رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)
فأما حق الله الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك بإخلاص، جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة.
و حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل
فتؤدي إلى لسانك حقه ,
وإلى سمعك حقه ،
وإلى بصرك حقه ،
وإلى يدك حقها
، وإلى رجلك حقها ،
و إلى بطنك حقه ،
وإلى فرجك حقه ، وتستعين بالله على ذلك.
و حق اللسان إكرامه عن الخنى .(يعني بـالخَنا : الفُحْش) وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة فيها، والبر بالناس وحسن القول فيهم .
و حق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه.
و حق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به.
و حق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك.
و حق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك فيهما، تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار.
و حق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع.
و حق فرجك أن تحصنه عن الزناء، وتحفظه من أن ينظر إليه.
و حق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل وأنك فيها قائم بين يدي الله عز وجل فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير ، الراغب الراهب، والراجي الخائف المستكين المتضرع، المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها.
و حق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك، وفرار إليه من ذنوبك، وبه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك.
و حق الصوم أن تعلم أن حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك، ليسترك به من النار، فان تركت الصوم خرقت ستر الله عليك.
و حق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز وجل ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها، وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية وتعلم أنها تدفع البلايا والإسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة.
و حق الهدي أن تريد به الله عز وجل ولا تريد به خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه.