المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 33726 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 74 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: زهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم الله وجهه الخميس يناير 19, 2012 6:10 pm | |
|
قبل الحديث عن زهد الإمام علي رضي الله عنه ، لا بد من الإشارة إلى فضله وأهميته اللتين لا تخرجانه عن حياة الورع والزهد لأن كل حياته من سن تمييزه إلى وفاته ـ رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه ـ زهدٌ وتقوى وعلمٌ وسمو أخلاق .
والإمام علي لا يحتاج إلى إطرائي وهو غني عن مدحي له لأنه في رفقة الحبيب الأعظم وفي رفقة الأنبياء وهو إمامُ العارفين في الله ؛ وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص قال : خَلَّفَ النبي صلى الله عليه وسلم علياً في غزوة تبوك ، فقال : يا رسول الله أتجعلني في النساء والصبيان ؟ فقال : " أما ترضى أن تكون مني بِمنْزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ."
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتوصل إلى المفاضلة بين صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم واله لأن الله سبحانه وتعالى قد حكم في حقهم وأخبرنا في كتابه الكريم في عدة سور وفي آيات كثيرة عن فضلهم أجمعين ولم يأمرنا بالتعبد في الافتاء بتفضيل أحدهم على الآخَر لأنه ترك ذلك له ليوم القيامة ولأنه تَدَخُّلٌ في الأمور الإلهية .
و من إخباره تعالى عن اصطفائهم قوله : " كنتم خير أمة أُخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " { آل عمران : 110 } و كذلك قوله : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبِهم " { الفتح : 18 } وقوله : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رَضِي الله عنهم ورَضُوا عنه وأعَدّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم" { التوبة : 100 } فانظر ياأخي ـ غفر الله لنا وإياك ـ كيف أن الله تعالى قد شهد لهم أجمعين وكيف أنه أخبر عن مكافأتهم وجزائهم وذكَّرَني وإياك بأنهم في الجنة وأنهم مخلدون أبدا وأنهم قد نالوا الفوز و رضى الله سبحانه وتعالى .
وبعد هذه المقدمة ، ننتقل الآن لبيان نبذة مختصرة عن زهد سيِّدنا الإمام علي رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه . و نبدأ بما ورد في كتاب الزهد للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ( ت : 275 هـ ) حيث يقول: " حدثنا أبو داود ، قال حدثنا سعيد بن نصير ، قال حدثنا سيار ، عن جعفر ، قال سمعت مالكا قال : قالوا لعلي بن أبي طالب : صف لنا الدنيا ، قال : أطيل أم أقصر ؟ قالوا : بل أقصر ، قال : حلالها حساب وحرامها عذاب " وفي حديث آخر : "حدثنا أبو داود ، قال حدثنا محمد بن بشار ، قال حدثنا يزيد ابن هارون ، قال أخبرنا سفيان ، عن زبيد اليامي ، عن المهاجر العامري ، عن علي قال : إنما أخشى عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل ، فإن اتباع الهوى يصدّ عن الحقّ ، و يذكر الدنيا ، وطول الأمل ينسي الآخرة ، وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإن الآخرة مقبلة و لكل واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل و لا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ."
وللإمام علي رضي الله عنه مناقب كثيرة فهو أولُ الناس إسلاماً في قول كثير من أهل العلم كما حكاه الإمام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت : 852 هـ ) في الإصابة في تمييز الصّحَابة وبالإضافة إلى اشتهار سيدنا الإمام علي بالشجاعة والفروسِيَّة والإقدام وأنه كان واحداً من المرشحين في مسألة الشورى الذين نصّ عليهم عمر بن الخطاب لخلافة الأمة الإسلامية . ومن خصائص علي رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم خيبر : لأدفعن الراية غداً إلى رجل يحبُّ الله ورسوله ، ويحبُّه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه . فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غَدَوا كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين علي ابن أبي طالب ؟ فقالوا هو يشتكي عينيه ، فأتى به فبصق في عينيه ، فدعا له فبرأ : فأعطاه الراية . أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث سهل بن سعد . وأخرج أحمد بن حجر العسقلاني في رواية عن أحمد ، والنسائي من طريق عمرو بن ميمون : إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه سبعة رهط --- فذكر قصة فيها : قد جاء ينفض ثوبه ، فقال : وقعوا في رجل له عزّ . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : لأبعثن رجلا لا يخزيه الله ، يحبُّ الله ورسوله . فجاء وهو أرمد فبزق في عينيه ، ثم هزَّ الراية ثلاثاً فأعطاه ، فجاء بصفية بنت حيي ، وبعثه يقرأ براءة على قريش ، و قال : لا يذهب إلا رجل مِنّي وأنا منه . وقال لبني عمه : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ فأبَوا ، فقال علي : أنا . فقال : إنه وليي في الدنيا والآخرة . وأخذ رداءه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، وقال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرِّجس أهل البيت ."
وعلى العموم فشهرة سيدنا الإمام علي في زهده وتقواه وورعه أكثر من أن تحصى ، فقد روى الإمام العارف بالله عبد الوهاب الشعراني في الطبقات الكبرى أن الإمام علي رضي الله عنه " كان يقول إذا كان يوم القيامة أتت الدنيا بأحسن زينتها ثم قالت يا رب هبني لبعض أوليائك فيقول الله عزًّ وجلَّ لها اذهبي لا إلى شيئ فأنتِ أهونُ من أهبك لبعض أوليائي فتُطوى كما يُطوى الثوب الخَلِق فتلقى في النار . وكان يقول التقوى هي ترك الإصرار على المعصية وترك الاغترار بالطاعة .
وكان رضي الله عنه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته ، وكان يحاسب نفسه على كل شيئ وكان يعجبه من اللباس ما قَصُر ومن الطعام ما خَشُن . وكان رضي الله عنه يخاطب الدنيا ويقول يا دنيا غُري غيري قد طلقتك ثلاثاً ، عُمرُكِ قصير ومجلسك حقير و خطرك كبير ، آهٍ آهٍ من قِلّة الزاد وبُعد السّفر ووَحْشَة الطريق ." وأحاديث الزهد عن الإمام علي كرّم الله وجهه يطول ذكرها وهي موجودة في بطون الكتب وعلى مختلف المذاهب .
ولنضرب لك مثلاً من زهده رضي الله عنه وأرضاه فيما أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء عن هارون بن عنترة عن أبيه قال : دخلت على علي بن أبي طالب بالخورنق وهو برعد تحت سمل قطيفة . فقلت : يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال وأنت تصنع بنفسك ما تصنع فقال : والله ما أرزأكم من مالكم شيئا , وإنها لقطيفتي التي خرجت بِها من مَنْزلي ـ أو قال من المدينة ." وعن علي بن الأرقم عن أبيه قال : رأيت عليا وهو يبيع سيفاً له في السوق ، ويقول من يشتري مني هذا السيف ، فوالذي فلق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته .
ونحن إذ نريد أن نختِم هذا التعريف المُصَغَّر بزهد أمام الهدى سَيِّدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم الله وجهه بكلمات موجزة في وصفه نقلناها من كتاب زهر الآداب وثمر الألباب تأليف الأديب الكبير أبو إسحاق الحصري حيث أخرج في كتابه أنّ معاوية بن أبي سفيان طلب من ضرار الصِّدائي أن يصف الإمام علي فاستعفاه فأصرّ عليه معاوية فقال ضرار : " كان والله بعيد المدى ، شديد القُوى ، يقول فصلاً ويحكم عدلاً ، يتفجّر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يُقَلِّبُ كفَّه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قَصُر ، ومن الطعام ما خَشُنَ ، وكان فينا كأحدنا يُجِيبُنا إذا سألناه ويُنبِئُنا إذا استنبأناه ، ونحن ـ مع تقريبه إيانا وقربه منا ـ لا نكاد نكلِّمه لهيبته ، و لا نبتدئه لعظمته ، يُعَظِّمُ أهل الدين ، ويُحِبُّ المساكين ، ولا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، وأشهَدُ لقد رأيتُه في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سُدُولَه ، وغارت نُجُومُه ، وقد مَثَلَ في محرابه ، قابضاً على لحيته ، يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : يا دُنيا إليكِ عني ! غُرِّي غيري ، ألِيَ تعرَّضتِ ، أم إليَّ تَشَوَّفتِ ؟ هيهات ! قد باينتكِ ثلاثاً ، لا رجعة لي عليكِ فعُمرُكِ قصير وخَطرُكِ حقير ، وخطبُك يسير ، أه من قلة الزاد ، وبعد السفر ووحشة الطريق ."وكما تعلم ، فإن هذا الوصف قد تداول معظم الكتب التي أُلِّفت في الإمام علي وقد نـُقل في مقدمة كتاب نهج البلاغة لابن أبي الحديد .....
| |
|
عبدالرحمان عضو ذهبى
عدد المساهمات : 420 نقاط : 11106 التفاعل مع الاعضاء : 1 تاريخ التسجيل : 21/11/2011 العمر : 46
| موضوع: رد: زهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم الله وجهه الجمعة يناير 20, 2012 6:20 am | |
| الله ..الله .. الله .. اين نحن من سادتنا الصحابة ياربي رحمتك جزاكي الله خبرا | |
|
المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 33726 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 74 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: رد: زهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم الله وجهه الأربعاء يناير 25, 2012 7:20 pm | |
| - عبدالرحمان كتب:
- الله ..الله .. الله
.. اين نحن من سادتنا الصحابة ياربي رحمتك جزاكي الله خبرا جزاك الله الجنة اخى عبد الرحمن
قال الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يصف الصالحين
"عَظُمَ الخالقُ في قلوبهم، فصغُر ما دونه في أعينهم" ، فانظروا معي أيها الأحباب إلى هذا التعظيم الذي جعلهم ينشغلون بعظمته وحده عن عظمة من سواه كائنا من كان، فصاروا لا يخافون إلا منه، ولا يسكنون ولا يطمئنون ولا يلجئون إلا إليه، ولا يرون رقابة أحد سواه حتى تعلقت به قلوبهم، واستحوذ جلاله على نفوسهم، فصار هو سبحانه وتعالى حسبهم ووكيلهم، يوافيهم بالعطايا والهبات ويؤيدهم بالمعاني ويثبتهم بالكرامات وصاروا هم أهله وأحبابه وخاصته
اللهم اجعلنا واياك واخوتنا واحبابنا منهم شكرا لمرورك العطر
خادمتكم المحبة للمصطفى ..
| |
|