لقد كانت هذه الاية الكريمة مثار خلاف شديد بين المفسرين فمنهم من رأى أن ألآية الكريمة إنما هى نهى عن البحث فى الروح (بمعنى النفس الانسانية )لأنها من امر الله وهو وحده العالم بها وعارض هؤلاء ممن يرون أن الروح فى الاية الكريمة إنما هو (القرأن الكريم) ومنهم من قال أن الروح هو (سيدنا جبريل عليه السلام). ولقد ارسل سيدى أبالحسن الشاذلى رسالة طويلة كتبها لأحد اصدقائه بتونس هو سيدى على بن مخلوف فيها الاجابة عنها فلم يأخذ برأى هذا وذاك وإنما أدلى برأى نشهد بأصالته وعمقه ودقته يقول رضى الله عنه : (ومن ظن أن هذا العلم :أعنى علم الروح وغيره مما ذكر ومالم يذكر لم يحط به اهل الخاصة العاليا فقد وقع فى عظيمين : جهل أولياء الله "إذ وصفهم بالقصور عن ذلك ,وظن بربه أنه منهعم":وكيف يجوز أن يظن على مخصوص ؟ وسرى به التكذيب الى القدرة و الشرع بقوله عن اليهود او العرب كما تضمن الخلاف: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} فما الدليل لك منهما على جهل الصديقين وأهل خاصة الله العليا . والكشف عن هذا السؤال يقع بأربع أحرف :به, وكيف, ولم, ومن فهل : يقع بها السؤال عن الشئ الموجود هو أو معدوم . وكيف : يقع بها السؤال عن حال الشئ . ولم : يقع بها السؤال عن العلة . وليس فى الآية الكريمة من هذا... فإنك إن قلت فيها معنى هل ومعنى هل يقتضى هل الروح موجود أو معدوم وقد عرفوا وجوده من قبل : ولولا ذلك لما قال ويسألونك عن الروح . فثبت أنهم عرفوا وجوده فبطل هذا . وليس فيها سؤال عن الحال كيف هو , ولا سؤال عن العلة لم كذا وكذا ولو كان سؤالهم عن هذين لما قنعوا بقوله : (قل الروح من أمر ربى , ولشغيوا وتردوا إذ ذاك شغلهم وعادتهم وارادتهم . فثبت أن السؤال إنما كان عن الشئ من أين هو . بدليل الجواب والبيان الظاهر الشافى بقوله : (قل الروح من أمر ربى ) إذ الرسول عالم بما سألو ا عنه فأجاب عن الله بذلك . كما تقول آدم نسألك عنه .وفهم المسئول السؤال فقال : آدم من تراب , فإذا رضى الجواب قنع وليس يرجع العدو إلاّ بفهم عظيم من الحق العظيم الذى لا مرد له . فكيف يزعم الزاعم أنه لا يعرف ولا يجوز أن يعرف . فقد أوجب الله علينا معرفته ولا مثل له , ولو ضيعناها لكنا كفارا او عصاة , فكـيف بموجود مخلوق أمثاله كثيرة . هذا عين الجهل أن يقال لايجوز أن يعرف من له مثل والنظير الروح , ويوجب معرفة من لا شبيه له ولا نظير . فنعوز بالله من جهل الجاهلين وظلم الظالمين . والذى أقول به إن لله أسرار لا يسع فيها الرسم . ولا يليق بها أن ترسم فى الدواوين لعمى البصائر وضعفاء النجائر . ولا يليق بها الكتم لوضوحها وشدة ظهورها . فلا تعبأن بهم مع كثرة حججهم وذل للحق , واخضع له فيما هم فيه . واعرض عنهم فيما لا علم لهم به . وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بإبراهيم وسائر الانبياء عليهم السلام , وهو الفاضل الذى لايصل إليه أحد . ويقول قد شاركتهم فى النبوة والرسالة والهداية والامور الطارئة على النفوس والابدان والقلوب والارواح , واقتد بهم فيما فيه الشركة وما خصصنا به : ففينا والينا , كذلك أيضاً من فهم هذا السر دان لله مع عامة المؤمنين ومع أوساطهم ومع الاعلين وفارقهم فيما هو خاص للمخصوصين . فإن تكن منهم فازدد بعلمك وعملك فقراً الى الله وتواضعاً لعباده . واعطف بالرحمة على سائر المؤمنين وإن كانوا ظالمين إلاّ حيث أمرك الله بالغلظة عليهم مع الدعاء الصالح والدفع عنهم )
من كتاب (المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلى ..... بقلم /الدكتور عبد الحليم محمود ) .
.....
ابوحامد مشرف
عدد المساهمات : 239 نقاط : 9285 التفاعل مع الاعضاء : 4 تاريخ التسجيل : 24/08/2012 العمر : 45 الموقع : برهانى مصرى
موضوع: رد: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي الأربعاء سبتمبر 19, 2012 8:52 am
سلمتى سيدتنا الغاليه و سلمت يمينك تقبلى مرورى و لى ودى