الملتقى الصوفى للنور المحمدى
عزيزى الزائر عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضومعنا
او التسجيل معنا ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

شكرا لك
ادارة المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى
عزيزى الزائر عزيزتى الزائرة يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضومعنا
او التسجيل معنا ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى اسرة المنتدى

سنتشرف بتسجيلك

شكرا لك
ادارة المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الملتقى الصوفى للنور المحمدى

الملتقي الصوفي للنور المحمدي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اعرف نفسك تعرف ربك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الهدهد السليماني
الاداره
الاداره
الهدهد السليماني


عدد المساهمات : 1979
نقاط : 16651
التفاعل مع الاعضاء : 35
تاريخ التسجيل : 05/11/2010

اعرف نفسك تعرف ربك Empty
مُساهمةموضوع: اعرف نفسك تعرف ربك   اعرف نفسك تعرف ربك Emptyالجمعة يناير 21, 2011 4:01 am

اللهم صلى وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا



بأخذ القول الذي عنونا به موضوعنا المتواضع (اعرف نفسك تعرف ربك)

كمقدمة لابراز حقيقة معرفة الخالق عز وجل وأداة هذه المعرفة


فمن عرف نفسه بالضعف عرف ربه بالقوة، ومن عرفها بالعجز عرف ربه بالقدرة، ومن عرفها بالذل عرف ربه بالعز، ومن عرفها بالجهل عرف ربه بالعلم؛ فإن الله سبحانه استأثر بالكمال المطلق، والحمد، والثناء، والمجد، والغنى. والعَبْدُ فقيرٌ، ناقصٌ، محتاج. وكلما ازدادت معرفة العبد بنقصه، وعيبه، وفقره، وذله، وضعفه، ازدادت معرفته لربه بأوصاف كماله.
ويقال ايضا في هذا الشأن: أن من نظر إلى نفسه وما فيها من الصفات الممدوحة: من القوة، والإرادة، والكلام، والمشيئة، والحياة؛ عرف أن من أعطاه ذلك وخلقه فيه أولى به، فمعطي الكمال أحق بالكمال، فكيف يكون العبد حيًا، متكلمًا، سميعًا، بصيرًا، مريدًا، عالمًا، يفعل باختياره، ومَنْ خلقه وأوجده لا يكون أولى بذلك منه؟! فهذا من أعظم المحال، بل إن من جعل العبد متكلمًا أولى أن يكون هو متكلمًا، ومن جعله حيًا، عليمًا، سميعًا، بصيرًا، فاعلاً، قادرًا، أولى أن يكون هو كذلك. فالتأول الأول من باب الضد، وهذا من باب الأولوية.


