عادل العامري عضو ذهبى
عدد المساهمات : 287 نقاط : 10740 التفاعل مع الاعضاء : 7 تاريخ التسجيل : 06/11/2011 العمر : 37
| موضوع: شرح قصيدة يا ام الحسن الإثنين يناير 09, 2012 12:32 pm | |
| شرح قصيدة
يا امُّ الحسن يا حْنينا
يا امُّ الحسَنْ يا حْنِينا وصِّ أبا الزهرا فينا - يا أم العارفينا بالله تجودي علينا سيدي عمر يا غالي بالله انظر لحالي - سيدي الصديق يا غالي بالله انظر لحالي سيدي عثمان يا غالي بالله انظر لحالي - سيدي علي يا غالي بالله انظر لحالي [center]سيدي الحسين يا غالي بالله انظر لحالي - سيدي الحسن يا غالي بالله انظر لحالي يُمّا يا فاطمة يا غالية بالله انظري لحالي - قد حطيت أحمالي ببابكم شيلوها سارت ليكِ المَطايا منكِ ترجو العطايا - فيكِ ما خاب رْجَايا يا بَضعة الأمينا يا امُّ البَها والأنوار ليكِ أسرًّ المختار - آنِي راحلْ عن ذي الدار والموت حق علينا صاحت زهرا : واكربي على فراقك يا حِبّي - همسْ لِيها : و انْتِ بي أول اللاحقينا آني دخِيلك يَمِّي ضمِّيني لصدرك ضمِّي - حبُّك جرى بدمي داوي قلبي الحزينا يا فاطمة يا زهرا اسمك بقلبي حَفْرَهْ - بالفرح والمسرة نرجوا رضاكِ علينا يا فاطمة يا أمي ذكرك يزوّل همّي - تركت خوالي وعمّي وهمتُ فيكِ مجنونا يا فاطمة يا عيوني وانتِ الدوا لجفوني - ضمن العبا خبيني ضمن العبا آويني يا أغلى الناس علينا يا بضعة الرسول سارت إليكِ حمولي - أرجو منكِ قَبولي بالله لا تردِّينا يا فاطمة بهواكِ نَشوان و قلبي شاكِ - حتى عُود الآراكِ لفراقك صار حزينا يا امُّ الحسن يا حْنِينا وصِّ أبا الزهرا فينا - يا أم العارفينا بالله تجودي علينا منطلقات تأصيلية
استجابة لرغبة من أحب و احترم فها أنذا أكتب هذه المعالم في شرح معاني هذه القصيدة ، و بداية فهذه منطلقات عامة تقود الفهم العام لهذه القصيدة : 1 – التوسل و الاستغاثة بالأموات : من الأمور التي اختلف فيها العلماء : هل تجوز أم لا ؟ و ذلك من حيث كونها صيغة للدعاء – كما بينت ذلك مفصلا في موضوعيّ " التوسل و الاستغاثة بالنبي و الصالحين / فتوى " و " التوسل و الاستغاثة في المذاهب الأربعة / بحث فقهي " . 2 – التوسل و الاستغاثة بالأموات : مآلها إلى التشفع بالأنبياء و الصالحين في الآخرة – و هذه لا خلاف فيها عند أهل السنة و الجماعة - ، أو التشفع بهم في الدنيا ، فالمستغيث كأنه يقول : يا رسول الله ؛ يا من أكرمك الله و أعطاك ؛ و قربك منه و أدناك : اشفع لي عند الله تعالى أن يفرِّج كربي و يستجيب دعائي .... إلخ . 3 – الاعتقاد بأن أي مخلوق يضر و ينفع ؛ و يغفر و يعذب ...: هو كفر و ضلال. 4 – التوسل : ورد في حياة الصحابة ما يدل على وقوعه ؛ كما في قصة عثمان بن حنيف – رضي الله عنه - . 5 – الاستغاثة : وردت حوله آثار لم تخلُ من مقال – كما بينت في الموضوعين المشار إليهما أول الكلام - ، و هذا ما جعل الخلاف في الاستغاثة أشد منه في " التوسل " ، لأنه صيغة من الدعاء لم تستعمل في الصدر الأول ، و هنا لا بد من التساؤل حول النقاط التالية :
