بداية طريق الدعوة يتحدث الشيخ أحمد ديدات عن بداية طريق الدعوة ، فيقول :كنت أعمل في دكان قريب من موقع إرسالية آدمز ميشين ( كلية آدمز ) ..
وكان من عادة الطلبة في هذه الكلية أن يأتوا إلى المحل ، وكانوا مبشرين تحت التدريب ..
كاناو يأتون إلى المحل ويرونني وبقية العاملين المسلمين في المحل ،
وكانوا يتحدثون إلينا بأشياء عن الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ، وعن أمور وأشياء ليس لدي أي معرفة عنها .
ومن هذه الكلية توافد علينا المبشرون الذين حولوا حياتنا إلى بؤس وعذاب ، فلقد كانوا يتدربون هناك على كيفية مواجهة المسلمين . وحينما كانوا يأتون لشراء ما يحتاجون إليه من المحل كانوا ينهالون علينا بالأسئلة والانتقادات .. فيقولون :.هل تعلمون أن محمداً تزوج نساءً كثيراتٍ جدّاً ؟ وحينئذ لم يكن لدي أدنى معرفة بذلك ..وهل تعلمون أن محمداً نشر دينه بحدّ السيف ؟ ولم يكن لدي أدنى معرفة عن ذلك ..وهل تعلمون أن قد نقل كتابه عن اليهود والنصارى ؟ ولم يكن لدي أدنى علم بذلك .كان الموقف فـي غاية الصعوبة بالنسبة لي .. ماذا أفعل كمسلم ؟ .. هل أردُّ
على الهجوم ؟ ..ولكن كيف ذلك ؟ وليس لدي من العلم والمعرفة ما أَرُدُّ به .. وهل أهرب من المكان ؟والحصول على عمل في تلك الأيام كان أمراً عسيراً .
وكان لدي توقٌ شديدٌ للمعرفة ، وللقراءة . وفي صباح يوم الراحة الأُسبوعية دخلت المخزن الخاص برئيسي ، وأخذت أُقلب في كومة من الصُّحف القديمة ، وأُفتش عن مادة جيدة أقرؤها ، وانهمكت في البحث إلى أن عثرت على كتاب قضمته الحشرات – وفيما بعد جدّدت غلاف هذا الكتاب الذي قضمته الحشرات – وحينما أمسكت بالكتاب ثارت منه رائحة نفاذة أثارت أنفي وانتابتني حالة من العطس فقد كان الكتاب قديماً ومتعفِّناً .
قرأت عنوان الكتاب .. العنوان هو : (إظهار الحق) .. كان وقعه في أُذني وكأن العنوان بالعربية ..
كان الكتاب قديماً وصدر في الهند عام 1915 م ، قبل ميلادي بثلاث سنوات .. فلقد ولدت عام 1918 م ، فهو أقدم مني بثلاث سنوات.
وبفضل هذا الكتاب تغيرت حياتي تماماً ، ولو لم أصادف هذا الكتاب ما كنت لأقوم بما أقوم به الآن ، وأعني بذلك التحدث إلى الناس عن الأديان من منطلق المقارنة بينها .
هكذا كانت البداية .. من هذا المكان .. بدأ كل شيء من هنا منذ خمسين عاماً خلت
مرضه ووفاته
أصيب الشيخ أحمد ديدات بمرض عضال منذ عام 1996م، أجبره على لزوم الفراش، وبقي صابراً محتسباً إلى أن وافته المنية صباح يوم الإثنين الموفق 3 شهر رجب 1426هـ بتوقيت جنوب أفريقيا، وصُلي على الفقيد بعد صلاة المغرب في أحد مساجد مدينة فيرلم التي تقع على بعد 30 كم شمالي مدينة ديربان التي توفي في أحد مستشفياتها .
ورغم إصابة الداعية الكبير بشلل تام في كل جسده -عدا دماغه- ولزومه الفراش منذ عام 1996 فإنه رحمه الله واصل دعوته من خلال الرسائل والتي تتدفق عليه يوميا من جميع أنحاء العالم ويصل في المتوسط إلى 500 رسالة يومية سواء بالهاتف، أو الفاكس أو عبر الإنترنت والبريد.
رحم الله الشيخ رحمة واسعة اللهم آجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرا يا رب العالمين .