أداة هذه المعرفة:
إن أداة المعرفة : هي الروح والقلب، وحين استرشد بالقرآن الكريم سلك إلى حقائقه بروحه وقلبه وقال معبرًا عن سيره: "فشرع بإرشادٍ من ذلك من الشيخ السالك المربي بالسلوك بروحه وقلبه" . وبيَّـنَ أنه ما كتب مثنويَّه إلا ليكون معبرًا عن ذوقه وشهوده فقال: "ما كتبتُ إلا ما شاهدتُ" ؛ لأن ذلك المثنوي العربي هو "نوع تفسيرٍ شهوديٍّ لبعض الآيات القرآنية" .
وقال : " والقلب مرآة الأحد الصمد، لكن له شعورُ إحساس بما تجلّى فيه، وعلاقةٌ مفتونيّةٌ بما تمثل فيه، خلافًا لسائر المرايا " .
وليس مقبولًا عند الأستاذ الشيخ أن يخوض الفكر والعقل في الحقائق الصوفية الذوقية بمقاييسهما المجردة، وهو يرى أنَّ أهل الفكر والعقل حينما حصروها في المقاييس الفكرية والعقلية جعلوها مصدر كثير من الأوهام والأفكار الباطلة .
وكان يرى أن مداومة النظر في مجرد كتب الفلسفة تورث العقل بعض الأسقام، وأنه لا بد للحكيم الذي يطالعها من تصفية عقله من شوائبها، وقال يصف سيره : "بل جهد كل الجهد أولا لإنقاذ عقله وفكره من بعض الأسقام التي أورثته إياها مداومة النظر في كتب الفلسفة" .
وقال: "قد شاهدتُ ازدياد العلم الفلسفي في ازدياد المرض، كما رأيت ازدياد المرض في ازدياد العلم العقلي، فالأمراض المعنوية توصِلُ إلى علوم عقلية، كما أن العلوم العقلية تولّد امراضًا قلبية" .
ويتبين مما تقدم أنَّ أداة المعرفة لديه أصلا هي الروح والقلب، أما العقل فإنه يصلح أن يكون مبتدأ الطريق ثم لا بد له من الخضوع لسلطان الروح.
ويظهر بهذا جَلِيًّا تجانسُ مشربه مع مشرب مولانا الرومي، الذي يقول في ديوانه شمس تبريز:
"رأى العقل سوقًا فبدأ بالتجارة، ورأى العشق أسواقًا كثيرة وراء سوق العقل" .... "للعشاق الذين شربوا حتى الثمالة أذواقٌ في داخلهم، ولأرباب العقل المظلمي القلوب إنكارٌ في داخلهم" .... "وبرغم أن العقل صاحب الصدارة وعالـمٌ نحرير، فإن رداءه وعمامته صارا رهنًا عند كأس العشق" ..." العقلُ لا يعرفُ ويغدو حيرانَ أمام مذهب العشق، رغم أنه مُطّلعٌ على جملة المذاهب" .
- مراتب هذه المعرفة:
إن أولى مراتب معرفة الله تعالى الذوقية: التوحيدُ الحضوري الشهودي، يقرر أن التوحيد توحيدان:
- توحيدٌ عامي ... يمكن تداخُلُ الغفلات بل الضلالات في أفكار صاحبه.
- وتوحيدٌ حقيقي يقول: «هو الله وحده له الملك، وله الكون، له كل شيء» ... يثبته له إثباتًا حضوريًا، ولا يمكن تداخل الضلالة والأوهام في هذا التوحيد .
وفي هذا التوحيد تزولُ "ظلماتُ الجهاتِ الستة، وتتنورُ الجهات الآفاقيةُ والأنفسية الستة، وتظهر الأضواءُ الثلاثة ، المنعكسة من شمس معرفة سلطان الأزل" .
فإذا تحقق بهذا التوحيد الشهودي، انحصر نظره في وجود «واجب الوجود» ورأى الموجوداتِ كلَّها ظلالا باهتةً لا تستحق إطلاق صفة الوجود عليها حيال «واجب الوجود» وصغرت وتضاءلت في نظره «الممكنات المخلوقات» ، ولا يكون هذا إلاّ لأخَصِّ الخواصّ عند حالات الاستغراق المطلق، وللمتجردين من الأسباب المادية ومن الذين قد قطعوا علائقهم بما سوى الله من الممكنات والأشياء .
فإذا أفاق من عالم استغراقه ونشوته، أثبتَ الأشياء المخلوقة بإثبات الأزل, لا باعتبار وجوداتها الاستقلالية. وفي هذا يقال:
"وبِسرّ أنّ في إسناد كلّ الأشياء إلى الواحد لا يكون الإيجادُ من العدم المطلق بل يكون الإيجادُ عينَ نَقْلِ الموجود العلمي إلى الوجود الخارجي" .
ويقال: "ختَم أقطارَ السموات والأرض بخاتم الواحدية، وضرب على مجموع العالم سِكَّةَ الأحدية" .
ويقال: ".. هو الشمس الأزلي الذي هذه الكائناتُ ظلالُ أنواره وتجلياتُ أسمائه وآثارُ أفعاله, باتفاقِ أهل الشهود" .
ويزيل وهم استقلال وجود الأشياء المخلوقة عن مولاها :
"لو لم تُسنِد تماثيلَ الشمس المتلألئة في القطرات، إلى تجلّي الشمس يلزم عليك أن تقبل شُمَيْسَةً حقيقيةً وبالأصالة في كل قطرة قابلتها الشمس وفي كل زجاجةٍ أضاءتها الشمسُ، بل في كل ذرةٍ شفافةٍ تشمّسَتْ ..كذلك .. للشمس الأحدية السرمدية على كل حياة ... طرةٌ وسِكةٌ من تجلّي الأحدية" .
وخشيةَ توهُّمِ الحلول أو الاتحاد من كلماته يقول:
"ولا يمكن دخولُ شرارةٍ من كبريت في عينها بالأصالة، بل لو دخلت لانطفأت العين... كذلك ... يجب مظهريةُ كلِّ ذرةٍ لتجلياتِ أسماء شمس الأزل، ولا يمكن, بل يمتنع أن تكون ذرةٌ مصدرًا وظرفًا لمؤثرٍ حقيقي، ولو كان أصغر وأقل من الذرة" .
ويبين الفروق بين الأولياء والفلاسفة في الكلام على هذه الحقائق، وخلاصتها أنَّ :
1 – الأولياء الصوفية توجهوا إلى الله تعالى وحده بكليتهم فلم تعد أسرارهم ترى في الوجود إلا هو، وكانوا غائبين بقلوبهم وأرواحهم عن المادة. أما الفلاسفة الماديون وضعفاء الإيمان, فقد توجهوا بكليتهم إلى المادة وصرفوا كل تفكيرهم ونظرهم فيها، وصاروا لا يرون غيرها فغابوا عن الألوهية، ثم ازدادوا جهالة حين توهموا امتزاج الألوهية بتلك المادة.
2 – الأولياء الصوفية لم تشاهد أرواحُهم إلا الحقَّ. أما الماديون فإنَّ بواطنهم العالقة في المادة لم تر إلا وحدة المادة الموجودة.
3 - مسلك الأولياءِ الصوفية مسلكٌ ذوقي بينما مسلك الماديين مسلكٌ عقلي.
4 – نظرُ الأولياء إلى المخلوقاتِ تابعٌ لمعرفتهم بالله وفرعٌ ثانويٌّ عنها، أما الماديون فإن نظرهم إلى المخلوقاتِ أصلٌ, وقد حصروا فيها ذلك النظر.
5 – الأولياء يعبدون الله ويستغرقون في محبته، والماديون يعبدون أنفسهم وهواهم؛ فأين الثرى من الثريا.. وأين الضياء الساطع من الظلمة الدامسة .

