بينما أنا بخلوتى في دُجى الليل ، إذْ سمعتُ صَهيل الخيل
فرأيت أفواجاً تسير إلى الأمام ، بهيبة وهدوء وانتظام
فأعطيتهم منى إشارة ، قاصداً منهم عبارة
فقيل لى : ماذا تريد أيها القريب ؟
قلت : ادخلونى لديكم بسر ذات سيدنا الحبيب
قالوا : ادخل حسب إذنك المفتوح ، وسرك الممنوح
فما أجمل سباحة الروح ، في عوالم قدوس سبوح
قلت : أخبرونى عن سركم وحالكم ؟
قالوا : لما أوجد الله بقدرته الموجودات ، أمر الكل على اختلاف الدرجات ، طالباً أداة لنصر دينه ولكل ما هو آت
فأسرعت الخيول ، حباً وقرباً فى الرب والرسول
وبدأ الأمر ...
فأول من ركب الخيل هو النبى إسماعيل
جد المصطفى الجميل صلى الله عليه وآله وسلم
على كواهلنا : حملنا الصحابة الكرام
وتحت حوافرنا : دهسنا أهل الكفر والظلام
وبنهاية الزمان : نكن تحت تصريف المهدى الإمام
قلت : أخبروني عن سورتكم بالقرآن التى تسمى العاديات ؟
قالوا : نريد أن نسمع جوابك ، ونتأمل لذيذ خطابك
قلت : قال تعالى ( والعاديات ضبحا )
أما ( الواو ) فهى للقسم بكم ، وذلك لعلو شأنكم
والعاديات : هذا اسمكم ، حين غزوكم ،فى مرضاة ربكم
وقوله ( ضبحا ) فهو صوت أنفاسكم بالغزو وليس صهيلكم
وأما ( الموريات قدحا ) فهو إخراجكم النار
عند احتكاك حوافركم بالأحجار
وأما ( المُغيرات صبحا ) فهذا وقت هجوكم على العدو
عند انفلاق الصباح ، وعلو الصياح
وقوله ( فأثرن به نقعا ) فهو هيجان الغُبار وتنزل المدد والأنوار ، بساحات القتال ، لإعلاء كلمة الكبير المتعال
قالوا : أحسنت الجواب ، عن جموع الأحباب
قلت : لقد جاء عنكم قول الحق بحضرة النبى سليمان عليه السلام (( إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد ))
فالجياد : هى جمع جواد
وهو السابق في المعنى ، والمستقيم فى المبنى
قلت : وما هو سر قول النبى صلى الله عليه وسلم
(( الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ))
قالوا : طالما نحن موجودين ، فأعلم أننا مؤيدين
لنصرة هذا الدين ، وتكسير عظام الكافرين
فإن جوامع الخير معنا موجودة
وألطاف السر إلينا ممدودة
والبركات إليكم على يدينا مشهودة
وعندما تتهيأ صفوفنا ونكون ، يظهر سر ( كن فيكون )
قلت : هل لديكم للسالكين بشارة أو مدد بزيارة ؟
قالوا : نعم ،
من يرانا بالمنام فإنه منصور على الأقوام
ومن يرانا في اليقظات فإن الخير يتوالى عليه والبركات
قلت : ما هى مناجاتكم فى حضرة الرب جل جلاله ؟
قالوا : ذكرنا بالنهار
(( سبحان السميع العليم ))
((سبحان الحليم الكريم ))
وأما ذكرنا بالليل
( سبحان ذى الملك والملكوت )
( سبحان ذى العزة والجبروت )
(سبحان الحى الذى لا يموت )
٨ .....لقاء ومناجاة ( الخيل )
من كتاب رحلة تجلى بقلم محب الحضرة المحمدية
الفقير ابو حمزه الصوفى
٢٥ - ٨ - ٢٠١٩
..........................