بالصلاة والسلام على النبي المختار وعلى اله الميامين الكرام الاطهار وصحبه الشجعان الاخيار
نبدأ هذا الموضوع المأخوذ من كتاب زاد المعاد للامام ابن القيم رضي الله عنه وارضاه
يتطرق لامراض القلوب ؛فيقول رضي الله عنه:
خلق الله - سبحانه - ابن آدم وأعضاءه ، وجعل لكل عضو منها كمالا ، إذا فقده أحس بالألم ، وجعل لملكها وهو القلب كمالا ، إذا فقده حضرته أسقامه وآلامه من الهموم والغموم والأحزان .
فإذا فقدت العين ما خلقت له من قوة الإبصار ، وفقدت الأذن ما خلقت له من قوة السمع ، واللسان ما خلق له من قوة الكلام ، فقدت كمالها .
والقلب : خلق لمعرفة فاطره ومحبته وتوحيده والسرور به ، والابتهاج بحبه ، والرضى عنه ، والتوكل عليه ، والحب فيه ، والبغض فيه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، ودوام ذكره ، وأن يكون أحب إليه من كل ما سواه ، وأرجى عنده من كل ما سواه ، وأجل في قلبه من كل ما سواه ، ولا نعيم له ولا سرور ولا لذة بل ولا حياة إلا بذلك ، وهذا له بمنزلة الغذاء ، والصحة ، والحياة ، فإذا فقد غذاءه ، وصحته ، وحياته ؛ فالهموم والغموم والأحزان مسارعة من كل صوب إليه ، ورهن مقيم عليه .
ومن أعظم أدوائه : الشرك والذنوب والغفلة والاستهانة بمحابه ومراضيه ، وترك التفويض إليه ، وقلة الاعتماد عليه ، والركون إلى ما سواه ، والسخط بمقدوره ، والشك في وعده ووعيده .
وإذا تأملت أمراض القلب وجدت هذه الأمور وأمثالها هي أسبابها لا سبب لها سواها ، فدواؤه الذي لا دواء له سواه ما تضمنته هذه العلاجات النبوية من الأمور المضادة لهذه الأدواء ، فإن المرض يزال بالضد ، والصحة تحفظ بالمثل ، فصحته تحفظ بهذه الأمور النبوية ، وأمراضه بأضدادها .
فالتوحيد : يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والفرح والابتهاج ، والتوبة استفراغ للأخلاط والمواد الفاسدة التي هي سبب أسقامه ، وحمية له من التخليط ، فهي تغلق عنه باب الشرور ، فيفتح له باب السعادة والخير بالتوحيد ، ويغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار .
قال بعض المتقدمين من أئمة الطب : من أراد عافية الجسم فليقلل من الطعام والشراب ومن أراد عافية القلب فليترك الآثام .
وقال ثابت بن قرة : راحة الجسم في قلة الطعام وراحة الروح في قلة الآثام ، وراحة اللسان في قلة الكلام .
والذنوب للقلب بمنزلة السموم ، إن لم تهلكه أضعفته ، ولا بد وإذا ضعفت قوته ، لم يقدر على مقاومة الأمراض ، قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك :
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب
وخير لنفسك عصيانها
فالهوى أكبر أدوائها ، ومخالفته أعظم أدويتها ، والنفس في الأصل خلقت جاهلة ظالمة ، فهي لجهلها تظن شفاءها في اتباع هواها ، وإنما فيه تلفها وعطبها ولظلمها لا تقبل من الطبيب الناصح ، بل تضع الداء موضع الدواء ، فتعتمده وتضع الدواء موضع الداء ، فتجتنبه فيتولد من بين إيثارها للداء ، واجتنابها للدواء ، أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء ويتعذر معها الشفاء .
والمصيبة العظمى أنها تركب ذلك على القدر فتبرئ نفسها ، وتلوم ربها بلسان الحال دائما ، ويقوى اللوم حتى يصرح به اللسان .