يقول الأستاذ النورسي رحمه الله:
" يتدحرج رأسي في آن واحد من الأوج إلى الحضيض، ومن الحضيض إلى الأوج"
ويقول:
" سلكت طريقًا غير مسلوك، في برزخ بين العقل والقلب، ودار عقلي من دهشة السقوط والصعود " .
ويفصِّلُ في ترقيه فيقول:
"مكمّليةُ هذه الآثار المشهودة في هذه الكائنات بلا قصور ولا فطور، تشهد بالمشاهدة الحدْسية على مكملية أفعالٍ مستترة خلفها... ومكمّليةُ هذه الأفعال التي هي كالمشهودة ، تشهد بالبداهة على كمال أسماء ذلك الفاعل؛ وكمال تلك الأسماء، يشهد بالضرورة على كمال الصفات؛ إذ الأسماءُ ناشئة من نِسَب الصفات، وكمالُ الصفات يكشف باليقين عن كمال الشؤون الذاتية التي هي مبادئ الصفات القدسية، وكمالُ الشؤون يشهد بحق اليقين على كمال الذات بما يليق بجنابه سبحانه" .
وكأنه في هذا يتوافق مع ما قاله ابن عطاء الله السكندري في حكمه :
" دَلَّ بِوجودِ آثَارِهِ عَلَى وُجُودِ أَسمَائِهِ ، وَبِوُجُودِ أَسمَائِهِ عَلَى ثُبُوتِ أَوْصَافِهِ ، وَبِوُجُودِ أَوْصَافِهِ عَلَى وُجُودِ ذَاتِهِ ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَقُومَ الوَصْفُ بِنَفْسِهِ , فَأَهْلُ الجَذْبِ يَكْشِفُ لهمْ عَنْ كَمَالِ ذَاتِهِ ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إِلى شُهُودِ صِفَاتِهِ ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إِلى التَّعَلُّقِ بِأَسمَائِهِ ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إِلى شُهُودِ آثَارِهِ، وَالسَّالِكُونَ عَلَى عَكْسِ هَذَا ، فَنِهَايَةُ السَّالِكِينَ بِدَايَةُ المَجْذُوبِينَ لكِنْ لا بِمَعْنَىً وَاحِدٍ ، فَرُبمَّا التَقَيَا في الطَّرِيق ِ، هَذَا في تَرَقِّيهِ وَهَذا في تَدَلِّيه" ِ.

