زائر زائر
| موضوع: حفظ اللسان لإرضاء الرحمن الجمعة ديسمبر 20, 2013 10:58 am | |
| حفظ اللسان لإرضاء الرحمن إن حفظ اللسان من أهم ما يتعلمه الصائم في شهر رمضان المبارك , إذ الصوم هو مطلق الإمساك , و ليس حفظ اللسان إلا صومه عن الممنوعات . و لكن صوم اللسان يعم كل الاوقات , و ليس قاصرا على زمن محدود , كما أنه لا يطلب صوم اللسان عن كل كلام , بل يقتصر على الممنوع فقط. و حفظ اللسان بصومه عن الآثام , و صونه من العصيان , هو داخل في دائرة التقوى , التي مدح الله تعالى اهلها , و بشرهم بدخول الجنان , و النجاة من النيران , في آي كثيرة من القرآن . هذه التقوى , التي لا تنال إلا بطاعة الجوارح الظاهرة و القلب , و ذلك باجتناب ما نهى الله تعالى عنه , وامتثال ما أمر به ظاهرا و باطنا . و في ذلك يقول العلامة عبد الواحد بن عاشر رحمه الله تعالى في منظومته : و حاصل التقوى اجتناب و امتثال ....في ظاهر و باطن بذا تنال . و اللسان هو أخطر الجوارح الظاهرة , فقد يرتفع به صاحبه إلى أعلى الدرجات , كما قد ينزل به إلى أدنى الدركات . فالمرء الذي يتحكم في لسانه , و يطلقه فيما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم , و يمسكه عما نهى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم , فإنه قد يبلغ مرتبة كمال الإيمان التي أمر المسلم بطلبها , فقد قال صلى الله عليه و سلم فيما رواه الطبراني و غيره :* لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه*. و حقيقة الإيمان هي كمال الإيمان المعبر عنه بالإحسان , و هي المرتبة التي يذوق فيها المؤمن حلاوة الإيمان . و إمساك اللسان , يبلغ به المرء أيضا كمال الإسلام , لأن من لوازمه ترك ما لا يعنيه , و قد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترميذي و غيره : * من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه *. هذا , و إن أعلم الناس بهذه المعاني و حقائقها , هم العارفون بالله تعالى الذين أتبعوا سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم في السر و العلن , في الظاهر و الباطن , و أدركوا عظمة هذا الهدي النبوي الشريف , و شاهدوا آثاره عليهم و على من اقتدى بهم . و منهم العارف بالله تعالى , المحدث الجليل سيدنا الفضيل بن عياض رضي الله عنه , فقد عبر عن الأثر الطيب الذي ينتجه حفظ اللسان , في بعض أهم معانيه و هو صدق الحديث , فقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن الفضيل ابن عياض , أنه قال : * لم يتزين الناس بشيئ أفضل من الصدق و طلب الحلال .* و الذين وفقهم الله تعالى لحفظ ألسنتهم , هم قوم أحبهم الله تعالى , و خصهم بهذه الصفة المحمودة , فقد روى البهيقي في شعب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال *يعني الراوي * : فسكتوا , فلم يجبه أحد . قال : هو حفظ اللسان . فكون العمل أحب إلى الله تعالى , يقتضي أن العامل له أيضا أحب إلى الله من غيره . ثم إن من أكرمه الله تعالى بكمال الإيمان , و كمال الإحسان , و أحبه , قد وعده على لسان حبيبه صلى الله عليه و سلم بدخول الجنة , فقد روى البخاري في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : * من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه , أضمن له الجنة . يعني أن حفظ لسانه الذي بين لحييه , و فرجه الذي بين رجليه , من الوقوع في المحرمات, فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الضامن له دخول الجنة . و حفظ اللسان المراد هنا الذي وعد صاحبه بدخول الجنة ليس بالضرورة الصمت ,بل قد يكون كلاما , و لكنه كلام حسن يرضي الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم , فقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن هانئ بن شريح رضي الله عنه , أنه قال للنبي رضي الله عنه :"يا رسول الله أخبرني بشئ يوجب لي الجنة . قال : "عليك بحسن الكلام , و بذل الطعام ",. بل قد يكون ذلك كلمة واحدة تحظى برضا الحق تعالى , فيفوز صاحبها , فقد روى البخاري في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله , لا يلقي لها بالا , يرفعه بها الله درجات ". و لذلك وجهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الكلام الحسن , أو لسكوت , فقد روى البهيقي في شعب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال ثلاث مرات : "رحم الله أمراء تكلم فغنم او سكت فسلم". و في مقابل ذلك , فإن اللسان إذا لم يكفه صاحبه عن الآثام , فإنه يورده النيران , و ينزل به إلى أسفل الدركات , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الترمذي و حسنه و صححه لسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى , يا نبي الله , فأخذ بلسانه , قال : كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله , و إنا لمؤاخذون مما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ , و هل يكب الناس في النار على وجوههم , أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ". فإن الكلام الذي يتكلم به الإنسان , في سخط الرحمن , يكون سببا في دخوله النار , أعاذنا الله تعالى منها . و قد يكون ذلك السبب كلمة لم يعبأ بها قائلها حين قالها , فقد روى البخاري في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله , لا يلقي لها بالا , يهوي بها في جهنم ".