هو الامام الاوحد و العلم المفرد العارف بالله و التقي الاواه الامير عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري ولد رضي الله عنه عام 1807م فى القيطنة
بولاية معسكر .
و مما لا يخفى على احد ان الامير كان مجاهدا خائضا لأكبر المعارك و الحروب ضد الاستعمار الفرنسي بحيث انه كان لا يخشى احدا و لا يخاف في الله لومة لائم و
هذا يعلمه العام و الخاص بل يشهد له حتى العدو و نحن لا نريد في هذه العجالة البسيطة التعرض لنضاله و مراحل جهاده ضد الاستعمار الفرنسي فذاك امر قد كفانا
مؤونته المؤرخون و لكننا نريد بحول الله و قوته ان نتكلم عن الجانب الروحي و سيره فى طريق القوم أي التصوف حيث انه تربي فى الزوايا منذ صباه فحفظ القران
الكريم و تعلم بعض العلوم فى المدرسة التي اسسها والده محي الدين شيخ الطريقة القادرية المنسوبة الى التصوف فى القرن السادس عشر الهجري الشيخ سيدي عبد
القادر الجيلاني *561* فورث الامير مع والده الطريقة من اسلافهم المشهورين بالصلاح و العلم و الولاية و الشرف فجمع الله له بذلك شرف النسبين الى سيدنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو حسني من حيث الابوين و هو من حيث الطريق يرتفع سنده الى سيدنا رسول الله صلى الله عليه و على اله و صحبه و سلم و
امتد شعاع زاويته الى اصقاع المغرب العربي.
و بوفاة والده رحمه الله انتقلت الخلافة الروحية فى الطريقة القادرية الى الامير و هو حين ذاك زعيم الجهاد و عمره حوالي 27 سنة و نضرا لاشتغاله بتكاليف الامارة
و الجهاد قام اخوه محمد السعيد بشؤون الزاوية و الطريق هذا و قد كان الامير شغوفا بمطالعة كتب التصوف و منها كتاب *ارشاد المريدين * حيث حدث هو عن نفسه
قائلا *
كنت مغرما بمطالعة كتب القوم منذ الصبا غير سالك طرقهم فكنت اثناء المطالعة اعثر على كلمات تصدر من سادات القوم و اكابرهم يقف منها شعري و
تنقبض منها نفسي مع ايماني بكلامهم على مرادهم لاني على بينة من ادابهم و اخلاقهم الفاضلة.* ولما تزعم الجهاد و حكم البلاد و توسعت دوائر علاقته بشيوخ مختلف الطرق الصوفية داخل و خارج الوطن فوجد من اغلبهم تاييدا و مؤازرة اثناء جهاده وقد وقع
له فتح كبير لما خالط مشايخ التصوف حيث انه تيقن ان التحقيق الكامل بالسلوك العرفاني لا يحصل الا بذالك أي بمخالطة الشائخ و سلوك مسلكهم و هذا ما بينه في
كتابه المواقف فى الموقف الرابع حيث ذكر*ان كل من لم يسلك طريق القوم و يتحقق بعلومهم حتى يعرف نفسه لا يصح له اخلاص و لو كان اعبد الناس و اورعهم
و ازهدهم و اكثرهم تدقيقا و بحثا عن دسائس و خفايا ألغيوب
فهو رحمه الله تعالى لما تحقق بمعرفة نفسه صح له الاخلاص و معلوم عند الرجال التربية الروحية ان العبد لا يعرف ربه إلا اذا عرف نفسه و ان تلك المعرفة لا
تتحقق إلا بالخذ عن الشيخ المربي الوارث الكامل الحي و ذكر الاسم الاعظم *الله* و قد تطلعت همة الامير لذلك الى ان حصل على مقصوده فى مكة المكرمة خلال
حجه عام 1863م و عمره اذ ذاك 57 سنة حيث اخذ الطريقة الدرقاوية الشاذلية عن الشيخ محمد بن مسعود الفاسي المتوفى بمكة و هو احد مشايخ طريقتنا المباركة