لنتذكر وصية الشيخ هذه كانت وصية الشيخ الداعية أحمد ديدات بعد أن أبلى بلاءً حسنًا في الدعوة إلى الله، وإبلاغ الرسالة، وإقامة الحجة.
الشيخ ديدات لم يورّث دينار ولا درهمًا، ولا أسهمًا ولا عقارًا، وإنما ترك لمن بعده سفرًا مشرقًا من كنوز الدعوة وطرائق الجدل، وأساليب المناظرة ووسائل دعوة أهل الكتاب. كانت الدعوة إلى الله همّه الذي لا يفارقه، حتى وهو على فراش المرض الذي أُصيب فيه بشلل دماغي أقعده عن التجوال والترحال؛ فكانت بيئة الأطباء والمساعدين والموظفين في المستشفى الميدان الوحيد الذي واصل فيه رسالته، ومارس فيه مهمته حتى وضع له الأطباء نظامًا خاصًا للتخاطب مع الآخرين ومحادثتهم ليرفق بنفسه التي طالما أجهدها في سبيل الله. وعندما استقرت حالته رحل من الرياض إلى جنوب إفريقية ليواصل مهمته التي نذر لها نفسه، محاضرًا، ومناظرًا، ومتفقدًا لغراس جهده من معاهد ومراكز، مطمئنًا على نهجها، حاثًا للقائمين عليها أن يبلغوا رسالتها، ويحققوا أهدافها.
"
اتقوا الله في رسولكم ونبيكم" وصيته للمسلمين كافة، وهو يودّع الدنيا.. بعد أن أبلى بلاءً حسنًا في الدفاع عن محمد –صلى الله عليه وسلم-، والرد على القساوسة والإنجيليين وغيرهم، ممن أرادوا صدّ الناس عن الحنيفيّة السمحة التي جاء بها رسول الإسلام إلى الناس كافة.
وصيته تركها الشيخ أحمد ديدات لطلابه وللدعاة، وللمسلمين كافة، في وقت رمى فيه الكفار والمنافقون والمستغربون الإسلام عن قوس واحدة. هجمة محمومة على النبي، وحملة مسعورة على السنة، يقودها "المسيحيون الجدد" عبر مؤسّسات سياسيّة، ومراكز إستراتيجيّة، ووسائل إعلاميّة بعد أن أوقد جذوتها القساوسة، ونظّرت لها المؤتمرات، ودعمتها الكنائس... والنتيجة: حصار دائم لا ينقطع لرسالة محمد –صلى الله عليه وسلم- ودعم لجهود الكنيسة في كل شبر وصقع.
لئن كان الشيخ يمارس الدعوة إلى الله في وقت الرخاء، فإنه ترك لمن بعده مواصلة الرسالة في وقت تقطّعت بالدعاة السبل، وبلغت قلوبهم الحناجر.. يرون الأرض تضيق عليهم بما رحبت، بيد أن العزاء في العزيمة، والرجاء في الإرادة، والأمل في نبذ اليأس، حتى ولو كان الحمل ثقيلاً، والأمانة عظيمة.
فلنتذكر دائمًا وصيّة الشيخ.
هل تتحقق البشارة؟
وقد تعلق ديدات بهذا الهدف منذ أن رأى رؤيا في منامه، يرويها رفيقه إبراهيم جادات قائلاً: "في عام 1976م روى لنا الشيخ ديدات أنه رأى في منامه أنه يقدم بيده مليون نسخة من القرآن الكريم لكل من يناظره حول الإسلام.. وبعد أن استيقظ من منامه أخذ على نفسه عهداً بطباعة وتوزيع مليون نسخة من معاني القرآن الكريم في كل مكان يذهب إليه من العالم".
وعندما أصيب بالمرض عام 1996م كان الشيخ قد أتم توزيع 400 ألف نسخة من معاني القرآن الكريم مترجمة بواسطة العالم البارع "يوسف علي" أشهر مترجم لمعاني القرآن، يضيف السيد إبراهيم جادات: "وقد استدعاني الشيخ بعد مرضه، وحمّلني أمانة إكمال هذه المهمة، والحمد لله ما زلت أقوم بإكمالها بالتعاون مع المركز العالمي للدعوة الإسلامية برئاسة الأستاذ أحمد سعيد مولا الذي أكد مراراً أن المركز تعهد للشيخ بضمان استمرار نشر رسالة القرآن الكريم على نطاق واسع ودون انقطاع…".