.
الشيخ المربي سيدي محمد بلقايد(محي الطريق):
هو الشيخ الكامل والعارف الفذ والإمام الحجة صدر صدور عصره ووحيد زمانه وقرنه (محي الطريق) سيدنا محمد بن أحمد بن العربي بن محمد الكبير الشريف الحسني الإدريسي، ولد رضي الله عنه بحاضرة تلمسان عروس البقاع وزينة البلدان عام 1332 من هجرة سيد الثقلين ﷺ
الموافق لعام 1911م من مولد المسيح عليه السلام وبها نشأ وفيها نما وترعرع متقلبا وسط الفقراء وأهل القرآن والفقهاء ...تغذوه أسرة طيبة ويرعاه أبوان كريمان وكان قدس الله سره منذ نعومة أظافره مولعاً بطلب العلم ومصاحبة العلماء ومساءلتهم مجبولا على حب المشايخ والفقراء يحظى بمحبتهم ويغدو ويروح باستحسانهم وقد حباه الله بمعاصرة جده سيدي محمد بن الحاج محمد بن العربي بلقايد ووالده سيدي أحمد بلقايد فكانا له سندين قويين وكهفين جليلين فأخذ عنهما خيرا كثيرا فجده سيدي محمد بن الحاج محمد بلقايد كان ذا منزلة سنية في طريق القوم ومحل ثناء الشيخ سيدي الحاج محمد الهبري رضي الله عنه وإعجابه به حتى إنه قال في حقه: "ما فاتكم سيدي محمد بلقايد (جد سيدنا محمد بلقايد) لا بصيام ولا بقيام ولا بكثرة ذكر وإنما فاتكم بشيء وقر في قلبه ألا وهي الأحدية ألا وهي الأحدية ألا وهي الأحدية". كما نوه بـمـقـامه ذات مرة فـقـال: "سيـدي محمد بلقـايد (الجد) غربال الأولياء فلن يكون الولي وليا حتى يمر على طريقه"، ومع هذه الشهادة من شيخه سيدي الحاج محمد الهبري ظل سيدي محمد بن العربي بلقايد متقمصا دثار الخمول ومرتديا رداء الصون.
ولما انتقل إلى رحمة الله رثاه أخوه في الطريق الشيخ سيدي عبد القادر المشهور بالأقرع قائلا: "كلنا أصحاب الهبري إدّعينا وبحنا إلا سيدي محمد بلقايد (الجد) فإنه انتقل إلى رحمة الله طاويا سره كاتما إياه"، ومن مظاهر ذلك الكتمان أنه رضي الله عنه فاجأ يوما حفيده الشيخ سيدي محمد بلقايد (محي الطريق) وكان صبياً يحاول قراءة بعض رسائل جده التي كان يتبادلها مع شيخه سيدي الحاج محمد الهبري فما كان منه إلا أن قام بحرقها وهو يردد:"هذا سر بيني وبين شيخي لا ينبغي لأحد أن يعلمه". وهو مع جلال قدره كان يعظم شأن حفيده سيدنا الشيخ سيدي محمد بلقايد (محي الطريق) فقال له ذات مرة: كم صمنا وكم زرنا وكم ذكرنا فما بلغنا ما بلغته. فأجابه الحفيد في تواضع وأدب قائلا: "إنما الابن حسنة أبيه". فأجابه بقوله: "نعم وهو كذلك ".
أما والد شيخنا سيدي أحمد بلقايد فقد اشتهر بالجود والسخاء والكرم فكان رضي الله عنه حاتم عصره سخي النفس جواد اليد كريم الخصال وكان بيته مجاورا للزاوية الهبرية بتلمسان فكأنه امتداد لها قد فتح بابه على مصراعيه فلا يسد في وجه فقير أبدا، وحدث أن مرت بالفقراء ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بسبب السياسة الاستعمارية وقوانين مصادرة الأراضي الجائرة فتولى رضي الله عنه نقلهم على حسابه وبماله الخاص لزيارة الشيخ سيدي محمد الهبري مصطحباً معه ابنه البار سيدي الشيخ محمد بلقايد فلما قابله الشيخ سيدي محمد الهبري سأله كم كلفك هذا يا سيدي أحمد فأخبره بالقيمة امتثالا لا تظاهراً وهنالك أذن له في الرقيا والعلاج ليستفيد منه العباد ثم التفت إلى سيدنا الشيخ سيدي محمد بلقايد وقال له "أنا وإياك غير انشرطوا" أي أنا وأنت يكفي أن نضع خطوطا على الورق للرقيا فالسر في وفيك وليس فيما يكتب، فكانت تلك إشارة منه إلى منزلة شيخنا سيدي محمد بلقايد قدس الله سره.
يتبع ان شاء الله
...........