أ – المطلوب من المسلم : الدعاء ، و هو التوجه إلى الله تعالى بالسؤال . ب – أفضل الدعاء ما كان بالوارد عن النبي – صلى الله عليه و سلم - . ج – الدعاء بغير الوارد : جائز إذا كان ضمن آداب الدعاء وشروطه الشرعية . و عليه : فالاستغاثة : صيغة من الدعاء لم تكن موجودة – إن رفضنا الآثار الواردة لضعفها مثلاً - ، و لكن لا مانع من أي صيغة تحقق منعى الدعاء و مضمونه ، ولم يشترط احد من العلماء ان يكون بالمأثور ليستجيب الله تعالى للداعي ، بل إن اشتراطه فيه تعسف كبير و حمل الأمة على ما لا يطيقه الكثيرون منها . هذه منطلقات الفهم لهذه القصيدة ، و أقصى ما يمكن ان يقال في مضامينها : إنها مسألة خلافية في صيغة الدعاء ، فمن العلماء من اجازها ، و منهم من انكرها ، لكن لا يجوز على كل الأحوال : أن نجعلها قضية عقدية ، فنطعن في عقيدة قائلها و إيمانه ... بل هي مسألة فقهية ؛ فرعية ؛ يؤطرها الخلاف الفقهي و الموقف منه ، و لا علاقة لها – إن صدرت من مؤمن – بالإيمان و الكفر ؛ إلا إن تحقق لدينا ان المستغيث يعتقد في المستغاث به النفع و الضر .... بذاته ؛ لا على جهة التشفع ، و هذا ما لا سبيل إليه بالظنون و الأوهام و التخمينات ، بل لا بد من اليقين ، لأن الإيمان ثبت لدينا يقينا ، فلا ينتفي إلا بيقين مماثل . و هذا أوان الشروع في الشرح :
أولاً – شرح الغريب : - العارفينا : آل بيت المصطفى – صلى الله عليه و سلم - ؛ لن النسل الطاهر انقطع إلا من جهة فاطمة – رضي الله عنها- . - حْمالي : أحمالي ، و المراد : ما أهمني و أغمّني من أموري ؛ طالبا منك أن تتشفعي لي عند الله تعالى أن يفرِّج عني ويستجيب دعائي . - المَطايا : جمع " مَطيّ " ، و هي : الراحلة التي يمتطيها السائر أو المسافر ، و المقصود : أننا توجهنا إلينا طالبين شفاعتك عند الله تعالى . - بَضعة الأمينا : البَضْعة : القطعة ، و تسمى البنت بَضعة لأنها قطعة من أبيها ، و السيدة فاطمة – رضي الله عنها – هي قطعة من المصطفى – صلى الله عليه وسلم - . - أم البهاء : أم الأنوار و الضياء . - ليك أسرًّالمختار .... : قبل وفاة النبي – صلى الله عليه و سلم – أسرّ لفاطمة بقرب أجله ، فبكت ، ثم سارّها مرة أخرى : انها أول أهل بيته لحوقا به – صلى الله عليه و سلم – فضحكت ، وقد توفيت بعد النبي بستة أشهر . - واكربي : كلمة تقال في الحزن تألما ؛ و هي من صيغ الندب و التألم . - حِبّي : محبوبي . - اسمك بقلبي حَفْرَهْ : صار حبك مخالطا لدمي و أنفاسي ، و اسمك محفورا في قلبي و روحي و نفسي حبا و إجلالا . - يا فاطمة يا أمي ذكرك يزوّل همّي : إما تأسيا بك لصبرك ، و إما أن ذكرك يذكرني برسول الله فينسيني همي ، أو أن ذكرك يجعلني على أمل بان الله تعالى سيفرج همي كرامة لك . - ... وهمتُ فيكِ مجنونا : تعلق قلبي بحبك يا بنت المصطفى و أصل النسل المبارك الباقي فينا . - وانتِ الدوا لجفوني : نفس معاني ما قبله - ضمن العبا : جمع النبي – صلى الله عليه وسلم – فاطمة و عليا و الحسن والحسين ، و قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً " ، فأسألك يا أمي : أن تجعليني كأولادك فتتشفعي لي عند الله تعالى كما تتشفعين لأي ابن من أبنائك . - سارت إليكِ حمولي ... : توجهت إليك طالبا شفاعتك لغفران ذنبي و تفريج كربي ... و هذه هي الحمول " الأحمال " . - نَشوان : فرح . - و قلبي شاكِ : من الشكوى . - حتى عُود الآراكِ لفراقك صار حزينا : حزن لموتك كل مؤمن ... و كل من عرفك ، حتى السِّواك – و هو عُود الأراك – حزن لموتك .
