الابن البار
كان رجل من الأثرياء عنده أربعة من الأولاد، فلما تقدمت به السن ومرض أراد كل واحد من أولاده أن يأخذه عنده ليمرضه..
وكان أحد الأربعة يعرف أن أخوته يريدون ذلك طمعًا فى مال أبيهم لارغبة فى بِرِّه. فقال لهم:
- الذى يأخذ أبانا عنده لا يكون له نصيب فى ميراثه، فإما أن تأخذوه وليس لكم من ميراثه شىء، وإما أن آخذه أنا وليس لى من ميراثه شىء.
نزلت هذه الكلمات على أخوته بردا وسلامًا، فهذا عين ما يحبون.
فقالوا له:
- بل خذه وليس لك من ميراثه شىء.
وقام الابن البار بتمريض أبيه ورعايته حتى توفَّاه أجله.
وبعد أيام قليلة من وفاة أبيه أتاه آت فى المنام يقول له:
- اذهب إلى موضع كذا من الغابة ستجد دينارًا هو لك فخذه.
فلما أصبح مضى إلى الموضع المذكور فى الرؤيا، فوجد الدينار فأخذه، وبينما هو عائد فى الطريق قابل رجلاً فقيرًا يعرض عليه سمكتين اصطادهما من النهر منذ قليل، فسأله:
- بكم هما؟
قال: بدينار.
فأعطاه الدينار وأخذ السمكتين..
فلما دخل بيته شرع فى تنظيف السمكتين، وشق بطنهما وجد فى بطن كل سمكة جوهرة لم ير الناس فى مثل حسنها..
وكان قد شاع فى البلد أن الملك يطلب جوهرة نادرة، تصلح لأن يضعها فى التاج الملكى رمزًا للثراء والقوة والمجد..وأنه سيكافىء صاحبها بأضعاف ثمنها.
لما شاهد الملك جوهرة الابن البار سُر سرورًا كبيرًا، ودفع ثمنا لها أموالاً طائلة، ولكنه قال:
- هذه الجوهرة لا تصلح إلا بأخت لها. من أتانى بأختها دفعت له ضعف ما دفعت فى الأولى.
عاش الابن فى رغد من العيش، وكان أخوته يحسدونه على ذلك فيقول لهم:
- الذى بلغ بى هذا الخير عُرض عليكم من قبل فرفضتموه.