مؤسس اول مدينة اسلامية في الشمال الافريقي ...عقبة بن نافع رضي االه عنه

. و لد عقبة قبل الهجرة بسنة واحدة لذا فقد كانت نشأته اسلامية خالصة ذات طابع عسكري بحت فحمل سلاحه مجاهدا في العصر الذهبي للفتح الاسلامي الخالد و

برز في ساحات القتال متحملا قسطه الاوفى من الجهاد بحرص و اندفاع فقد ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا تصح صحبة و يقال له صحبة. و على

كل حال فهو صحبي بالمولد و هو اخر من ولي المغرب من الصحابة و قد تولى من صلب القيادة فى ايام عمر بن الخطاب الذي لا يولي إلا الصحابة و لا يرضى ابدا

ان يعمل صحبي تحت قيادة غير صحابي.

لقد تهيا الجو و الظروف المناسبة و البيئة المناسبة لعقبة فاجتمع في تكوينه ...الطبع الموهوب و العلم المكتسب ليكون قائدا من المع قادة الفتح الاسلامي على الاطلاق

خاصة في مناطق المغرب العربي.

لا يخفى ان عقبة بن نافع كانت له علاقة قديمة و طويلة ببرقة و طرابلس و افريقية و الشمال الافريقي عموما مما اكسبه خبرة جيدة بطبيعة البلاد و معرفة عادات و

نفوس اهلها مما جعله في قائمة المرشحين عند امير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه لقيادة الحملة الاخيرة لفتح افريقية.

وقد ارسله عمرو بن العاص الى زويلة سنة22 هجري ففتحها ثم عينه واليا على افريقية بعد رجوعه الى مصر و بتلك الخبرة و الخلفية سار عقبة الى افريقية في

جيش رهيب و مهيب و كانت بداية مسيرة هذه الجحافل المباركة *برقة* لأنه كان مقيما فيها ثم سار حتى وصل الى سرت حيث اقام الجيش فيها فترة من الزمان و

توجه خلالها عقبة الى بلاد ودان و جرمة و فزان ففتحها و نشر فيها تعاليم الاسلام.

وهكذا واصل عقبة بن نافع سيره حتى وصل القيروان و هناك رأى ضرورة انشاء قاعدة امنية للمسلمين تكون لهم مقرا ينطلقون منه لقتال اعداء الاسلام و ملجأ

للراحة و التقاط الانفاس و ترتيب الامور فاختار موقعا مناسبا عسكريا و امنيا و اقتصاديا فكان ذلك المكان الموضع المختار لمدينة القيروان الحالية التى كانت تسكنها

الحيوانات المفترسة و الوحوش الضارية انذاك حتى استنكر عليه بعض من رجاله في اختياره ذلك المكان الموحش.

ان رجاله قالوا له...* انك امرتنا بالبناء في شعاب و غياض لا ترام و نحن نخاف من السباع و الحيات و غير ذلك من دواب الارض و كان في عسكره خمسة عشر

رجلا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و سائر ذلك تابعون فدعا الله عز وجل و جعل اصحابه يؤمنون على دعائه.

و مضي الى السبخة وواديها و نادى...*ايتها الحيات و السباع نحن اصحاب رسول الله صلى لله عليه و سلم فارتحلوا عنا فانا نازلون و من وجدناه بعد

ذلك قتلناه * و نظر الناس بعد ذلك الى امر عجب فقد جعلت السباع تخرج من الشعاب تحمل اشبالها و الذئب يحمل جروه و الحيات تحمل اولادها و نادي

في الناس ..* كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا* فلما خرج ما فيها من الوحوش و الهوام و هم ينظرون اليها نزل عقبة الوادي و مرهم ان يقطعوا الشجر*


فلما فرغ عقبة بن نافع من تشييد اول صرح اسلامي في الشمال الافريقي اردفه بمسجد كبير جعله منارة للعلم و قبلة لطلاب العلوم الاسلامية و ملتقي للدعاة و العلماء

المجاهدين و كان ذلك سنة 55 هجري و بعد ذلك تفرغ اكثر لفتح ما بعد القيروان من مدن المغرب العربي و مطاردة فلول الروم و البربر الذين لا يؤمنون بالله و لا

بيوم الاخر .

