الفقير الجيلاني احباب النور المحمدى
عدد المساهمات : 43 نقاط : 9787 التفاعل مع الاعضاء : 8 تاريخ التسجيل : 16/03/2011
| موضوع: هذا شرحٌ لآية من كتاب الله الجمعة يونيو 03, 2011 1:45 pm | |
| بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحيمِ هذا شرحٌ لآية من كتاب الله، 1. الحَمْدُ لِله الوَاحِدِ الأَحَدِ، الفَرْدِ الصَّمَدِ، والصّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّدٍ، المُرشِد والمُؤَيَّدِ، وَعلَى جميع آلِهِ وَأصْحَابه وتابِعِيه ومَن إلَى الحقِّ استَنَد.2. أمَّا بَعدُ، فقد سألت عَن مَعنَى قَوله تَعالَى: “والّذينَ فِي أَمْوالِهِم حقٌّ مَعْلومٌ للسَّائِل والمَحْرُومِ ” عَلَى مَا يَقتَضِيه الفَهمُ الخاصُّ حَسبَمَا يَفهمه الخَاصَّة مِن أَهلِ اللهِ الرَّاسخين في العِلم بِطريق الإشَارَة والتأويل، المُعَبَّرِ عَنْه ببَاطن القرآن، لِمَا في الحَديث: “إنَّ للقرآن ظَاهرًا وبَاطِنًا وَحَدًّا ومَطلعًا ". قلتُ وبالله استعنت:3. إنَّ مَعنَى ظاهر الآيَة الكريمة ظاهرٌ، وهو أنّه وَصفٌ من أوصاف الكَاملين الذين لا يَجزَعون إذَا مَسَّهم الشرُّ ولاَ يَمنَعونَ إذَا مَسَّهم الخيرُ وهمُ الذين استثناهم الحقُّ بقوله: “إلاَّ المُصَلِّين الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ والّذينَ في أَمْوالِهِم حقٌّ مَعْلومٌ للسَّائِل والمَحْرُومِ ” .4. وَحَاصِله أنَّ الكاملين عَليهم حقٌّ ثابتٌ فِي أَمْوالِهم معلومٌ، وهو الزكاة المفروضة من صاحب الشَّرع، صلَّى الله عليه وسلَّمَ، يُعطي لمَنْ سَألَه، ولمن حرم منه بسبب تعففه عن السؤال فيَظنّه الناس أنَّهُ غنيٌّ، وهَذا المعنى مبسوط في كتب المُفسِّرين ممَّن تَقَدَّمَنَا منَ السَّلَف والخَلَف رَضي الله عنهم.5. وأمَّا مَعنى الآيَة من حيث الإشَارَة وهو المعبَّر عنه بالبَاطن فَتُحْمَلُ الأموَال فيه على أموَال البَاطن أي علَى أموَال المَعرفة بالله التي هي أعزُّ وأغلَى من الأموال الفَانِية: فالمعرفة هي رأس المال وهي الرِّبح على التحقيق، أي وفي أموال معرفة الكاملين حقٌّ ثابتٌ وواجبٌ متأكّدٌ عَلَيهم، ينفقونه لكل مُحتَاجٍ إليه.6. وفي التعبير بقوله: “مَعلُومٌ” المُشْتَقّ مِن العِلم لكون الحقِّ من قَبيل ما يُعلم. ولو كان الحقُّ الثابتُ من قَبيل المَحسوسات فقط لقال: حَقٌّ مأكولٌ أو مطعوم أو مَا هو من هَذَا القَبيل.7. وقولُهُ: “للسَّائِل” جارٌّ ومَجرورٌ، يَتَعَلَّقُ بفعلٍ مُقَدَّرٍ مفهومٍ مِنْ نَظمِ الكَلاَم: تَقديره: يُعطى هذا الحقَّ للسَّائل أي لِمَن يَسأل عنه، ولِمَنْ حُرِمَ أيْ مِنَ السؤال، وهو الذي لَمْ يَعرف كيفيَّة السؤال لجهله بالمسؤول عنه. فالحاصل أنَّه لاَ يَنبَغي كَتْمُ العلم بالله والمَعرفة به.8. أمَّا عَن السَّائلِ فَلِأنَّ الحقَّ، تَعالَى، نَهى نَبيَّه، صَلَّى الله عليه وسلَّمَ، عَن انتهارِ السائل بقوله: “وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ ”، فَقَد قَالوا إنَّ السَّائلَ هو سائلُ العلم. والمعنى مَنْ سَألَكَ عَن العلم مُطلَقًا، الشاملِ لجَميع علوم الدين: العلم بالله والعلم بأحْكَام الله، بَلِ الوَاجِب عليكَ أنْ تُثَبِّتَ العلمَ في صَدْرِ كُلِّ مَنْ سَألَكَ.9. الخطابُ في الآيةِ وإنْ كَانَ مُوَجَّهًا لسيِّدِ الوُجود، صَلَّى الله عليه وسلَّمَ، ولكنَّه يَصحُّ أنْ يَتَنَاوَلَ كلَّ مُخَاطَبٍ لَه علمٌ ومَعْرفةٌ، فَهو مَنْهِيٌّ عَنِ انْتِهَار السَّائِلِ. فَالعِبْرَةُ بِصلوحيَّة اللَّفظ للعُمُوم، وكَوْن المُرَادُ مِن السَّائلِ هو سائلُ العلمِ يُؤَيِّدُه قَولُه تعالى: “وَأَمَّا بِنِعْمَتِ رَبِّكَ فَحدِّثْ ” فَترتيب هذه الآيَة بعدَهَا، المشيرة إلى أنَّ النعمةَ من جنس المُتَحَدَّثِ به، لاَ مِن جِنْس المَأْكُول أو المَطعُوم دليلٌ عَلَى أنَّ السَّائلَ هو سائلُ العِلْم.10. وأمَّا كَونُهُ لاَ يَحِلُّ كَتْمه عن المحروم الذي لَمْ يَسْأل لِمَا وَرَدَ من الوَعيد في كَتم العلم، إذْ كُتُبُ الحَديث غَاصَّةٌ بذلك، منهَا قَولُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم: “مَا أَتَى اللهُ عِلْمًا لِعَالم إلاَّ أخَذَ عليه العَهدَ أنْ لاَ يَكْتُمَه ”. ومنها: “مَن كَتَمَ علمًا يَعرفه بَريءَ من الإيمان”. “وَأَكْرَمُ الرِّجَال مَن أَنفقَ قَبلَ السُّؤَالِ”.11. واعتبرْ قِصَّةَ يوسُفَ، عَلَيْه السَّلاَمُ، وكَيفَ أنفَقَ مِن كَنز التَّوحيد الذي آتَاه الله على صَاحِبَيْه دونَ سؤَالٍ منهمَا. فَقد حَكَى الحقُّ عَنه في كتابه القديم إذ قال: “ يَا صَاحبي السجن أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار ( 39 ) ما تعبدون من دونه إلا أسماء سمَّيتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إنِ الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيَّمُ ولَكن أكثر النَّاس لاَ يَعلمون ( 40 ) ” .12. فقد أنْفَقَ عَلَيهمَا مِن تَوحيده وأرْشَدَهُمَا إلَى أنَّ عبادةَ الأربَاب المُتَفَرِّقينَ ضلالٌ وكُفرَانٌ. مَا هي إلاَّ أسمَاء تَخيَّلتُموهَا أنتم وأباؤكم وسَمَّيتموهَا إلهًا وعَبدتُموهَا، ومَا أنزلَ الله بها مِن سُلطانٍ، وأنَّ عبادَةَ اللهِ الوَاحد القهَّار هي العبادة، وأنَّه لا حكمَ إلاَّ لله بطريق الحصر بِأنْ النافية وأدَاة الاستثناء، فَلاَ حُكمَ لغيره في كلِّ شَيءٍ، وإنَّ الله أَمَرَ ألاَّ تَعبدُوا إلاَّ إيَّاهُ وتُوحّدوه، وذَلك الدِّينُ القَيِّم وهوَ دِينُ أَهل المَعرفة. فَلِلَّه دَرُّ الذين غَرَفُوا مِن بَحر الرَّسول، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّمَ، القَائِل: “لي وَقتٌ لاَ يَسَعُنِي فَيه غَيرُ رَبِّي ”.13. فأنْتَ تَرى قصَّةَ يوسفَ، عَلَيْه الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، أنَّه لَمَّا عَلم أنَّ الإنفَاقَ مِن كَنز التَّوحيد حقٌّ وَاجبٌ عَلَيه أنفَقَ مِنه دونَ سؤال. فإنَّ صَاحِبَيْه إنَّمَا سألاَه عن تأويل رُؤيتِهمَا فَقط، ومَا سألاَه عن تَوحيد الله ولكنَّه عَلم أنَّ ذلكَ أنْفَعُ لَهمَا ولهذا قدَّمَه على تأويل الرؤيَتَيْن.14. وهَذَا حَالُ جَميع الرُّسُل، عَليهم الصَّلاَةُ والسَّلاَم، يُنفقونَ من كَنزِ التَّوحيد قَبلَ السُّؤَال إذْ عَلِمُوا جميعًا أنَّ التبليغَ واجبٌ في حَقِّهم.15. وَقَد اقتَفَى أثَرَهم مِن بَعدِهم في ذَلكَ علماءُ القَوم، رَضيَ الله عنهم، فَتَرَاهُم يُفيضونَ من مَعاني التَّوحيد مَا صَرَّحُوا بَه في شطحاتهم لَمَّا غَابوا عَن سِوى مَحبُوبهم، مِن ذلكَ قولُ ابنِ الفَارضِ:قال لي حُسْنُ كل شيء تَجَلَّى *** بي تَمَلَّى، فَقلت قصدي وَرَاكا لي حبيبٌ أَرَاكَ فيه مُعَنَّى *** غُرَّ غيري، وفيه، مَعْنًى، أرَاكَا وَحَّدَ القلبَ حُبُّه، فالتفاتي*** لك شِرْكٌ، ولا أرى الإشْراكا 16. وَجَميعهم أيْ الرُّسُل عَلَيهم الصلاة والسلام والأولِياء، عَلَيهم الرِّضَا من الملك العَلاَّم، مُتَخَلِّقونَ في ذلك بأخْلاَق الله، المأمور بهَا على لسان خَاتِمهم عليه أتمُّ الصَّلاة والتسليم حيث قَالَ: “تَخلَّقُوا بأخلاق الله “فقد أنفق على عباده يومَ أَلَستُ، وعَلَّمَهم توحيده وأشهَدَهم بذلك على أنفسهم كما أخبر في القران إذ قَالَ:” وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي ءادَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ".تقبلوا سلامي | |
|
المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 33724 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 74 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: رد: هذا شرحٌ لآية من كتاب الله السبت يونيو 04, 2011 1:53 am | |
| الله الله الله ما شاء الله اخى الفاضل موضوع ممتع وتفسير رائع لكلمات الله سبحانه وتعالى زادك الله من فضله ونوره وعلمه لا تحرمنا اخى تواجدك وتميزك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|
رابعه المصرية مشرف عام
عدد المساهمات : 2051 نقاط : 18586 التفاعل مع الاعضاء : 45 تاريخ التسجيل : 06/11/2010
| موضوع: رد: هذا شرحٌ لآية من كتاب الله السبت يونيو 04, 2011 11:16 am | |
| الله الله الله الله الله
ماشاء الله تبارك الله
سيدي الغني بالله الجيلاني ...سلمت يداك سيدي وجزاك الله كل خير
زادك الله واعطاك وافاض عليك ..زدنا زادك الله ولا تحرمنا
تقبل خالص تحياتي | |
|
الفقير الجيلاني احباب النور المحمدى
عدد المساهمات : 43 نقاط : 9787 التفاعل مع الاعضاء : 8 تاريخ التسجيل : 16/03/2011
| موضوع: رد: هذا شرحٌ لآية من كتاب الله الأحد يونيو 05, 2011 7:34 am | |
| [quote="المحبة للمصطفى"] الله الله الله ما شاء الله اخى الفاضل موضوع ممتع وتفسير رائع لكلمات الله سبحانه وتعالى زادك الله من فضله ونوره وعلمه لا تحرمنا اخى تواجدك وتميزك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
و فيكم بركه الله يفتح عليكم اختي و يحفظكم و يرزقكي الولد الصالح
تقبلي سلامي
عدل سابقا من قبل الفقير الجيلاني في الأحد يونيو 05, 2011 7:39 am عدل 1 مرات | |
|
الفقير الجيلاني احباب النور المحمدى
عدد المساهمات : 43 نقاط : 9787 التفاعل مع الاعضاء : 8 تاريخ التسجيل : 16/03/2011
| موضوع: رد: هذا شرحٌ لآية من كتاب الله الأحد يونيو 05, 2011 7:38 am | |
| [quote="رابعه المصرية"] الله الله الله الله الله
ماشاء الله تبارك الله
سيدي الغني بالله الجيلاني ...سلمت يداك سيدي وجزاك الله كل خير
زادك الله واعطاك وافاض عليك ..زدنا زادك الله ولا تحرمنا
تقبل خالص تحياتي الله يسلمك و ياخد بيدك و ينصرك علي من عاداك
تقبلي احترامي و سلامي | |
|