و لخطورة الامر نجد رسول الله صلى الله عليه و سلم , يحذر المسلمين كثيرا من الوقوع في أخطاء اللسان . و من ذلك ما رواه الحاكم في المستدرك :" عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه , قال : قلت : يا رسول الله , حدثني بأمر أعتصم به , قال : " قلت : يا رسول الله , ما أكثر ما أخاف علي ؟ قال :فأخذ بلسان نفسه , ثم قال : هذا " , و من ذلك أيضا مارواه الطبرني عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ،ه قال : " إن اكثر خطايا بن آدم في لسانه". و نظرا لما مر ذكره من الثمار الحسنة التي يجنيها من أحسن استعمال نعمة اللسان , و من الحصاد السيئ الذي ينوء به من أساء استعمال هذه النعمة , فإنه ينبغي التفكير في طرق التحكم في هذه الجارحة الهامة , و المتابعة لها , و السعي لتقويمها . و لعل من طرق التحكم في اللسان ملازمة الصمت إلا فيما ينبغي , لأن أقل ما في الصمت النجاة من مهالك الكلام , فقد قال صلى الله عليه و سلم فيما رواه الترميذي و غيره :"من صمت نجا * . وروى أبو يعلى الموصلى في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من سره أن يسلم , فليلزم الصمت". و من طرق التحكم فيه أيضا التقليل من الكلام , و استبداله بذكر الله تعالى , فقد روى الترميذي و حسنه , عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :"لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله , فغن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب , و إن أبعد الناس من الله القلب القاسي". و في هذا السياق نجد السلف الصالح رضوان الله عليهم يحرصون على مراقبة ألسنتهم , حتى قال الصاحبي الجليل سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيما رواه الطبراني و غيره :" و الذي لا إلاه غيره , ما شييئ أحق بطول السجن من اللسان". و روى البيهقي في شعب الإيمان عن سفيان أنه قال : أبصروا ابن عباس و هو يقول : " يا لسان , قل خيرا تغنم , او اسكت عن شر نسلم , قبل أن تندم *. كما أنهم يحرصون أيظا على تزكية هذه الجارحة , فقد قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فيما رواه أبو نعيم في الحلية و غيره : " إن أحق ما طهر الإنسان لسانه". و نتيجة لمراقبة السلف الصالح لهذه الجارحة , و متابعتها , فقد تعرفوا على آثار تصرفتها في حياة الإنسان الدينية , و سيره إلى الله تعالى , و من ذلك أنهم أدركوا أن كثرة الكلام تؤدي الى موت القلب , كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه فيما رواه ابن أبي الدنيا في الصمت و غيره : "و من كثر سقطه قل حياؤه , و من قل حياؤه قل ورعه , و من قل ورعه مات قلبه ". و من ذلك انهم أدركوا أيضا أن الكذب قد يكون سببا في حرمان الإنسان من النوافل كقيام الليل , و في ذلك يقول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه فيما رواه أبو نعيم في الحلية ما نصه :"إن الرجل ليحرم قيام الليل و صيام و النهار بالكذبة يكذبها". و لاهمية العناية بهذه المسألة , فإن العلماء العاملين , لم يغفلوها عند تكوين الأجيال العالمة , حيث كانوا يغرسون في طلبة العلم معاني الصدق , لحفظ معاني الصدق , لحفظ اللسان . و من ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن حاتم بن يوسف أنه قال :" أتيت باب الفضيل بن عياض , فسلمت عليه , فقلت : يا أبا علي معي خمسة أحاديث , إن رأيت بان تأذن لي فأقرأعليك ؟ فقال لي : اقرأ. فقرات فإذا هي ستة , فقال لي : أف , قم يا بني , تعلم الصدق , ثم اكتب الحديث ". فيرى هذا العالم الرباني و العارف بالله تعالى , أن تعلم الصدق مقدم على كتابة الحديث , لأن طالب العلم إذا لم يعرف خطر هذه الجارحة في حياته العلمية المبنية أساسا على الصدق و العادلة , فإنه سيخيب سعيه , و يضيع عمره , و يخسر دنياه و آخرته . و يضيع عمرهو يخسر دنياه و آخرته. منقول |
|
الهبرى عضو ذهبى
عدد المساهمات : 768 نقاط : 11952 التفاعل مع الاعضاء : 16 تاريخ التسجيل : 09/09/2011 العمر : 40 الموقع : ( فقير على باب الله )
| موضوع: رد: حفظ اللسان لإرضاء الرحمن السبت ديسمبر 21, 2013 4:21 am | |
| قال احد الصالحين قديما : احفظ لسانك يا انسان *** لايلدغنك انه ثعبان
شكرا على هذا الموضوع القيم والنقل المبارك
احترامي ومودتي اختي | |
|