من كتاب مفاهيم يجب ان تصحح
للشيخ الدكتور محمد علوي المالكي الحسني رحمه الله
القبر النبوي محفوظ من الشرك والوثنية
وقد حفظ الله تعالى هذا القبر المشرف بالحبيب الأعظم والنبي الأكرم فلا يقع عنده شرك ولا شيء من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله ، ولا يقع في ذهن أحد أنه وثن يعبد أو قبلة يتوجه إليها بالعبادة وذلك ببركة دعوة رسول الله حيث دعا بذلك فاستجاب الله دعاءه وحقق مطلوبه ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وفي موطأ مالك رضي الله عنه عن النبي أنه قال :
((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ..
وقد استجاب الله دعوته فلم يتخذ – ولله الحمد – وثناً كما اتخذ قبر غيره بل ولا يتمكن أحد من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة ، وقبل ذلك ما كانوا يمكنون أحداً من أن يدخل إليه ليدعو عنده ، ولا يصلي عنده ولا غير ذلك مما يفعل عند قبر غيره ، لكن من الجهال من يصلي إلى حجرته أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه ، وهذا إنما يفعل خارجاً عن حجرته لا عند قبره وإلا فهو ولله الحمد استجاب الله دعوته فلم يمكن أحد قط أن يدخل إلى قبره فيصلى عنده أو يدعو أو يشرك به كما فعل بغيره اتخذ قبره وثناً ، فإنه في حياة عائشة رضي الله عنها ما كان أحد يدخل إلا لأجلها ، ولم تكن تمكن أحداً أن يفعل عند قبره شيئاً مما نهى عنه ، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبنى عليها حائط آخر ، كل ذلك صيانة له أن يتخذ بيته عيداً وقبره وثناً ، وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون ولا يأتي إلى ما هناك إلا مسلم وكلهم معظمون للرسول صلى الله عليه وسلم وقبور آحاد أمته في البلاد معظمة ، فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم ، بل فعلوه لئلا يتخذ وثناً يعبد ، ولا يتخذ بيته عيداً ، ولئلا يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم ، والقبر المكرم في الحجرة إنما عليه بطحاء وهو الرمل الغليظ ليس عليه حجارة ولا خشب ، ولا هو مطين كما فعل بقبور غيره وهو إنما نهى عن ذلك سداً للذريعة ، كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها لئلا يفضي ذلك إلى الشرك ، ودعا الله عز وجل أن لا يتخذ قبره وثناً يعبد فاستجاب الله دعاءه ، فلم يكن مثل الذين اتخذت قبورهم مساجد فإن أحداً لا يدخل عند قبره البتة ، فإن من كان قبله من الأنبياء إذا ابتدع أممهم بدعة بعث الله نبياً ينهى عنها وهو خاتم الأنبياء لا نبي بعده فعصم الله أمته أن تجتمع على ضلالة وعصم قبره المكرم أن يتخذ وثناً فإن ذلك والعياذ بالله لو فعل لم يكن بعده نبي ينهى عن ذلك وكان الذين يفعلون ذلك قد غلبوا الأمة وهو قد أخبر أنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى يوم القيامة ، فلم يكن لأهل البدع سبيل أن يفعلوا بقبره المكرم كما فعل بقبور غيره . اهـ .
(من الجواب الباهر في زوار المقابر ، ص13 للشيخ ابن تيمية) .