وإذا وصل العليل إلى هذه الحال ، فلا يطمع في برئه إلا أن تتداركه رحمة من ربه ، فيحييه حياة جديدة ، ويرزقه طريقة حميدة ، فلهذا كان حديث ابن عباس في دعاء الكرب مشتملا على توحيد الإلهية والربوبية ، ووصف الرب سبحانه بالعظمة والحلم ، وهاتان الصفتان مستلزمتان لكمال القدرة ، والرحمة ، والإحسان ، والتجاوز ، ووصفه بكمال ربوبيته للعالم العلوي ، والسفلي ، والعرش الذي هو سقف المخلوقات ، وأعظمها والربوبية التامة تستلزم توحيده ، وأنه الذي لا تنبغي العبادة ، والحب ، والخوف ، والرجاء ، والإجلال ، والطاعة إلا له .
وعظمته المطلقة تستلزم إثبات كل كمال له ، وسلب كل نقص وتمثيل عنه . وحلمه يستلزم كمال رحمته ، وإحسانه إلى خلقه .
فعلم القلب ومعرفته بذلك توجب محبته ، وإجلاله ، وتوحيده فيحصل له من الابتهاج واللذة والسرور ، ما يدفع عنه ألم الكرب والهم ، والغم ، وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ويقوي نفسه ، كيف تقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي ، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى .
ثم إذا قابلت بين ضيق الكرب وسعة هذه الأوصاف التي تضمنها دعاء الكرب ، وجدته في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق ، وخروج القلب منه إلى سعة البهجة والسرور ، وهذه الأمور إنما يصدق بها من أشرقت فيه أنوارها ، وباشر قلبه حقائقها .
" وفي تأثير قوله : ( يا حي يا قيوم ، برحمتك أستغيث ) في دفع هذا الداء مناسبة بديعة فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال ، مستلزمة لها ، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال ، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى : هو اسم الحي القيوم ، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام ، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ، ولا حزن ولا شيء من الآفات . ونقصان الحياة تضر بالأفعال ، وتنافي القيومية ، فكمال القيومية لكمال الحياة ، فالحي المطلق التام الحياة لا تفوته صفة الكمال البتة ، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة ، فالتوسل بصفة الحياة القيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ، ويضر بالأفعال .
ونظير هذا توسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه بربوبيته لجبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه ، فإن حياة القلب بالهداية ، وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الأملاك الثلاثة بالحياة .
فجبريل : موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب .
وميكائيل : بالقطر الذي هو حياة الأبدان والحيوان .
وإسرافيل : بالنفخ في الصور ، الذي هو سبب حياة العالم ، وعود الأرواح إلى أجسادها .
فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة له تأثير في حصول المطلوب .
والمقصود أن لاسم الحي القيوم تأثيرا خاصا في إجابة الدعوات ، وكشف الكربات ، وفي " السنن " و " صحيح أبي حاتم " مرفوعا : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) [ البقرة : 163 ] ، وفاتحة آل عمران : ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) ) قال الترمذي : حديث صحيح .
وفي "السنن" و"صحيح ابن حبان " أيضا : من حديث أنس أن رجلا دعا ، فقال : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ) .
ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتهد في الدعاء قال : ( يا حي يا قيوم ) .
" وفي قوله : ( اللهم رحمتك أرجو ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ) من تحقيق الرجاء لمن الخير كله بيديه والاعتماد عليه وحده وتفويض الأمر إليه ، والتضرع إليه ، أن يتولى إصلاح شأنه ، ولا يكله إلى نفسه ، والتوسل إليه بتوحيده مما له تأثير قوي في دفع هذا الداء ، وكذلك قوله : ( الله ربي لا أشرك به شيئا ) .
وأما حديث ابن مسعود : ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ) ففيه من المعارف الإلهية ، وأسرار العبودية ما لا يتسع له كتاب فإنه يتضمن الاعتراف بعبوديته ، وعبودية آبائه ، وأمهاته ، وأن ناصيته بيده ، يصرفها كيف يشاء ، فلا يملك العبد دونه لنفسه : نفعا ، ولا ضرا ، ولا موتا ، ولا حياة ، ولا نشورا ؛ لأن من ناصيته بيد غيره فليس إليه شيء من أمره ، بل هو عان في قبضته ذليل تحت سلطان قهره .
