الشوق
كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحب له قليل الصبر عنه، حتى أنه أتاه ذات يوم شاحب اللون نحيل الجسم حزين القسمات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما غير لونك؟! "قال: يا رسول الله.. ما بي ضر ولا وجع غير أنى إذا لم أراك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل لا أراك أبداً، فأنزل الله عز وجل قوله: " وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً ".
…..
الحسد
يحسدوننا على حبك..
ولو عرفوك حقاً لأحبوك أكثر منا…
لو عرفوك حقاً…
لعلموا أنك لعلي خلق عظيم، ولعلموا أنك الرءوف الرحيم، ولعلموا أنك الشاهد والمبشر والنذير والداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، ولعلموا أنك لتهدي إلى صراط مستقيم، ولعلموا أنك صاحب الصفح الجميل، ولعلموا أنك ما أنت بنعمة ربك بمجنون، ولعلموا أنك ما تنطق عن الهوى، ولعلموا أنك على الحق المبين، ولعلموا أنك لو كنت فظاً غليظاً القلب لانفضوا من حولك، ولعلموا أنك بعثت لتضع عنا إصرنا والأغلال التي كانت علينا، ولعلموا أنك عزيز عليك ما عنتنا حريص علينا، ولعلموا أن الله جاء بك علينا شهيداً، ولعلموا أن لنا فيك أسوة حسنة، ولعلموا أنك قد بلغت ما أنزل إليك من ربك، ولعلموا أننا لا نؤمن حتى نحكمك فيما شجر بيننا، ولعلموا أنه سبحانه وتعالى علمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً، ولعلموا أن الله قد بعثك لنا لتعلمنا الكتاب والحكمة وتزكينا، ولعلموا أن الله قد فتح لك فتحاً مبيناً، ولعلموا أن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ولعلموا أن الله ما أرسلك إلا رحمة للعالمين، ولعلموا أنك قلت لنا في أنفسنا قولاً بليغاً، ولعلموا أن الله شرح صدرك ووضع عنك وزرك الذي أنقض ظهرك، ولعلموا أن الله رفع لك ذكرك… ولعلموا أن حسبك الله،، ولعلموا أن الله يعصمك من الناس، ولعلموا أن الله قد بعثك مقاماً محموداً،
ولو عرفونا حقاً لعلموا كم نحن مقصرين في حقك يا خير خلق الله.
….
الجنة
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أعددت لها؟ ". قال
أعددت) " إني أحب الله ورسوله. قال: " أنت مع من أحببت ".
هل أعددنا للساعة حقيقة حب الله وحب رسوله أم هو محض ادعاء .. أبحث في جراب أعمالي عن شواهد لهذا الحب، فلا أكاد أجد غير الكلام… مكركم يا مجرمين نبهتني إلى تقصيري… قادم إليك بحبي العملي يا حبيب.
…..
الفضل
قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قال فيه: " بالمؤمنين رءوف رحيم "، وقال في نفسه: "إن الله بالناس لرءوف رحيم".
…..
الرحمة
"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"… مسلمين وغير مسلمين.
رحمة للمسلمين: في حياته وبعد مماته، أصحابه وأتباعه، بالإرشاد والدعاء والشفاعة.
رحمة للكافرين المحاربين: فهلاكهم في حياته تخفيف من العذاب عليهم، فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم على الباطل.
رحمة للكافرين المعاهدين: يعيشون فى الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وربما يشرح الله صدورهم للإيمان.
رحمة للمنافقين: فإظهارهم الإيمان حقن دمائهم وأموالهم و حفظ عليهم أهليهم .
رحمة لجميع أهل لأرض: فقد وعد الله تعالى أنه مع بعثته صلى الله عليه وسلم يرفع العذاب العام عن أهل الأرض مسلمهم وكافرهم برهم وفاجرهم.
…..
أمتي
تلا النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل في إبراهيم عليه السلام: "رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " وقول عيسى عليه السلام: " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "، فرفع يديه وقال: " اللهم أمتي.. أمتي ". وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد فسله: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما قال، فأخبر جبريل ربه وهو أعلم، فقال الله عز وجل: يا جبريل.. اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك.
