.
من شيخك ؟
هل كل من قابلته في حياتك من أولياء الله أصبح شيخك لمجرد مجالستك معه أو لحضورك مجالس الذكر و استماعك لدرسه و إنصاتك له أو استئناسك لحواره أو مكاشفته لك و إخباره لك ببعض شئونك و مشاكلك .. بل حتى و لو بايعته على سلوك الطريق .. هل بذلك أصبح شيخك في نظر القوم ( أهل الطريق ) ؟
يقول الإمام بن عطاء الله السكندري
ليس شيخك من سمعت منه .. و لكن شيخك من أخذت عنه .. و ليس شيخك من واجهتك عبارته و لكن من سرت فيك إشارته ..
ماذا يعني هذا الكلام
قد تسمع من شيخك كلاما عن الزهد أو الصفح و الإحسان مثلا .. سمعت و تأثرت و ربما انفعلت و بكيت .. كل هذا لا يعني أهل الله في شيء .. السؤال هنا .. هل أصبحت بكﻻمه زاهدا .. صفوحا .. محسنا .. هذا هو الكلام و هذا مربط الفرس .. أم أخذت كلامه بإعجاب و حفظت بعض جمله لتنقلها لغيرك فيكون حظك من عبارته سماع الأذن و نقل اللسان و مرت عليك دون ان تدق ابواب قلبك و تخترق حواجز نفسك فتغير منك عيوبك فيتغير كل سوء يحيط بك بتغيرك .. أما تعلم ذلك ؟ أما تعلم انك لو غيرت مساوئك و عيوب نفسك .. تبدلت كل أحوالك الظاهرة و الباطنة إلى أحسنها ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) فإن كنت في بلاء فلن يكشف عنك إلا بتغييرك .. فلن تصل لحال أفضل إلا إذا كنت أنت أفضل ،
و كذلك وعدك الله إن كنت في نعمة فلن ترفع عنك إلا إذا تغيرت انت إلى حال أسوء (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
فإن لم تتغير إلى الأفضل بما تسمع من شيخك ستظل كما انت في مكانك بلا ترق و لا تغيير لحالك الحالك ( المظلم ) .. و رب سالك مجتهد صحب قليلا و ورث كثيرا و فاق المحيطين بالشيخ .. فكم تروي لنا كتب القوم عن اناس كانوا يخدمون في الزوايا و يتعهدون الدواب و الركايب .. و اقل الناس حظا بحضور المجالس و قلوبهم معلقة بالطريق لا يلتفتون عنه نفسا واحدا و عندما جاءت لحظة الاستخلاف و تطاول المريدون ليحظوا بالخلافة كانت من حظ هذا المسكين .. خادم إخوانه .. الصفوح .. حسن الظن .. الذي يرى نفسه اقل الناس .. و أذل الناس و افقر الناس .. و لا يستأهل أن ينظر إليه إخوانه لهوانه فأين هو منهم .. فأصبحوا أين هم منه .
.............................
الأحد سبتمبر 06, 2015 11:39 am