يتبع ان شاء الله










الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




اعرف نفسك تعرف ربك Empty
مُساهمةموضوع: رد: اعرف نفسك تعرف ربك   اعرف نفسك تعرف ربك Emptyالجمعة يناير 21, 2011 6:25 am

سيدي و شيخي الهدهد السليماني

بارك الله فيك لما تزودنا به من انوار روحانية

لكن و انا اقرا الموضوع عن الصوفيين و الماديين بدر الى ذهني تساؤل


تجداحيانا الماديين حتى من غير المسلمين تجدهم عبر بحوثهم و اجتهاداتهم لكشف ماهية هاته المادة و نظم عملها

يتوصلون الى ان لها مسير و منظم ليس بالعادي و ان هاته المادة تسير بنظام لا يمكن لانسان ان يتحكم فيه او ان يخلق مثله و يتوصلوا الى ان منظم هاته المادة له قدرة غير قدرة البشر و انه الله عز وجل شانه

و كثيرون من دخلوا الى الاسلام

فهنا يمكن ان نقول بان العقل و الروح كلاهما سبب في التقرب الى الله عز وجل

فما تعليقك شيخي و باقي من يفهم تساؤلي عن هاته الفكرة؟

تقبل مروري و تحياتي شيخي الهدهد السليماني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهدهد السليماني
الاداره
الاداره
الهدهد السليماني


عدد المساهمات : 1979
نقاط : 16651
التفاعل مع الاعضاء : 35
تاريخ التسجيل : 05/11/2010

اعرف نفسك تعرف ربك Empty
مُساهمةموضوع: رد: اعرف نفسك تعرف ربك   اعرف نفسك تعرف ربك Emptyالجمعة يناير 21, 2011 8:29 am

المعنى هنا اختي هالي والتفريق بين الصوفيين والماديين
في درجة المعرفة لله وبالله
المعرفة الحسية المنبثقة من الخلايا
فالسير الأنفسي يبدأ من النفس ويصرف صاحبُ هذا السير نظرَه عن الخارج ويحدّق في القلب مخترقًا أنانيته. ثم ينفذ منها ويفتح في القلب ومن القلب سبيلًا إلى الحقيقة.. ومن هناك ينفذ إلى الآفاق الكونية فيجدها منوَّرةً بنور قلبه، فيصل سريعًا إلى أن الحقيقة التي شاهدها في دائرة النفس يراها بمقياس أكبر في الآفاق، وأغلب طرق المجاهدة الخفية يسير وفق هذه السبيل.
وأهم أسس هذا السلوك هو كسْرُ شوكة الأنانية وتحطيمها، وترك الهوى وإماتة النفس.
أما النهج الثاني فيبدأ من الآفاق ويشاهد صاحبُ هذا النهج تجلياتِ أسماء الله الحسنى وصفاتهِ الجليلة في مظاهر تلك الدائرة الآفاقية الكونية الواسعة, ثم ينفذ إلى دائرة النفس فيرى أنوار تلك التجليات بمقاييس مصغَّرةٍ في آفاق كونه القلبي، فيفتح في هذا القلب أقربَ طريق إليه تعالى، ويشاهد أن القلب حقًّا مرآةُ الصمد فيصل إلى مقصوده ومنتهى أمله" .
وهو وجه آخر من وجوه التدلي والترقي: " اعلم أن محبة ما سواه تعالى على وجهين: وجه ينـزل من علو؛ أي يحب الله فبحبهِ يُحب من يحبهُ الله، فهذه المحبة لا تُنقِص من محبة الله بل تزيدها.
والوجه الثاني: يعرج من سُفْل؛ أي يحبّ الوسائلَ فيتدرج في محبتها ليتوسل إلى محبة الله، فهذه المحبة تتفرق ، وقد تصادف وسيلة قوية فتقطع عليها الطريق فتهلكها، وإن وصلت وصلت بنقصان"

