جلبهم الهوى من حيث يدروا ولا يدروا
من الأدب الروحاني المغيّب
الحمد لله الذي خلق العلائق قبل خلق الخلائق رحمة بخلقه ،
وجعلها حجابا مظلما يستر بها عزته ، تجلى عليها بظلمته تقربا ، وجعل لظلمته معنى وسرا لا يعرفها إلا من علم وخبر (( الرحمن فاسأل يه خبيرا )) .
الحمد لله مظهر الحق والباطل ، يُسعد بسر نوره ، ويُشقي بسر ظلمته ، يظمئ من شاء ،
ويروي من اختار وأراد ، علّم أحبابه أن الشريعة قُدرة ، وأن القدرة حِكمةٌ ، وأن الحكمة صفته ، وأن الصفة اسمه ، وأن الاسم فعله ، وأن الفعل من الفاعل ،
وما بين الفعل وهيئة الفعل علم ، والفاعل إنما يجري عليه قلم القدرة ( ولو شاء ريك ما فعلوه ) ولا فاعل بحق في الوجود سوى الرب الملك المعبود
سبحانه تعرَّف على الخلائق فحارت الخلائق به ، وخاضت مشقة معرفته جوعا وسهرا وخلوة ، ليس باختيارهم بل باصطفائه ،
فعجزت العقول من أين تأتيه ، تحجّب عنهم غيرةُ على عزّة التجلي ، سألوا قلوبهم عنه سبحانه ، فأجابتهم إن القلب بيت الرب لمن نزّه وتخلّى ،
و كل صاحب بيت أدرى بما فيه ، وسألوا عنه الأسماء والصفات والأفعال والكرسي والعرش والكون والأكوان فأجابت جميعها : لا نحيط به علما
، شهدت له الكلمات ( إن هو إلا وحي يوحى ) فسبحانه ، كل من صافاه سقاه من كأس صفوته ، وشرب من كأس المحبة والكأس هو ساقيه
>>>>>>>>>>