[color=blue]
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه وسلم .
للمقامات عند العارفين أحاديث تطول،قد تختلف بعض عباراتهم عن بعض،لكنّها تظلّ في عموم حقيقتها نبراسا للسّير في الطّريق،و زهرات عطرات يعبق شذاها بالرّحيق الحقيق.
و لقد اخترتُ لكم منها شذرات من تعاريف لبعض أهل الذّوق و التّوصيف،سأذكرها كما أوردها المصنّف في بابه،و حبّره في كتابه وهو "تهذيب الأسرار في أصول التصوّف"،للعارف بالله الزّاهد القدوة أبي سعد عبد الملك الواعظ النّيسابوريّ الخركوشيّ (المتوفّي سنة 407هـ).
و لمّا كان كلّ مقام من هذه المقامات واسعا في بابه يحتاج إلى موضوع مفرد،بل مواضيع،رام أخوكم العبد الفقير، و المحبّ الأسير أن يُثنّي على هذه المقامات بما فتح الله به عليه من بيان و توضيح أو إشارة و تلويح،على سبيل التّحرير و الاختصار،و المقابسة و الاستينار،و هي لعمري مُنّة اللّهفان،و نُغْبَة الظمآن.
و سأقتصر بداية على المقامات العشر الأُوَلِ، عازما -إن شاء الله تعالى و قدّر-أن أتبع مقابسة بقيّة المقامات في موضوع آخر،
راغبا من كلّ أهل الصّفاء الأصفياء، و السّادة النّجب الفضلاء،و المحبّين
النّبلاء،و أصحاب المواجيد و الذّوق الألبّاء أن يفيدوا الفقير بإثراء هذه
المقامات الأربعة و العشرين (24)بذخائر أعلاقهم،و ينيروا قبساته
الشّاحبات،و نظراته الكليلات ببهيّ أنوارهم و لألاء أفكارهم.
و لعلّي أقترح عليكم -لطفا منكم و فضلا- أن تثروا هذه المقامات الواردة أسفله(أو غيرها من المقامات،وليكن اسم الموضوع قبسات في المقامات مثلا أو نحو ذلك...ممّا تقترحونه لهذا الموضوع) تلذّذا بجميل القبسات و رائق التّوصيفات،وحفزا للهمم على الترقّي بالعزمات و النّفحات تحقيقا لهذه المقامات،و تشويقا للأنفس الظّمآى إلى الحقائق الموصلات إلى حضرة ربّ العالمين،بجاه خير المرسلين.
باب في ذكر المقامات:
و قال بعضهم :
للرّجال مقامات و مراتبُ،
فأوّلها الانتباه،ثمّ الحياة،ثمّ التّوبة،ثمّ الخوف،ثمّ الرّجاء،ثمّ الاجتهاد،ثمّ مخالفة الهوى،ثمّ الصّبر،ثمّ الرّضا،ثمّ الشّكر،ثمّ القناعة،ثمّ السّخاء،ثمّ الإنابة،ثمّ الاحتراس،ثمّ التوكّل،ثمّ التّفويض،ثمّ الفراغ،ثمّ النّظر،ثمّ الخشوع،ثمّ التفكّر،ثمّ التملّق،ثمّ التشوّق،ثمّ الإنابة،ثمّ النّصيحة.
تهذيب الأسرار (ص81 ط دار الكتب العلميّة 2006)
1- الانتباه:
[وهو شأن من كان نائما (في سبات الحياة)فانتبه من نومه و صحا،و استيقظ قلبه فصبا].
2- الحياة:
[وهو شأن المنتبه الّذي بدأ يدرك أنّ قلبه ينبض بالحياة،و أنّ كلّه (محلّ الرّوح)لم يفارق بعضه(الجسد محلّ الأشباح)و أنّه
مازال على قيد الحياة،بل إنّ ما في الحياة الّتي لم يعشها بعد ما يستحقّ الحياة،بل إنّها حقّ الحياة].
3- التّوبة:
[وهي الرجوع عن المخالفات خوفا من ربّ الأرض و السّماوات،و يقال أوّل التّوبة يقظة من الله تعالى تقع في قلب العبد،فيتذكّر جرأته و تفريطه...فيندم و يعزم على عدم العودة،فإذا عزم بادر إلى الطّاعات،و ردّ الظلامات،و سارع إلى الخيرات، و سأل مولاه التثبيت في ما هو آت.(و التوبة باب واسع يطول)].
4-الخوف:
[وهو أيضا حديث مفرد في بابه شاسعة مسافاته،متعرّجة دروبه و علاماته.فيها البكاء و الوجل،و الحياء و الخجل،و الجزع بلا زلل و الدّعاء بلا أمل...].
5- الرّجاء:
[وهو بالمقام السّابق لاحق،و لسوء الظنّ بالرّحمان الرّحيم التّواب الكريم ماحق،و لأبواب قلوب المشتاقين فاتح و سائق].
6- الاجتهاد:
[هو توطين النّفس على العبادة،لبلوغ مراقي السّعادة،و الفوز بالرضّا و زيادة].
7- مخالفة الهوى:
[و الهوى طبع هويّ،و منزع رديّ،و مشرع غويّ،مقطعةٌ للسّائر،و مرتعةُ الدّوائر].
8- الصّبر:
[خلق الأنبياء،و سلوك الأصفياء،و قوت الأتقياء،و نداء الأوفياء،و قبل هذا وذاك هبة ربّ الأرض و السّماء].
9- الرّضا:
[وهو باب الله الأعظم،و التّسليم باختيار العليّ الأعلم ،و مستراح العبد الأسلم ،وهناء العيش الأكرم].
10-الشّكر:
[وهو خدمة الله بالبدن و اللّسان و الجنان على منن العطاء
و الإحسان،أو نِعَمِ المنع و الحرمان في كلّ حين و آن].[/color]