التعبير عن هذه المعرفة:

قد جرى عليه ما جرى على كُمَّلِ الصوفية الذين هجمت عليهم الوارداتُ المعبِّرة عن الحقائق من غير إرادةٍ منهم، فيقول في مثنويه العربي:
"وكذا لا تظنن أني باختياري أشكَلْتُ عليك عبارةَ هذه الرسالة، إذ هذه الرسالة مكالمات فجائية مع نفسي في وقت مدهش" .
وقد صرّح بمثل هذا الشيخ ابن عربي، ومولانا جلال الدين الرومي، ومن كلمات الرومي قوله:
"والله ، إنني لا أميل إلى الشعر .. صار مفروضًا علي" ....
"كل شعرة مني صارت بفضل حبك بيتًا وغزَلًا " ....
" إذا لم أنشد الغزَل ، فإنه يشق فمي"
وفي هذا المعنى يقول صاحب الحكم العطائية:
"قَلَّمَا تَأْتي الوَارِدَاتُ الإِلَهِيَّةِ إِلاَّ بَغْتَةً لِئَلاَّ يَدَّعِيَهَا العِبَادُ بِوُجُودِ الاسْتِعْدَاد"

وبعد هذا، فإننا نجد الأستاذ ربما عبـَّر عن حقيقة من الحقائق التي يشهدها بالرمز أوالإشارة، فمن كان من الراسخين في المعرفة يدرك إشارة رمزه، ومن لم يكن أهلًا لذلك فالرمز يكفيه مؤونة سوءِ فهمِ الجاهل.
يقول الأستاذ: "وكثيرًا ما أضع كلمةً على ما لا يمكن لي التعبير عنه، للإخطار والتذكير، لا للدلالة" .ويقول: "إنك ترى .. من المسائل والحقائق الدقيقة التي من شأنها أن يكون كلٌّ منها موضوعًا لرسالة..قد ذكرتْ ضمن ألفاظٍ ضيقةٍ لا تسعها، وفي سطورٍ معدودةٍ لا تستوعبها.."
وهو "يشير إلى ترقياته الفكرية وفيوضاته القلبية بأدق العبارات وأقصر الجمل التي لا يفهمها إلا هو، لذا فقد لا يدركُ قسمًا منها – بعد جهد جهيد – إلا الراسخون في العلم" ، ثم كأنه يفتح الطريق للراسخين في العلم ليفصِّلوا في بعض ما فهموه من رموزه بقوله: "فلوكانت تلك الخواطر القلبية مبيَّنةً بعباراتٍ سهلةٍ مفصَّلةٍ وموضَّحةٍ بإيضاح يقرّبها إلى الأفهام لكان ذلك«المثنويُّ العربي» مُعِينًا تامًّا لرسائل النور" .

*– حقيقة معرفة محمد رسول الله:
يشاهد العارف نور النبي صلى الله عليه وسلم غامرًا للكون، ويرى خَلْقَ الأفلاك من أجل محمد ، وهو لا يكتفي بالنظر إلى مسجده الكبير الذي مساحته الأرض، ومحرابه مكة ومنبره

المدينة ، بل يراه في كل تسبيحة سبّحها الكونُ فكانت بلسان محمدها ، ثم إنه في مشهد العارف "كالشمس يدل على ذاته بذاته" .
وهو المرآة الصفائية للأسماء الحسنى
ولا يمكن حُسْنٌ لا نهاية له، بلا طلبِ ذي الحسن، ومحبتِه لمشاهدة محاسن جماله ولطائف حسنه في مرآة. وبلا إرادته لإشهاد أنظار المستحسنين عليه وإراءته لهم بواسطة عبدٍ حبيب يتحبب إليه ورسولٍ يحببه إلى الناس, أي هو بعبوديته مرآةٌ لشهود ذي الجمال" .
"كذلك هو مظهرٌ ومرآة لصفة الربوبية"
كما يرى العارف :أننا حين لا نستضيء بنور رسول الله عليه الصلاة والسلام "نرى في الكائنات مأتمًا عموميًّا،..... ونرى جامداتها جنائز دهاشة،..... ونرى الإنسان قد صار بعجزه...... أدنى وأخسر من جميع الحيوانات" .
:فانظر الآن بنوره، وبمرصاد دينه، وفي دائرة شريعته، إلى الكائنات كيف تراها؟ انظر! قد تبدل شكل العالم، فتحوّل بيتُ المأتم العموميّ مسجدَ الذكر والفكر ومجلسَ الجَذْبة والشكر... وتحول الأعداء الأجانب من الموجودات أحبابًا وإخوانًا...، وتحوّل ذوو الحياة منها، الأيتام الباكون المشتكون، ذاكرين في تسبيحاتهم" .