وقوله : ( ماض في حكمك عدل في قضاؤك ) متضمن لأصلين عظيمين عليهما مدار التوحيد .
أحدهما : إثبات القدر وأن أحكام الرب تعالى نافذة في عبده ماضية فيه ، لا انفكاك له عنها ، ولا حيلة له في دفعها .
والثاني : أنه - سبحانه - عدل في هذه الأحكام غير ظالم لعبده ، بل لا يخرج فيها عن موجب العدل والإحسان فإن الظلم سببه حاجة الظالم ، أو جهله ، أو سفهه ، فيستحيل صدوره ممن هو بكل شيء عليم ، ومن هو غني عن كل شيء ، وكل شيء فقير إليه ، ومن هو أحكم الحاكمين ، فلا تخرج ذرة من مقدوراته عن حكمته ، وحمده ، كما لم تخرج عن قدرته ومشيئته ، فحكمته نافذة حيث نفذت مشيئته وقدرته ، ولهذا قال نبي الله هود صلى الله على نبينا وعليه وسلم وقد خوفه قومه بآلهتهم : ( إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظروني إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ) [ هود : 54 - 57 ] أي : مع كونه سبحانه آخذا بنواصي خلقه وتصريفهم كما يشاء ، فهو على صراط مستقيم لا يتصرف فيهم إلا بالعدل والحكمة والإحسان والرحمة . فقوله : ( ماض في حكمك ) مطابق لقوله( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) وقوله : ( عدل في قضاؤك ) مطابق لقوله : ( إن ربي على صراط مستقيم ) ، ثم توسل إلى ربه بأسمائه التي سمى بها نفسه ما علم العباد منها ، وما لم يعلموا . ومنها : ما استأثره في علم الغيب عنده فلم يطلع عليه ملكا مقربا ، ولا نبيا مرسلا ، وهذه الوسيلة أعظم الوسائل وأحبها إلى الله وأقربها تحصيلا للمطلوب . "
ثم سأله أن يجعل القرآن لقلبه كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان ، وكذلك القرآن ربيع القلوب ، وأن يجعله شفاء همه ، وغمه فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ، ويعيد البدن إلى صحته ، واعتداله وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية ، وغيرها ، فأحرى بهذا العلاج إذا صدق العليل في استعماله أن يزيل عنه داءه ، ويعقبه شفاء تاما ، وصحة ، وعافية ، والله الموفق .
وأما دعوة ذي النون : فإن فيها من كمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى ، واعتراف العبد بظلمه وذنبه ، ما هو من أبلغ أدوية الكرب ، والهم ، والغم ، وأبلغ الوسائل إلى الله - سبحانه - في قضاء الحوائج ، فإن التوحيد والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال الله ، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه . والاعتراف بالظلم . يتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب ، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله واستقالته عثرته ، والاعتراف بعبوديته ، وافتقاره إلى ربه ، فهاهنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها : التوحيد ، والتنزيه ، والعبودية ، والاعتراف .
وأما حديث أبي أمامة : ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ) فقد تضمن الاستعاذة من ثمانية أشياء ، كل اثنين منها قرينان مزدوجان ، فالهم والحزن أخوان ، والعجز والكسل أخوان ، والجبن والبخل أخوان ، وضلع الدين وغلبة الرجال أخوان ، فإن المكروه المؤلم إذا ورد على القلب فإما أن يكون سببه أمرا ماضيا ، فيوجب له الحزن ، وإن كان أمرا متوقعا في المستقبل أوجب الهم ، وتخلف العبد عن مصالحه وتفويتها عليه ، إما أن يكون من عدم القدرة ، وهو العجز ، أو من عدم الإرادة ، وهو الكسل ، وحبس خيره ونفعه عن نفسه ، وعن بني جنسه ، إما أن يكون منع نفعه ببدنه فهو الجبن أو بماله ، فهو البخل ، وقهر الناس له ، إما بحق فهو ضلع الدين ، أو بباطل فهو غلبة الرجال ، فقد تضمن الحديث الاستعاذة من كل شر ، وأما تأثير الاستغفار في دفع الهم والغم والضيق فلما اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة أن المعاصي والفساد توجب الهم ، والغم ، والخوف ، والحزن ، وضيق الصدر ، وأمراض القلب ، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم ، وسئمتها نفوسهم ارتكبوها ، دفعا لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهم والغم كما قال شيخ الفسوق :
وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها
وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب ، فلا دواء لها إلا التوبة والاستغفار .
