............. ....................
**يقول الشيخ جعفر الخلدي ؛...
( كنت مع الجنيد فى طريق الحجاز حتى صرنا إلى جبل طور سيناء ؛ فصعد الجنيد وصعدنا معه ؛ ولما وقفنا فى الموضع الذى وقف فيه سيدنا موسى عليه السلام ؛ وقع علينا هيبة المكان ؛ وكان معنا منشدا ؛ فأشار إليه الجنيد ان يقول شيئا )
فقال :
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى
برق تألق موهنا لمعانه
يبدو كحاشية الرداء ودونه
صعب الذرى متمنعا اركانه
فبدى لينظر كيف لاح ولم يطق
نظرا إليه وصده سبحانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه
والماء ماسمحت به اجفانه
-قال : فهام وتواجد الجنيد ؛ وتواجدنا ؛ فلم يدرى احد منا افى السماء ام الأرض نحن .
وكان بالقرب منا دير فيه راهب فنادانا :
-يا امة محمد اجيبوني ؟
-فلم يلتفت إليه احد لطيب الوقت والمكان .
فنادانا ثانيه : بدين الحنيفية اجيبوني ؟
فلم يجبه احد .
فنادانا ثالثا : بحق معبودكم الا اجبتموني ؟
فلم يجبه احد .
-فلما خلص الانشاد هم الجنيد بالنزول ؛ فقلنا له :
إن هذا الراهب نادانا واقسم علينا ولم يرد عليه احد .
-فقال الجنيد : ارجعوا بنا إليه لعل الله يهديه إلا الإسلام ؛ فوصلنا الجبل وناديناه فنزل إلينا وقال : أي منكم الأستاذ ؟
-فقال له الجنيد : هؤلاء كلهم سادات واساتذة .
-فقال الراهب !! لابد ان يكون منكم واحدا اكبركم ؟ فأشاروا إلى الجنيد .
-فقال الراهب : اخبرني عن هذا الذى فعلتموه ؟
اهو مخصوص فى دينكم ام معموم .
-فقال له الجنيد : بل مخصوص .
-فقال الراهب : الاقوام مخصوصين ام معمومين .
-فقال له الجنيد : بل الاقوام مخصوصين .
-فقال الراهب : بأي نية تقومون .
-فقال الجنيد : بنية السماع من الله عز وجل .
-فقال الراهب : بأي نية تصيحون .
-فقال الجنيد : بنية إجابة العبودية للربوبية ؛ لما قال الله للارواح فى الذر ؛ الست بربكم ؟ قالوا بلي شهدنا .
-فقال الراهب : وماهذا الصوت .
-فقال له الجنيد !! نداء ربى .
-فقال الراهب : بأي نية تقعدون .
-فقال له الجنيد : بنية الخوف من الله عز وجل .
-فقال الراهب للجنيد !! صدقت ؛؛ مد يدك ؛؛
فأنا اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله ؛ فأسلم الراهب .
-فقال له الجنيد !! بم عرفت اني صادق ؟
-فقال له الراهب !! لأني قرأت فى الأنجيل المنزل على المسيح بن مريم إن خواص أمة محمد يلبسون الخرقة ؛ ويقومون فى صفاء اوقاتهم بالله يفرحون ؛ وإليه يشتاقون ؛ وفيه يتواجدون ؛ وإليه يرغبون ؛ ومنه يرهبون .
فبقي الراهب معنا على الاسلام ثلاثة ايام ؛ ثم مات رحمه الله تعالى .
الشيخ بن عربي ؛ محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار الجزء الثاني ص 335-336 .
...........