ويرى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يدير حلقة الذكر الكونية الكبرى، فيقول:
"إذ بينما تراه قال : "لا إله إلا الله" ... فإذا نسمع من الماضي والمستقبل من الصفَّين النورانيين( أي شموس البشر ونجومِه القاعدين في دائرة الذكر ) عينَ تلك الكلمة فيكررونها

ويراه صلى الله عليه وسلم كيف يهيِّجُ ببكائه بكاء كل الكائنات، ويقول:
"انظر إلى طَوْره في طُرُز تضرعاته كيف يتضرع بافتقار عظيم، في اشتياق شديد، وبحزن عميق في محبوبيّة حزينة! بحيث يهيج بكاء الكائنات فيبكيها فيشركُها في دعائه.. ثم انظر كيف يتضرع باستمداد مديد، في غياث شديد، في استرحام بتودُّدٍ حزين، بحيث يُسْمِع العرشَ والسمواتِ، ويهيج وجْدها" .
ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: "اللهم بحق القرآن وبحق من أنزل عليه القرآن"


حقيقة معرفة الكائنات:

فالعارفين وحدهم يشهدون حُسْنَ الكائنات؛ لأنها مرايا أسماء الأزل، ويقول: "أكثر الغافلين لا يدرك حُسْنَ الحادثات" .
ويتحدث عن : "«الجمال الحزين» في خد الكائنات المنعكس المرمِز إلى وجوب وجود ذي الجمال المجرد" .
ويتحدث عنـ " ما يُرى في قلبها من «العشق الصادق» المنادي على المحبوب الحقيقي، وما يُحَسّ به في صدرها من «الانجذاب والجذبة» الملوِّحَيْنِ بالحقيقة الجاذبة التي تنجذب إليها الأسرار" .
فلاتجدين هذا ابدا عند الماديين من البشر

– حقيقة معرفةِ الإنسان: لنعود لعنوان موضوعنا
فمعرفة الإنسانِ هي آخِرُ المعارف في منازل التدلّي، للعارف كلامٌ عليها، فهو يرى أنَّ الإنسانَ في تكوينه مزوَّدٌ بوجهين، وجهٍ ناظرٍ إلى الحق سبحانه له قيمة عالية غالية، ووجهٍ ناظر إلى الخلق لا قيمة له لفنائه وزواله.
ويرى الإنسانَ ثمرةً في شجرة الكون فيقول: " الإنسان لكونه أجمعَ وأبدعَ المصنوعات فهو الثمرة الشعورية لشجرة الخِلْقة" .
ويقول :"فالبشر ثمرٌ لهذه الكائنات فهو المقصود الأظهرُ لخالق الموجودات"
ويقول: "انظر إلى الإنسان في هذه الكائنات حتى تشاهد بالعيان دائرتين متقابلتين، ولوحتين متناظرتين:
فأما إحدى الدائرتين ،فدائرة ربوبية محتشمة منتظمة في غاية الاحتشام والانتظام.
وأما أحد اللوحين فلوحُ صَنْعةٍ مُصَنَّعٍ مرصَّع في غاية الإتقان والاتزان.
وأما الدائرة الأخرى فهي دائرةُ عبودية منوّرة مزهرة في غاية الانقياد والاستقامة. وأما اللوح الآخر، فهو لوح تفكر واستحسان في غاية الوسعة، وصحيفة تشكر وإيمان في غاية الجمع" .