.. وأما الصلاة ، فشأنها في تفريح القلب وتقويته ، وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن ، وفيها من اتصال القلب والروح بالله ، وقربه والتنعم بذكره ، والابتهاج بمناجاته ، والوقوف بين يديه ، واستعمال جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديته ، وإعطاء كل عضو حظه منها ، واشتغاله عن التعلق بالخلق وملابستهم ومحاوراتهم ، وانجذاب قوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره ، وراحته من عدوه حالة الصلاة ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات والأغذية التي لا تلائم إلا القلوب الصحيحة . وأما القلوب العليلة ، فهي كالأبدان لا تناسبها إلا الأغذية الفاضلة .
فالصلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة ، وهي منهاة عن الإثم ، ودافعة لأدواء القلوب ، ومطردة للداء عن الجسد ، ومنورة للقلب ، ومبيضة للوجه ، ومنشطة للجوارح والنفس ، وجالبة للرزق ، ودافعة للظلم ، وناصرة للمظلوم ، وقامعة لأخلاط الشهوات ، وحافظة للنعمة ، ودافعة للنقمة ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة ، ونافعة من كثير من أوجاع البطن .
وقد روى ابن ماجه في " سننه " من حديث مجاهد عن أبي هريرة قال : ( رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا نائم أشكو من وجع بطني فقال لي : " يا أبا هريرة أشكمت درد ؟ " قال : قلت : نعم يا رسول الله قال : " قم فصل فإن في الصلاة شفاء ) .
وقد روي هذا الحديث موقوفا على أبي هريرة ، وأنه هو الذي قال ذلك لمجاهد ، وهو أشبه . ومعنى هذه اللفظة بالفارسي : أيوجعك بطنك ؟ .
فإن لم ينشرح صدر زنديق الأطباء بهذا العلاج ، فيخاطب بصناعة الطب ، ويقال له الصلاة رياضة النفس والبدن جميعا ، إذ كانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة : من الانتصاب ، والركوع ، والسجود ، والتورك ، والانتقالات ، وغيرها ، من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل ، وينغمز معها أكثر الأعضاء؛ الباطنة كالمعدة والأمعاء وسائر آلات النفس والغذاء فما ينكر أن يكون في هذه الحركات تقوية وتحليل للمواد ولا سيما بواسطة قوة النفس ، وانشراحها في الصلاة ، فتقوى الطبيعة ، فيندفع الألم ، ولكن داء الزندقة والإعراض عما جاءت به الرسل ، والتعوض عنه بالإلحاد داء ليس له دواء ، إلا نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى .
وأما تأثير الجهاد في دفع الهم والغم فأمر معلوم بالوجدان ، فإن النفس متى تركت صائل الباطل وصولته واستيلاءه اشتد همها ، وغمها ، وكربها ، وخوفها ، فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهم والحزن فرحا ونشاطا وقوة كما قال تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ) [ التوبة : 14 ، 15 ] فلا شيء أذهب لجوى القلب وغمه وهمه وحزنه من الجهاد والله المستعان .
وأما تأثير " لا حول ولا قوة إلا بالله " في دفع هذا الداء فلما فيها من كمال التفويض ، والتبري من الحول والقوة ، إلا به وتسليم الأمر كله له ، وعدم منازعته في شيء منه ، وعموم ذلك لكل تحول من حال إلى حال في العالم العلوي ، والسفلي ، والقوة على ذلك التحول ، وأن ذلك كله بالله ، وحده فلا يقوم لهذه الكلمة شيء . وفي بعض الآثار إنه ما ينزل ملك من السماء ، ولا يصعد إليها إلا بلا حول ولا قوة إلا بالله ، ولها تأثير عجيب في طرد الشيطان والله المستعان .