ثانياً – شرح المعاني : 1 - تدور القصيدة كلها حول طلب الشفاعة من السيدة فاطمة – رضي الله عنها – و من الخلفاء الأربعة أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، و من سبطي المصطفى – صلى الله عليه و سلم - . 2 – نذكر بالضوابط التي افتتحنا بها شرحنا هذا ، فهو المؤصل و الشارح لها . 3 – هناك ألفاظ توقف عندها بعض أهل العلم ، مثل " ضميني لصدرك ضمة " و " ضمن العبا ضميني " و نحو ذلك من العبارات ، و هنا لا بد من بيان التالي : أ – إن كان المادح و المردد لهذه الكلمات من آل البيت : فلا إشكال و لا اعترض ؛ لأنه يناجي جدته نسباً ؛ و الجدة مهما علت هي جدة ، و هي كالأم . ب – أن يكون غير ذي نسب من السيدة فاطمة : و هذا ما جعل بعض أهل العلم يمنع ترديد مثل هذه الكلمات ؛ لأنها لا تليق – كما قال - .
و لكن لا بد من وقفة متأنية : - إن أي مسلم ينظر إلى السيدة فاطمة على انها كأمه ؛ بل و أغلى من أمه ، و لا يخطر ببال مسلم أن يخاطب السيدة فاطمة على انها مجرد امراة ، بل هي كأم لكل مسلم . - و هناك أصول قد تمتن هذا الفهم الصحيح : فالله تعالى قال : { {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب : 6] ، فإذا كانت زوجات النبي أهات للمؤمنين فمعنى ذلك أن بناته أخوات للمؤمنين !!! - و هو معنى قوي و محتمل ، و لكن يرد عليه : حل زواجهن من الرجال في عصرهن ؟؟؟ و لا دليل على تخصيص عصر الصحابة بالحل دون غيرهم . - لكن مهما كان الأمر : فالقضية مصروفة إلى مناجاة أو مناداة الابن لأمه ، و لا يوجد مؤمن يعرف ما معنى الإيمان و ما معنى النبوة و الآل ... يمكن أن تتحرك أهواء البهيمية في نفسه في مثل هذا الخطاب لسيدة نساء العالمين ، بل أجد من قلة الذوق ان تثار مثل هذه الأبعاد في مثل هذا المقام الطاهر . و بعد : فإن الأولى بالمسلم أن يبتعد عن المختلَف فيه ، و لكن عندما يجد من يختار رأيا في قضية خلافية : فلا بد من حمل الموقف و الكلام على الوجه المشروع ؛ الصحيح ، لا أن يحمله على الأسوأ و الأبعد من الاحتمالات . و أخيرا : إن الأمر دين ، و قد بينت ما أعتقده في المسألة فيما بيني و بين الله تعالى : ألا أحمل موقفا أو قولا صدر من مسلم إلا على وجه مشروع ؛ مباح ؛ صحيح ، لأن أصل إيمانه يعصمه من أن أطعن فيه إلا بيقينيٍّ ؛ لا بمحتَمَلٍ و مظنونٍ و مختلفٍ فيه ... و لا بد من قراءة البحثين المشار إليهما لاستكمال التصور الصحيح للمسألة ، و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/center] | |
|