[color=red]/color]

و بهد ان اصبحت القيروان القاعدة الامنية للمسلمين في شمال افريقية و اطمأن عقبة بن نافع رضي الله عنه على الفتوحات التى انجزها وفق الخطة الاستراتجية

المقررة لفتح الشمال الفريقي و حيث كانت بدايتها فتح برقة و سرت شرقا و زويلة و غدامس جنوبا و مرورا بطرابلس و سبيطلة غربا و اخيرا وقوفا بالقيروان قلب

الشمال الافريقي حيث اسس اول دولة اسلامية.

وهكذا جد السير بالقائد المبارك اتنفيذ الخطة المرسومة فقد جهز الجيش و استخلف على مدينة زهير بن قيس البلوي رضي الله عنه إلا ان عقبة بن نافع الرجل الشهيد

رضي الله عنه قد احس بان هذه المعارك التي يريد يخوضها هي اخر عهده بدنيا الناس لذلك رأى ان يجمع اهله و اولاده يلقي عليهم اخر نظرة و يوصيهم وصية

مودع فقال لهم بعد ان جمعهم...

...

*نص وصية مودع

..*فدعا بأولاده قبل مغادرته القيروان و قال لهم...*اني قد بعت نفسي من الله عز وجل فلا ازال اجاهد من كفر بالله ثم قال ...يا بني اوصكم ثلاث

خصال فاحفظوها و لا تضيعوها اياكم ان تملاوا صدوركم بالشعر و تتركوا القران فان القران دليل على الله عز وجل و خذوا من كلام العرب ما يهتدي به اللبيب و

يدلكم على مكارم الاخلاق ثم انتهوا عما وراءه... وأوصيكم ألا تداينوا و لو لبستم العباء فان الدين ذل بالنهار و هم بالليل فدعوه تسلم لكم اقداركم و اعراضكم و تبق

لكم الحرمة في الناس ما بقيتم و لا تقبلوا العلم من المغرورين المرخصين فيجهلوكم دين الله و فرقوا بينكم و بين الله تعالى و لا تؤخذوا دينكم إلا من اهل الورع و

الاحتياط فهذا اسلم لكم من احتاط سلم و نجا فيمن نجا

ثم قال ...* عليكم سلام الله و اراكم لا تروني بعد يومكم هذا *

ثم قال اللهم تقبل نفسي في رضاك و اجعل الجهاد رحمتي و دار كرامتي عندك*


و سار عقبة في عسكر عظيم حتى انتهى الى مدينة **بغاية***لا يدافعه احد و الروم يهربون في طريقه يمينا و شمالا فحاصرها و قد اجتمعوا بها و قاتلهم قتالا شديدا

فانهزموا عنه و فتل فيهم قتلا ذريعا و غنم منهم غنائم كثيرة.

و رحل عقبة فنزل على تلمسان و هي من اعظم مدائنهم فانضم اليها من حولها من الروم و البربر فخرجوا اليه في جيش ضخم و التحم القتال ووقع الصبر حتى ظن

المسلمون انه الفناء و لكنهم هاجموا الروم هجوما عنيفا حتى الجاؤهم الى الزاب فسال عن اعظم مدينة في الزاب فقيل له *اربة- و هي دار ملكهم و كان حولها

ثلاثمائة و ستون قرية كلها عامرة فامتنع بها من هناك من الروم و النصارى و هرب بعضهم الى الجبال فاقتتل المسلمون و من بالمدينة من النصارى ثم انهزم

النصارى و قتل كثير من فرسانهم.

