الحبيبه ستنا مـارِيــــة القِبـطيّـــــة (16هـ)
مارية بنت شمعون، القبطية مولاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم ولده إبراهيم عليه السلام.
وُلدت رضى الله عنها بقرية "حَفَنَ" إحدى قرى صعيد مصر. وانتقلت فى مطلع شبابها مع أختها "سيرين" إلى قصر المقوقس عظيم القبط بالأسكندرية.
ثم أهداها المقوقس عظيم القبط بمصر والأسكندرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أهدى معها أختها سيرين، فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا، وأهدى النبى صلى الله عليه وسلم سيرين لشاعره حسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن. وولدت مارية لرسول الله غلامًا فسماه إبراهيم، وعق عنه بشاة يوم سابعه، وحلق رأسه فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين. إلا أنه لم يعش كثيرًا فقد مات وهو ابن ستة عشر شهرًا وحزن عليه النبى صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا.
وقد ظلت مارية رضى الله عنها بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم خمس سنوات فى عزلة عن الناس عابدة لربها، ولا تكاد تلقى إلا أختها سيرين، ولا تكاد تخرج من بيتها إلا لكى تزور قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم بالمسجد أو قبر ولدها بالبقيع.
توفيت مارية رضى الله عنها فى خلافة عمر بن الخطاب، وذلك فى المحرم سنة 16هـ، وكان عمر يحشر الناس بنفسه لشهود جنازتها، وصلى عليها عمر، ودُفنت بالبقيع.
ومن أجلها وأجل هاجر أم إسماعيل عليه السلام أوصى النبى صلى الله عليه وسلم بأهل مصر، فقال: "استوصوا بأهل مصر خيرًا فإن لهم نسبًا وصِهرًا".
قال ياقوت الحموى فى معجم البلدان: وكلم الحسن بن على رضى الله عنهما معاوية لأهل "حفَنَ" فوضع عنهم معاوية خراج الأرض.
ويقال إن عبادة بن الصامت الأنصارى رضى الله عنه، وكان ممن شهد فتح مصر، بحث عن تلك البلدة وسأل عن موضع بيت مارية فبنى بها مسجدًا.
( موسوعة صلحاء الأمة – الجزء الأول ص403)