زائر زائر
| موضوع: وقفة مع بعض الإشارات الصوفية الإثنين يونيو 24, 2013 1:18 pm | |
|
وقفة مع بعض الإشارات الصوفية
ينقل السراج في (اللمع) أن الشبلي سئل عن قوله تعالى :* قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم* فقال أبصار الرؤوس عن
محارم الله و أبصار القلوب عما سوى الله , و عن قوله تعالى :*ادعوني أستجب لكم* , فقال ادعوني بلا غفلة أستجب
لكم بلا مهلة . و عن قوله تعالى :* يمحوا الله ما يشاء و يثبت* , فقال يمحو ما شاء من شهود العبودية و اوصافها
ويثبت ما يشاء من شواهد الربوبية و دلائلها. وقال النابلسي في كتابه ( أسرار الشريعة ) المسمى أيضا (الفتح الرباني و الفيض الرحماني) عند قوله *واسجد و
اقترب* , هما سجدتان الاولى تسجد بك فيه و الثانية أن تسجد بك فيك . سميت الثانية باسم الاقتراب و لم تسم باسم
السجدة لان معها بدلت الارض غير الارض و السماوات . و هي حقيقة قاب قوسين و عندها تذهب نقطة الغين عن العين .
ويقول الأمام أبو الحسن الشاذلي في قوله تعالى :*و ما تلك بيمينك يا موسى* , هكذا يقال للولي و ما تلك بيمينك يا أيها
الولي؟ فيقول هي دنياي أنفق منها على نفسي و أهلي و اخواني فيقال له ألقها فيجدها *حية تسعى* في هلاك قابضها
فيأخذ حذره منها فإذا حذر منها يقال له * خذها و لا تخف* فكما ألقاها أولا بإذن حال بدايته فكذلك بإذن حال نهايته.
و في تفسير القشيري الموسوم ( لطائف الإشارات) يقول عند قوله تعالى:
*يا أيها الناس اعبدوا ربكم* العبادة موافقة الأمر و هي استفراغ الطاقة في مطالبات تحقيق الغيب , و يدخل فيه التوحيد
بالقلب و التجريد بالسر و التفريد بالقصد و الخضوع بالنفس و الاستسلام للحكم و زاد بأن العبادة هي التجرد عن
المحظورات و التجلد في الطاعات و مقابلة الواجبات بالخشوع و الاستكانة و التجافي عن منازل الكسل و الاستهانة.
و عند تفسير الخراب في قوله تعالى : * و من اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها أسمه و سعى في خرابها* يعدده
إلى أربعة أضرب :1- نفوس العابدين خرابها الشهوات
2- قلوب العارفين خرابها المنى و العلاقات
3- ارواح الواجدين خرابها الحظوظ و المساكنات.
4- أسرار الموحدين خربها الالتفات إلى القربات .و هي معان لم يسبق إليها.
و عن الصوم في قوله تعالى:* كتب عليكم الصيام* يقول هو على ضربين: إمساك عن المفطرات و صوم باطن هو
*صون القلب عن الآفات ثم صون السر عن الملاحظات*ثم يضيف* و عند أهل التحقيق فالرؤية عائدة إلى الحق. فصومهم
الله حتى شهودهم , و فطرهم لله , و إقبالهم على الله و الغلب عليهم الله*. و في قوله تعالى :* صم بكم عمي فهم لا يرجعون*,يرى أنهم:
1- صم عن سماع الحق بأذان قلوبهم بكم عن مناجاة الحق بألسنة أسرارهم عمي عن شهود جريان المقادير
بعيبعيون بصائرهم.
وحين وصل إلى قوله تعالى :*فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم* , قال بأن مخاطبات الأحباب لا
تحتمل الشرح و التأويل لأنها على طريق الإشارة. وفسر النعمة في قوله تعالى :* صراط الذين أنعمت عليهم* فقال:أنعمت عليهم بحفظ الأدب في أوقات الخدمة و استشعار
نعت الهيبة , فلم تطفئ شموس معارفهم أنوار ورعهم , و لم يضيعوا شيئا من أحكام الشرع فأكرمتهم بالعبودية عند
ظهور سلطان الحقيقة , أما * غير المغضوب عليهم* فبنسيان التوفيق و التعامي عن رؤية التأييد *و لا الضالين * عن
شهود سابق الاختيار و جريان التصاريف و الأقدار. و هذا الشعراني يقول في كتابه لواقح الأنوار مفسرا قوله تعالى :* و لو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات
من السماء و الارض* أي أطلعناهم على العلوم المتعلقة بالعلويات و السفليات و اسرار الجبروت و أنوار الملك و
الملكوت.