الطريقى البلقائدية الهبرية و بهذه الفتوحات الربانية التى حصلت له خلال سلوك طريق القوم استطاع ان يواجه كل تلك الهموم الكبرى فى جهاده و المشاكل
المستعصية فى ادارة البلاد و لم تلهه تلك الهموم و المشاكل عن ذكر الله و التبتل اليه فى العبادة بل كان يزداد كل يوم حبا و شوقا الى ذلك لكونه من الاعانات الكبرى
التي ساعدته في هزم العدو و تسييره لشؤون البلاد و قد شهد له بهذا الاعداء و ذلك انه في احدى المعارك التي كان يخوضها ضد الاستعمار تسلل ذات ليلة رجل دون
ان يراه الحراس الى خيمة الامير و هم منهمك في تلاوة القران و عندما سمع صوت الاقدام رفع رأسه فرأى زنجيا طويل القامة واقفا امامه و في يده خنجر لكن الرجل
فجأة رمى الخنجر و خر مرتميا على قدمي الامير قائلا...*لقد جئت لأطعنك و لكن منضرك قد جردني من سلاحي فقد رأيت هالة النبي فوق راسك ووقف الامير ببطء
دون ان يظهر عليه تأثر ووضع يده على راس الزنجي و قال ..
*لقد دخلت خيمتي قاتلا و ان الله الذي قد هداك الى التوبة قد حكم على ان تخرج منها بريئا فاذهب و
تذكر ان عبد الله قد عفا عنك*و بهذه الاخلاق السامية التي اكتسبها الامير من سادتنا مشايخ الصوفية رضوان الله عليهم و التي استمدوها من الامام الاعظم سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
استطاع الامير ان يقود ابلاد و العباد كما انه استطع ان يهزم العدو لان الحق تبارك و تعالى اطلع على نيته الخالصة فوفقه في جميع الامور فكان محبا للوطن باذلا
النفس و النفيس من اجل نصرة الاسلام.
و للأمير عبد القادر رحمه الله عدة تأليف...اشهرها..*المواقف في التصوف...و الرسالة المسماة*ذكرى العاقل و تنبيه الغافل* و من اطلع على هذه المؤلفات عرف
ان للأمير قدرا عظيما وسعة في العلم و تعلم ايضا ان الامير لم يطن مجاهدا يخوض المعارك فحسب بل كان جامعا بين الجهاد و ذكر الله حيث سلك طريق القوم فكانوا
هم العون الاكبر للأمير و غيره في نصرة الاسلام و المسلمين و اعلاء راية لا اله ألا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم. توفى الامير عبد القادر
عام1300 ه موافق ل24 مي عام 1833م فهرع الناس الى قصر *دمر* حيث يرقد جثمانه و في نهار اليوم التالي حمل الى بيته فى دمشق ليجهز و صلى عليه
الدمشقيون بالمسجد الاموي ثم شيعت جنازته الى حي الصالحية و دفن بجوار الشيخ محي الدين بن عربي داخل قبة مسجده و مما كتب على شاهدة ضريحه الابيات
التالية للشاعر عبد المجيد الخاني... ل
ك افق صار مشرق دارتي....قمرين هلا من ديار المغرب
الشيخ محي الدين خاتم الاولياء......قمر الفتوحات الفريد المشرب
و الفرد عبد القادر الحسني الامير.......قمر المواقف ذا الولي بن النبي.و بعد ان تحقق النصر لثورة المليون و النصف مليون شهيد بادر رجالها الى تجسيد وفائهم نحو الامير عبد القادر فنقلوا رفاته من العاصمة السورية الى العاصمة
الجزائرية فى الرابع من شهر جويلية عام 1966 و نقشوا عل ضريحه عبارة اطلقها فى وجه فرنسا حين كان اسيرا بين يديها يقول...*لو جمعت فرنسا سائر اموالها
ثم خيرتني بين اخذها و اكون عبدا و بين ان اكون حرا فقيرا لا اخترت ان اكون حرا فقيرا.*
منقول من مجلة الانوار ال
محمدية.