اَلْحَمْدُ ِللهِ وَحْدَهُ
وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
عَلَى مَنْ لاَ نَبيَّ بَعْدَهُ
صِفَاتُ الله كُلها كَمَالٌ
الإرادةُ
الإرادةُ صفةٌ قديمةٌ قائمةٌ بذاتِ الله أي ثابتةٌ لذاتِهِ
يخصصُ بها الممكن العقليَّ بصفةٍ دونَ صفة،
لأنَّ الممكناتِ العقليةَ كانت معدومةً ثم دخلت في الوجودِ بتخصيصِ الله تعالى
لوجودِها إذ كانَ في العقلِ جائزًا ألا توجدَ فوجودها بتخصيصِ الله تعالى،
فلولا تخصيصُ الله تعالى لَما وجِدَ من الممكناتِ العقليةِ شىءٌ.
فيعلم من ذلكَ أن الله تعالى خصص كل شىءٍ دخلَ في الوجودِ
بوجودِهِ بدل أن يبقى في العدمِ وبالصفةِ التي هو عليها دونَ غيرِها،
فتخصصُ الإنسانِ بصورتِهِ وشكلِهِ الذي هو قائمٌ
حاصلٌ بتخصيصِ الله تعالى لأنه كان في العقلِ جائزًا
أن يكونَ الإنسانُ على غير هذه الصفةِ وعلى غيرِ هذا الشكلِ،
ثم تخصصُ الإنسانِ بوجودِهِ في الوقتِ الذي وجِدَ فيهِ
فهو من الله تعالى لأنه لو شاء لجعلَ الإنسانَ أولَ العالم
لكنهُ لم يجعله أول العالم بل جعلَهُ ءاخر العالم،
فالفردُ الواحدُ منَّا يعلمُ أنه ما أوجَدَ نفسَهُ على هذا الشكلِ
ولا هو أوجدَ نفسَهُ في هذا الزمنِ الذي وُجِدَ فيهِ
فوجبَ أن يكونَ ذلك بتخصيص مخصصٍ
وهو الموجودُ الأزليُّ المسمى الله.
وأما البرهانُ النقليُّ على وجوبِ الإرادةِ لله فكثيرٌ من ذلك
قولُه تعالى:
''فَعَّالٌ لما يُرِيدُ''.
(سورة البروج/16).
أي أنه تبارك وتعالى يُوجدُ ويفعلُ المكوناتِ بإرادتهِ الأزليةِ.