أما ابن عجيبة شارح (الحكم العطائية) فيفسر قوله تعالى :* و الراسخون في العلم* , بأن الراسخين هم الذين رسخت
أرواحهم في غيب الغيب و في سر السر فعرفهم ما عرفهم و خاضوا في بحار العلوم بالفهم لطلب الزيادة فانكشف لهم من
ذخائر خزائن الغيب تحت كل حرف من كتاب الله و آية من كلام الله عجائب الإدراكات الوهبية فنطقوا بالحكمة البالغة و
الألفاظ السابعة.
و يفسر النابلسي قوله تعالى :* إن الله يحب التوابين* أن السبب في محبته تعالى للتائبين * أن المحبة القديمة التي هي
عين الذات العلية على التنزيه التام لها ظهور تام في عالمها الذي هو عينها. و لها ظهور في عالم الأسماء و الصفات و لها ظهور في عالم الأفعال و المنفعلات و جميع ما عدا الذات نسب و إضافات
موجودة بالنسبة إلينا غير موجودة بالنسبة إليه تعالى. أما الشيخ سيدي أحمد بن مصطفى بن عليوة صاحب كتاب ( البحر المسجور في تفسير القران بمحض النور) فيقول في قوله تعالى :*فإذا قرأنها فاتبع قرانه* , بأن بيانه المتكفل به ما يظهره الله على ألسنة أصفيائه و أن من حكمته
تعالى أن لا يجري على ألسنة علماء كل زمان إلا ما يليق بأهل ذلك الزمان . و العلماء في نظره هم العلماء العاملون
الوارثون القائمون بحجة الله على العالمين . و يتكلم مؤسس الطريقة الشاذلية سيدي ابو الحسن الشاذلي رضي الله عنه
في النفس فيذكر لها أربعة مراكز: 1-مركز للشهوة في المخالفات
2-- مركز للشهرة في الطاعات
3- /مركز في الميل الى الرحات
4 مركز في العجز عن أداء المفروضات. ثم يعقب على طريقة الإشاريين الصوفية بقوله تعالى :*فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم واحصروهم
واقعدوا لهم كل مرصد* , وليس العجب من البعد الباطني الإشاري الذي استنبطه من الآية , بل إن النابلسي حين قرأ قوله
تعالى :*فلا أقسم بما تبصرون و ما لا تبصرون* , قال : انظر كيف نسب الإبصار إلينا لبعض العالم و عدم الإبصار
للبعض الآخر و ذلك مشعر بأن الأشياء كلها على ما هي عليه من الإمكان لم تتغير و إنما التغيير في إدراكنا لما لا هي في
نفسها كما قال تعالى :* و نقلب أفئدتهم و أبصارهم- و قال * إن الله يسمع من يشاء* فالاسماع من الله تعالى و الإبصار
لكل سميع و بصير هو إظهار ذلك الاعتبار المذكور فيما سبق
إن اللفظة او العبارة سرعان ما تتحول عند الصوفي بعد إقرار وجهها الظاهر إلى إشارة فيستخرج منها معاني بعيدة
المرمى على نسق يتميز بالمسحة الجمالية التي لا يستطيع متابعها ان يتجرد من متابعة صورتها البيانية دون أن يعدم
التعاطف معها.
يقول القشيري مثلا شارحا معني اللعب شرحا لم يسبق إليه بعد ان يذكر الآية * بل هم في شك يلعبون* إن اللعب فعل
يجري على غير ترتيب شبيها باللعاب الذي يسيل لا على نظام مخصوص * فوصف المنافق باللعاب تصويرا لتردده و
تحيره و شكه في عقيدته*
فقد احتفظ بالمعنى العقدي للنفاق و لكنه حول عبارة اللعب إلى إشارة استوحى منها صورة باطنية لا تصادم توحيد المسلم
بل إنه يفسر عبارة التسبيح المفهوم معناها عند كل مسلم لأنها السباحة في بحار التوحيد بلا شاطئ * فبعدما حصلوا
فيها فلا خروج و لا براح , فحازت أيديهم جواهر التفريد , نظموها في عقود الإدمان و رصعوها في أطواق الوصلة* لا
احب أن أسترسل مع التفسير الإشاري للقرآن الكريم دون أن أتحدث عن نجم الدين كبرى الصوفي الفارسي الكبير , فقد
ترك تفسيرا إشاريا يقع في اثني عشر مجلدا يعرف بإسم (التاويلات النجمية ) و ب( عين الحياة في التفسير) حسب
بروكلنان , و ذكر الدكتور حسن عباس زكي هو الذي أطله على نسخة مخطوطة منه. يقول نجم الدين كبرى إن من تنفس صبح سعادته و طلعت شمس الاسلام الروحاني من وراء جبل نفسه من مشرق القلب
فهو على نور من ربه فيضحى في كشف * يوم الدين* فيكون ورد وقته أصبحنا و اصبح الملك لله فيشاهد بعين اليقين ,
بل يكاشف – حق اليقين أن الملك لله و لا مالك الا * مالك يوم الدين* فإذا تجلى له النهار و كوشف بالمالك جهارا
يخاطبه وجاها و يناجيه شفاها * إياك نعبد و إياك نستعين*. و لا نكاد نجد أثر للجدل القديم الحديث المثار حول معنى الاستواء في إشارة الشيخ نجم الدين كبرى عند قوله تعالى *
الرحمان على العرش استوى* فهو من يؤول الآية بقوله استتم و تمكن تجلية على عرش استعدادات المظاهر الارضية
الجسمانية .