يتبع ان شاء الله تعالى






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهدهد السليماني
الاداره
الاداره
الهدهد السليماني


عدد المساهمات : 1979
نقاط : 16651
التفاعل مع الاعضاء : 35
تاريخ التسجيل : 05/11/2010

اعرف نفسك تعرف ربك Empty
مُساهمةموضوع: رد: اعرف نفسك تعرف ربك   اعرف نفسك تعرف ربك Emptyالجمعة يناير 21, 2011 9:52 am

موانـــــــــــــــــــــع (مانع المعرفة):

إنَّ وجود النفسِ عمًى في عينها، بل عينُ عُميها، ولو بقي من الوجود مقدار جناح الذباب يصير حجابًا يمنع رؤيتَها شمسَ الحقيقة, فقد شاهدتُ أن النفس بسبب الوجود تَرى, على صخرة صغيرة في قلعة عظيمة مرصوصة, من البراهين القاطعة ضعفًا ورخاوة فتنكر وجود القلعة بتمامها" .... وجهلها ناشئ من رؤيتها لوجودها

فلا يصحّ للإنسان سَيرٌ إلى الحقائق عبر الطرائق إلا بعد إحكام النية، ومما يروى عن الجنيد السالك رحمه الله تعالى قوله:
" أكثر العوائق والحوائل والموانع من فساد الابتداء ؛ فالمريد في أول سلوك الطريق يحتاج إلى إحكام النية ، وإحكامُ النية تنـزيهها من دواعي الهوى ... حتى يكون خروجه خالصًا لله تعالى "

نعم , إنَّ النية ، إكسيرٌ عجيب تَقْلِب بخاصيتها العاداتِ الترابية والحركاتِ الرملية إلى جوهر العبادة"
فالنية روح، وروحها الإخلاص، فلا خلاص إلا بالإخلاص، ويمكن بالنية... عملُ كثيرٍ في زمانٍ قليل .

والأصل في تصحيح الإرادة وتعيين النية قولُه تعالى:
(ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون )

توهم بعض المشتغلين بالطرائق أنها تدعوهم إلى إهمال البدن كَسْرًا للنفس، وهو غير مذهب المحققين، فالإمام الشاذلي رحمه الله يقول في وصاياه: " لا تسرف بترك الدنيا فتغشاك ظلمتُها وتنحلّ أعضاؤك فترجع لمعانقتها بعد الخروج منها بالهمة أو بالفكر أو بالإرادة

أوبالحركة .... برِّدِ الماءَ فإنك إذا شربتَ الماء الساخن فقلتَ الحمد لله قلتها بكزازة، وإذا شربت الماء البارد وقلت الحمد لله استجاب كل عضو فيك بالحمد لله

يقول احد العارفين:
" إني رأيت نفسي مغرورة بمحاسنها, فقلت: لا تملكين شيئًا. فقالت: فإذًا لا أهتم بما ليس لي من البدن. فقلتُ: لابد أن لا تكوني أقل من الذباب، فإن شئتِ شاهدًا فانظري إلى هذا الذباب كيف ينظِّفُ جَناحيه برجليه ويمسح عينيه ورأسه بيديه, سبحان من ألهمه هذا وصيّره أستاذًا لي وأفحم به نفسي"

وهو الموافق للسنة فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

فكان رأي الإمام الغزالي رحمه الله.ومن نماذج خطابه العقلي الاستدلالي في الطريقة ما يأتي:
" يا أيها الغافلُ المنغمس في الأسباب! إنّ الأسبابَ حجابُ تصرُّفِ القدرة؛ إذ العزة والعظمة تقتضيان الحجابَ، لكن المتصرِّف الفعال هو القدرةُ الصمدانية" .
" هذه الوسائط لإظهار عزة القدرة وحشمة الربوبية

وضِعَت الأسباب لتتوجه الشكاوي إليها" .
"التوحيد والجلال يردّانِ أيدي الأسباب عن التأثير الحقيقي" .
"التعلّقُ بالأسباب سببُ الذلة والإهانة" .
"إنك موزون بين موازين...فَتَنَبَّهْ وأقم الوزن بالقسط.. والحال أنك تلهو كمجنون بين مجانين" .
ويحاور المبتلى بأحد الأمراض الأربعة المضلَّة، فينصحه بعلاج مرض اليأس بـ }لاتقنطوا من رحمة الله{ وعلاجِ مرض العُجْب بتذكُّر عدم مالكية نفسه لشيءٍ ، وعلاجِ الغرور بالنظر الواعي إلى أعمال الأسلاف وأمجادهم، وعلاجِ سوء الظن بردِّ العيبِ إلى نفس المسيء ظنه .


