نفسه بهذا يميل قلبه إلى ترك العمل .. عندئذ يسمع هواتف الحقيقة وتأتى فى نفسه واردات تقول: إن محطتك لم تأت بعد .. فمحطتك ما زالت أمامك .. لا تتراخ ولا تدع العمل. ولذلك يقول: مَا أَرَادَتْ هِمَّةُ سَالِكٍ، سالك أى سالك فى الطريق إلى الله .. أِنْ تَقِفَ، أى تقول له يكفى هذا .. عِنْدَمَا كُشِفَ لَهَا، أى ظهر لها محطة من محطات الوصول والترقى مع الله... فى طريقه .. إِلَّا وَنَادَتْهُ هَوَاتِفُ الحَقِيقَةِ، تبين له لإخلاصه ونيته الصادقة .. الَّذِى تَطْلُبُ أَمَامَكَ، أى استمر فلم تصل بعد. هذا من ناحية الوصول إلى الأنوار فعندما رأى نوراً فقال: هذا نور الله واتضح أنه نور بسيط .. شئ خفيف وليس نور الله .. إذا كنت تريد نور الله فهو أمامك. ومتى يصل الإنسان؟ عندما يموت .. عندما تغادر الروح الجسد .. {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر99)، يعنى الموت .. لأنه جازم صلى الله عليه وسلم، وأولياء الله جازمون، حتى قالوا: لو كُشِفَ عنا الحجابُ ما ازددنا يقيناً .. وهذا من ناحية اليقين أى الجزم، أما اليقين هنا فهو الموت، يعنى استمر فى السير فإنك لا تَنْسَكِب عليك الأنوار ولا يحدث لك حِلّ من التكليف إلا بالتشريف، والتشريف هو الموت .. أى أن روحك تخرج إلى بارئها إلى الرفيق الأعلى .. أرأيت كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إلى الرفيق الأعلى}، فهو تشريف ورُقىٌّ .. فمتى يتم التشريف ويسقط التكليف؟ بالموت، لكنه لا يسقط وأنت على قيد الحياة. وَلاَ تَبَرَّجَتْ ولقد كان يتكلم عن الأنوار والآن يتكلم عن الأسرار. تَبَرَّجَتْ: أى كشفت عن وجهها .. وكَشْف أى كشف عن المستور .. والكشف عن المستور هو كشف عن الأسرار. وَلاَ تَبَرَّجَتْ لَهُ ظَوَاهِرُ المُكَوَّنَاتِ، هذه المكونات التى حولنا كشفت أسرارها، فما سر هذا العمود .. وما سر هذا الكرسى .. وما سر هذا الإنسان الذى أمامى؟ إنه فانٍ .. وإنه حَادِث .. وإنه محتاج إلى الله .. وإنه لا حول ولا قوة به .. وإنه مخلوق .. وإنه فى هذا الخلق بمدد مستمر. هذا الكلام الذى نشرحه هو سِرّ، ولا يعلمه الكثير، فهذه الأسرار إذا تَبَرَّجَتْ فى قلب العارف السالك نَادَتْهُ حَقَائِقُهَا: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ، فكل هذه المكونات فانية غير باقية .. حَادِثَة - البشر والأشياء والعوالم والمكونات - إنما هى حجاب يحجبنى عن الله عندما أنشغل بها .. حجاب يحجبنى عندما أنسب إليها العمل والفعل والخلق دون الله .. حجاب عندما لا أعلم ولا أرى الله فيها ووراءها وأنها به سبحانه، وهكذا. فماذا تعنى كَفَرَ؟ إنها تعنى غَطَّى .. ومنه الزُّرَّاع يُسَمَّون الكفار لأنهم غطوا الحَبَّ فَلَا تَكْفُرْ فماذا تكفر أنت؟ إنك تَكْفُر نفسك عن الأنوار .. تستر نفسك بحجاب عن الله .. فتسير وتنسب الأعمال للناس وتغتاظ من هذا وتتشاحن مع هذا وترضى عن هذا وتبغضه تارة أخرى. والنبى صلى الله عليه وسلم يقول (أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هوناً مَا عسى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضَ بَغِيضَكَ هوناً مَا عسى أن يكون حبيبك يوما ما) لأن من النفاق {إذا خاصم فجر} فإذا كَرِهْتَ شخصاً فادع الله أن يغفر له وأن يسامحه وربما يأتى عليك يوم تخجل من كثرة ما قد ذكرته بسوء. فحقائق هذه المكونات تخبرك أنها فتنة وأنها حجاب لك عن الله إلا إذا عرفت حقائقها فَنَوَّرَت قلبك ورفعت حُجُبَه فرأيت الله، والله تعالى أعلى وأعلم. .. | |
|