ما تجلى لعرش استعداد شيء إلا بحسب قابليته و قبوله .
يعلق الدكتور زيدان بعد هذه الإشارة قائلا إن الاستواء في (التاويلات النجمية) مرادف للتجليات في المفهوم الصوفي
بل إن قضية الوجود بأسره هي قضية تجليات .
إن هذه الامثلة التي سقناها عن الإشارة الصوفية عند تعاطي النص القرآني تدل على الكفاءة البيانية عند أرباب التصوف
, يضاف إليها مقام وحال المشير فإن تفاوت المشيرين في الروحانية يضفي على الآية أو اللفظ القرآني خلعه تناسب
درجته في السلوك او في الجذب.
و جدير بالملاحظة في هذا الشأن أن الإشاريين توسعوا إلى غير النص القرآني فلهم في الحديث مقال ذوقي و لهم أقوال
و أشعار غزلية يكنون به عن الحضرة الإلهية أو المصطوفية . بل تجدهم أحيانا يلتقطون كلام غيرهم فينقلونه إلى معان
خاصة بهم فيخرج من ثوب العبارة إلى كسوة الإشارة من ذلك ما ساقه الدكتور زكي مبارك من حديث بيت الشعر
المنسوب إلى رجل متحلل من الأخلاق فسمعه صوفي فسقط ميتا لأنه أحاله إلى معنى إشاري يتعلق بالذات العلية.
و الدكتور مبارك هو القائل * إن إشارات الصوفية من بوارق الذكاء و الذكاء هو السر في الروعة الأدبية*
و في هذا السياق – أعني الادب في حليته الإشارية -يطفح (ديوان ابن عربي) و كتابه ( ترجمان الأشواق و ذخائر
الأعلاق) و كتاب النابلسي (ديوان الحقائق و مجموع الرقائق)و كتاب( المثنوي) و هو ديوان شعر لجلال الدين الرومي و
غيرها بلفتات إشارية تستحق أن تكون بحثا جامعيا أو كتابا للنشر يفيدان المهتمين بهذا اللون من الآداب الروحي . أما (
منطق الطير) لفريد الدين العطار و (فوائح الجمال و فواتح الجلال) لنجم الدين كبرى و ما يتجلى قارئها بالصبر للوقوف
على ما فيها من روحانية. و الحمد لله * الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم* والصلاة و السلام الأكملان على البحر المطمطم و الكنز المطلسم
الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق نبينا الأكرم و سيدنا الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم عدد ما وسعه علم الله .
و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين. منقول
|
|
الهبرى عضو ذهبى
عدد المساهمات : 768 نقاط : 11584 التفاعل مع الاعضاء : 16 تاريخ التسجيل : 09/09/2011 العمر : 39 الموقع : ( فقير على باب الله )
| موضوع: رد: وقفة مع بعض الإشارات الصوفية الثلاثاء يونيو 25, 2013 11:34 am | |
| رضي الله عن ساداتنا الصوفية ورزقنا الله الفهم عنهم
اختي أسأل لك فتوح العارفين وقرب الواصلين وذل الخاضعين لرب العالمين
لك مني كل الود والاحترام
| |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: وقفة مع بعض الإشارات الصوفية الأربعاء يونيو 26, 2013 5:54 am | |
| [size=18]عطرت الصفحة بمرورك الطيب اخي الهبري و تقبل الله منا و منكم صالح الاعمال.[/size] |
|
نوران مشرف عام
عدد المساهمات : 995 نقاط : 11288 التفاعل مع الاعضاء : 19 تاريخ التسجيل : 21/08/2012
| موضوع: رد: وقفة مع بعض الإشارات الصوفية السبت يونيو 29, 2013 6:53 am | |
| بارك الله فيك اختي الفقيرة لله على الطرح المميز | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: وقفة مع بعض الإشارات الصوفية الخميس يوليو 04, 2013 12:41 pm | |
| و فيكي بركة اختي نوران و كل عام وانت بخير . |
|