و رحل عقبة الى *تاهرت* فاستغاث الروم بالبربر فأجابوهم و نصروهم فقام عقبة في الناس خطيبا حمد الله و اثني عليه و قال ...*ايها الناس ان اشرافكم و خياركم

الذين رضي الله عنهم و انزل فيهم كتابه با يعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم بيعة الرضوان على قتال من كفر بالله الى يوم القيامة و هم ااشرافكم و السابقون منكم

الى البيعة باعوا انفسهم من رب العالمين بجتته بيعة رابحة انتم اليوم في دار غربة و انما بايعتم رب العالمين و قد نظر اليكم في مكانكم هذا و لم تبلغوا هذه البلاد إلا

طلبا لرضاه و اعزازا لدينه فابشروا فكلما كثر العدو كان اخزى لهم و اذل ان شاء الله تعالى و ربكم عز وجل لا يسلمكم فالقوهم بقلوب صادقة فان الله عز وجل جعل

باسه على القوم ألمجرمين

و التقي المسلمون بأعدائهم و قاتلوهم قتالا شديدا و اشتد الامر على المسلمين لكثرة العدو و لكنهم انتصروا اخيرا فانهزمت الروم و البربر و اخذهم بالسيف و كثر فيهم

القتال و غنم المسلمون اموالهم و اسلحتهم.


و سار عقبة حتى نزل على طنجة ثم انتهى الى *السوس الادنى * و هو مغرب طنجة فقاتل جموع البربر الكثيرة و قتل منهم قتلا ذريعا و بعث خيله فى كل مكان

هربوا اليه ثم سار حتى وصل الى السوس القصى و قد اجتمع له البربر في عالم لا يحصى فلقيهم و قاتلهم و هزمهم و سار عقبة حتى بلغ *ماليان* و رأى البحر

المحيط فقال ...*يا رب لولا هذا البحر لمضيت في البلاد مجاهدا في سبيلك .ثم قال...*اللهم اشهد اني قد بلغت المجهود و لولا هذا البحر لمضيت في البلاد اقاتل من

كفر بك حتى لا يعبد احد من دونك*

تأمل هذه العبارات المشحونة بحب الله و رسوله و بروح المعاني الجهادية و بحرارة الشهادة و حيوية العبودية الله سبحانه و تعالى و توحيده .

ed]استشهاده

فاتجه عقبة بن نافع بخيله يريد *تهودة* و كان معه حوالي ثلاثمائة فرس فلماا رآه الروم في قلة طمعوا فيه فاعلوا الحصن و شتموه و هو يدعوهم الى الاسلام فلم

يقبلوا منه و بعث الروم الى كسيلة* الذي كان في عسكر عقبة مضمرا الغدر فلما ارسل اليه الروم اظهر ما كان يضمره جمع اهله و بنى عمه و قصد عقبة فقال ابو

المهاجر ...عاجله قبل ان يقوي جمعه و كان ابو المهاجر موثقا في الحديد مع عقبة فزحف عقبة على كسيلة فتنحى كسيلة عن الطريق ليكثر جمعه.

فكسر عقبة و المسلمون اجفاف سيوفهم و تقدموا الى البربر و قاتلوهم فقتل المسلمون جميعا و معهم عقبة و قتل معه زهاء ثلاثمائة من كبار الصحابة و التابعين في

ارض الزاب بتهودة.

و هكذا كان استشهاد عقبة بن نافع رضي الله عنه سنة ثلاث و ستين هجرية في معركة تهودة و قبره يزار بالزاب كما ان اجداث الصحابة الشهداء الذين استشهدوا

معه بمكانهم من ارض الزاب يزارون لهذا العهد.

رضي الله عنه وأرضاه .. وهو كان بن خالة سيدي عمروا بن العاص رضي الله عنهم أجمعين .. ومقامه موجود في المدينة التي تسمي حاليآ بأسمه " سيدي عقبه " ولاية بسكرة

بارك الله فيك أختي على المجهود المبذول للأرتقاء بهذا المنتدي المبارك

لك مني كل معاني الشكر والاحترام

شكرا اخي الكريم على مرورك الطيب و لك مني كل الاحترام.