أخطر شيئ في حياة الإنسان. لو سألت الناس عن أخطر شيئ في حياة الإنسان الدنيا لسمعت إجابات عديدة، فمنهم من يقول الموت ومنهم من يقول المرض، منهم من يقول فراق الحبيب ومنهم من يقول لقاء العدوّ، منهم من يقول الإفلاس ومنهم من يقول الفشل في الدراسة، على الرغم من أن كلّ هذه الأشياء ليست بالخطورة التي نتصورها بالنسبة للإنسان ، لأنها ببساطة لا تؤثر كثيرا على مصيره النهائي والحقيقي في الآخرة حيث الحساب والميزان والصراط ثم الجنة أو النار – اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار - فأن أموت أو أمرض أو أفارق حبيبا أو أخسر مالا لا يعني بالضرورة أنني سأحمل وزرا يوم حسابي لكنه يعني ذلك عندما يكون متعلّقا بأعمالي وأفعالي وصنائع يداي ولساني. فأعمالي وأفعالي هي التي يجدر بها أن تكون أخطر شيئ
في حياتي طالما كانت تحدّد مصيري، خاصة ما تكرر منها، وتكرر، وتكرر حتى صار أو كاد يصير جزءا من كياني، وصبغة ونمطا لسلوكي. نعم ، العادة هي أخطر ما يمكن أن يواجه الإنسان في حياته
على الإطلاق،وأن يكتسب الرجل عادة هو أشدّ تأثيرا على حياته ومصيره من كلّ مصائب الدنيا، بما في ذلك الموت فكم من عادة كان الموت أهون من إكتسابها، وبما في ذلك المرض فما قيمة عافية البدن إذا لم تكن عافية الدّين ( السلوك) وبما في ذلك لقاء ألدّ الأعداء فما أهون العدوَّ عندما يكون الإنسان بأعمال يده عدوًّا لنفسه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن إنسان يكتسب عادة سيئة :"...لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا "، ويقول عن إنسان يكتسب عادة حسنة :"...ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا"، وعندما يُكتب الرجل عند الله صديقا فهذا يعني أنه لن يكذب في حياته بإذن الله، فيصبح وكأنه معصوم من خطيئة الكذب والسبب بفضل الله هو إكتسابه لعادة الصدق بعد أن صدق وتحرى الصدق في كلامه وسلوكياته إلى أن كتب عند الله صديقا، بينما الذي يُكتب عند الله كذابا لا يصدق بعدها أبدا، لأن الكذب أصبح عادة ترسّخت في نفسه وطبعت سلوكه.
فالعادة إما لك وإما عليك، إما زيادة في الخير والطاعة وإما زيادة في الشرّ والمعصية، وإذا كان فاعل الحسنة تزيد حسناته بسبب العادة فإنّ فاعل السيئة تزيد سيئاته أيضا بسبب العادة ، فهل هناك ما هو أخطر على الإنسان من إكتساب العادة؟ |