السيدة زينب بنت الإمام علي رضي الله عنهما
حول سيرة السيدة زينب، رضي الله عنها، أوضح الدكتور علوي أمين الأستاذ بجامعة الأزهر قائلا: ولدت السيدة زينب في حياة جدها النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) وآله في العام الذي شهد استقرار الأمر للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه وخروجه على ناقته القصواء ثم العودة ظافرا بصلح الحديبية مع قريش فكان فتحا مبينا.
وضعتها والدتها السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة بنت خير البشر وابنة خديجة الكبرى في سنة خمس هجرية بعد الامام الحسين رضي الله عنه بسنتين مثله في شهر شعبان ويقال في جمادى الأولى.
وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) مسافرا فلم يسموها حتى يأتي جدها (صلى الله عليه وسلم) وآله فطلب علي رضي الله عنه من النبي تسميتها فسماها زينب على اسم خالتها إحياء لذكراها التي لم ينسها (صلى الله عليه وسلم) وآله.
وزينب بمعنى الفتاة القوية الودود العاقلة والزينب شجر جميل له بهاء سميت به النساء ولها كنيات كثيرة منها: أم هاشم، كنيت بأم هاشم لأنها حملت لواء راية الهاشميين بعد أخيها الامام الحسين. ويقال لأنها كانت كريمة سخية كجدها هاشم الذي كان يطعم الحجاج فكانت مثله تطعم المساكين والضعفاء، ودارها كانت مأوى لكل محتاج. وصاحبة الشورى: لقبت بهذا الاسم لأن كثيرا ماكان يرجع اليها أبوها وأخواتها في الرأي. ولقبت أيضا عقيلة بني هاشم: ولم توصف سيدة في جيلها أو غيره أو في آل البيت بهذا الا السيدة زينب رضي الله عنها.أما لقب الطاهرة: فقد أطلقه عليها الإمام الحسن أخوها عندما قال لها أنعم بك يا طاهرة حقا إنك من شجرة النبوة المباركة ومن معدن الرسالة الكريمة عندما شرحت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وآله الحلال بين والحرام بين.سميت كذلك أم العزائم: فكانت تكنى عند أهل العزم بأم العزائم وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. أم العواجز: كنيت بهذه الكنية عندما شرفت مصر بقدومها وساعدت العجزة والمساكين. رئيسة الديوان: لأنها عندما قدمت مصر كان الوالي وحاشيته يأتون اليها وتعقد لهم بدارها جلسات للعلم فيتفهموا الأمور الدينية في ديوانها وهي رئيسته.
السيدة: وهذا اللقب اذا اطلق بدون اسم زينب يعرف ان المقصود به السيدة زينب رضي الله عنها دونها عن أخريات من آل البيت فهي الوحيدة المتفردة من آل البيت بهذا اللقب، فإذا ذكرت أي سيدة أخرى لابد من أن يذكر معها اسمها كالسيدة نفيسة السيدة عائشة السيدة فاطمة النبوية ممن دفن وشرف تراب مصر بهن. أما إذا أطلق لفظ السيدة فقط فهي ولاشك سيدتنا زينب حفيدة محمد (صلى الله عليه وسلم) وآله.
نشأت السيدة زينب رضي الله عنها في كنف النبوة والرسالة في تلك البقعة المباركة مع أبويها فاطمة الزهراء والامام علي رضي الله عنهما في عهد جدها صلوات الله عليه وسلامه فنهلت من علمه وحكمته وفقهه في الدين فحفظت القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وتلقت عن والدتها الزهراء الدروس الأولى في الحياة ونبهت فوجدت أباها الفارس أمير البيان كلماته حكما، وعالما بأمور الدين وأخويها الحسن والحسين رضي الله عنهما سيدي شباب أهل الجنة والصحابة الكرام من حولها حفظة القرآن والحديث المتفقهين في أمور الدين فنشأت الصبية الحلوة كاملة الخلق والخلق في بيئة دينية وبالتالي تربية دينية فنشأتها الأولى لم تفز بها من مثلها في جيلها ولاغيره، فالانسان كما هو ابن أبيه وأمه وأهله هو ابن بيئته وجيرانه وحيه وأصحابه الذين عاشرهم، قل لي من صديقك أقل لك من أنت؟ ويكفيها كرمها وشجاعتها عند وفاة جدها المصطفى ووفاة أمها الزهراء واستشهاد أبيها ثم حضورها كربلاء واستشهاد أخيها الحسين وولديها وحملها إلى يزيد وكأنها أسيرة.
لقد كان وجودها بالمدينة بعد استشهاد الامام الحسين مشكلة كبرى حيث إنها أثارت جموع المسلمين عليه وحفزتهم لنصرة دينهم وللأخذ بالثأر، فجمع يزيد كبار رجال بني هاشم وقال لهم: اعرضوا على السيدة زينب ان تقوم برحلة تهون بها على نفسها، ولها أن تختار أي بلد ترضاه: فأبت السفر في بادئ الأمر وقالت: قد علم والله ماصار الينا مثل خيرنا وسيق الباقون كما تساق الأنعام وحملنا على الأقباب فوالله لا خرجنا وإن ريقت دماؤنا فكيف تسافر وتترك البلاد التي شهدت ميلادها وصباها ونزول الوحي وترحل الى بلاد وأناس لم تتعامل معهم من قبل ولكن جاءتها ابنة عمها زينب بنت عقيل بن أبي طالب فقالت لها: يا بنة عماه قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء فطيبي نفسا وقري عينا وسيجزي الله الظالمين أتريدين هوانا بعد هذا الهوان؟
ارحلي الى أي بلد آمن ثم اجتمعت عليها نساء بني هاشم واقترحن عليها الشام أو مصر ولكنها اختارت مصر.
أشار الدكتور علوي أمين خليل الاستاذ في جامعة الأزهر إلى أن السيدة زينب تعتبر من أول نساء أهل البيت رضي الله عنهن اللائي شرفن أرض مصر بالمجيء فوصلت مصر مع بزوغ هلال شهر شعبان بعد مضي ستة أشهر على استشهاد أخيها الحسين فدخلتها ومعها فاطمة وسكينة وعلي ابناء الحسين.
واستقبلها أهل مصر ثم احتملها واليها الى داره بالحمراء القصوى عند بساتين الزهري حي السيدة الآن فأقامت في تلك الدار عاما ونصف عام زاهدة في الدنيا عابدة لله سبحانه وكانت موضع تقدير من المصريين جميعا.
وتوفيت رضي الله عنها في مساء الأحد 15 من رجب سنة 62 هجرية ودفنت بمخدعها وحجرتها من دار سلمة التي أصبحت الآن مسجدها المعروف.