قال صلى الله عليه وسلم: " وددت أنى لقيت إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني"
وأنا أيضاً أحبك يا شفيعي.
…..
المقاطعة
عجبت لمن لا يزال يناقش ويتفلسف هل نقاطع أم لا …
ماذا تقول في وصف رجل يرسل ابنه كل يوم إلى البقال ليشتري بعض الجبن والزيتون… فيسبه البقال ويهينه ويطرده ويطلق عليه أحط الصفات هو وأهله… وفي كل يوم يذهب الولد إلى البقال يلقي نفس المصير، والرجل يقول لابنه "لا بأس يا بني فنحن نحتاج إلى الجين"… هل هذا رجل؟ هل هذا طبيعي؟ ماذا يقول الآخرون؟ ألا يستحق إذن ما يحدث له؟!!
و الله تعالى في سورة التوبة التي سميت بالفاضحة والمبعثرة لأنها فضحت المنافقين وبعثرتهم – نعوذ بالله أن نكون منهم - يقول: "قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"َ.
وهو تعالى يقول بوضوح لا لبس فيه وتأويل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ"
وهل ثمة عبث ولهو أكثر مما فعله هؤلاء الجاحدون الشانئون.
قال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" قال الخطابي: " معناه أن تصدق في حبي حتى تفنى نفسك في طاعتي، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك". !!!
وأنا أقول لك (بعيداُ تماماً عن الهلاك): إذا عجزنا عن أن تتحمل من أجل حبيبنا الصبر على قطعة جبن أو زبد فنحن نعطيهم رخصة أن يفعلوا بنا الأفاعيل، ولو كنت مكانهم لما تركت هذه الفرصة… ما هو شعورك والرجل يدق على ماكينة الحساب في السوبر ماركت: 5 جنيه أو ريال أو درهم … ثمن جبنة (كذا) الدانماركية، وأنت تعلم أن هذه الجنيهات الخمسة ستذهب إلى أناس قالوا: لك بوضوح وبشكل عملي: أنت حقير، ونبيك لا يؤبه له، وحريتنا حذاء نضعه فوق عقيدتك ومشاعرك..!! وأيضاً نقودك في جيوبنا يا….
….
ولكن افهم الصورة كاملة…
المقاطعة – مثل المقاومة – هي أضعف الإيمان.. هي دليل البقاء أحياء… لكنها أيضاً – وبحكم التعريف- دليل البقاء ضعفاء. يجب أن نقاطع ونقاوم… لا لأننا ندمن المقاطعة و نستلذ المقاومة، ولكننا لأننا مضطرون إليها بحكم الظرف الذي نرجو ألا يطول.
عجبت لمن يعترض على المقاطعة "وسيلة" للاستنكار وإعلان الاستياء…وعجبت أكثر لمن يعتبر المقاطعة "هدفاً" يستحق أن نتبادل التهاني بشأنه حين تخلو الأرفف من البضاعة الدنماركية، وكأننا حررنا بيت المقدس.
نريد أن نقاطع لكن دون أن نعيش في سجن المقاطعة… حب الرسول مقدم على المقاطعة… المقاطعة قرار يثبت أنه لا زال لدينا إحساس وكرامة وإرادة… والإحساس والكرامة هي اللبنة الأولى في معركة النهضة… والنهضة لا يصنعها جوعى عراة كسالى فاقدو الإرادة.
لا تحدثني عن المقاطعة وتكتفي … لأنني أظن أنك تقاطع وستقاطع – بالفطرة – دون دعاية ولا بهرجة.. ستقاطع لأن هذا نداء الفطرة السوية… ستقاطع لأن لديك بقايا نخوة… ستقاطع لأننا لم نرفع بعد راية الاستسلام بأنهم على الحق، والتسليم بأننا محض أبواق جوفاء..
لا تحدثني عن المقاطعة بفخر كأنها النصر المبين… حدثني عنها بحياء لأنها سلاح الضعيف، ولأننا بعد أن فرطنا في الكثير… لم يعد لدينا الكثير لنواجه به..
حدثني عن النهضة والإنجاز…
صن كرامتك وعرضك وشرفك بمقاطعتك…
وأسعد رسول الله بعملك وتفوقك وقوتك..