كما وقد بحث الإمام الغزالي مسألة التحصيل من غير معلِّم، ثم أجابَ عن المسألة بقوله:
"اعلم أن الأستاذ فاتحٌ ومسهِّلٌ والتحصيلُ معه أسهل وأروح، والله تعالى بفضله يمتن على من يشاء من عباده فيكون هو معلّمهم " .
وقال أيضًا:
" اعلم أن العلوم التي ليست ضرورية, وإنما تحصل في القلب في بعض الأحوال, تختلف الحال في حصولها: فتارة تهجم على القلب كأنه ألقي فيه من حيث لا يدري، وتارة تكتسب بطريق الاستدلال والتعلم، فالذي يحصل لا بطريق الاكتساب وحيلةِ الدليل يسمّى إلهامًا، والذي يحصل بالاستدلال يسمى اعتبارًا واستبصارًا"
ويقول الأمير عبد القادر الجزائري:
" تنفع أكملية الشيخ من حيث الدلالة الموصلة إلى المقصود, وإلا فالشيخُ لا يعطي المريد إلا ما أعطاه له استعداده, واستعداده منطوٍ فيه وفي أعماله" .
على أنَّ ما وُفِّقَ إليه الأستاذُ النورسي رحمه الله من الاختصاص, لا ينبغي أن يصرف المتعلم عن المربي إن وجد. يقول الشعراني رحمه الله:
" كانت صور مجاهداتي لنفسي من غير شيخٍ, أنني كنتُ أطالع كتب القوم كرسالة القشيري وعوارف المعارف والقوت لأبي طالب المكي والإحياء للغزالي وأعملُ بما ينقدح لي من طريق الفهم, ثم بعد مدة يبدو لي خلاف ذلك فأترك الأمر الأول وأعمل بالثاني, وهكذا فكنت كالذي يدخل دربًا لا يدري هل ينفذ أم لا, فإن رآه نافذًا خرج منه وإلا رجع, ولو أنه اجتمع بمن يعرِّفه أمْرَ الدرب قبل دخوله لكان بيّن له أمْرَه وأراحه من التعب, فهذا مثال من لا شيخ له" .
ويقول الشيخ أحمد زروق في قواعده:
" أخْذُ العِلْمِ والعمل عن المشايخ أتمُّ من أخذه دونهم" .
وينبغي أن لا يُنسى أثر الوالدين في تربية النشئ،فيذهب احد المشايخ للقول في هذا الشأن
" أقسم بالله, إن أرسخ دَرْسٍ أخذتُه، وكأنه يتجدد عليّ، إنما هو تلقينات والداي رحمهما الله ودروسهما المعنوية، حتى استقرت في أعماق فطرتي وأصبحت كالبذور في جسدي، في غضون عمري الذي يناهز الثمانين" .

فللاباء الفضل الاكبر على الابناء في التعلم والتخلق وسلوك طريق التحقق
والله اعلم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




اعرف نفسك تعرف ربك Empty
مُساهمةموضوع: رد: اعرف نفسك تعرف ربك   اعرف نفسك تعرف ربك Emptyالجمعة يناير 21, 2011 1:55 pm

ماشاء الله على هذا التوضيح الرائع و الدرس القيم شيخي و استاذي الهدهد السليماني

نتمنى المزيد شيخنا من هاته الانور الروحانية و الزاد و الزواد

جزاك الله كل الخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اعرف نفسك تعرف ربك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الصوفى للنور المحمدى :: ๑۩۩۩۩ ملتقى العرفان الصافى المصفى ۩۩۩۩๑ :: ๑۩ ملتقى الزاد والزواد ۩๑-
انتقل الى: