سكرنا بخمر الحب فى العالم الأسنى
وفى حسن سلمى مذ تجلت لنا همنا
فتنا بها عنا وعن كل كائن
فأصبحت لاأدرى وفى نورها غبنا
وصرت غريق الحسن فى كل وجهة
وحفت بها أنوارها حيثما كنا
تعالت عنن الأشباه نزه جمالها
عن اغير والأنوار لكن بها قمنا
تناهى سناها فى علاها كمالها
بهاها جلاها فى حلاها على المضنى
وأحيت فؤادى فى هواها بحسنها
بها نبصر الأشياء لما بها عشنا
وحفت معانيها بها وتحجبت
بسر تعاليها وفيها تحيرنا
عليها لها منها ستور بطونها
وفيها بها سر الظهور فصدقنا
محتنا بها حكما ولولاها لم نكن
وسلمى كما كانت وبالأمر أظهرنا
لها عندها حكم قديم منزه
ولكن لها الإطلاق عن كل ماقلنا
تمر بقلبى وهى فى عز وصفها
فيشرق نور الحب بالسر مابحنا
حلالى حلالى فى هواها تهتكى
وفى ذكرها همنا وفى جبها طبنا
تركت الهوى لما عرفت لها الهوى
وقلبى هوى فى الحب وهو لنا أهنى
تجلت بلا كيف فأبدت محاسنا
تجل عن التحديد أو ماتصورنا
وروحك قد كانت ولاقيد عندها
فقيدتها لما رأيت بها الكونا
عليك بطى الكون وامح نقوشه
ولاتبق كيفا فى الوجود ولاأينا
وكن فارغا من كل علم وصورة
وعنك وعن زهد وعما تفكرنا
تكن ذاهبا بالروح نحو جماله
ولست ترى ذاك الذهاب ولالارينا
هنالك تصفو الروح من وصمة السوى
وتقييدها بالغير كان لها غينا
فتخرج عن كل الجهات وقيدها
وتخرج عن جسم وعن ماتخلينا
يكون لها الإطلاق والحق قائم
على كل نفس بالكتاب تحققنا
فيشرق قلب قد تسمى بصيرة
وتشهد ذات الحق والنور والحسنا
بلا فصل أو وصل تعالت صفاته
وليس له حد وعنه تخلينا
ويؤنسك المحبوب فى حانة الصفا
وتحظى بوصل حيث لاوصل بلا أدنى
وإياك يسرى إليك توهم
فتنكر هذا بل تحقق بما قلنا
ولاتتوهم أن قلبك لايرى
جمالا قديما بالشريعة أيدنا
إلى ربها فى النص قد جاء ناظره
فلا تلتفت للزيغ واجعل شرعنا حصنا
ونفسك إن ألقت إليك دسائسا
فلا تستمع منها حديثا وكن معنا
فللنفس خبث بالدهاء مزين
تقول لك الغقبال فيه تحيرنا
ولاشيىء فيه غير دعوى عريضة
ومن أين يصفو القبل فى الحس والمعنى
إذا كان قلب العبد بيت خواطر
فكيف له يصفو وكيف له يفنى
إذا زال مابالقلب من كل خاطر
وسدت حواس المرء لايرى الكون
ألم يبق من جنس الجمال معطلا
ومافضله بل كيف يعقل فهمنا
إذا كان بيت المرء قلب علومه
وعطلته من أين يشهد قد حرنا
إذا كان فى التعطيل أصبح شاهدا
فمن ذا الذى تعنيه قد شاهد الحسنا
ولم لايرى الإنسان حال نومه
إذا النوم يمحو كل ماقد تصورنا
وماذا يراه المرء فى حال غشية
وماذا يرى العبد إذا كان قد جنا
على قولكم كل الذين تقدموا
لهم رتبة فى ذا الشهود فأخبرنا
وإن صح أن الفكر يصبح فارغا
فلابد من ترك لكل الذى حزنا
وتجتنب الأولاد والأهل كلهم
وتترك فكرا فى القريب وفى الأدنى
وفى كل هذا الموت والموت دونه
وتحصيله كالمستحيل وكم أضنى
تأمل هداك الله نفسا وقولها
تجدها عن التحقيق زاغت ومازغنا
تلبس حقا بالأباطيل جهدها
ومن جهلها قاست ولم تفهم المعنى
وماعلمت أن الصفا محقق
وسهل على من سار فى كل ماسرنا
وتحقيق هذا أن أرواحنا لها
ولوع بما تهوى وفيه تعودنا
فمنن كان ذا شوق يلازم ظاهرا
طريقة أهل الحب فى الحس والمعنى
بذكر وفكر ثم يحضر قلبه
فيسرى لقلب المرء ذكر به همنا
ويصبح ذاك القلب بالذكر عامرا
ويشغله ذكر الحبيب وقد أنا
ويشتد شغل القلب فى ذكر ربه
ويذهب حرف الإسم إذا قامت المعنى
ولكن صميم القلب هام بحبه
وباستغراقنا فى ذا الجمال تولهنا
ولاتفهمن أن القلوب تعطلت
وكانت بوصف الجمادات إذا غبنا
ولكن يغيب الحسن فى لذة الهوى
وفى الحسن والأوصاف همنا وأدهشنا
وهل أنت إن شاهدت حسنا تحبه
وغبت ترى مثل الجماد فنبئنا
ألم تدر أن العقل غاب بدهشة
وليست تنافى أننا نشهد الحسنا
فإن غاب الحسن لم تبق دهشة
إذا غاب عن قلب وعين وقد عدنا
ولكننا ننسلى برؤية حسنه
سواه فهل تحكم بأنا تعطلنا
وفى ذلك الحال الذى قد عرفته
نهيم به شوقا وطبنا وغنينا
فمن كان مشتاقا محبا لربه
ويذكره بالقلب شاهد ماقلنا
ومن ذاق الحب أضحى بحبه
ذليلا على بعد الأحبة قد جنا
ويستغرق الأوقات فى وصف حبه
يطير له شوقا إذا الحادى قد غنى
فيفنى بما يبدو من الحسن لمحة
ويرخى حجاب قد شرحنا وعرفنا
ويدهش فى حسن المحبوب مشاهدا
وماكان تعطيل وبالحق بينا
فإن قال محبوبى أنا فلدهشة
عرته فأنسته الخليقة والكونا
وإن ير غيرا كان للغير ناسيا
فيشهده بالحسن أعنى به شأنا
إذا عم نور الحسن والأمر كائن
ترى ظلمة الأكوان زالت كما زلنا
ومن لم يغب عن غير حسن حبيبه
فليس له فى ذا نصيب وقد ذقنا
فإن كنت من أهل المحبة والصفا
ففى لحظة يبدو الجمال ولامينا
فلا تلتفت للنفس واطرح مقالها
فمشربنا عذب وفيه تمكنا
فاقبل تجد سر المحبة ظاهرا
وعم جميع الكون والحق نزهنا